بازگشت

تحقيق الأهداف السامية


قالوا: لولا الأمل لبطل العمل. ان الذي يملأ حياة الانسان أملا هو السعي لتحقيق الآمال العالية و المثمرة، و علي كل انسان أن يصمم علي أن يبلغ مقاما ساميا يليق بانسانيته، فيعمل بكل ما أعطي من قوي و امكانات ليقوم بتكاليفه و مهامه و خدمة أبناء مجتمعه.

و ما نراه و نسمعه في مجتمعنا من بعض أفواه الناس يقولون:

نريد أن نقوم بعمل خير في حياتنا، لكن مسؤولياتنا و أعمالنا قد منعتنا من التوفيق في هذا الطريق، فقد غرقنا الي حد بعيد في مهام الحياة و مشاغلها و لم تسمح لنا الفرض المناسبة لنتمكن فيها من تحقيق ما نصبو اليه في حياتنا.



[ صفحه 244]



و لا ريب ان هذه من الأخطاء الشائعة و الخطيرة في مجتمعنا، ذلك ان كلا منا لديه الفرص الكثيرة التي تحيط به و التي يستطيع بكل سهولة من القيام بمهامه لو صمم و أراد؛ فيحصل علي رضي ضميره و رضي مجتمعه و رضي ربه جل و علا. من هنا كان قول الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله و سلم:

«الخلق كلهم عيال الله و أقربهم اليه أنفعهم لعياله» الي جانب ذلك عليه ان لا يغفل عن تكاليفه العادية، و أن يقوم بأعمال جليلة فيها كل الخير له و لمجتمعه.

فالتكليف الواجب علينا جميعا أن نفيد من الفرص الكثيرة التي تسمح لنا لنقوم بهذا التكليف؛ و سوف تتاح لنا فرص كثيرة في هذا السبيل. و نحصل علي نجاح باهر و توفيق هام، لأن جميع القوي الكامنة فينا تكفي للقيام بتكاليفها. و الذي يحتاج اليه العالم اليوم و يفتقده هو أن يكون له جماعة يفكرون في تلبية نداء الآخرين و قضاء حاجاتهم، و عند القيام بمهام جليلة من أجل الآخرين ستنزل رحمة الله الواسعة علي المعين و المستعين كليهما. أما ما نراه من ضغوط المجتمع الحاضر الذي سموه (المجتمع الحديث) كما هو عليه اليوم ستفقدنا شخصيتنا شيئا فشيئا، و بالتالي سوف نفتقد آمالنا في الابداع و الظهور.

و لهذا فان وصول هذا المجتمع الي الحضارة الحقة سوف يتأخر مادام الوضع كما هو عليه. و ما هو السبب في ذلك؟

الحقيقة أن الخطأ الكبير لكل واحد منا هو أننا نعيش بأعين لسيت بصيرة، فلا نلتفت الي الفرص الجيدة التي تواجهنا، نعم علينا أن نفتح أعيننا جيدا و نتفحص ما حولنا بدقة و مهارة لنقدم الي كل الناس الخير العميم. فأسمي ما لدينا و أفضل أمنياتنا أن نرهن وجودنا، و نمد أيدينا لعون الآخرين الي حد التضحية و الفداء. و مثلنا الأعلي في هذا المضمار الشريف الأئمة عليهم السلام، كل واحد منهم قام بتكاليفه كاملة، و ضحي بأغلي ما يملك في الوجود، فبذل النفس في سبيل الآخرين. و الجود بالنفس أسمي غاية الجود!

ان أصغر شي ء ينفقه رجل فقير الحال هو أفضل بكثير من الذي ينفقه كبار الأغنياء، و كثيرا ما نسمع من البعض من يقول: لو كنت ثريا لكنت أقدم للناس الكثير الكثير من الأعمال و الخدمات و لكن؟!



[ صفحه 245]



نقول لهؤلاء الذين يتمنون و لا يفعلون: اننا بامكاننا أن نكون جميعا أثرياء من حيث الحب و العطف و الحنان لهم، فلو اكتشفنا الحاجة الحقيقة للمحتاجين، و حاولنا تلبيتها، نكون بذلنا في ذلك أفضل و أعز شي ء لدينا ألا و هو الحب لهم، و العطف عليهم، مما لا يقابله كل أموال الدنيا بأجمعها!

و لا يفوتنا أن نعلم أن بامكاننا اذا حملنا أنفسنا علي البحث و التنقيب بما يمكننا القيام به لاستطعنا تقديم الكثير الكثير من أعمال الخير و العذق و المساعدة للآخرين. و هذا العمل الروحي بحاجة الي جرأة و تضحية و رحابة صدر و قوة ارادة، و تصميم أكيد علي اسداء الفائدة المرجوة و المحبة الخالصة لجميع الناس، و هذا بنظري أكبر اختيار و امتحان لكل انسان في هذه الدنيا علي الأرض.

و لكن علينا أن نعلم أيضا أننا في هذا التكليف الشاق، و تحمل المسؤولية بامكاننا أن نجد السعادة الحقيقية. و هذا واقعا ما قدمه الأئمة، و قدموا في سبيل الله، و عطفوا علي عباد الله، فكسبوا بذلك رضي الناس و رضي الله سبحانه و تعالي.