بازگشت

وجوب الاستدلال و حدوث الهداية


1 - اذا وقف الانسان علي جملة من الأمور فيها الصحيح و الفاسد، و كان في الصحيح هدايته و في السقيم غوايته فانه يتحتم عليه أن يميز بينهما ليعرف الصحيح منها فيتبعه، و السقيم فيبتعد عنه، و من الطبيعي أن ذلك لا يحصل الا باقامة الدليل و الحجة، و بهذا يستدل علي وجوب النظر و الاستدلال في مثل ذلك.

2 - كما دلت الآية علي الهداية، فمن المعلوم ان كل عارض لابد له من



[ صفحه 108]



موجد كما لابد له من قابل، اما الموجد للهداية فهو الله تعالي و لذلك نسبها اليه بقوله: (أولئك الذين هداهم الله)، و أما القابلون لها كلهم أهل العقول المستقيمة و الي ذلك أشار بقوله سبحانه: (أولئك هم أولوا الألباب).

و من المعلوم ان الانسان يقبل الهداية من جهة عقله لا من جهة جسمه و أعضائه، فلو لم يكن كامل العقل لامتنع عليه حصول المعرفة و الفهم كما هو ظاهر.

قال الامام موسي الكاظم عليه السلام مخاطبا هشام بن الحكم:

يا هشام: ان الله تبارك و تعالي أكمل للناس الحجج بالعقول، و نصر النبيين بالبيان، و دلهم علي ربوبيته بالأدلة فقال سبحانه: (و آلهكم آله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم، ان في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون) [1] .

يتوضح من حديث الامام هذا ان الله أكمل نفوس أنبيائه بالعقول الفاضلة ليكونوا حججا علي عباده، و هداة لهم الي الطريق السليم لينجوا من مهالك الدنيا و مزالقها، ولو لم يمنحهم العقل لما صلحوا لقيادة الأمم و هدايتها، لأن الناقص لا يكون مكملا لغيره، و فاقد الشي ء لا يعطيه.


پاورقي

[1] سورة البقرة، الآيتان: 164 - 163.