بازگشت

الوشاية بالامام


من الذين بلي بهم الاسلام جماعة من الأوغاد و المتزلفين، باعوا ضمائرهم فعمدوا الي السعي بالامام عليه السلام و الوشاية به عند الطاغية هارون ليتزلفوا اليه



[ صفحه 102]



بذلك. و قد بقي منهم نماذج في جميع مراحل التاريخ.

- من هؤلاء من أبلغ هارون بأن الامام تجبي له الأموال الطائلة من شتي الأقطار الاسلامية، و اشتري ضيعة تسمي (اليسرية) بثلاثين ألف دينار، فأثار ذلك كوامن الحقد عند هارون.

و سياسته كانت تجاه العلويين تقضي بفقرهم، و وضع الحصار الاقتصادي عليهم. و هذه الوشاية كانت من جملة الأسباب التي دعت الي سجن الامام عليه السلام [1] .

- و فريق آخر من هؤلاء الأشرار سعوا بالامام الي هارون فقالوا له: ان الامام يطالب بالخلافة، و يكتب الي سائر الأقطار الاسلامية يدعوهم الي نفسه، و يحفزهم ضد الدولة العباسية و كان في طليعة هؤلاء الوشاة يحيي البرمكي. هؤلاء أثاروا كوامن الحقد علي الامام.

- و من الأسباب التي زادت في حقد هارون علي الامام و سببت في اعتقاله احتجاجه عليه السلام عليه بأنه أولي بالنبي العظيم صلي الله عليه و اله و سلم من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه و وريثه، و انه أحق بالخلافة من غيره و قد جري احتجاجه عليه السلام معه في مرقد النبي صلي الله عليه و اله و سلم.

أقبل هارون بوجهه علي الضريح المقدس و سلم علي النبي قائلا: «السلام عليك يا ابن العم» و قد اعتز بك علي من سواه، و افتخر علي غيره برحمه الماسة من النبي صلي الله عليه و اله و سلم، و انما نال الخلافة لقربه من الرسول صلي الله عليه و اله و سلم. و كان الامام عند ذلك حاضرا فسلم علي النبي صلي الله عليه و اله و سلم قائلا:

«السلام عليك يا أبت». ففقد الرشيد صوابه، و استولت عليه موجات من الاستياء، فاندفع هارون قائلا بنبرات تقطر غضبا: «لما قلت انك أقرب الي رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم منا؟؟».

فأجابه عليه السلام بجواب سديد لم يتكمن الرشيد من الرد عليه. سأله الامام:



[ صفحه 103]



«لو بعث الرسول صلي الله عليه و اله و سلم حيا و خطب منك كريمتك هل كنت تجيبه الي ذلك؟.

فقال هارون: سبحان الله!! و كنت أفتخر بذلك علي العرب و العجم.

فقال الامام عليه السلام مبينا له الوجه في قربه من النبي صلي الله عليه و اله و سلم قائلا: «لكنه لا يخطب مني و لا أزوجه لأنه ولدنا و لم يلدكم فلذلك نحن أقرب اليه منكم» ثم زاد قائلا عليه السلام:

«هل يجوز للرسول صلي الله عليه و اله و سلم أن يدخل علي حرمك و هن مكشفات؟؟».

فقال هارون: لا.

فقال الامام عليه السلام لكن له ان يدخل علي حرمي و يجوز له ذلك و لذلك نحن أقرب اليه منكم» [2] .

و عندها ظهر عجز هارون فقال له: «لله درك ان العلم شجرة نبتت في صدوركم فكان لكم ثمرها، و لغيركم الأوراق».

و اندفع هارون بعدما أعياه الدليل الي المنطق و أمر باعتقال الامام عليه السلام و زجه في السجن [3] .


پاورقي

[1] الفصول المهمة ص 252.

[2] أخبار الدول ص 113 و وفيات الأعيان ج 1 ص 394 و الاتحاف بحب الأشراف ص 55.

[3] تذكرة الخواص 359 طبعا هذا منطق الظالمين الطامعين.