بازگشت

هشام بن الحكم


من كبار علماء الأمة الاسلامية و في طليعة المدافعين عن مبدأ أهل البيت عليهم السلام، ناضل كثيرا و جاهد جهادا مباركا في نصرة الحق و الدفاع عن الشريعة الاسلامية في عصر انعدمت فيه الحريات العامة، و كان الذاكر لفضائل أهل البيت عليهم السلام عرضة للتنكيل و الانتقام من قبل الحكام العباسيين الذين بذلوا كل امكاناتهم من أجل اضعاف كيان آل الرسول عليهم السلام. لكن هشاما الجري ء الشجاع



[ صفحه 230]



لم يهتم بكل ذلك، بل ناظر خصوصه و تفوق عليهم، و قد تحدثت الأندية العلمية عن قوة استدلالة، و براعة برهانه، الأمر الذي ينم عن مدي حبه لأهل البيت عليهم السلام، و هذه باختصار بعض شؤونه و أحواله.

ولادته: ولد بالكوفة، و ليس لدينا نص يعين السنة التي ولد فيها.

نشأته: المرجح عند المترجمين انه نشأ في مدينة واسط [1] و كان يتعاطي التجارة و انتقل أخيرا الي بغداد فنزل في جانب الكرخ في قصر وضاح [2] ، كان من أصحاب الجهم بن صفوان [3] لكنه لما التقي بالامام الصادق عليه السلام و حاوره الامام فلم يعد يقدر علي مفارقته أبدا، و منذ ذلك الحين أخذ يتلقي العلم و المعارف منه حتي أصبح في طليعة العلماء و من أفذاذهم [4] .

تخرجه: انقطع هشام الي الامام الصادق عليه السلام حتي أصبح من أبرز رجال مدرسته، و لما انتقل الامام الصادق الي دار الخلود اختص بولده الامام الكاظم عليه السلام و أخذ يتلقي منه العلم و الفضل و بذلك يكون قد أخذ العلم من منبعه الصحيح و نال شرف التلمذة عند أئمة أهل البيت عليهم السلام.

رواته: روي عنه جماعة من كبار الرواة الأحاديث التي سمعها من أهل البيت عليهم السلام و هم كثر توجد رواياتهم عنه في كتب الفقه و الحديث من هؤلاء نذكر: محمد بن أبي عمير، صفوان بن يحيي البجلي الكوفي، النضر بن سويد الصيرفي الكوفي، نشيط بن صالح، يونس بن عبدالرحمن، حماد بن عثمان، علي بن معبد البغدادي و يونس بن يعقوب [5] .

اختصاصه: اختص هشام في علم الكلام فكان من كبار المتكلمين في عصره، و مناظراته التي أجراها مع كبار المفكرين تنم عن تفوقه في هذا الفن، قال ابن النديم في ترجمته: كان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة، و ممن فتق الكلام



[ صفحه 231]



في الامامة، و هذب المذهب و النظر، و كان حاذقا بصناعة الكلام [6] .

و قد ناظر هشام الفلاسفة في مختلف الميادين العلمية حتي تفوق عليهم و كانت نوادي بغداد تعج بمناظراته القيمة التي دلت علي تفوقه في هذا الفن. و من مناظراته هذه مناظرته مع عمرو بن عبيد.

طلب الامام الصادق عليه السلام من هشام ان يقص عليه مناظرته مع عمرو الزعيم الروحي للمعتزلة، فامتثل هشام لأمر الامام و أخذ يحدثه بقصته قائلا له: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة، و عظم ذلك علي، لأنه كان ينكر الامامة، و يقول:

مات رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم بلا وصي، فخرجت اليه و دخلت البصرة فأتيت مسجدها، و اذا أنا بحلقة كبيرة، و اذا أنا بعمرو بن عبيد و عليه شملة سوداء مؤتزر بها، و شملة أخري مرتد بها و الناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم ثم قلت له: أيها العالم أنا رجل غريب، أتأذن لي أن أسألك عن مسألة؟

قال: نعم. فقلت له:

ألك عين؟ فما تري بها؟ - أري بها الألوان و الأشخاص. ثم تابع يسأله...ألك أنف؟ ألك فم؟ ألك أذن؟ ألك يدان؟ ألك رجلان؟ ألك قلب؟. قال: أميز به كلما ورد علي هذه الجوارح، فسأله هشام: أفليس في هذه الجوارح غني عن القلب؟ قال: لا.

قال هشام: و كيف ذلك و هي صحيحة سليمة؟

فقال عمرو: يا بني، ان الجوارح اذا شكت في شي ء شمته أو ذاقته، فتؤديه الي القلب، فيتيقن اليقين، و يبطل الشك.

فانما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال عمرو: نعم. فقال هشام: فلابد من القلب، و الا لم تستيقن الجوارح؟ قال عمرو: نعم.



[ صفحه 232]



و بعد ما أخذ هشام من عمرو هذه المقدمات كر عليه في ابطال ما ذهب اليه من أن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم مات بلا وصي فقال له هشام:

«يا أبامروان ان الله لم يترك جوارحك حتي جعل لها اماما يصحح لها الصحيح، و ينقي ما شكت فيه، و يترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم و شكهم و اختلافهم لا يقيم لهم اماما يردون اليه شكهم و حيرتهم، و يقيم لك اماما لجوارحك ترد حيرتك و شكك!!

فسكت عمرو و لم يطق جوابا لأن هشام قد سد عليه كل نافذة يخرج منها.

و كان له جولات عديدة أخري و مناظرات مع كبار المفكرين منهم:

- يحيي بن خالد البركي: الذي طلب اليه أن يخبره هل يكون الحق في وجهتين مختلفتين؟ فأجابه بلباقة و حنكة [7] .

- و له مناظرة مع النظام الذي يسأل: هل ان أهل الجنة غير مخلدين فيها، و انه لابد أن يدركهم الموت؟ فأجابه هشام و انصرف النظام مخذولا لا يجد برهانا علي ما يذهب اليه [8] .

- و مع ضرار الضبي: الذي كان جاحدا للامامة.

أجابه هشام قائلا: «الامام لابد له من علم يقيمه الرسول له، فلا يسهي، و لا يغلط، و لا يحيف، معصوم من الذنوب مبرأ من الخطايا يحتاج اليه و لا يحتاج الي أحد» [9] .

فسكت ضرار أمام هذا المنطق المدعم بالدليل العقلي.

هذه بعض مناظرات لهذا العالم الكبير الذي فتق بها مباحث الفلسفة الكلامية، و بقيت من بعده مددا مفيدا لكل من أراد الخوض في مثل هذه البحوث. و قد بقي جماعة يناظرون علي مبادئه حتي في عصور متأخرة. نذكر منهم: أباعيسي محمد بن هارون الوراق، و أحمد بن الحسين الراوندي و غيرهما... و قد



[ صفحه 233]



وضع هذا الأخير كتابه: «فضيحة المعتزلة» هاجم فيه الآراء الاعتزالية و رجالها مهاجمة شديدة، معتمدا في كثير منها علي آراء هشام. كما يظهر تأثيره من كتابه الذي وضعه في حدوث العلم، و نجد أثر ذلك في دفاع المعتزلة أنفسهم الذين عنوا بردها و نقضها و منهم بشر من المعتمر من أفضل علماء المعتزلة، فقد وضع كتابا في الرد علي هشام بن الحكم [10] .

وفاته: مؤامرة من يحيي بن خالد البرمكي حيث جمع المتكلمين و اختفي هارون وراء الستر و لا يعلم بذلك هشام. ثم جرت بينه و بين الفلاسفة مناظرة: حول الامامة، و أخيرا و بعد حوار طويل بينه و بينهم صرح هشام بأن الامام اذا أمره بحمل السيف أذعن بقوله و لبي طلبه. و لما سمع الرشيد بذلك تغيرت حاله و استولي عليه الغضب، فأمر بالقاء القبض علي هشام و علي أصحابه، و علم بما ضمر له من الشر، فهام علي وجهه فزعا مرعوبا حتي انتهي الي الكوفة، فاعتل فيها و مات في دار ابن شراف [11] .

مؤلفاته: كان هشام خصب الانتاج ألف في مختلف الفنون و العلوم و برز الجميع بها، لكن ان اغلب تراثه العلمي لم يعثر عليه سوي اليسير، و هذه بعض عناوينها:

1 - كتاب الامامة.

2 - كتاب الدلالات علي حدوث الأشياء.

3 - كتاب الرد علي الزنادقة.

4 - كتاب علي أصحاب الاثنين.

5 - كتاب التوحيد.

6 - كتاب الرد علي هشام الجواليقي.

7 - كتاب الرد علي أصحاب الطبائع.

8 - كتاب الشيخ و الغلام.

9 - كتاب التدبير.



[ صفحه 234]



10 - كتاب الميزان.

11 - كتاب الميدان.

12 - كتاب الرد علي من قال بامامة المفضول.

13 - كتاب اختلاف الناس في الامامة.

14 - كتاب الوصية و الرد علي من أنكرها.

15 - كتاب الجبر و القدر.

16 - كتاب الحكمين.

17 - كتاب الرد علي المعتزلة في طلحة و الزبير.

18 - كتاب القدر.

19 - كتاب الألفاظ.

20 - كتاب المعرفة.

21 - كتاب الاستطاعة.

22 - كتاب الثمانية أبواب.

23 - كتاب الرد علي بعض الأصحاب.

24 - كتاب الأخبار كيف تفتح.

25 - كتاب الرد علي أرسطاليس في التوحيد.

26 - كتاب الرد علي المعتزلة [12] .

27 - كتاب المجالس في الامامة.

28 - كتاب علل التحريم.

29 - كتاب الرد علي القدرية. و قد اطلع عليه الامام موسي عليه السلام فقال: «ما ترك شيئا».

30 - كتاب الفرائض [13] .

و هذه المجموعة الضخمة من المؤلفات في شتي المواضيع تدل علي ثروة هشام بن الحكم العلمية و علي سعة اطلاعه و عمق ثقافته. و يكفي مناظراته القيمة التي خاضها مع علماء الأديان و المذاهب و كبار الفلاسفة.



[ صفحه 235]




پاورقي

[1] تنقيح المقال و تأسيس الشيعة ص 360.

[2] تأسيس الشيعة ص 360.

[3] تاريخ الاسلام للذهبي ج 5 ص 56، و فرق الشيعة ص 6 و 9 و تاريخ ابن كثير.

[4] هشام بن الحكم ص 55.

[5] تنقيح المقال.

[6] الفهرست ص 263.

[7] الفصول المختارة ج 1 ص 24 و عيون الأخبار ج 2 ص 15.

[8] الكشي ص 184 - 165.

[9] بحارالأنوار ج 11 ص 292 - 291.

[10] هشام بن الحكم ص 221.

[11] الفهرست ص 264.

[12] الفهرست ص 264.

[13] النجاشي ص 338.