المسؤولية الفردية
ان المسؤولية الفردية في الاسلام تشكل أساس التعاليم الانسانية و التوصل الي السعادة المعنوية في النظام الاسلامي يتوقف علي عمل الشخص نفسه، و التكاليف التي وضعها علي عاتق الانسان في جميع الشؤون الدينية و الدنيوية يجب أن تؤدي بالعمل المباشر، و علي هذا الأساس يترتب مبدأ الثواب و العقاب. و القرآن الكريم ينبه الي:
(أن ليس للانسان الا ما سعي) و (كل نفس بما كسبت رهينة) [1] .
و قال تعالي أيضا: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثي و هو مؤمن، فلنحيينه
[ صفحه 180]
حياة طيبة، و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [2] .
و في هذه الدنيا يستوفي الانسان نتائج أعماله. جاء عن الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله و سلم قال: «من عمل سوءا يجز به في الدنيا» [3] .
و قال صلي الله عليه و اله و سلم: «من يزرع خيرا يحصد رغبة، و من يزرع شرا يحصد ندامة» [4] .
و كتب الفيلسوف الأمريكي (امرسون) يقول: «ان العالم بمثابة جدول ضرب أو معادلة رياضية كيفما يعادلونها تعتدل و تتوازن و يكون جوابها واحدا دائما، اننا أي طريقة نختارها لحل مسألة رياضية فان اعداد النتائج ستكون واحدة لا محالة و الطبيعة بسكوتها تفشي كل سر بطريقة متقنة، و تجازي كل جريمة، و تثبت علي كل فضيلة. و كل عمل يستكمل نفسه من طريقين:
الأول: التفاعل في الطبيعة الواقعية لنفس الفعل و العمل.
و الثاني: الطريقة العلنية الظاهرة. و الكيفية العلنية هي التي تسمي الجزاء و العقاب. العقاب الذاتي يري بالعين المجردة في الشي ء نفسه، و العقاب الكيفي يري ببصيرة الفهم.
هذه العقوبة الخاصة من الممكن أن تبدو بعد أعوام عديدة من وقوع الحادثة، و لكنها تستتبعها و تلازمها حتما. ان الجريمة و الجزاء أغصان شجرة واحدة، و الجزاء ثمرة تنضح و تظهر فجأة من باطن زهرة اللذة التي سترتها و غطتها» [5] .
لذلك وجدنا الامام الكاظم عليه السلام يوصي عموم أصحابه بتنظيم أوقاتهم، و العمل علي تهذيب نفوسهم و تحمل مسؤولياتهم فقال عليه السلام:
اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات:
ساعة لمناجاة الله، و ساعة لأمر المعاش، ساعة لمعاشرة الاخوان و الثقات الذين يعرفونكم عيوبكم، و يخلصون لكم في الباطن، و ساعة تخلون فيها للذاتكم
[ صفحه 181]
في غير محرم، و بهذه الساعة تقدرون علي الثلاث ساعات، و لا تحدثوا أنفسكم بفقر و لا بطول عمر، فانه من حدث نفسه بالفقر بخل، و من حدثها بطول العمر حرص.
اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال و ما لا يثلم المروءة، و ما لا سرف فيه، و استعينوا بذلك علي أمور الدين، فانه روي: «ليس منا من ترك دنياه لدينه، أو ترك دينه لدنياه» [6] .
و قال عليه السلام في استغلال الوقت لصالح الفرد و حثه علي تحمل المسؤولية في هذه الحياة الدينا: «من استوي يوماه فهو مغبون، و من كان آخر يوميه أشرهما فهو ملعون، و من لم يعرف الزيادة علي نفسه فهو في النقصان، و من كان الي النقصان أكثر فالموت خير له من الحياة» [7] .
پاورقي
[1] سورة المدثر، الآية: 37.
[2] سورة النحل، الآية: 97.
[3] عن نهج الفصاحة 592.
[4] نفسه ص 622.
[5] رسالة الأخلاق ص 347.
[6] تحف العقول ص 409.
[7] الاتحاف بحب الأشراف ص 55.