بازگشت

و من أدعيته دعاء علي ظالم له


و هذا دعاء طويل نقدم نصه الكامل ليتضح منه ما قاساه الامام عليه السلام من طواغيت زمانه، و قد دعاه في قنوته علي بعض ظالميه من ملوك بني العباس المعاصرين له الذين جرعوه أنواع الغصص و الآلام فقال عليه السلام:



[ صفحه 45]



اللهم، اني و فلان ابن فلان، عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك تعلم مستقرنا و مستودعنا و منقلبنا، و مثوانا، و سرنا، و علانيتنا، تطلع علي نياتنا، و تحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نعلنه، و لا ينطوي عندك شي ء من أمورنا، و لا ينسر دونك حال من أحوالنا، و لا لنا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب لنا نفوتك به، و لا تمنع الظالم منك حصونه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و لا يغالبك مغالب بمنعه، أنت مدركه أينما سلك، و قادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم منا بك و توكل المقهور منا عليك، و رجوعه اليك، يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأقنية، و يطرق بابك اذا أغلقت عنه الأبواب المرتجة و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغفلة، تعلم ما حل به من قبل أن يشكوه اليك، و تعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد بصيرا عليما لطيفا.

اللهم، و انه قد كان في سابق علمك، و محكم قضائك، و جاري قدرك، و نافذ أمرك، و ماضي مشيئتك في خلقك أجمعين، شقيهم و سعيدهم، و برهم و فاجرهم، ان جعلت «لفلان ابن فلان» علي قدرة فظلمني بها و بغي علي بمكانها، و استطال و تعزز بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر و افتخر بعلو حاله الذي نولته، و غرة املاؤك، و أطغاه حلمك عنه، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله و لم أقدر علي الاستنصاف منه لضعفي، و لا علي الانتصار لقلتي فوكلت أمره اليك، و توكلت في شأنه عليك، و توعدته بعقوبتك، و حذرته ببطشك، و خوفته بنقمتك، فظن أن حلمك عنه من ضعف، و حسب أن املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة عن أخري و لا انزجر عن ثانية بأولي، لكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه، و لج في عدوانه، و استشري في طغيانه، جرأة عليك يا سيدي و مولاي، و تعرضا لسخطك الذي لا تحبسه عن الباغين، فها أنا يا سيدي مستضام تحت سلطانه مستذل بفنائه، مبغي علي، و جل خائف، مروع مقهور قد قل صبري، و ضاقت حيلتي، و تغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت عني الجهات الا جهتك، و التبست علي أموري في دفع مكروهه، و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من خلقك، و أسلمني من تعلقت به من عبادك



[ صفحه 46]



فاستشرت نصحي فأشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا اليك، فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا عالما أنه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك انتجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي، لأن قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و قد قلت تباركت و تعاليت، (و من بغي عليه لينصرنه الله) و قلت جل ثناؤك، و تقدست أسماؤك: (ادعوني أستجب لكم) فأنا فاعل ما أمرتني به لا منا عليك، و كيف أمن به و أنت دللتني عليه، فاستجب لي كما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد، و اني لأعلم يا سيدي ان لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب لأنه لا يسبقك معاند، و لا يخرج من قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، و لكن جزعي و هلعي لا يبلغان الصبر علي أناتك، و انتظار حلمك، فقدرتك يا سيدي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان انظرته، و قد أضرني - يا سيدي - حلمك عن (فلان) و طول أناتك له، و امهالك اياه، و يكاد القنوط أن يستولي علي لولاء الثقة بك، و اليقين بوعدك، فان كان في قضائك النافذ، و قدرتك الماضية انه ينيب، أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي، و يكف عن مكروهي، و ينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آله، و أوقع ذلك فيقلبه قبل ازالة نعمتك التي أنعمت بها عليه، و تكدير معروفك الذي صنعته اليه، و ان كان علمك به غير ذلك من مقامه علي ظلمي، فاني أسألكك يا ناصر المظلومين المبغي عليهم اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آله و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و أفجأه في غفلته مفاجأة مليك منتصر، و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و أعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مفرق، و اعزله من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر و الاحسان، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجزه بالاحسان، و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و اهلكه يا مهلك القرون الخالية، و ابره يا مبير الأمم الظالمة، و اخذله يا خاذل الفرق الباغية، و ابتر عمره، و ابتز ملكه، و اعف أثره، و اقطع خبره، و اطف ناره، و اظلم دياره، و كور شمسه، و ازهق نفسه، و اهشم سوقه، وجب سنامه، و ارغم أنفه و عجل حتفه، و لا تدع له جنة الا هلكتها، و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها و لا ركنا الا



[ صفحه 47]



وهنته، و لا سببا الا قطعته، و أرنا أنصاره و جنوده عبيدا بعد العزة، و اجعلهم متفرقين بعد اجتماع الكلمة و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الأمة، و اشف بزوال أمره القلوب الوجلة، و الأفئدة اللهيفة، و الأمة المتحيرة، و و البرية الضابعة، و اظهر بزواله الحدود المعطلة، و السنن الداثرة، و الأحكام المهملة و المعالم المتغيرة، و الآيات المحرفة، و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المشاهد المهدومة، و اشبع به الخماص السابغة، وارو به اللهوات اللاغبة، و الأكباد الضامية، و أرح به الأقدام المتعبة و اطرقه ببلية لا أخت لها، و بساعة لا مثوي فيها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و أبح حريمه، و نغص نعيمه، و أره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي هي فوق قدرته، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه، و أغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد، و امنعني منه بمنعك، و ابتله بفقر لا يجبره، و بسوء لا يستره، و كله الي نفسه فيما تريد، انك فعال لما تريد، و ابره من حولك و قوتك، و كله الي حوله و قوته، و أزل مكره بمكرك، و ادفع مشيئته بمشيئتك، و اسقم جسده، و ايتم ولده، و نقص أجله، و خيب أمله، و أزل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه و صير كيده في ضلال، و أمره الي زوال و نعمته الي انتقال وجده في سفال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مآل، و أمته بغيظه ان أمته، و ابقه بحسرته ان ابقيته، وقني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه لمحة تدمر بها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا..» [1] .


پاورقي

[1] مهج الدعوات ص 67.