بازگشت

مراقبة النفس


ينبغي علي العبد أن يراقب نفسه في جميع أعماله، و يلاحظها بالعين الخالصة لأنها ان تركت بلا مراقبة فسدت و أفسدت. ثم عليه أن يراقب الله في كل حركة و سكون، و ذلك بان يعلم بان الله مطلع عليه و علي ضميره، خبير بسرائره، رقيب علي أعماله، قائم علي كل نفس بما كسبت، و ان سر القلب عنده مكشوف كما ان ظاهر البشرة للخلق مكشوف، بل أشد من ذلك قال الله تعالي: (ان الله كان عليكم رقيبا) [1] .

و قال تعالي أيضا: (ألم يعلم بأن الله يري) [2] .

و قال النبي الأكرم صلي الله عليه و اله و سلم: «الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فانه يراك».



[ صفحه 172]



و يروي أن زليخا لما خلت بيوسف قامت فغطت وجه صنمها، فقال يوسف: ما لك تستحين من مراقبة جماد و لا استحي من مراقبة الملك الجبار؟!».

و لا ريب أن المراقبة تحصل من معرفة الله، و العلم بأنه تعالي مطلع علي الضمائر، عالم بما في السرائر، بمرأي منه و بمسمع، هؤلاء هم من الورعين أصحاب اليقين غلب اطلاع الله علي ظواهرهم و بواطنهم، و لم يدهشهم ملاحظة الجمال و الجلال، بل بقيت قلوبهم علي حد الاعتدال، متسعة للتلفت الي الأحوال و الأعمال و المراقبة فيها، و غلب عليهم الحياء من الله فلا يقدمون و لا يحجمون الا بعد التثبت، و يمتنعون عن كل ما يفتضحون به في يوم القيامة. فانهم يرون الله عليهم، فلا يحتاجون الي انتظار القيامة.

قال الفقهاء: ان العبد لا يخلو اما أن يكون في طاعة أو معصية أو مباح.

فمراقبته في الطاعة بالاخلاص و الاكمال و مراعاة الأدب و حراستها من الآفات. و مراقبته في المعصية بالتوبة و الندم و الاقلاع و الحياء و الاشتغال بالتفكير. و مراقبته في المباح بمراعاة الأدب، بان يعقد مستقبل القبلة و ينام علي اليد اليمني مستقبلا الي غير ذلك. فكل ذلك داخل في المراقبة. و بشهود المنعم في النعمة و بالشكر عليها، و بالصبر علي البلاء فان لكل واحد منها حدودا لابد من مراعاتها بدوام المراقبة.

قال تعالي: (و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) [3] .

و قال صلي الله عليه و اله و سلم: «رحم الله امرء عرف حده فوقف عنده».


پاورقي

[1] سورة النساء، الآية: 1.

[2] سورة العلق، الآية: 14.

[3] سورة الطلاق، الآية 1.