بازگشت

من وصية له لهشام بن الحكم في وصفه للعقل


ان الله تبارك و تعالي بشر أهل العقل و الفهم في كتابه العزيز فقال سبحانه: (فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب) [1] .

استدل عليه السلام بهذه الآية لترغيب الناس علي اتباع القول الحسن، و هذه الفئة من الناس يبشرهم الله انهم علي هداية منه و هم أصحاب العقول الراجحة،يميزون بنور عقولهم بين الكلام الخبيث فيتجنبونه و الكلام الحسن فيتبعونه.

ثم تابع عليه السلام القول لهشام «يا هشام: قد وعظ أهل العقل و رغبهم في الآخرة فقال عزوجل: (و ما الحياة الدنيا الا لعب و لهو و للدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) [2] .

و هنا أيضا يرغب الله تعالي عباده العقلاء في دار الخلود و النعيم، و يذم دار الدنيا لأنها محصورة علي الأكثر في اللهو و اللعب، فالعقلاء يزهدون فيها، و يجتنبون شرها و حرامها، و يعملون للدار الباقية التي أعدت للمتقين، و العباد الصالحين.



[ صفحه 118]



يا هشام: ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال عزوجل:

(ثم دمرنا الآخرين. و انكم لتمرون عليهم مصبحين. و بالليل أفلا تعقلون) [3] استدل عليه السلام بهذه الآية و ما شابهها علي تدميره تعالي للذين لا يعقلون من الأمم السالفة التي كفرت بالله و قد نزلت في قوم لوط حينما جحدوا الله و كفروا بآياته، فأنزل تعالي بهم عقابه، و جعل موطنهم قبيح المنظر منتنا يمر بها المارون ليلا نهارا ساخرين من أهلها حيث جعلهم عبرة للذين يعقلون، و قد حذرهم من مخالفة المرسلين الصالحين، فان عاقبة المخالفة و العصيان الدمار و الهلاك.

ثم بين ان العقل مع العلم فقال سبحانه:

(و تلك الأمثال نضربها للناس، و ما يعقلها الا العالمون) [4] .

استدل عليه السلام بالآية الكريمة علي ملازمة العقل للعلم فان العقل بجميع مراتبه لا يفترق عن العلم فكلاهما صنوان متلازمان

قال المفسرون عن سبب نزول هذه الآية: ان الكافرين انتقدوا ضرب الأمثال بالحشرات و الهوام كالذباب و البعوض و العنكبوت...

و في نظرهم أن الأمثال يجب ان تضرب بغير ذلك من الأمور الهامة و في نظرنا ان منطقهم هذا هزيل للغاية لأن التشبيه انما يكون بليغا فيما اذا كان مؤثرا في النفس.

ثم ذم الذين لا يعقلون في فصل آخر لان معرفة حقيقة الاشياء لا يميزها الا العالمون الذين حصل لهم العلم و المعرفة (و ما يعقلها الا العالمون).

يا هشام: (و اذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليها آباءنا



[ صفحه 119]



أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون) [5] .

و قال سبحانه: (و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) [6] .

ثم تابع في سرد الآيات الشبيهة بهذه و كلها تذم الذين لا يعقلون [7] استدل الامام عليه السلام بهذه الآيات الكريمة علي ذم من لا يعقل، ففي الآية الأولي من هذه الفصل يقول الطبرسي:

لقد اتبع القوم أسلافهم و مشايخهم في الأمور الدينية من غير بصيرة و لا دليل، و الذي حفزهم الي اتباعهم الجهل و التعصب و الغباوة و هذه الآية حسب رأي المفسرين نزلت في اليهود حينما دعاهم الرسول الأكرم الي الاسلام فرفضوا ذلك، و قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فانهم كانوا خيرا منا [8] . ولو كانت لهم عقول سليمة، و أفكار ناضجة لفقهوا أن التقليد في العقائد لا يقره العقل السليم، لأن العقيدة لا تؤخذ الا من الدليل العلمي الصحيح، و هي أساس ثابت لحياة الانسان و سلوكه. اذ ما من عاقل الا و هو عرضة للخطأ في فكره، و لا ثقة في الدين الا بما أنزل الله، و لا معصوم الا من عصم الله، فكيف يرغب العاقل عما أنزل الله في اتباع الآباء مع دعواه الايمان بالتنزيل؟؟!

و الآية الثانية متممة للآية الأولي:

فانه تعالي لما وصف حالة الكفار في اصرارهم علي التقليد الأعمي عند دعوتهم الي الاسلام، ضرب لهم مثلا للسامعين عن حالهم بأنهم كالأنعام و البهائم التي لا تعي دعاء الداعي لها سوي سماع الصوت منه دون أن تفهم المعني، فكذلك حال هؤلاء لا يتأملون دعوة الحق و لا يعونها، فهم بمنزلة الجاهلين لا يعقلون،



[ صفحه 120]



و هذا أعظم قدح و ذم للذين لا يعقلون. لأن الانسان اذا اتهم بعقله فقد دنياه و آخرته.

و في الآية الثالثة: وصف سبحانه منتهي القسوة و جمود الطبع و خمول الذهن لبعض الكفار فهم يستمعون ما يتلي عليهم من الآيات و الأدلة علي صحة دعوة النبي صلي الله عليه و اله و سلم و لكنهم صم بكم لا يسمعون و لا يفقهون، و بذلك لا جدوي و لا فائدة في دعوتهم الي اعتناق هذا الدين؛ لقد بلغوا الحد الأقصي في أمراضهم العقلية و النفسية، و لا يجدي معهم أي نصح أو ارشاد أو علاج.

و سنكتفي بهذا القدر من الآيات التي استدل بها عليه السلام علي ذم من لا يعقل من الناس. و الآن الي فصل آخر من كلامه، قال عليه السلام: «يا هشام: لقد ذم الله الكثرة فقال: (و ان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون) [9] . و قال سبحانه أيضا:

(و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) [10] .

استدل عليه السلام بهاتين الآيتين علي ذم أكثر الناس لأنهم قد حجبوا عن نفوسهم الحق، و توغلوا في الباطل، و غرقوا في الشهوات، الا من رحمه الله منهم. ففي الآية الأولي:

خاطب تعالي نبيه صلي الله عليه و اله و سلم و أراد به غيره، فانه لو أطاع الجمهور من الناس و سار وفق أهواءهم و ميولهم لأضلوه عن دين الله و صرفوه عن الحق. و في الآية الثانية:

دلت علي أن أكثر الناس يقولون ما لا يعلمون، و انهم لا يؤمنون بالله في قلوبهم، بل انما يجري علي ألسنتهم دون أن ينفذ الي أعماق قلوبهم. [11] .



[ صفحه 121]



ثم مدح القلة فقال:

«يا هشام: قال تعالي: (و قليل من عبادي الشكور) [12] .

و قال: (و من آمن و ما آمن معه الا قليل) [13] .

و قال: (و لكن أكثرهم لا يعلمون) [14] .

و قال: (و لكن الذين كفروا يفترون علي الله الكذب و أكثرهم لا يعقلون) [15] .

استدل عليه السلام من خلال هذه الآيات الكريمة علي مدحه قلة المؤمنين، و ندرة وجودهم، كما صرحت الأحاديث النبوية و الأخبار الواردة عن أهل البيت بذلك، فقد قال الامام الصادق عليه السلام:

«المؤمنة أعز من المؤمن، و المؤمن أعز من الكبريت الأحمر فمن رأي منكم الكبريت الأحمر؟».

و السبب في ندرة هذه الفئة من المؤمنين الصالحين يعود الي أن الايمان الحقيقي بالله يعد من أعظم مراتب الكمال التي يصل اليها الانسان.

لكن الوصول الي هذا الايمان يصطدم بموانع كثيرة دون الوصول اليه مثل: التربية البيتية السيئة حيث يعتاد الفرد علي الغش و الخداع و الكذب منذ الطفولة الأولي.

ان التفاحة الفاسدة تفسد التفاح السليم، و الرفيق المنحط أخلاقيا و سلوكيا يفسد غيره من الرفاق الصالحين، لأن الانزلاق نحو الرذائل أسهل من الصعود نحو



[ صفحه 122]



الفضائل، و المثل العليا و هناك حواجز كثيرة تؤدي الي حجب الانسان عن خالقه، و تماديه في الاثم و الموبقات.

(و قليل من عبادي الشكور) تعني صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه فيما خلق لأجله. و هذه أعظم مرتبة لا تصدر الا ممن عرف الله و اعتقد بأن جميع الخيرات و النعم صادرة منه سبحانه و تعالي. فيعمل بكل طاقته علي تحصيل الخير و ردع نفسه عن الحرام و حينئذ يكون من الشاكرين، و الشكر لله بهذا المعني من المقامات العالية التي لا يتصف بها الا القليل من عباد الله.

و ننتقل الي فصل آخر من كلامه عليه السلام مخاطبا هشام.

«يا هشام: ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر و أفضل الصفات فقال: (يؤتي الحكمة من يشاء و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا و ما يذكر الا أولوا الألباب) [16] .

و قال: (و ما يعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا و ما يذكر الا أولوا الألباب) [17] .

و قال تعالي: (أفمن يعلم انما أنزل اليك من ربك الحق كمن هو أعمي انما يتذكر أولوا الألباب) [18] .

و قال تعالي: (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا و قائما يحذر الآخرة و يرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الألباب) [19] .

- استدل عليه السلام بهذه الآيات الكريمة علي مدح العقلاء المتفوقين علي غيرهم، فقد مدحهم تبارك و تعالي بأحسن الصفات، و أضفي عليهم النعوت السامية. ففي الآية الأولي: منح بعض عباده (الحكمة) و هي من أعظم المواهب،



[ صفحه 123]



و من أجل الصفات، فقد قيل في تعريفها، انها العلم الذي تعظم منفعته و تجل فائدته. ثم وصف تعالي من منح بها بأنه أوتي خيرا كثيرا و لا يعلم معني الحكمة و لا يفهم القرآن الكريم الا أولوا الألباب.

و في الآية الثانية: وصف تعالي عباده الكاملين في عقولهم بثلاثة أوصاف: 1 - الرسوخ في العلم. 2 - الايمان بالله. 3 - العرفان بان الكل من عند الله [20] .

ثم بين سبحانه: ان المتصفين بهذه النعوت العظيمة هم العقلاء الكاملون الذين هم ذووا الألباب.

و في الآية الثالثة دلالة علي التفاوت بين من يسهر ليلة في طاعة الله و بين غيره الذي يقضي أوقاته بالملاهي و الملذات، و هو معرض عن ذكر الله، فيكف يكونان متساويين. هذا غير معقول!

و قال عليه السلام: «يا هشام: ان الله تعالي يقول في كتابه العزيز:

(ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب) [21] يعني العقل.

و قال تعالي: (و لقد آتينا لقمان الحكمة) [22] يعني «الفهم و العقل» وضح عليه السلام ان المراد بالقلب ليس العضو الخاص الموجود عند الانسان و عند الحيوان، بل المراد منه هو العقل الذي يدرك المعاني الكلية و الجزئية ليتوصل الي معرفة حقائق الأشياء و هو بذلك يمثل الكيان المعنوي للانسان.

و في الآية الثانية يشير عليه السلام الي نعمة الله تعالي علي لقمان، فقد من عليه بالحكمة، و هي من أفضل النعم و أجلها. ثم أخذ عليه السلام يتلو علي هشام بعض حكم لقمان و نصائحه لولده فقال:

«يا هشام: ان لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس.

يا بني: ان الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها



[ صفحه 124]



تقوي الله، و حشوها الايمان، و شراعها التوكل، و قيمها العقل، و دليلها العلم، و سكانها الصبر».

لقد ركز لقمان الحكيم في وصيته لولده بالتواضع للحق، فلا يري الانسان لنفسه وجودا الا بالحق و لا قوة له و لا لغيره الا بالله.

و التواضع من أفضل الصفات. و قد ورد عن النبي صلي الله عليه و اله و سلم انه قال: «من تكبر وضعه الله، و من تواضع لله رفعه الله».

و ورد عنه صلي الله عليه و اله و سلم في تعديد أقوام ذمهم: «و رجل ينازع الله رداءه، فان رداءه الكبرياء و ازاره العظمة» [23] .

فالمراد بذلك ان الكبرياء و العظمة من صفات الله جل جلاله، لا يجوز لأحد من عباده أن يتصف بهما.

فالانسان كلما تواضع كلما تجرد عن الأنانية، و محا عن نفسه التكبر، زاده الله شرفا و فضلا.

ثم شبه لقمان الحكيم الدنيا بالبحر و وجه الشبه في ذلك:

تغير الدنيا و تغير أشكالها و صورها في كل لحظة، فالكائنات التي فيها كالأمواج في البحر معرضة للزوال و الفناء.

و يحتمل وجه آخر للشبه أن الدنيا كالبحر الذي يعبر عليه الناس، فالدنيا يعبر عليها الناس الي دار الآخرة و تكون النفوس فيها كالمسافرين، و الأبدان كالسفن و البواخر تنقلهم من دار الدنيا الي دار الخلود. و قد غرق كثير من الناس في هذه الدنيا، و سبب غرقهم يعود لتهالكهم علي الشهوات.

و لما كانت الدنيا بحرا توجب الغرق و الهلاك، فلا نجاة منها الا بسبيل واحد: ألا و هو الصلاح و التقوي؛ و يكون شراعها التوكل علي الله و الاعتماد عليه في جميع الأمور. كما أنه لابد من عقل يكون قيما لتلك السفينة و ربانا لها، و العقل



[ صفحه 125]



نور دليله العلم و المعرفة فان نسبته اليه كنسبة الرؤية من البصر؛ و مع هذه الخصال كلها لابد من الصبر فان ارتقاء الانسان و قربه من ربه لا يحصل الا بمجاهدات قوية للنفس.

و لننتقل الي مشهد آخر من كلامه عليه السلام:

«يا هشام: ما بعث الله أنبياءه و رسله الي عباده الا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة».

ينظر من كلامه عليه السلام التأكيد علي شرف الأنبياء العظيم و فضلهم الكبير بكمال عقولهم. و لا ريب ان وفور العقل من أفضل ما يمنح به الانسان، اذ به يتوصل الي سعادة الدنيا، و الفوز في دار الآخرة.

و العقل حسنة كبري من حسنات الله تبارك و تعالي، و نعمة جلي لا تحصي فضائلها.

قال أميرالمؤمنين في بعض حكمه: «أغني الغني العقل».

ثم تابع عليه السلام قائلا لهشام:

«يا هشام: لو كان في يدك جوزة و قال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة، و قال الناس: انها جوزة ما ضرك و أنت تعلم أنها لؤلؤة».

كل ذلك يعود الي قوة العقل و حسن التمييز، فالعاقل هو الذي يعتمد علي نفسه مادام متأكدا مما هو عليه، و لا يعير بالا للآخرين من الناس الجاهلين الذين يقولون ما يحلو لهم دون روية أو تعقل ما ينفع العقل اذا خدع الانسان نفسه؟!

و قال عليه السلام «يا هشام: ان لله علي الناس حجتين: حجة ظاهرة، و حجة باطنة، فاما الظاهرة فأرسل و الأنبياء و الأئمة عليهم السلام.

و أما الباطنة فالعقول» ثم تابع عليه السلام:

«يا هشام: ان العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره».



[ صفحه 126]



ذكر عليه السلام في الفقرات الأخيرة من كلامه الي بعض أحوال العقلاء من أنهم لا تمنعهم كثرة نعم الله عليهم من شكره تعالي، كما لا تزيل صبرهم النوائب و الكوارث. ثم قال عليه السلام:

«يا هشام من سلط ثلاثا علي ثلاث فكأنما أعلن هواه علي هدم عقله: من أظلم نور فكره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه علي هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه».

ذكر عليه السلام في كلامه هذا أن في الانسان قوتين متباينتين، و هما:

العقل و الهوي، و لكل واحدة منهما صفات ثلاث تضاد الصفات الأخري فصفات العقل: التفكر، و الحكمة، و الاعتبار.

و صفات الهوي: طول الأمل، و فضول الكلام، و الأنغماس في الشهوات. فطول الأمل في الدنيا يمنع من التفكر في أمور الآخرة، و يبدد نور الفكر بالظلمة، و يججبه عن الانطلاق في ميادين الخير.

و فضول الكلام يمحي طرائف الحكمة من النفس.

أما الانغماس في الشهوات فانه يعمي القلب، و يذهب بنور الايمان، و يطفي ء نور الاستبصار و الاعتبار من النفس، فمن سلط هذه الخصال العاطلة علي نفسه، فقد أعان علي هدم عقله، و من هدم عقله فقد أفسد دينه و دنياه.

و قال عليه السلام: «نصب الحق لطاعة الله، و لا نجاة الا بالطاعة، و الطاعة بالعلم، و العلم بالتعلم، و التعلم بالعقل يعتقد [24] ، و لا علم الا من عالم رباني، و معرفة العلم بالعقل».

و هو يعني عليه السلام ان المعارف جميعها لا تحصل الا بالعلم، و العلم لا يحصل الا بالتعلم، و التعلم لا يحصل الا بالعقل. فمن عقل علم، و من علم عاش سعيدا مأنوسا في الدنيا، و غانما كريما في الآخرة.



[ صفحه 127]



و قال عليه السلام: «يا هشام قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، و كثير العمل من أهل الهوي و الجهل مردود».

فهو يعني عليه السلام ان قليل العمل من العالم مقبول و السبب في ذلك يعود: بأن العلم يطهر النفوس، و يصفي القلوب، و يوصل الي معرفة الله عزوجل و فضيلة كل عمل انما هي بقدر تأثيرها في صفاء القلب، و ازالة الحجب عن النفس، و الظلمة عن الروح. و هي تختلف بحسب الأفراد، فرب انسان يكفيه قليل العمل في صفاء نفسه نظرا للطافة طبعه، و رقة حجابه، و رب انسان لا يؤثر العمل الطيب الذي يصدر منه في صفاء ذاته، نظرا لكثافة طبعه، و كثرة الحجب علي نفسه.

و قال عليه السلام: «يا هشام: ان العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة، و الآخرة طالبة و مطلوبة.

فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتي يستوفي منها رزقه، و من طلب الدينا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته».

ذلك ان الأعمار بيد الله سبحانه، و ساعة كل انسان مجهولة، و قد تكون قريبة، فمن لم يحضر نفسه لها فقد يخسر و لا مجال عنده للتعويض. و قال عليه السلام: «يا هشام: ان الله حكي عن قوم صالحين أنهم قالوا: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) [25] «.

لقد قالوا هذا القول حين علموا ان القلوب تزيغ و تعود الي عماها، و انه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، و من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه علي معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك الا من كان قوله لفعله مصدقا، و سره لعلانيته موافقا، لأن الله تبارك اسمه لم يدل علي الباطن الخفي من العقل الا بظاهر منه، و ناطق عليه».

لقد أشار الامام عليه السلام بكلامه هذا الي أن المؤمن اذا لم يكن قلبه مستضيئا بهدي الله، فانه لا يكون آمنا من الزيغ، كما لا يكون آمنا من الارتداد بعد الدخول



[ صفحه 128]



في حظيرة الاسلام، و القرآن الكريم أشار الي هذه الظاهرة. قال تعالي: (... رضوا بان يكونوا مع الخوالف و طبع الله علي قلوبهم فهم لا يعلمون) [26] .

و لذلك يدأب الصالحون بالسؤال من الله في أن لا يزيغ قلوبهم حتي لا يضلوا عن دينه، لأن النفوس البشرية بحسب طبيعتها و نشأتها اذا لم يساعدها التوفيق لا تنجو من وساوس الشيطان و غوايته، و هنا يذكر عليه السلام هشاما بقول لأميرالمؤمنين عليه السلام:

«يا هشام كان أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: ما عبد الله بشي ء أفضل من العقل، و ما تم عقل امري ء حتي يكون فيه خصال شتي:

الكفر و الشر منه مأمونان، و الرشد و الخير منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، و نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذل أحب اليه مع الله من العز مع غيره، و التواضع أحب اليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقل كثير المعروف من نفسه، و يري الناس كلهم خيرا منه، و انه شرهم في نفسه، و هو تمام الأمر».

و هنا نراه يستدل بكلام جده عليه السلام الذي تعرض فيه لصفات العقلاء ثم تابع قائلا عليه السلام:

«يا هشام: من صدق لسانه زكي عمله، و من حسنت نيته زيد في رزقه و من حسن بره باخوانه و أهله مد في عمره».

«يا هشام: لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم».

فما أحرانا نحن اليوم لنأخذ بكل أقواله عليه السلام و بخاصة بهذه الحكمة بالذات حيث نري الحكمة مظلومة و أهلها مظلومين؟!

«يا هشام: «لا دين لمن لا مروءة [27] له، و لا مروءة لمن لا عقل له، و ان أعظم



[ صفحه 129]



الناس قدرا الذين لا يري الدنيا لنفسه خطرا، أما أن أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها».

و المعني: يجب أن تصرف الطاقات البشرية في طاعة الله تعالي ليحصل الانسان علي الثمن و هو الجنة.

و قال عليه السلام: «أما ان أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها» و نقل صاحب الوافي عن استاذه ايضاحا لمقالة الامام ما نصه:

«ان الأبدان في التناقص يوما فيوما و ذلك لتوجه النفس منها الي عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا و انقطاع حياته البدنية الي الله سبحانه و الي نعيم الجنان، لكونه علي منهج الهداية و الاستقامة، فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالي، و لهذا خلقه الله عزوجل.

و ان كانت شقية كانت غاية سعيه و انقطاع أجله و عمره الي مقارنة الشيطان و عذاب النيران، لكونه علي طريق الضلالة، فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية، و اللذات الحيوانية التي ستصير نيرانا محرقة، و هي اليوم كامنة مستورة عن حواس أهل الدنيا، و ستبرز يوم القيامة (و برزت الجحيم لمن يري) معاملة مع الشيطان (و خسر هنالك المبطلون).

و ننتقل الآن الي فصل آخر يتحدث فيه عن حزم العاقل و احتياطه في أقواله. قال عليه السلام: «يا هشام ان أميرالمؤمنين عليه السلام كان يقول: ان من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاثة خصال: يجيب اذا سئل، و ينطق اذا عجز القوم عن الكلام، و يشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شي ء فهو أحمق».

و قال الحسن بن علي عليه السلام: «اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، فقيل له: يابن رسول الله و من أهلها؟

- الذين خصهم الله في كتابه و ذكرهم، فقال: (أفمن يعلم أنما أنزل اليك من



[ صفحه 130]



ربك الحق كمن هو أعمي انما يتذكر أولوا الألباب) [28] قال: أولوا العقول.

و قال علي زين العابدين عليه السلام: مجالسة الصالحين داعية الي الصلاح، و آداب العلماء زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العز، و استثمار المال تمام المروءة، و ارشاد المستشير قضاء النعمة، و كف الأذي من كمال العقل، و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا. ثم زاد عليه السلام: «يا هشام: ان العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنف برجائه، و لا يقدم علي ما يخاف فوته بالعجز عنه».

أراد بهذه الفقرات الي حزم العاقل في تحفظه علي أقواله و شرفه و منزلته و توقفه من الاقدام علي ما لا يثق بحصوله.

و قال عليه السلام: «يا هشام الحياء من الايمان، و الايمان في الجنة، و البذاء من الجفاء، و الجفاء في النار».

ثم أنتقل عليه السلام الي فصل آخر يزكر فيه علي اقتران القول بالعمل.

قال عليه السلام: «طوبي للعلماء بالفعل، و ويل للعلماء بالقول. يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم و جباهكم. و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوي. و لا تجعلوا قلوبكم مأوي للشهوات، و ان أجزعكم عند البلاء لأشدكم حبا للدنيا، و ان أصبركم علي البلاد لأزهدكم في الدنيا.

يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة، و لا بالثعالب الخادعة و لا الذئاب الغادرة و لا بالأسد العاتية كما تفعل بالفراس. كذلك تفعلون بالناس، فريقا تخطفون، و فريقا تغدرون بهم.

و بحق أقوال لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا و باطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم و قد فسدت قلوبكم و ما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم و قلوبكم دنسة.

لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب و يمسك النخالة. كذلك أنتم



[ صفحه 131]



تخرجون الحكمة من أفواهكم و يبقي الغل في صدوركم.

يا عبيد الدنيا انما مثلكم مثل السراج يضي ء للناس و يحرق نفسه.

يا بني اسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا علي الركب، فان الله يحي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل المطر» [29] .

و هذه بعض الوصايا التي زادها الحسن بن علي الحراني فقال:

«يا هشام أصلح يومك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو، و أعد له الجواب، فانك موقوف و مسؤول. و خذ موعظتك من الدهر و أهله، و انظر في تصرف الدهر و أحواله، فان ما هو آت من الدنيا كما ولي منها، فاعتبر بها، و قال علي بن الحسين عليه السلام:

«ان جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض و مغاربها بحرها و برها، و سهلها و جبلها عند ولي من أولياء الله و أهل المعرفة بحق الله كفي ء الظلال، ثم قال عليه السلام:

«حر يدع هذه اللماظة (الدنيا) لأهلها فليس لأنفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها، فانه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس».

«يا هشام: ان كل الناس يبصرون النجوم و لكن لا يهتدي بها الا من يعرف مجاريها و منازلها، و كذلك «انتم تدرسون» الحكمة، لا يهتدي بها منكم الا من عمل بها».

و هنا كأنه عليه السلام يذكر أهل العقول النيرة ان يقولوا و يدرسوا و يفهموا ثم عليهم أن يقرنوا العلم بالعمل.

أما الذين يرون ببصرهم و يقفلون بصيرتهم فهم ضالون في حياتهم و ضالون في آخرتهم، يخرصون و لا يعرفون، و يغدرون و لا يعرفون...

قال أحد الحكماء مركزا علي المعرفة المقرونة بالعمل:



[ صفحه 132]



عندما تقترن المعرفة بالعمل يرزقان صبيا يسميانه الصدق.

و عندما تقترن المعرفة بالعمل ينجبان بنتا يسميانها الوفاء.

و يلعب الجميع لعبة أظنها الحرية.

و قال عليه السلام: «يا هشام: مكتوب في الانجيل: «طوبي للمتراحمين، أولئك هم المرحومون يوم القيامة. طوبي للمطهرة قلوبهم، أولئك هم المتقون يوم القيامة. طوبي للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة».

السلام عليك يا سيدي عيسي، السلام عليك يا رسول الله لو جئت في هذه الأيام لرأيت العجب العجابا!! فالكثير الكثير من أمتك قد نسوا أو تناسوا هذه التعاليم العظيمة التي تبني عليها المجتمعات العظيمة، و القليل القليل من أمتك من تمسكوا برسالتك و اهتدوا بهديك و ساهموا في بناء مجتمع سليم، لكنهم كمن ينفخ في رماد!!.

ثم قال عليه السلام منوها بقيمة الكلام و أنواع المتكلمين.

«يا هشام: المتكلمون ثلاثة: فرابح، و سالم، و شاجب [30] .

فاما الرابح فالذاكر لله، و أما السالم فالساكت، و أما الشاجب فالذي يخوض في الباطل، ان الله حرم الجنة علي كل فاحش بذي ء الكلام قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه، و كان أبوذر رضوان الله عليه يقول: «يا مبتغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شر، فاختم علي فيك كما تختم علي ذهبك و ورقك».

و كما حرمت الجنة علي الشاجب و فتحت أبوابها للرابح الكثير الحياء لذلك قال عليه السلام: «الحياء من الايمان، و الايمان في الجنة، و البذاء من الجفاء، و الجفاء في النار».

ثم قال عليه السلام واصفا الدنيا علي لسان السيد المسيح:

«يا هشام: تمثلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيرا، قال: فكلا طلقك؟ فقالت: بل كلا قتلت.



[ صفحه 133]



قال المسيح فويح لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين!!

لا ريب ان أصحاب البصائر و العقول النيرة يدرسون الماضي و يتأملون في مجري أحداثه، و يقدرون نتائجه فيقيسون الحاضر علي ضوء الماضي فيتعظون و يعتبرون.

ثم أردف في نصائحه لهشام في أنواع البشر، و أيهم أنفع و أصلح.

قال عليه السلام: «يا هشام: لا خير في العيش الا لرجلين: لمستمع واع، و عالم ناطق».

العالم عليه أن يبوح بما يختزن في صدره من علوم و معارف ليفيد به سائر الناس، فيكون بذلك كالنهر المتدفق يسقي عن جانبيه الحقولا.

و المستمع عليه أن يعقل ما يلقي اليه، فيخزن في ذاكرته كل ما سمعه من العالم، ليكون له زاد خير يفيده عند الحاجة، لأن غذاء العقل أهم بكثير من غذاء الجسد. و فن الاستماع لا يقل أهمية عن فن القول.

ثم وصف عليه السلام نوع العلماء الذين يؤخذ منهم و يستمع اليهم.

فقال عليه السلام: «يا هشام: أوحي الله تعالي الي داود عليه السلام قل لعبادي: لا يجعلوا بيني و بينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري، و عن طريق محبتي و مناجاتي. أولئك قطاع الطريق من عبادي، ان أدني ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي و مناجاتي من قلوبهم».

ثم حذر عليه السلام من التكبر فقال:

«يا هشام: اياك و الكبر علي أوليائي، و الاستطالة بعلمك فيمقتك الله فلا تنفعك بعد مقته دنياك و لا آخرتك، و كن في الدنيا كساكن دار ليست له انما ينتظر الرحيل».

ثم مدح عليه السلام المتواضع و ذم المتكبر فقال:

«يا هشام: ان الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا [31] فكذلك الحكمة



[ صفحه 134]



تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لأن الله تعالي جعل التواضع آلة العقل، و جعل التكبر آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ الي السقف برأسه شجبه، و من خفض رأسه استظل تحته و أكنه، و كذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، و من تواضع لله رفعه».

ثم استرسل عليه السلام في حديثه فقال: «و احذر رد المتكبرين، فان العلم يذل علي أن يملي علي من لا يفيق»، فقال هشام:

فان لم أجد من يعقل السؤال عنها؟ فقال عليه السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتي تسلم من فتنة القول و عظيم فتنة الرد، و اعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم و لكن رفعهم بقدر عظمته و مجده. و لم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم و لكن آمنهم بقدر كرمه و جوده؛ و لم يفرح المحزونين بقدر حزنهم و لكن بقدر رأفته و رحمته، فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد الي من يؤذيه بأوليائه، فكيف بمن يؤذي فيه؟ و ما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب علي من يعاديه، فكيف بمن يترضاه، و يختار عداوة الخلق فيه.

«يا هشام: من أكرمه الله بثلاث فقد لطف له؛ عقل يكفيه مؤونة هواه، و علم يكفيه مؤونة جهله، و غني يكفيه مخافة الفقر.

ثم زاد تحذيرا جديدا عاما للدنيا و أهلها.

فقال عليه السلام: «يا هشام احذر هذه الدنيا و احذر أهلها، فان الناس فيها علي أربعة أصناف:

- رجل متردي معانق هواه، و متعلم مقري كلما ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي بقراءته و علمه علي من هو دونه.

- و عابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم و يوقر.

- و ذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق، يحب القيام به و لكنه عاجز أو مغلوب فلا يقدر علي القيام بما يعرفه، فهو محزون مغموم بذلك و و هو أمثل أهل زمانه و أوجههم عقلا» [32] .



[ صفحه 135]



الحقيقة اننا استرسلنا في هذه الوصية القيمة و الخالدة لأنها بحر زاخر، كلما غصنا فيه كلما ازددنا متعة و فائدة. فهي من امام معصوم ورث علم الأوصياء عن الأنبياء، علما شاملا كاملا للدين و الدنيا و للناس كافة. لقد حوت هذه الوصية الذهبية جميع أصول الفضائل: في الآداب و الأخلاق و قواعد السلوك و المناهج العامة لما يصلح للحياة الفردية و الاجتماعية السليمة من كل غرض أو هوي، ذلك أن الشريعة الاسلامية هي أحكام الهية و ما علي الحاكم الا تطبيق هذه الأحكام معتمدا علي عقله المستنير و ضميره الحي المستقيم.


پاورقي

[1] سورة الزمر، الآية: 18.

[2] سورة الأنعام، الآية: 32.

[3] سورة الصافات، الآية: 138 - 137 - 136.

[4] سورة العنكبوت، الآية: 43.

[5] سورة البقرة، الآية: 170.

[6] سورة البقرة، الآية: 171.

[7] راجع يونس الآية 42 و الفرقان الآية 44 و الحشر الآية 13 و البقرة الآية 44.

[8] التبيان في تفسير القرآن ج 1، ص 188.

[9] سورة الأنعام، الآية: 116.

[10] سورة لقمان، الآية: 25.

[11] راجع روح المعاني ج 6 ص 423.

[12] سورة سبأ، الآية: 13.

[13] سورة هود، الآية: 40.

[14] سورة الأنعام، الآية: 37.

[15] سورة المائدة، الآية: 103.

[16] سورة البقرة، الآية: 269.

[17] سورة آل عمران، الآية 7.

[18] سورة الرعد، الآية: 19.

[19] سورة الزمر، الآية: 9.

[20] يعني المحكم و المتشابه من الآيات.

[21] سورة ق، الآية: 37.

[22] سورة لقمان، الآية: 11.

[23] المجازات النبوية للشريف الرضي ص 440، و بذلك تكون العظمة و الكبرياء هما الكرامة التي يلقيها الله سبحانه علي رسله القائمين بالقسط فيعظمون بها في العيون و يجلون في القلوب.

[24] يعتقد أي يشتد و يستحكم.

[25] سورة آل عمران، الآية: 8.

[26] سورة التوبة، الآية: 93.

[27] كلمة مروءة غير موجودة الا في اللغة العربية و تعني: آداب نفسانية تحمل مراعاتها الانسان علي الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات أو هي: كمال الرجولية. المعجم الوسيط ج 2.

[28] سورة الرعد، الآية: 19.

[29] راجع أصول الكافي ج 1، ص 20 - 13 انتهت هذه الرسالة علي رواية الشيخ الكليني و قد ذكر زيادة عليها الحسن بن علي الحراني في كتابه تحف العقول و سوف نقتطف منها بعض دررها التي أهملها الكليني.

[30] الشاجب: كثير الكلام و الهذيان.

[31] الصفا: الحجر الصلد.

[32] تحف العقول ص 400 - 390.