بازگشت

صلابة موقف الامام


كان موقف الامام عليه السلام من الطاغية هارون موقفا واضحا كل الوضوح، تمثلت فيه صلابة العدل، و قوة الحق، و الدفاع عن المظلومين، و الوقوف الي جانبهم في كل شؤونهم و شجونهم، فقد أعلن لشيعته أن التعاون مع السلطة الحاكمة حرام و لا يجوز بأي وجه من الوجوه. و شاعت في الأوساط الاسلامية فتوي الامام بحرمة الولاية من قبل هارون، و حرمة التعاون مع الحكام الظالمين فأوغر ذلك قلب هارون و حقد علي الامام حقدا بعيد الحدود.

و الامام عليه السلام كما يعلم الجميع لا يعرف المصانعة و التسامح مع الحق، و لا



[ صفحه 104]



يداري فيما يعود الاساءة الي مصالح الأمة الاسلامية. فموقفه واضحا صريحا. لا لبس فيه.

يروي انه دخل علي هارون في بعض قصوره الأنيقة الفخمة التي لم ير مثلها في بغداد، فسأله هارون بعد أن أسكرته نشوة الحكم قائلا: ما هذه الدار؟

فأجابه الامام عليه السلام غير مهتم بسلطانه و جبروته:

هذه الدار دار الفاسقين. قال تعالي: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، و ان يروا كل آية لا يؤمنوا بها، و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين) [1] .

لما سمع هارون هذا الكلام الثقيل علي روحه أصابته رعدة عارمة و استولت عليه موجة من الاستياء. فقال للامام:

- دار من هي؟

- هي لشيعتنا فترة، و لغيرهم فتنة.

- ما بال صاحب الدار لا يأخذها؟

- أخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة.

- أين شيعتك؟

- فتلا عليه الامام عليه السلام قوله تعالي: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة) [2] .

فطفح اناء الغضب عند هارون و صاح غاضبا:

- أنحن كفار؟!! فقال الامام: لا، و لكن كما قال تعالي: (ألم تر الي الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار) [3] .



[ صفحه 105]



فغضب هارون و أغلظ في كلامه علي الامام [4] .

هكذا كان موقف الامام عليه السلام مع هارون كموقف أبيه و جده عليهم السلام لا لين فيه و لا هوادة أمام الحق. فالغاصب لمنصب الخلافة هو مختلس للسلطة و الحكم، و يجب أن يحاسب و يطالب بحقوق الأمة الاسلامية و كما قال سيدالشهداء: «ما خرجت أشرا و لا بطرا و انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي».


پاورقي

[1] سورة الأعراف، الآية: 146.

[2] سورة البينة، الآية: 1.

[3] سورة ابراهيم، الآية: 28.

[4] البحار ج 11، ص 279.