بازگشت

انشغال الامام بالعبادة


تفرغ الامام عليه السلام في السجن لطاعة ربه، فقضي معظم أوقاته في الصلاة و التضرع و الابتهال الي الله، فراج الكروب و الهموم. فقد بهر الفضل بعبادته، فكان يتحدث عنها أمام زائريه بتعجب و اكبار للامام.

حدث عبدالله القزويني قال: دخلت علي الفضل بن الربيع و هو جالس علي سطح داره، فقال لي: أدن مني، فدنوت حتي حاذيته فقال لي: اشرف علي الدار، فاشرف عبدالله علي الدار فقال له الفضل - ما تري في البيت؟ - أري ثوبا مطروحا هناك.

- انظر حسنا. فتأمل عبدالله مليا، فقال له: رجل ساجد.

- هل تعرفه؟ - لا. فقال له: هذا مولاك.

- من مولاي؟!! - تتجاهل علي؟!!

- ما اتجاهل، و لكن لا أعرف لي مولي.

- قال الفضل: هذا أبوالحسن موسي بن جعفر.

و أخذ الفضل يحدث عبدالله عن عبادة الامام و تقواه و طاعته لله فقال: «اني اتفقده الليل و النهار فلم أجده في وقت من الأوقات الا علي الحال التي أخبرك بها يصلي الفجر، فيعقب ساعة في دبر صلاته الي أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتي تزول الشمس، ثم يبتدي ء بالصلاة من غير أن يجدد الوضوء،



[ صفحه 277]



فاعلم أنه لم ينم في سجوده و لا أغفي، فلا يزال كذلك الي أن يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلي العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا الي أن تغيب الشمس، فاذا غابت وثب من سجدته فصلي المغرب من غير أن يحدث حدثا، و لا يزال في صلاته و تعقيبه الي أن يصلي العشاء، فاذا صلي العشاء أفطر علي شوي يؤتي به، ثم يجدد الوضوء، ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم، فلا يزال يصلي في جوف الليل حتي يطلع الفجر فلست أدري متي يقول الغلام ان الفجر قد طلع؟ اذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا دأبه منذ حول الي...».

لما رأي عبدالله الكبار الفضل للامام عليه السلام حذره من أن يستجيب لرغبة الرشيد باغتياله، فقال له:

«اتق الله، و لا تحدث في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنه لم يعفل أحد بأحد منهم سوءا الا كانت نعمته زائلة».

و كان الفضل مؤمنا بذلك فقال له: «قد أرسلوا الي غير مرة يأمروني بقتله، فلم أجبهم الي ذلك، و اعلمتهم أني لا أفعل، و لو قتلوني ما أجبتهم الي ما سألوني» [1] .

و لا غرو فالامام موسي بن جعفر عليه السلام كان مثلا صالحا يحتذي في التقوي و الورع و الايمان بالله، فحب الله مطبوع في قلبه و مشاعره..


پاورقي

[1] عيون أخبار الرضا و بحارالأنوار.