بازگشت

الامام موسي الكاظم ينعي نفسه


علم الامام المعصوم موسي بن جعفر ان لقاءه بربه أصبح قريبا، فنعي نفسه لبعض شيعته الخاصة، و عزاهم بمصيبته بدل أن يعزوه، فأوصاهم بالتمسك بالعروة الوثقي من آل محمد صلي الله عليه و اله و سلم و ذلك في جوابه عن المسائل التي بعثها اليه علي بن سويد [1] حينما كان في السجن، فيها بعض المسائل يسأله عنها، فأجابه عليه السلام بهذا الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله العلي العظيم الذي بعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغي من في السماوات و الأرض اليه الوسيلة بالأعمال المختلفة، و الأديان المتضادة، فمصيب و مخطي ء و ضال و مهتدي، و سميع و أصم، و بصير و أعمي فالحمد لله الذي عرف و وصف دينه بمحمد صلي الله عليه و اله و سلم.

أما بعد؛ فانك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة، و حفظ مودة ما استرعاك من دينه، و ما ألهمك من رشدك، و بصرك من أمر دينك بتفضيلك اياهم، و بردك الأمور اليهم؛ كتبت الي تسألني عن أمور كنت منها في تقية، و من كتمانها في سعة، فلما انقضي سلطان الجبابرة و جاء سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة الي أهلها العتاة علي خالقهم، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة علي ضعاف شيعتنا من قبل حبها لهم، فاتق الله عز ذكره، و خص بذلك الأمر أهله، و احذر ان تكون سبب بلية علي الأوصياء أو حارشا عليهم [2] بافشاء ما استودعتك، و اظهار ما استكتمتك و ان تفعل ان شاء الله.



[ صفحه 301]



ان أول ما أنهي اليك اني أنعي اليك نفسي في ليالي هذه، غير جازع و لا نادم و لا شاك فيما هو كائن مما قد قضي الله عزوجل و ختم، فاستمسك بعروة الدين، آل محمد و العروة الوثقي الوصي بعد الوصي، و المسالمة لهم، و الرضا بما قالوا: و لا تلتمس دين من ليس من شيعتك، و لا تحبن دينهم، فانهم الخائنون الذين خانوا الله و رسوله، و خانوا أمانتهم، أو تدري ما خانوا أمانتهم؟

ائتمنوا علي كتاب الله فحرفوه و بدلوه، و دلوا علي ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم «فأذاقهم الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون» [3] و سألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه علي الفقراء و المساكين و أبناء السبيل و في سبيل الله فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتي حملاه اياه كرها فوق رقبته الي منازلهما فلما أحرزاه توليا انفاقه أيبلغان بذلك كفرا؟

فلعمري لقد نافقا قبل ذلك وردا علي الله عزوجل كلامه، و هزئا برسوله صلي الله عليه و اله و سلم و هما الكافران عليهما لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و الله ما دخل قلب أحد منهما شي ء من الايمان منذ خروجهما من حالتيهما، و ما زادا الا شكا، كانا خداعين مرتابين منافقين حتي توفتهما ملائكة العذاب الي محل الخزي في دار المقام.

و سألت عمن حضر ذلك الرجل و هو يغصب ماله و يوضع علي رقبته منهم عارف و منكر فأولئك أهل الردة الأولي من هذه الأمة فعليهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.

و سألت عن مبلغ علمنا، و هو علي ثلاثة وجوه: ماض و غابر و حادث، فأما الماضي فمفسر و أما الغابر فمزبور، و أما الحادث فقذف في القلوب، و نقر في الأسماع، و هو أفضل علمنا، و لا نبي بعد نبينا محمد صلي الله عليه و اله و سلم. و سألت عن أمهات أولادهم و عن نكاحهم و عن طلاقهم، فأما أمهات أولادهم فهن عواهر الي يوم القيامة نكاح بغير ولي، و طلاق في غير عدة. و أما من دخل في دعوتنا فقد هدم ايمانه ضلاله و يقينه شكه، و سألت عن الزكاة فيهم فما كان من الزكاة فأنتم أحق به



[ صفحه 302]



لأنا قد أحللنا ذلك لكم من كان منكم و أين كان.

و سألت عن الضعفاء فالضعيف من لم يرفع اليه حجة، و لم يعرف الاختلاف، فاذا عرف الاختلاف فليس بضعيف. و سألت عن الشهادة لهم، فأقم الشهادة لله عزوجل و لو علي نفسك و الوالدين و الأقربين فيما بينك و بينهم، فان خفت علي أخيك ضيما فلا وادع الي شرائط الله عز ذكره من رجوت اجابته و لا تحصن بحصن رياء. و وال آل محمد و لا تقل لما بلغك عنا و نسب الينا هذا باطلا و ان كنت تعرف منا خلافه، فانك لا تدري لما قلناه، و علي أي وجه وضعناه آمن بما أخبرك، و لا تفش بما استكتمناك من خبرك، ان من واجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا تنفعه به لأمر دنياه و آخرته، و لا تحقد عليه و ان أساء، و أجب دعوته اذا دعاك و لا تخل بينه و بين عدوه من الناس و ان كان أقرب اليه منك، و عده في مرضه، ليس من أخلاق المؤمن الغش و لا الأذي، و لا الخيانة و لا الكبر و الخنا [4] و لا الفحش و لا الأمر به، فاذا رأيت المشوه الاعرابي في جحفل جرار فانتظر فرجك و لشيعتك المؤمنين، و اذا انكسفت الشمس فارفع بصرك الي السماء و انظر ما فعل الله بالمجرمين، فقد فسرت لك جملا مجملا، و صلي الله علي محمد و آله الأخيار..» [5] .


پاورقي

[1] السائي نسبة الي ساية من قري المدينة. روي عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام و قيل انه روي عن أبي جعفر، و روي رسالة لأبي الحسن موسي عليه السلام راجع النجاشي ص 211.

[2] التحريش: هو اغراء بعض القوم ببعض.

[3] سورة النحل، الآية: 112.

[4] الخنا: الفحش في الكلام.

[5] روضة الكافي ص 126 - 124 كما ذكرت هذه الرسالة في مرآة العقول.