بازگشت

بث الدواب في الأرض


و من آياته العظيمة سبحانه و تعالي بث الحيوانات في الأرض المختلفة، في أنواعها و أصنافها و أشكالها و طبايعها المختلفة، و معيشتها المتباينة. و لا يخفي ان الانسان كما عرفوا عنه حيوان ناطق لكنه شرفه الله بالعقل المستنير، و اللسان الناطق الفصيح، فهو خليفة الله في أرضه، و هو النموذج المحتذي لجميع ما في العالمين: عالم الملك، و عالم الملكوت، و بصورة خاصة حسب وعيه و ادراكه و احاطته بما يخزن في ذاكرته من الحقائق و المعلومات الكلية و الجزئية، بل هو أكبر ما في العالم؛ يقول الامام علي بن أبي طالب عليه السلام:



أتحسب أنك جرم صغير

و فيك انطوي العالم الأكبر



و لنتأمل في تكوين الانسان فنري فيه أعظم آيات لله، الأجهزة الدقيقة التي لا تعد و لا تحصي كتكوين العين التي تحتوي علي 130 مليون من مستقبلات الضوء و هي أطراف أعصاب الأبصار، و يقوم بحمايتها الجفن ذو الأهداب الذي يقيها ليلا نهارا، و تعتبر حركته حركة غير ارادية يمنع عنها الأتربة و الذرات، كما يكسر من حدة الشمس. ثم جعل لها سبحانه السائل المحيط بها المعروف بالدموع التي يقول عنها الأطباء: انها من أقوي المطهرات و المعقمات، الي غير ذلك مما هو أبلغ دليل علي وجود الله مبدع الكون. قال تعالي: (لقد خلقنا الانسان في أحسن



[ صفحه 115]



تقويم) [1] و في الانسان حاسة السمع و هي أعجب أجهزة الانسان، تحتوي علي مجموعة أقنية بين لولبية و نصف مسدتيرة، ففي القسم اللولبي وحده أربعة آلاف قوس صغيرة متصلة بعصب السمع في الرأس. فما طول هذه الأقواس؟ و ما حجمها؟ و كيف ركبت؟ انها دقة تحير الألباب، فسبحان الله المبدع المصور!!

و في الانسان حاسة الشم: و هي من أعظم آيات الله فمركز هذه الحاسة منطقة محدودة من الغشاء المخاطي المبطن لتجويف الأنف، تسمي منطقة الشم، و هي خالية من الأهداب و بها عدة خلايا شمية طويلة رقيقة تنقل الأثر الي المخ، و ذلك في جزء من الأنف، و هو المدخل الرئيسي للجهاز التنفسي الذي يتوقف عليه حياة الانسان.

و في جسم الانسان: الجهاز العظمي، و هو يتكون من 206 عظمة مختلفة الأشكال، يتصل بعضها ببعض بالمفاصل التي تحركها العضلات، و هذه العظام يقول عنها العلماء: انها مصنع الحياة في الجسم اذ أنها تكون الكريات الدموية الحمراء و البيضاء.

و من عجيب أمر هذه الكريات أنها في كل دقيقة من حياة الانسان يموت منها ما لا يقل عن 180000000 ماية و ثمانين مليون بسبب دفاعها عن الجسم ضد المكروبات الوافدة.

و بالاضافة الي ما تصنعه العظام من كريات الدم فانها مخزن تحفظ للجسم ما يزيد عن حاجته من الغذاء، سواء كان ذلك في داخل العظام نفسها كالمواد الدهنية و الزلالية، أو علي العظام نفسها كالمواد الجيرية.

أما عن أشكال العظام الملائمة لكل موضع خلقت له فهذا أمر عجيب، فعظام الجمجمة تحمي المخ لأنها أشد صلابة من غيرها...

الي غير ذلك مما في الانسان من الأجهزة الأخري التي يطول الحديث عنها و لها علماؤها المختصون بها:



[ صفحه 116]



كالجهاز العصبي، و الجهاز اللمفاوي، و الجهاز التناسلي، و الجهاز العضلي. و هي تدل بوضوح علي قدرة صانعها و دقة ابداعه. [2] .


پاورقي

[1] سورة التين، الآية: 4.

[2] من المفيد في هذه البحوث مراجعة موسعة في المصادر التالية:

1 - أمالي الامام الصادق عليه السلام 2 - الله يتجلي في عصر العلم.

3 - العلم يدعو للايمان 4 - الله و العلم الحديث.