العلم عند أهل البيت
العلم بمعناه الشامل هو ان نعرف الشي ء كما هو في حقيقته و واقعه و لا وزن لأي علم عند أهل البيت عليهم السلام الا أن يجلب نفعا، أو يدفع شرا تماما كما قالوا عن العقل. لأن العلم عقل، و العالم هو العاقل. قال العالم و الفيلسوف جابر بن حيان تلميذ الامام الصدق عليه السلام: العقل و العلم و النور كلمات مترادفة.
[ صفحه 138]
فالعالم يعقل الأمور و يميز بين صحيحها و سقيمها و لا يستطيع أن يكسب علوما بدون العقل، و بالعقل يتمكن العالم من كشف الأمور الغامضة و اخراجها من الظلام فيوضحها بنور عقله.
أما الجهل بالشي ء مع العلم به هو أننا لا نتصوره اطلاقا.
و الجهل بالعلم هو تصور الشي ء علي غير ما هو عليه من حيث لا نحس و نشعر بالخطأ فنكون عندها بعيدين عن الواقع.
جاء في نهج البلاغة: «لا خير في علم لا ينفع» و جاء في سفينة البحار: عن الامام الكاظم عليه السلام: «أولي العلم بك ما لا يصلح لك العمل الا به» و الغاية من هذا ان الهدف من العلم اتقان العمل النافع.
قال الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله و سلم: «من أراد العمل منكم فليعلمه و ليتقنه».
العلم أولا و الاتقان ثانيا؛ و هنا يمكن سر الفنون و الفوارق بين المتعلمين. و اننا نجد الكثير من الناس من حصلوا العلم و نالوا شهادات، لكم لم ينجحوا في حياتهم العملية. و هذا يعود الي عدم اتقانهم العلوم التي حصلوها. مثل الأطباء و المحامين و القضاة و الاساتذة و المعلمين في المدارس و الجامعات. فتحصل العلم شي ء و الفن في التعليم هو شي ء آخر، المهم طريقة العطاء و الاسلوب و العمل بلا علم ضرره أكثر من نفعه. قال بعض الحكماء: العمل بلا علم كشجرة بلا ثمر. و قال الامام الصادق عليه السلام:
«العامل علي غير بصيرة كالسائر علي غير الطريق، لا تزيده سرعة السير الا بعدا» فاذا كان العلم مرادفا للنور فكيف لهذا الجاهل أن يستدل علي طريقه و هو فاقد النور؟
و هنا نتذكر وصية الامام الكاظم عليه السلام لهشام عندما قال له:
يا هشام: «ان ضوء الجسد في عينه، فان كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله، و ان ضوء الروح العقل، فان كان العبد عاقلا كان عالما بربه، و ان كان عالما بربه أبصر دينه، و ان كان جاهلا بربه لم يقم له دين، و كما لا يقوم الجسد الا
[ صفحه 139]
بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين الا بالنية الصادقة، و لا تثبت النية الصادقة الا بالعقل.