بازگشت

استجابة دعاء الامام الكاظم


عاش أهل البيت عليهم السلام مظلومين مضطهدين طيلة الحكم الأموي الغاشم و لما انتقل الحكم الي العباسيين باسم العلويين حسب الناس أن الحكم العباسي سوف يخفف عنهم الوطأة، و يرفع عنهم الحيف.

و لما جاءت رايات أبي مسلم الخراساني بانتصار العلويين، و للأخذ بثأرهم و ظلامتهم، أصبح الأمر معكوسا، فاذا بالعباسيين يظلمون و ينكلون بأئمة أهل البيت، و يتتبعونهم قتلا و سجنا و تشريدا حتي كانت مدة ملكهم أشد قسوة من بني



[ صفحه 48]



أمية. فقال أحد الشعراء:



تالله ما فعلت علوج أمية

معشار ما فعلت بنوالعباس



و قال آخر:



يا ليت ظلم بني أمية دام لنا

و ليت عدل بني العباس في النار



و لم يلجأ أئمة أهل البيت الي الدعاء علي ظالميهم الا عندما يبلغ الظلم منتهاه، و الجور غايته، و يطفح الكيل...

و جاء في كتاب عيسي بن جعفر للرشيد: «لقد طال أمر موسي بن جعفر و مقامه في حبسي، و قد اختبرت حاله و وضعت عليه العيون طوال هذه المدة، فما وجدته يفتر عن العبادة، و وضعت من يسمع منه ما يقوله في دعائه، فما دعا عليك و لا علي، و لا ذكرنا بسوء و ما يدعو لنفسه الا بالمغفرة و الرحمة..» [1] .

اذا عرفنا هذا منه صلوات الله و سلامه عليه، نقدر شدة الظروف التي مرت عليه فاضطرته للدعاء علي ظالميه.

و سوف نذكر بعض ما ورد من استجابة دعائه عليه السلام:

1 - قال عبدالله بن صالح: حدثنا صاحب الفضل بن الربيع قال: كنت ذات ليلة في فراشي، مع بعض جواربي، فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة، فراعني ذلك، فقالت الجارية: لعل هذا من الهواء، فلم يمض الا يسير حتي رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح و اذا مسرور الكبير قد دخل علي، فقال: أجب الرشيد، و لم يسلم علي، فيئست من نفسي، و قلت: هذا مسرور، و يدخل بلا اذن و لم يسلم، ما هو الا القتل؛ فقالت الجارية لما رأت تحيري: ثق بالله عزوجل و انهض، فنهضت و لبست ثيابي، و خرجت معه حتي أتيت الدار، فسلمت علي أميرالمؤمنين و هو في مرقده، علي السلام فسقطت.

فقال: تداخلك رعب!

قلت: نعم يا أميرالمؤمنين.

فتركني ساعة حتي سكنت ثم قال: صر الي حسبنا فاخرج موسي بن جعفر بن



[ صفحه 49]



محمد، و ادفع اليه ثلاثين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع، و احمله علي ثلاثة مراكب، و خيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا الي أي بلاد أحب.

فقلت له: يا أميرالمؤمنين: تأمر باطلاق موسي بن جعفر؟!

قال: نعم. فكررت ثلاث مرات.

قال: نعم. ويلك! أتريد أن انكث العهد؟!

فقلت: يا أميرالمؤمنين: و ما العهد؟!

قال: بينا أنا في مرقدي هذا اذ ساورني أسد، ما رأيت من الأسود أعظم منه، فقعد علي صدري و قبض علي حلقي، و قال لي: حبست موسي بن جعفر ظالما له.

فقلت: و أنا أطلقه، و أهب له، و أخلع عليه، فأخذ علي عهد الله عزوجل و ميثاقه و قام عن صدري و قد كادت نفسي أن تخرج فقال: فخرجت من عنده و وافيت موسي بن جعفر عليه السلام و هو في حبسه، فرأيته قائما يصلي، فجلست حتي سلم، ثم أبلغته سلام أميرالمؤمنين و أعلمته بالذي أمرني به في أمره، و اني قد احضرت ما وصله به.

فقال: ان كنت أمرت بشي ء غير هذا فافعله.

فقلت: لا و حق جدك رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم ما أمرت الا بهذا.

فقال: لا حاجة لي في الخلع و الحملان و المال اذا كانت فيه حقوق الأمة.

فقلت: ناشدتك الله أن لا ترده فيغتاظ.

فقال: اعمل به ما أحببت.

و أخذت بيده عليه السلام و أخرجته من السجن، ثم قلت له: يا ابن رسول الله أخبرني ما السبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل فقد وجب حتي عليك لبشارتي اياك، و لما أجراه الله تعالي من هذا الأمر؟

فقال عليه السلام: رأيت النبي صلي الله عليه و اله و سلم ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسي أنت محبوس مظلوم.

فقلت: نعم يا رسول الله محبوس مظلوم.



[ صفحه 50]



فكرر علي ثلاثا، ثم قال: «لعله فتنة لكم و متاع الي حين».

أصبح غدا صائما، و اتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فاذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كل ركعة: الحمد و اثنتي عشرة: قل هو الله أحد. فاذا صليت منها أربع ركعات فاسجد، ثم قال: «يا سابق الفوت، يا سامع كل صوت و يا محي العظام و هي رميم بعد الموت، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي علي محمد عبدك و رسولك، و علي أهل بيته الطاهرين و ان تعجل لي الفرج مما أنا فيه». ففعلت فكان الذي رأيت [2] .

2 - و نقل صاحب كتاب نثر الدرر: ان موسي بن جعفر الكاظم ذكر له، أن الهادي قد هم بك، قال لأهل بيته و من يليه: ما تشيرون به علي من الرأي؟

فقالوا: نري أن تتباعد عنه، و أن تغيب شخصك عنه، فانه لا يؤمن عليك من شره. فتبسم ثم قال:

زعمت سخينة ان ستغلب ربها و ليغلبن مغالب الغلاب

ثم رفع يده الي السماء فقال:

«الهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته، و أرهف لي شبا حده، و داف لي قواتل سمومه، و لم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، و عجزي عن ملمات الحوائج، صرفت ذلك عني بحولك و قوتك لا بحولي و قوتي، و ألقيته في الحفيرة التي احتفرها لي خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا عما يرجوه في أخرآه فلك الحمد علي قدر ما عممتني فيه نعمك، و ما توليتني من جودك و كرمك. اللهم فخذه بقوتك، و افلل حده عني بقدرتك، و اجعل له شغلا فيما يليه، و عجزا به عما ينويه. اللهم و اعدني عليه عدوة حاضرة تكون من غيظي شفاءا، و من حنقي عليه وفاءا، و صل اللهم دعائي بالاجابة، و انظم شايتي بالتغيير، و عرفه عما قليل ما وعدت به من الاجابة لعبيدك المضطرين انك ذو الفضل العظيم، و المن الجسيم».

ثم ان أهل بيته انصرفوا عنه، فلما كان بعد مدة يسيرة اجتمعوا لقراءة الكتاب الوارد علي موسي الكاظم بموت الهادي، و في ذلك يقول بعضهم:



[ صفحه 51]



و سارية لم تسر في الأرض تبغي

محلا و لم يقطع بها الأرض قاطع



3 - و روي الكليني عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال: حدثني أبوجعفر الشامي قال: حدثني رجل بالشام يقال له: هلقام قال: أتيت أباابراهيم عليه السلام فقلت له: جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا و الآخرة و أوجز، فقال: قل في دبر الفجر الي أن تطلع الشمس: «سبحان الله العظيم و بحمده أستغفر الله و أسأله من فضله».

قال هلقام: لقد كنت من أسوء أهل بيتي حالا فما علمت حتي أتاني ميراث من قبل رجل ما ظننت أن بيني و بينه قرابة و اني اليوم من أيسر أهل بيتي و ما ذلك الا بما علمني مولاي العبد الصالح عليه السلام» [3] .

4 - و من دعائه عليه السلام عندما كان محبوسا يقلب خديه علي التراب:

«يا مذل كل جبار و معز كل ذليل و حقك بلغ مجهودي، فصل علي محمد و آل محمد و فرج عني» [4] .

5 - و قال داود بن زربي:

سمعت أباالحسن الأول عليه السلام يقول: اللهم اني أسألك العافية، و أسألك جميل العافية، و أسألك شكر العافية، و أسألك شكر شكر العافية.

و كان النبي صلي الله عليه و اله و سلم يدعو و يقول: أسألك تمام العافية ثم قال: تمام العافية الفوز بالجنة، و النجاة من النار» [5] .

و لا ريب أن الدعاء من قلب العبد الصالح المؤمن، التقي، الورع يستجاب من الله العزيز القدير. و جاء ذلك في القرآن الكريم:

(و قال ربكم ادعوني استجب لكم) [6] .



[ صفحه 52]




پاورقي

[1] أعيان الشيعة ج 3، ص 61.

[2] أئمتنا ج 2 ص 61 - 59.

[3] الكافي ج 2 ص 550.

[4] بحارالأنوار، 94 / 313.

[5] المصدر نفسه 95 / 362.

[6] سورة غافر، الآية 60.