عودة اعتقال المهدي للامام
لما انتشر ذكر الامام و ذاع صيته في جميع الآفاق الاسلامية، خاف المهدي علي كرسيه و لم يتمالك حقده و غيظه، و اعتقد ان ملكه لا يستقر الا باعتقال الامام، و بلغ الامام الخبر، تجهز للسفر من وقته، فسار عليه السلام حتي انتهي الي زبالة فاستقبله أبوخالد بحزن، نظر اليه الامام نظرة رأفة و رحمة و قال له:
- ما لي أراك منقبضا؟!!
[ صفحه 96]
- كيف لا أنقبض و أنت سائر الي هذا الطاغية و لا آمن عليك. هدأ الامام من روعه و أخبره أنه لا ضير عليه في سفره هذا.
ثم انصرف الامام متوجها الي بغداد. فلما وصل اليها أمر المهدي باعتقاله و ايداعه السجن، و نام المهدي تلك الليلة فرأي في منامه الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فخاطبه:
(يا محمد، فهل عيستم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم) [1] .
فنهض المهدي من نومه مذعورا و استدعي حاجبه الربيع فورا فلما مثل بين يديه سمع المهدي يردد هذه الآية المباركة، و أمره باحضار الامام موسي، فلما أقبل اليه عانقه و أجلسه الي جانبه ثم قال له بعطف غير مألوف منه:
«يا أباالحسن، اني رأيت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب يقرأ علي الآية المذكورة، أفتؤمنني أن لا تخرج علي أو علي أحد من ولدي؟
- والله ما فعلت ذلك و لا هو من شأني.
- صدقت، يا ربيع، اعطه ثلاثة آلاف دينار ورده الي أهله الي المدينة، فقام الربيع فشايعه و أحكم أمره و سرحه في الليل.
و سارت قافلة الامام عليه السلام تطوي البيداء حتي انتهت (زبالة) و كان اليوم الذي عينه لأبي خالد الذي يترقب قدومه بفارغ الصبر. فلما قدم عليه السلام عليه بادر يلثم يديه و الفرح باد عليه فأدرك الامام سروره و قال له: «ان لهم الي عودة لا أتخلص منها» [2] . و أشار الي ما يصنعه له هارون من اعتقاله له في سجونه.
پاورقي
[1] سورة محمد، الآية: 22.
[2] البحار ج 11 ص 252 و نور الأبصار ص 136.