بازگشت

اتصال العلماء بالامام


الامام الكاظم عليه السلام ذلك الينبوع الغزير و المنهل الذي لا ينضب ماؤه كان مقصد العلماء و الرواة و المحدثين، اتصلوا به من طريق خفي فنهلوا من نمير علومه، من هؤلاء نذكر موسي بن ابراهيم المروزي، و قد سمح له السندي بذلك لأنه كان معلما لولده، و قد ألف المروزي كتابا مما سمعه من الامام عليه السلام. و اتصل به هند بن الحجاج و غيره من قادة الفكر الاسلامي، كما دخل عليه في غلس الليل أبويوسف و محمد بن الحسن [1] و قد أراد اختباره في بعض المسائل المهمة



[ صفحه 289]



ليطلعا علي مدي علمه و لما استقر بهما المجلس جاء الي الامام عليه السلام أحد الموظفين في السجن فقال له:

ان نوبتي قد فرغت و أريد الانصراف، فان كانت لك حاجة فامرني أن آتيك بها غدا، فقال عليه السلام:

ليس لي حاجة انصرف. فلما انصرف، التفت عليه السلام الي أبي يوسف و صاحبيه فقال لهما:

«اني لأعجب من هذا الرجل يسألني أن أكلفه حاجة يأتيني بها غدا اذا جاء و هو ميت في هذه الليلة» فأمسكا عن سؤاله، و قاما، و قد استولي عليهما الذهول و جعل كل واحد منهما يقول لصاحبه:

أردنا أن نسأله عن الفرض، و السنة، فأخذ يتكلم معنا في علم الغيب!!

و الله لنرسلن خلف الرجل من يبيت علي باب داره لينظر ماذا يكون من أمره؟ و أرسلا في الوقت شخصا فجلس علي باب دار الرجل يراقبه فلما استقر في مكانه سمع الصراخ و العويل قد علا من الدار، فسأل عن الحادث فأخبر بأن الرجل قد توفي، فقام مبادرا و أخبرهما بالأمر، متعجبا من علم الامام عليه السلام. و قد روي هذه القصة العديد من رواة الأثر [2] و ان دلت هذه الرواية علي شي ء فانها تدل علي علم الامام بالمغيبات، و انكشاف الحجاب له و هذا ما تعتقده الشيعة في الامام فهو يري بعين الله تعالي.

ان أئمة أهل البيت عليهم السلام قد أخبروا بالملاحم و الأمور الغيبية التي تحققت



[ صفحه 290]



كلها، فهم بلا ريب و لا شك ورثة علم النبي الأكرم صلي الله عليه و اله و سلم قد ألهمهم عزوجل جميع أنواع العلوم، و أطلعهم علي خفايا الأمور.


پاورقي

[1] محمد بن الحسن الشيباني، مولاهم الكوفي الفقيه، ولد بواسط، و نشأ بالكوفة، أخذ الفقه من أبي يوسف ثم من أبي حنيفة، و سمع مالك بن أنس، و أخذ عنه الشافعي و أبوعبيد و كان فقيها. النجوم الزاهرة ج 2 ص 130، و أنباه الرواة ج 2 ص 268 توفي سنة 183 ه هو و الكسائي في يوم واحد، دفنهما هارون. رثاهما اليزيدي:



سيفنيك ما أفني القرون التي مضت

فكن مستعدا فالفناء عتيد



أصبت علي قاضي القضاة محمد

فاذريت دمعي و الفؤاد عميد



و قلت اذا ما الخطب أشكل من لنا

بايضاحه يوما و أنت فقيد



و أوجعني موت الكسائي بعده

و كادت بي أرض الفضاء تميد.

[2] نور الأبصار ص 127 - 126 الاتحاف بحب الأشراف: ص 58 - 57. البحار ج 11 ص 251، و جاء فيه زيادة علي ذلك انهما رجعا الي الامام عليه السلام فقالا له: قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال و الحرام فمن أين أدكت أمر هذا الرجل الموكل بك انه يموت في هذه الليلة؟ فقال عليه السلام: من الباب الذي علمه رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم علي بن أبي طالب عليه السلام فلما رد عليهما بذلك بقيا حائرين لا يطيقان الجواب، و كذلك ذكره الاربلي في كشف الغمة ص 253.