بازگشت

هلاك الطاغية الهادي


استجاب الله سبحانه و تعالي دعاء وليه العبد الصالح فأهلك عدوه الطاغية الجبار، و أراح العباد و البلاد من شره، و روت أكثر المصادر عن سبب وفاته فقالوا: ان أمه الخيزران غضبت عليه لأنه قطع نفوذها لقصة مشهورة، و انها خافت علي ولدها هارون من شره، فأوعزت الي جواريها بخنقه، فعمدت الجواري الي قتله و هو نائم [1] .

و بذلك انطوت صفحة هذا الطاغية، و لم تطل خلافته فقد كانت سنة و بضعة أشهر؛ لكنها كانت ثقيلة علي المسلمين الذين لاقوا خلالها أصعب المحن، و هل آلم من مشهد رؤوس أبناء النبي صلي الله عليه و اله و سلم يطاف بها في الأقطار، و أسراهم يقتلون و يصلبون، لم ترع فيهم لا حرمة الرسول صلي الله عليه و اله و سلم و لا حرمة الاسلام، دين المحبة و العدل و التسامح!! كل هذه الأحداث الجسام من المهدي الي المنصور الي الهادي الي الرشيد رآها كلها الامام موسي بن جعفر بعينه، و شاهدها بنفسه، و ذاق ويلاتها، و رافق مآسيها؛ لقد رأي الحق مضاعا، و العدل مجافي و الظلم مسيطرا، و الاحرار في القبور و في غياهب السجون.

عاش في غضون صباه و في ريعان عمره محنة المجتمع الاسلامي و شقاءه



[ صفحه 100]



فرأي الأدوار الرهيبة التي مرت به فلم ينتقل من جور الأمويين و ظلمهم حتي وقع تحت وطأة الحكم العباسي، فأخذ يعاني التعسف و الجور و الاستبداد، و أخذت السلطة العباسية تمعن في نهب ثروات المسلمين و افقارهم و صرفها علي المجون و الدعارة كما كان الحال أيام الحكم الأموي. و من الطبيعي ان يكون لكل ذلك أثر كبير في حياة الامام الكاظم عليه السلام المشحونة بالأسي و الحزن.

و قد ألام لأنني استرسلت في الحديث عن عصر الامام عليه السلام و السبب في ذلك يعود لما لهذه الأحداث الكبيرة و المؤلمة من أثر في حياة الامام عليه السلام لكنه لم يلن له جانب، و لا تهاون مرة واحدة، و لم يضعف أمال هول كل هذه الجرائم، بل دافع بكل ما أعطاه الله من قوة، و كظم غيظه، و جاهد صابرا مثابرا مطالبا بحق المسلمين المحرومين، و مناصرا للحق من أجل صيانة الدين و المحافظة علي حقوق الأمة الاسلامية.


پاورقي

[1] الطبري ج 10 ص 33 و الجهشياري ص 175 و اليعقوبي ج 3 ص 138.