بازگشت

فيما يتعلق بأحوال اخوانه و أخواته


كان له عليه السلام ستة إخوة و ثلاثة أخوات و هم: إسماعيل، و عبد الله الافطح، وام فروة: اسمها عالية أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين عليه السلام و نقل عن ابن إدريس رحمه الله أنه قال ام إسماعيل فاطمة بنت الحسين الاثرم ابن الحسين بن أبي طالب عليه السلام.

و إسحاق لام ولد و العباس و علي و محمد و أسماء و فاطمة لامهات أولاد شتي.

و كان إسماعيل أكبر أولاد الصادق عليه السلام و هو جد الخلفاء الفاطميين في المغرب و مصر، و مصر الجديد من بنائهم.

و في بغداد قبران مذمومان أحدهما علي بن إسماعيل بن الصادق عليه السلام و يعرف عند البغداديين بالسيد سلطان علي، و الآخر أخوه محمد بن إسماعيل جد الفاطميين و يعرف عندهم بالفضل، و المحلة التي فيها محلة الفضل.

و كان الامام الصادق عليه السلام شديد المحبة لاسماعيل و البر به و الاشفاق عليه و كان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه، و الخليفة له، لما ذكرنا من كبر سنه، و ميل أبيه إليه و إكرامه له، و لما كان عليه من الجمال و الكمال الصوري و المعنوي توفي في حياة أبيه، و حين ما حمل إلي البقيع للدفن كان أبوه الصادق عليه السلام يضع جنازته علي الارض، و يرفع عن وجهه الكفن بحيث يراه الناس، فعل ذلك في أثناء الطريق ثلاث مرات ليري الناس موته، و أنه لم يغب كما كان يظن به ذلك، و لما تحقق موته رجع الاكثرون عن القول بإمامته، و فرض طاعته.



[ صفحه 296]



و قال قوم: إنه لم يمت، و إنما لبس علي الناس في أمره، و قالت فرقة: إنه مات، و لكن نص علي ابنه محمد، و هو الامام بعد جعفر، و هم المسمون بالقرامطة و المباركة، و ذهب جماعة إلي أنه نص علي محمد جده الصادق دون إسماعيل، ثم يسحبون الامامة في ولده إلي آخر الزمان.

قال جدي الامجد السيد محمد جد جدنا بحر العلوم: و سخافة مذهبهم، و بطلانه أظهر من أن يبين، مع أنه مبين بما لا مزيد عليه في محله.

و قبر إسماعيل ليس في البقيع نفسه، بل هو في الطرف الغربي من قبة العباس في خارج البقيع، و تلك البقعة ركن سور المدينة من جهة القبلة و المشرق و بابه من داخل المدينة، و بناء تلك البقعة قبل بناء السؤر، فاتصل السؤر به، و هو من بناء بعض الفاطميين من ملوك مصر.

و قبر المقداد بن أسود الكندي في البقيع أيضا فانه مات بالجرف يبعد عن المدينة بفرسخ و حمل إلي المدينة، فما عليه سواد أهل شهر و ان من أن فيه قبر مقداد بن أسود هذا اشتباه، و من المحتمل قويا كما في الروضات أن المشهد الذي في شهر و ان هو للشيخ الجليل الفاضل المقداد [1] صاحب المصنفات من أجل علماء الشيعة.



[ صفحه 297]



و ذكر علماء السير و التواريخ فيما يتعلق بتاريخ المدينة المنورة أن أكثر أصحاب النبي دفنوا في البقيع و ذكر القاضي عياض في المدارك أن المدفونين من أصحاب النبي هناك عشرة آلاف و لكن الغالب منهم مخفي الآثار عينا وجهة، و سبب ذلك أن السابقين لم يعلموا القبور بالكتابة و البناء مضافا إلي أن تمادي الايام يوجب زوال الآثار.

نعم إن من يعرف مرقده من بني هاشم عينا وجهة قبر إبراهيم ابن النبي صلي الله عليه و آله في بقعة قريبة من البقيع و فيها قبر عثمان بن مظعون من أكابر الصحابة، و هو أول من دفن في البقيع.

و فيه أيضا قبر أسعد بن زرارة و ابن مسعود و رقية وام كلثوم بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و في الروايات من العامة و الخاصة أنه لما توفت رقية و دفنها صلي الله عليه و آله قال: الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون.

قال السمهودي: إن الظاهر أن بنات النبي صلي الله عليه و آله كلهن مدفونات عند عثمان بن مظعون لانه صلي الله عليه و آله لما وضع حجرا علي قبر عثمان قال: بهذا اميز قبر أخي و أدفن معه كل من مات من ولدي.

و روي الدولابي المتوفي سنة 310 في كتاب الكني أنه لما مات عثمان بن مظعون قالت إمرأته: هنيئا لك يا أبا السائب الجنة، و إنه أول من تبعه إبراهيم



[ صفحه 298]



ولد رسول الله صلي الله عليه و آله.

و بالجملة فما يقال من أن قبر عثمان بن عفان هناك غلط، فان قبره خارج البقيع قال ابن الاثير في النهاية في " حشش ": و منه حديث عثمان أنه دفن في حش كوكب، و هو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع انتهي.

و قبر عقيل بن أبي طالب، و معه في القبر ابن أخيه عبد الله الجواد ابن جعفر الطيار و قريب من قبة عقيل بقعة فيها زوجات النبي و قبر صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلي الله عليه و آله علي يسار الخارج من البقيع، و في طرف القبلة من البقعة قبر متصل بجداد البقعة، عليه ضريح، و العامة يعتقدون أنه قبر الزهراء عليها السلام و أن قبر فاطمة بنت أسد هو الواقع في زاوية المقبرة العمومية للبقيع في الطرف الشمالي من قبة عثمان، و هو اشتباه: فان من المحقق أن قبر فاطمة الزهراء عليها السلام إما في بيتها، أو في الروضة النبوية علي مشرفها آلاف الثناء و التحية، و أن القبر الواقع في الطرف القبلي من البقعة هو قبر فاطمة بنت أسد ام أمير المؤمنين عليه السلام كما في بعض الاخبار أن الائمة عليهم السلام الاربعة نزلوا إلي جوار جدتهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، و أن القبر الواقع في المقبرة العمومية هو مشهد سعد بن معاذ الاشهلي أحد أصحاب النبي صلي الله عليه و آله كما ذكره في تلخيص معالم الهجرة.

و ممن عين قبر فاطمة بنت أسد حيث ما ذكرنا السيد علي السمهودي [2] في وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفي.

و لنختم الكلام في أمر البقيع بما روي عن سلمان الفارسي أنه رجفت قبور البقيع في عهد عمر بن الخطاب فضج أهل المدينة في ذلك فخرج عمر و أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله يدعون بسكون الرجفة، فما زالت تزيد إلي أن تعدي ذلك إلي حيطان المدينة، و عزم أهلها إلي الخروج عنها، فعند ذلك قال عمر:



[ صفحه 299]



علي بأبي الحسن علي بن أبي طالب، فحضر، فقال: يا أبا الحسن ألا تري إلي قبور البقيع و رجيفها حتي تعدي ذلك إلي حيطان المدينة و قد هم أهلها بالرحلة منها؟.

فقال علي عليه السلام: علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله من البدريين، فاختار من المائة عشرة، فجعلهم خلفه، و جعل التسعين من ورائهم و لم يبق بالمدينة ثيب و لا عاتق إلا خرجت، ثم دعا بأبي ذر و سلمان و المقداد و عمار فقال لهم: كونوا بين يدي حتي توسط البقيع، و الناس محدقون به، فضرب الارض برجله ثم قال: مالك ثلاثا فسكنت، فقال: صدق الله و صدق رسوله صلي الله عليه و آله فقد أنبأني بهذا الخبر، و هذا اليوم، و هذه الساعة، و باجتماع الناس له، إن الله تعالي يقول في كتابه: " إذا زلزلت الارض زلزالها و أخرجت الارض أثقالها و قال الانسان مالها " و أخرجت لي أثقالها ثم انصرف الناس معه، و قد سكنت الرجفة هذا.

و كان عبد الله أكبر إخوته بعد أخيه إسماعيل، و لم تكن منزلته عند أبيه عليه السلام منزلة غيره من إخوته في الاكرام، و كان متهما في الخلاف علي أبيه في الاعتقاد و يقال إنه كان يخالط الحشوية، و يميل إلي مذهب المرجئة، و ادعي بعد أبيه الامامة محتجا بأنه أكبر أولاده الباقين بعده، فاتبعه جماعة من أصحاب الصادق ثم رجع أكثرهم عن هذا القول، و لم يبق عليه إلا نفر يسير منهم، و هم الطائفة الملقبة بالفطحية لان عبد الله كان أفطح الرجلين، و يقال إنهم لقبوا بذلك لان رئيسهم و داعيهم إلي هذا المذاهب يقال له عبد الله بن أفطح.

و أما إسحاق فقد قال في الارشاد: و كان إسحاق بن جعفر عليه السلام من أهل الفضل، و الصلاح، و الورع، و الاجتهاد، و روي عنه الناس الحديث و الآثار.



[ صفحه 300]



و كان ابن كاسب إذا حدث عنه يقول: حدثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر عليه السلام و كان يقول بامامة أخيه موسي بن جعفر، و روي عن أبيه النص علي إمامته.

و قال في العمدة: و يكني أبا محمد، و يلقب المؤتمن، و ولد بالعريض، و كان من أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله و امه ام أخيه موسي الكاظم عليه السلام و كان محدثا جليلا، و ادعت طائفة من الشيعة فيه الامامة، و كان سفيان بن عيينة إذا روي عنه يقول: حدثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين عليهم السلام.

و كان محمد بن جعفر عليه السلام سخيا شجاعا و كان يصوم يوما، و يفطر يوما و كان يصرف في مطبخه كل يوم شاتا، و كان يري رأي الزيدية في الخروج بالسيف، و خرج علي المأمون في سنة 199 بمكة، و تبعه الجارودية فوجه عليه المأمون جندا بقيادة عيسي الجلودي فكسره و قبض عليه، و أتي به إلي المأمون فأكرمه المأمون و لم يقتله، و أصحبه معه إلي خراسان و قبره في بسطام، و هو الذي ذكرنا سابقا أن قبره في جرجان فان جرجان اسم لمجموع الناحية المعينة المشتملة علي المدينة المدعوة بالاستراباد و غيرها مثل مصر و القاهرة و العراق و الكوفة.

قال في مجلس المؤمنين في ضمن أحوال يا يزيد البسطامي: إن السلطان او لجا يتوخان أمر ببناء قبة علي تربته و قد ذهب إلي إمامته بعد أبيه قوم من الشيعة يقال لهم السمطية: لنسبتهم إلي رئيس لهم يقال له يحيي بن أبي السمط.

و كان علي بن جعفر كثير الفضل، شديد الورع، سديد الطريق، راوية للحديث من أخيه موسي عليه السلام و هو المعروف بعلي بن جعفر العريضي نشأ في تربية أخيه موسي بن جعفر عليه السلام و من أهل التضييف بأيدي الشيعة إلي هذا



[ صفحه 301]



اليوم، و أدرك من الائمة أربعة أو خمسة، و قال السيد في الانوار: كان من الورع بمكان لا يداني فيه، و كذلك من الفضل، و لزم أخاه موسي بن جعفر عليه السلام و قال بإمامته و إمامة الرضا و الجواد عليهم السلام.

و كان إذا رأي الجواد عليه السلام مع الصبيان يقوم إليه من المسجد من بين جماعة الشيعة، و ينكب علي أقدامه و يمسح شيبته علي تراب رجليه و يقول: قد رأي الله هذا الصبي أهلا للامامة فجعله إماما و لم ير شيبتي هذه أهلا للامامة لان جماعة من الشيعة كانوا يقولون له: أنت إمام فادع الامامة و كان رضوان الله عليه لا يقبل منهم قولا.

و روي أن الجواد عليه السلام إذا أراد أن يفصد أخذ الدم يقول علي بن جعفر للفصاد افصدني حتي أذق حرارة الحديد قبل الجواد انتهي.

و له مشاهد ثلاثة، الاول في قم، و هو المعروف، و هو في خارج الدم، و له صحن وسيع، و قبة عالية، و أثار قديمة، منها اللوح الموضوع علي المرقد المكتوب فيه اسمه و اسم والده، و تاريخ الكتابة سنة 74.

قال المجلسي رحمه الله في البحار: من جملة من هو معروف بالجلالة و النبالة علي بن جعفر عليه السلام مدفون في قم و جلالته أشهر من أن يذكر.

و أما كون مدفنه في قم فلم يذكر في الكتب المعتبرة، لكن أثر القبر الشريف الموجود قديم، و عليه مكتوب اسمه انتهي.

و في تحفة الزائر: يوجد مزار في قم، و فيه قبر كبير، و علي القبر مكتوب قبر علي بن جعفر الصادق عليه السلام و محمد بن موسي، و من تأريخ بناء ذلك القبر إلي هذا الزمان قريب من أربعمائة سنة انتهي.

و قال الفقية المجلسي الاول في شرح الفقية في ترجمة علي بن جعفر عليه السلام بعد ذكر نبذة من فضائله: و قبره في قم مشهور، قال: سمعت أن أهل الكوفة استدعوا منه أن يأتيهم من المدينة، و يقيم عندهم، فأجابهم إلي ذلك و مكث في الكوفة مدة و حفظ أهل الكوفة منه أحاديث، ثم استدعي منه أهل



[ صفحه 302]



قم النزول إليهم فأجابهم إلي ذلك و بقي هناك إلي أن توفي و له ذرية منتشرة في العالم و في إصفهان قبر بعضهم منهم قبر السيد كمال الدين في قرية سين برخوار و هو مزار معروف انتهي.

و ظني القوي أن محمد بن موسي المدفون معه، هو من ذرية الامام موسي ابن جعفر عليه السلام و هو محمد بن موسي بن إسحاق بن إبراهيم العسكري بن موسي بن إبراهيم بن موسي بن جعفر عليه السلام قال صاحب تأريخ قم: ولد من أبي محمد موسي بن إسحاق ولد و بنت، و لكن لم يذكر اسم الولد، و ذكر صاحب العمدة أنه أعقب موسي بن إسحاق بن إبراهيم العسكري أبا جعفر محمد الفقية بقم و أبا عبد الله إسحاق الخ.

الثاني في خارج قلعة سمنان في وسط بستان نضرة مع قبة و بقعة و عمارة نزهة، و لكن المنقول عن المجلسي أنه قال: لم يعلم أن ذلك قبره، بل المظنون خلافه.

الثالث في العريض بالتصغير علي بعد فرسخ من المدينة، اسم قرية كانت ملكه و محل سكناه و سكني ذريته و لهذا كان يعرف بالعريضي و له فيها قبر و قبة و هو الذي اختاره المحدث النوري في خاتمة المستدركات، مع بسط تام و هو الظاهر و لعل الموجود في قم هو لاحد أحفاده.

و أما العباس بن جعفر فقد قال في الارشاد: كان فاضلا نبيلا.

تتميم: لا يخفي أنه يوجد علي ضفة نهر كربلاء المشرفة المعروفة بالحسينية مقام يعرف بمقام جعفر الصادق عليه السلام علي لسان سواد أهل تلك البلدة، و لعله هو الذي عبر عنه الصادق عليه السلام في حديث صفوان الذي نقله المجلسي في تحفة الزائر عن مصباح الشيخ الطوسي رحمه الله الوارد لتعليمه إياه آداب زيارة جده الحسين عليه السلام و فيه: فإذا وصلت إلي نهر الفرات يعني شريعة (سماها) الصادق بالعلقمي فقل كذا، و التفسير من الشيخين و ظاهره أن المقام المقدس كان منسوبا إلي الصادق عليه السلام في عصرهما.



[ صفحه 303]




پاورقي

[1] قال في الروضات: و من جملة ما يحتمل عندي قويا هو أن يكون البقعة الواقعة في برية شهر و ان بغداد و المعروفة عند أهل تلك الناحية بمقبرة مقداد، مدفن هذا الرجل الجليل الشأن يعني الشيخ جمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري المعروف بالفاضل المقداد بناء علي وقوع وفاته رحمه الله في ذلك المكان أو ايصائه بأن يدفن هناك لكونه علي طريق القافلة الراحلة إلي العتبات العاليات.

قال: و الا فالمقداد بن أسود الكندي رحمه الله الذي هو من كبار أصحاب النبي صلي الله عليه و آله مرقده المنيف في أرض بقيع الغرقد الشريف لما ذكره المؤرخون المعتبرون من أنه رضي الله عنه توفي في أرضه بالجرف، و هو علي ثلاثة أميال من المدينة، فحمل علي الرقاب حتي دفن بالبقيع، انتهي.

قلت: لكنه من عجيب الاحتمال حيث ان المسمين بالمقداد كثيرون، و ليس لنا أن نقول بأن المقبرة المشهورة عندهم لما لم يكن للمقداد بن أسود الكندي فليكن للمقداد بن عبد الله الفاضل السبوري، مع أن الفاضل المقداد رحمه الله كان قاطنا في النجف الاشرف و ليس شهر و ان في طريق النجف الاشرف إلي كربلاء و لا إلي الكاظمية و لا سامراء.

بل الفاضل السيوري قد توفي بالمشهد الغروي النجف الاشرف علي ساكنه آلاف الثناء و التحف ضحي نهار الاحد السادس و العشرين من جمادي الاخرة سنة 826 ه و دفن بمقابر المشهد المذكور كما صرح به تلميذه الشيخ حسن بن راشد الحلي.

راجع الذريعة ج 1 ص 429 و 365.

[2] سمهود قرية كبيرة غربي نيل مصر، و السمهودي هو السيد نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسني الشافعي نزيل المدينة محدث المدينة و مؤرخها توفي سنة 911.