بازگشت

اطلاق سراح الامام


قال تعالي: (و قال ربكم ادعوني أستجب لكم) [1] .

الامام موسي بن جعفر عليه السلام مؤمن طاهر و عبد صالح دعا الله عزوجل لينقذه من هذه المحنة الظالمة التي أثقلت صدره فاستجاب سبحانه لدعائه و أفرج عنه الغم الذي أصابه في سجن الطاغية هارون.

فأطلق سراحه غلس الليل. و يعود السبب في ذلك الي رؤيا رآها في منامه. حدث عبدالله بن مالك الخزاعي [2] قال:

أتاني رسول الرشيد في ما جاءني به قط، فانتزعني من موضعي، و منعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك، فلما صرت الي الدار سبقني الخادم، فعرف الرشيد خبرني، فأذن لي بالدخول، فوجدته جالسا علي فراشه فسلمت فسكت ساعة، فطار عقلي، و تضاعف جزعي، ثم قال لي:

- يا عبدالله، أتدري لما طلبتك في هذا الوقت؟

- لا، والله يا أميرالمؤمنين. قال: اني رأيت الساعة في منامي كأن حبشيا قد أتاني، و معه حربة فقال: ان لم تخل عن موسي بن جعفر الساعة، و الا نحرتك بهذه الحربة، اذهب فخل عنه [3] .



[ صفحه 280]



و لم يطمئن عبدالله بأمر الرشيد باطلاق سراح الامام، فقال له: أطلق سراح موسي بن جعفر؟ قال له ذلك ثلاث مرات، فقال الرشيد: «نعم، امض الساعة حتي تطلق موسي بن جعفر، و اعطه ثلاثين ألف درهم، و قل له: ان أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، و ان أحببت المضي الي المدينة فالأمر في ذلك اليك».

مضي عبدالله مسرعا الي السجن يقول: لما دخلت وثب الامام عليه السلام قائما، و ظن أني قد أمرت فيه بمكروه، فقالت له:

«قد أمرني أميرالمؤمنين باطلاقك و أن أدفع اليك ثلاثين ألف درهم، و هو يقول لك: ان أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب، و ان أحببت الانصراف فالأمر في ذلك مطلق لك، و أعطيته الثلاثين ألف درهم [4] .

و قلت له: لقد رأيت من أمرك عجبا.

و أخذ الامام عليه السلام يحدثه عن السبب في اطلاق سراحه قائلا:

«بينما أنا نائم اذا أتاني رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم فقال لي: يا موسي، حبست مظلوما قل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت له بأبي أنت و أمي ما أقول فقال صلي الله عليه و اله و سلم: قل:

«يا سامع كل صوت، و يا سابق الفوت، و يا كاسي العظام لحما، و منتشرها بعد الموت أسألك بأسمائك الحسني، و باسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوي علي أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، و لا يحصي عددا، فرج عني» فكان ما تري [5] .

و فرج الله عن الامام فخلي هارون بعد رؤياه سبيله، و قد مكث في سجن الفضل مدة طويلة من الزمن لم يعينها لنا التاريخ.

بعد اطلاق سراحه لم يذهب الامام عليه السلام الي يثرب بل بقي في بغداد لم ينزح عنها و كان يدخل علي الرشيد في كل أسبوع، مرة في يوم الخميس [6] .



[ صفحه 281]



كان الرشيد يحتفي به كثيرا اذا رآه، و قد دخل عليه يوما، و قد استولي عليه الغضب من أجل رجل ارتكب جرما فأمر أن يضرب ثلاثة حدود فنهاه الامام عليه السلام عن ذلك و قال انما تغضب لله، فلا تغضب له أكثر مما غضب لنفسه» [7] .


پاورقي

[1] سورة غافر، الآية: 60.

[2] كان مسؤولا عن دار الرشيد و شرطته.

[3] مروج الذهب ج 3 ص 265.

[4] جاء في المناقب ج 2 ص 370 ان الامام عليه السلام رفض الهدايا التي قدمت له.

[5] وفيات الأعيان ج 4 ص 394 و شذرات الذهب ج 1 ص 304.

[6] البحار ج 11 ص 270.

[7] الوسائل باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.