بازگشت

خلق السماوات و الأرض


[البقرة الآية 164]

من أعظم آيات الله خلقه للسماوات التي زينها بالكواكب السابحة في الفضاء، و سيرها في مداراتها، متباعدا بعضها عن بعض حسب قواعد الجاذبية، و هي مسخرة في حركاتها و انجذابها، و جذبها بأمر الله تعالي، فبعضها أكبر من الأرض بعدة ملايين، و هي تسير في أفلاكها لا يصطدم بعضها ببعض. آية ظاهرة تنادي بوجود الله جلت قدرته.

جاء في تفسير المنار للشيخ محمد عبده: ج 2 ص 60.

«تتألف هذه الأجرام السماوية من طوائف، لكل طائفة منها نظام كامل محكم، و لا يبطل نظام بعضها نظام الآخر، لأن للمجموع نظاما عاما واحدا يدل علي أنه صادر عن اله واحد لا شريك له في خلقه و تقديره و حكمته و تدبيره، و أقرب تلك الطوائف الينا ما يسمونه النظام الشمسي نسبة الي شمسنا هذه التي تفيض أنوارها علي أرضنا فتكون سببا للحياة النباتية و الحيوانية.

و الكواكب التابعة لهذه الشمس مختلفة في المقادير و الأبعاد.

و قد استقر كل منها في مداره، و حفظت النسبة بينه و بين الآخر بنسبة الهية. و لولا هذا النظام لانفلتت هذه الكواكب السابحة في أفلاكها فصدم بعضها بعضا، و هلكت العوالم بذلك.

فهذا النظام آية علي الرحمة الالهية كما أنه آية علي الوحدانية، يقول العلامة جون وليام كوتس:

«ان ما اكتشفه العلم الحديث من النجوم هو بمقدار من الكثرة بحيث لو كنا نعد النجوم كلها بسرعة 1500 نجما في الدقيقة لاستغرق عدنا 700 سنة، أما نسبة الأرض اليها فهي أقل كثيرا من نقطة علي حرف في مكتبة تضم نصف مليون من



[ صفحه 110]



الكتب من الحجم المتوسط [1] . و تابع قائلا:

«ان هذا العالم الذي نعيش فيه قد بلغ من الاتقان و التعقيد درجة تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة.

انه ملي ء بالروائع و الأمور المعقدة التي تحتاج الي مدبر، و التي لا يمكن نسبتها الي قدر أعمي، و لا شك ان العلوم قد ساعدتنا علي زيادة و فهم و تقدير ظواهر هذا الكون و هي بذلك تزيد من معرفتنا بالله و من ايماننا بوجوده» [2] .

مما لا شك فيه ان كل ذلك لم يكن وليد الصدفة اذ كيف يمكن أن تفسر هذه العمليات المعقدة، و كيف نستطيع أن نفسر هذا الانتظام في ظواهر الكون، و العلاقات السببية، و التكامل و التوافق و التوازن التي تنتظم بسائر الظواهر، و تمتد آثارها من عصر الي عصر؟ و كيف يعمل هذا الكون من دون أن يكون له خالق مدبر، هو الذي خلقه و أبدعه و دبر سائر أموره؟؟.


پاورقي

[1] الله يتجلي في عصر العلم. ص 48.

[2] نفسه ص 48.