تجهيز الامام
اهتم سليمان بن أبي جعفر المنصور [1] بتجهيز الامام و تشييعه، كان قصره مطلا علي نهر دجلة، فسمع الصياح و الضوضاء و رأي بغداد قد ماجت و اضطربت
[ صفحه 312]
فهاله ذلك، فالتفت الي ولده و غلمانه قائلا: «ما الخبر؟» فقالوا له: هذا السندي ابن شاهك ينادي علي موسي بن جعفر، و أخبروه بذلك النداء القاسي. فثارت عواطفه و استولت عليه موجة من الغيظ فصاح بولده قائلا:
«انزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم، فان مانعوكم فاضربوهم و خرقوا ما عليهم من سواد - و هو لباس الشرطة و الجيش -
انطلق أبناء سليمان [2] و غلمانه الي الشرطة فأخذوا جثمان الامام عليه السلام منهم و لم تبد الشرطة أية معارضة، حمل الغلمان النعش و جاءوا به الي سليمان فأمر فورا أن ينادي في شوارع بغداد بنداء معاكس لنداء السندي أخذ الغلمان ينادون بأعلي أصواتهم بهذا النداء:
«ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسي بن جعفر فليحضر» [3] فلما سمع الناس هذا النداء خرجوا علي اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان امام المسلمين و سيد المتقين الورعين، و خرج الشيعة بصورة خاصة يذرفون الدموع و يلطمون الصدور و الأسي و الحزن قد أدمي قلوبهم، فجاء سليمان ففرج عنهم الكروب و واساهم في مصيبتهم المفجعة.
و تم تشييع الامام عليه السلام بموكب حافل لم تشاهد بغداد نظيرا له.
أما اذا ما سألنا عن الاسباب التي دفعت سليمان للقيام بموراة الامام عليه السلام و تشييعه فيمكن اختصارها بما يلي:
پاورقي
[1] سليمان بن أبي جعفر المنصور، أمه فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبدالله التيمي: تاريخ ابن كثير ج 10 ص 28 كان أميرا علي دمشق من قبل الرشيد، و وليها من قبل الأمين مرتين و ولي امرة البصرة مرتين.
[2] سليمان هو عم هارون الرشيد من الشخصيات اللامعة في الأسرة العباسية و أمره مطاع عند الجميع.
[3] البحار، عيون أخبار الرضا.