بازگشت

محاولة اغتيال فاشلة


تحدث الناس في مناقب الامام عليه السلام و انتشرت فضائله بين الجموع و أصبح أحدوثة العصر بعلمه و حلمه، و صبره و بلواه، ضاق صدر هارون من ذلك و عقد العزم علي اغتيال الامام المظلوم ثانية فدعا برطب فأكل منه ثم أخذ اناء و وضع فيه عشرين رطبة، و أخذ سلكا فعركه في السم و أدخله في سم الخياط. و أخذ رطبة من ذلك الرطب فوضع فيها ذلك السلك و أخرجه منها حتي تكللت بالسم،و وضعها



[ صفحه 298]



مع ذلك الرطب و قال لخادمه: احمله الي موسي بن جعفر، و قل له:

ان أميرالمؤمنين أكل من ذلك الرطب، و هو يقسم عليك بحقه لما أكلته عن آخره، فاني اخترتها لك بيدي، و لا تتركه يبقي منها شيئا و لا يطعم منها أحدا. فحمل الخادم الرطب و جاء به الي الامام، و أبلغه برسالة هارون. فأمره عليه السلام أن يأتيه بخلال، فجاء به اليه، و قام بازائه فأخذ الامام يأكل من الرطب، و كانت لهارون كلبة عزيزة عنده، فجذبت نفسها و خرجت تجر سلاسلها الذهبية حتي حاذت الامام عليه السلام فبادر بالخلال الي الرطبة المسمومة و رمي بها الي الكلبة فأكلتها فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض و ماتت للحال، و أكمل الامام في أكل باقي الرطب. و الخادم ينظر اليه مشدوها، حمل الاناء الي هارون فلما رآه بادره قائلا: - قد أكل الرطب عن آخره؟ - نعم يا أميرالمؤمنين.

- كيف رأيته؟

- ما انكرت منه شيئا، ثم قص عليه حديث الكلبة و طريقة موتها فقام هارون بنفسه ليشرف عليها، لأنها عزيزة علي قلبه كثيرا، فرآها اهترأت أمعاؤها و تقطعت من السم فوقف مذهولا و قد سرت الرعدة بأوصاله و الشرر ينزف من عينيه و قال:

«ما ربحنا من موسي الا أن أطعمناه جيد الرطب و ضيعنا سمنا و قتلنا كلبتنا ما في موسي حيلة» [1] .

لقد فشل في مشروعه الخسيس و لم تنجح محاولته في اغتيال الامام عليه السلام و الله سبحانه و تعالي قد أنقذه منه و صرف عنه السوء. و لا ندري من أين تعلم طريقة الاغتيال بالسم؟ فيجوز أنه اطلع علي تاريخ معاوية بن أبي سفيان و استعماله السم في اغتيال الأئمة عليهم السلام و هو القائل: «ان لله جنودا من عسل» [2] .


پاورقي

[1] البحار ج 11 ص 299.

[2] كان يخلط السم في شراب العسل و يقدمه لمن يريد اغتياله.