بازگشت

احتجاج الامام


من الأسباب التي حفزت هارون الرشيد لاعتقال الامام موسي الكاظم عليه السلام وزجه في غياهب السجون، احتجاجه عليه بأنه أولي بالنبي صلي الله عليه و اله و سلم من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه و وريثه، و أنه أحق بالخلافة من غيره، و قد جري احتجاجه معه عند قبر النبي صلي الله عليه و اله و سلم و ذلك عندما زاره هارون و قد احتف به الأشراف و الوجود و قادة الجيش و كبار الموظفين في الدولة، فقد أقبل بوجهه علي الضريح المقدس و سلم علي النبي صلي الله عليه و اله و سلم قائلا:

«السلام عليك ابن العم».

و بذلك بدا الاعتزاز و الافتخار لهارون علي غيره برحمه الماسة من النبي صلي الله عليه و اله و سلم و انه نال الخلافة لهذا السبب، قربه من الرسول صلي الله عليه و اله و سلم.

أما الامام الكاظم عليه السلام فتقدم أمام الجمهور و سلم علي النبي صلي الله عليه و اله و سلم قائلا: «السلام عليك يا أبت».



[ صفحه 252]



عندها استولت علي الرشيد موجات من الاستياء و كاد يفقد صوابه لأن الامام عليه السلام قد سبقه الي ذلك المجد، فاندفع قائلا بصوت مشحون بالغضب: «ثم قلت انك أقرب الي الرسول صلي الله عليه و اله و سلم منا؟!».

فأجابه الامام عليه السلام بهدوء كعادته و بجواب مفحم لم يتمكن الرشيد من الرد عليه. «لو بعث رسول الله حيا و خطب منك كريمتك هل كنت تجيبه الي ذلك؟ فقال هارون:

سبحان الله!! و كنت أفتخر بذلك علي العرب و العجم.

فانبري الامام و بين له الوجه الصحيح في قربه من النبي صلي الله عليه و اله و سلم دونه قائلا:

«لكنه لا يخطب مني ولا أزوجه، لأنه والدنا لا والدكم، فلذلك نحن أقرب اليه منكم» و تابع عليه السلام مدعما رأيه ببرهان آخر فقال لهارون:

«هل كان يجوز له أن يدخل علي حرمك و هن مكشفات؟؟».

فقال هارون: لا.

فقال الامام عليه السلام: لكن له أن يدخل علي حرمي، و يجوز له ذلك، و هذا يعني أننا أقرب اليه منكم. و بذلك يكون الامام قد سد أمامه كل منافذ الدفاع بحججه الدامغة بعد أن ألبسه ثوب الفشل، و بين بطلان ما ذهب اليه، فهو أحق منه بالخلافة لأنه سبطه و وارثه.

عندها اندفع هارون حانقا و أمر باعتقال الامام عليه السلام و زجه في السجن [1] ثم سأله الرشيد قبل دخوله السجن:

لم فضلتم علينا و نحن و أنتم من شجرة واحدة بنوعبدالمطلب، و نحن و أنتم واحد، انا بنوالعباس، و أنتم ولد أبي طالب و هما عما رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم و قرابتهما منه سواء؟



[ صفحه 253]



فقال عليه السلام: نحن أقرب اليه منكم، قال هارون: و كيف ذلك؟

فقال عليه السلام: لأن عبدالله و أباطالب لأب و أم، و أبوكم العباس ليس هو من أم عبدالله، و لا أم أبي طالب.

قال هارون: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي صلي الله عليه و اله و سلم و العم يحجب ابن العم، و قبض رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم و قد توفي أبوطالب قبله. والعباس عمه حي؟

فقال عليه السلام: ان رأي أميرالمؤمنين ان يعفيني عن هذه المسألة و يسألني عن كل باب سواه يريد.

قال: لا، أو تجيب. فقال عليه السلام: فآمني. قال: آمنتك قبل الكلام.

فقال عليه السلام: ان في قول علي بن أبي طالب عليه السلام: انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو أنثي لأحد سهم الا الأبوين، و الزوج و الزوجة، و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث، و لم ينطق به الكتاب العزيز و السنة، الا ان تيما و عديا و بني أمية قالوا: العم والد، رأيا منهم بلا حقيقة و لا أثر عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و من قال بقول علي من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دارج يقول في هذه المسألة بقول علي، و قد حكم به، و قد ولاه أميرالمؤمنين المصرين:

الكوفة و البصرة، و قضي به.

فأمر هارون الظالم باحضار من يقول خلاف قوله، منهم: سفيان الثوري و ابراهيم المازني، و الفضيل بن عياض، فشهدوا جميعهم انه قول علي عليه السلام في هذه المسألة.

فقال لهم: لم لا تفتون و قد قضي نوح بن دارج؟ فقالوا:

جسر وجبنا، و قد أمضي أميرالمؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن علي أقضانا، و هم اسم جامع، لأن جميع ما مدح به النبي صلي الله عليه و اله و سلم أصحابه من القرابة، و الفرائض، و العلم، داخل في القضاء.

قال هارون: زدني يا موسي.

فقال عليه السلام: المجالس بالأمانات و خاصة مجلسك.



[ صفحه 254]



فقال هارون: لا بأس.

فقال عليه السلام: النبي صلي الله عليه و اله و سلم لم يورث من لم يهاجر و لا أثبت له ولاية حتي يهاجر. و عمي العباس لم يهاجر [2] .


پاورقي

[1] راجع: أخبار الدول ص 113، وفيات الأعيان ج 1 ص 394، الاتحاف بحب الأشراف ص 55، تذكرة الخواص ص 259.

[2] الاحتجاج ج 2 ص 163.