بازگشت

حقد هارون الموروث


كان الحقد من الصفات الرئيسية التي تميز بها هارون، فهو لم يرق له أن يسمع الناس أن يتحدثوا عن أي شخصية تتمتع بمكانة عليا في مجتمعه، محاولا تزهيد الناس و احتكار الذكر الحسن لنفسه، و هذا يدل علي منتهي الأنانية الحاقدة، و منتهي الضعف في الشخصية القلقة.

حسد الرشيد البرامكة و حقد عليهم لما ذاع صيتهم، و تحدث الناس عن مكارمهم حتي أنزل بهم أشد العقاب و أزال وجودهم.

و حقد علي الامام موسي بن جعفر عليه السلام لما يتحلي به من شخصية فذة لامعة بعد أن ذاع صيته العطر بين الناس، و تناقلوا فضائله، و تحدثوا عن علمه الغزير، و مواهبه العالية. و ذهب جمهور غفير من المسلمين الي الاعتقاد بامامته



[ صفحه 101]



و أنه أحق بالخلافة من أي شخص آخر في عصره. و كان يذهب الي فكرة الامامة كبار المسؤولين في دولة هارون مثل: علي بن يقطين، و ابن الأشعث، و هند بن الحجاج و أبويوسف محمد بن الحسن و غيرهم من قادة الفكر الاسلامي. و الرشيد نفسه يؤمن بأن الامام موسي بن جعفر عليه السلام هو أولي منه بهذا المنصب الهام في الأمة الاسلامية كما أدلي بذلك لابنه المأمون.

لم يرق لهارون أن يري في المجتمع من هو أفضل منه، و ان الجماهير و سائر الأوساط الشعبية و الخاصة تؤمن أيضا هو أولي بالخلافة منه، و ان الامام يفوقه علما و فضلا و حكمة و ثقة، و ان المسلمين قد أجمعوا علي تعظيمه، فتناقلوا فضائله و علومه، و تدفقوا علي بابه من أجل الاستفتاء في الأمور الدينية. لذلك كله حقد علي الامام و ارتكب تلك الجريمة المروعة حيث أودعه في ظلمات السجون، و غيبه عن جماهيره و شيعته، و حرم الأمة الاسلامية من الاستفادة من غزير علومه، و نبل نصائحه، و جميل توجيهاته.