طلبه للخلافة
سعي فريق من باعة الضمير بالوشاية علي الامام عليه السلام عند هارون فأوغروا صدره، و أثاروا كوامن الحقد عليه، فقالوا: انه يطالب بالخلافة، و يكتب الي سائر الأقطار و الأمصار الاسلامية يدعوهم الي نفسه، و يحفزهم الي الثورة ضد الحكومة. و كان في طليعة هؤلاء يحيي البرمكي.
قال اليحيي بن أبي مريم: ألا تدلني علي رجل من آل أبي طالب له رغبة في الدنيا فأوسع له منها؟
فقال له: نعم، ذاك علي بن اسماعيل بن جعفر، فأرسل خلفه يحيي و كان آنذاك في الحج، فلما اجتمع به قال له يحيي: أخبرني عن عمك موسي، و عن شيعته و عن المال الذي يحمل اليه.
فقال: عندي الخبر و حدثه بما يريد، فطلب منه أن يرحل معه الي بغداد ليجمع بينه و بين هارون، فأجابه الي ذلك. فلما سمع الامام الكاظم عليه السلام بسفره مع يحيي بعث خلفه فقال له: بلغني انك تريد السفر؟
- قال: نعم. فقال له الامام: الي أين؟ فقال: الي بغداد. فقال له الامام: ما تصنع؟ فقال: علي دين و أنا مملق.
- أنا أقضي دينك، و أكفيك أمورك.
فلم يلتفت الي الامام لأن الشيطان قد وسوس له فأجاب داعي الهوي، و ترك الامام و قام من عنده، فقال عليه السلام له:
لا تؤتم أولادي، ثم أمر عليه السلام له بثلاثماية دينار و أربعة آلاف درهم، و قال عليه السلام: و الله ليسعي في دمي و يؤتم أولادي فقال له أصحابه:
«جعلنا الله فداك فأنت تعلم هذا من حاله، و تعطيه؟!!
فقال عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم أنه قال:
[ صفحه 258]
ان الرحم اذا قطعت فوصلت قطعها الله.
و خرج علي يطوي البيداء حتي انتهي الي بغداد، فدخل علي الرشيد فقال له بعد السلام عليه: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتي رأيت عمي موسي بن جعفر يسلم عليه بالخلافة.
و قيل انه قال له: ان الأموال تحمل اليه من كل النواحي، و ان له بيوت أموال، و انه اشتري ضيعة بثلاثين ألف دينار، و سماها «اليسيرية» فلما سمع هارون هذا الكلام أحرقه الغيظ و فقد صوابه، و أمر لعلي بمائتي ألف درهم علي أن يستحصلها من بعض نواحي المشرق فمضت الرسل لجباية المال اليه؛ فدخل العميل الذي باع آخرته بدنياه بيت الخلاء فزحر فيه و سقط أمعاؤه. فأخرج منه و هو يعاني آلام الموت فقيل له: ان الأموال قد وصلتك فقال:
ما أصنع بها و الموت قد وصلني معها؛ و قيل انه رجع الي داره فهلك فيها في تلك الليلة التي اجتمع بها [1] مع الطاغية هارون. فقد ذهب المال منه و بقي عليه الخزي و العذاب الأليم.
پاورقي
[1] عيون أخبار الرضا، الغيبة للشيخ الطوسي، البحار، المناقب، و قيل ان الساعي به هو محمد بن اسماعيل.