واجبات المسلم المتعلم
1 - العمل: أعلن الاسلام دعوته الصريحة علي العمل الحر و الكسب الشريف. قال تعالي: (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، و ابتغوا من فضل الله، و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) [1] و هذا هو التوازن الذي يتسم به المنهج الاسلامي، التوازن السليم بين مقتضيات الحياة في الأرض، من عمل وكد و كسب و نشاط. و بين عزلة الروح فترة عن هذا الجو و انقطاع القلب و تجرده للذكر.
و هي ضرورة لحياة القلب الذي لا يصلح بدونها للاتصال و التلقي و النهوض. بتكاليف الأمانة الكبري. و ذكر الله سبحانه و تعالي لابد منه أثناء ابتغاء المعاش، و الشعور بالله فيه هو الذي يحول نشاط المعاش الي عبادة. و لكنه - مع هذا - لابد من فترة للذكر الخالص، و الانقطاع الكامل، و التجرد المحض كما توحي الآيتان المباركتان.
ان الاسلام دعا الناس كافة الي العمل، و حثهم عليه ليكونوا ايجابيين في
[ صفحه 146]
حياتهم يتمتعون بالجد و النشاط ليفيدوا و يستفيدوا، و كره لهم الحياة السلبية و الوقوف عند عمل لا يؤدي الا الي عرقلة الاقتصاد و شيوع الفقر و الحاجة في البلاد.
و كتب الحديث استفاضت بما أثر عن النبي صلي الله عليه و اله و سلم الأكرم و عن أوصيائه المعصومين، الحث علي العمل و اضفاء الصفات الكريمة عليه فقالوا: العمل شرف، و العمل جهاد و العمل تضحية و العمل عبادة.
و أهل البيت عليهم السلام كانوا يزاولون العمل بأنفسهم ليقتدي بهم سائر المسلمين. فالامام جعفر الصادق عليه السلام كان يعمل في بعض بساتينه حدث أبوعمر الشيباني قال: رأيت أباعبدالله عليه السلام و بيده مسحاة و عليه ازار غليظ و العرق يتصبب منه، فقلت له:
«جعلت فداك اعطني أكفك» فقال عليه السلام: «اني أحب أن يتأذي الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة» [2] .
و قد سار الامام الكاظم مسيرة أبيه عليه السلام فكان يعمل بنفسه لا عاشة عائلته، روي الحسن بن علي بن أبي حمزة قال: رأيت أباالحسن موسي بن جعفر يعمل في أرض له، و قد استنقعت قدماه في العرق فقلت له: «جعلت فداك، أين الرجال؟ فقال عليه السلام:
«عمل باليد من هو خير مني و من أبي في أرضه، فبهر الحسن و انطلق يقول: من هو؟ فقال عليه السلام:
رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم و أميرالمؤمنين و آبائي كلهم قد عملوا بأيديهم و هو من عمل النبيين والمرسلين و الصالحين» [3] .
و بذلك أعطي الامام عليه السلام درسا مفيدا عن الاسلام فهو دين العمل و الجد و لا علاقة بين العمل و المنزلة الاجتماعية للفرد مهما علت منزلته فهو مأمور بالعمل
[ صفحه 147]
من أجل نفسه و من أجل عائلته. و تقديرا لحقوق العامل قال أميرالمؤمنين: «ادفعوا أجر العامل قبل أن يجف عرقه».
نعود الي ما كنا بصدده (الفقه الديني) هذه قبسات و ضاءة من احاديث الامام عليه السلام من العقيدة.
پاورقي
[1] سورة الجمعة، الآية: 10.
[2] العمل و حقوق العامل في الاسلام ص 135.
[3] من لا يحضره الفقيه ج 3، ص 53.