بازگشت

باب معجزاته، و استجابة دعواته، و معالي أموره غرائب شأنه


1 كشف: قال الحافظ عبد العزيز: حدث عيسي بن محمد بن مغيث القرطي و بلغ تسعين سنة قال: زرعت بطيخا و قثاءا و قرعا في موضع بالجوانية [1] علي بئر يقال لها ام عظام، فلما قرب الخير و استوي الزرع، بيتني الجراد و أتي علي الزرع كله، و كنت غرمت علي الزرع ثمن جملين و مائة و عشرين دينارا فبينا أنا جالس إذ طلع موسي بن جعفر بن محمد عليهم السلام فسلم ثم قال: أيش حالك؟ قلت: أصبحت كالصريم، بيتني الجراد، فأكل زرعي قال: و كم غرمت؟ قلت: مائة و عشرين دينارا مع ثمن الجملين قال: فقال: يا عرفة إن لابي الغيث مائة و خمسين دينارا فربحك ثلاثون دينارا و الجملان فقلت: يا مبارك ادع لي فيها بالبركة، فدخل و دعا، و حدثني عن رسول الله صلي الله عليه و آله أنه قال: تمسكوا ببقاء المصائب ثم علقت عليه الجملين و سقيته فجعل الله فيه البركة و زكت فبعت منها بعشرة آلاف [2] .

بيان: قوله صلي الله عليه و آله: تمسكوا: لعل المراد عدم الجزع عند المصائب، و الاعتناء بشأنها، فانها غالبا من علامات السعادة، أو تمسكوا بالله عند بقائها.

2 كشف: من كتاب دلائل الحميري عن مولي لابي عبد الله عليه السلام قال: كنا مع أبي الحسن عليه السلام حين قدم به البصرة، فلما أن كان قرب المدائن، ركبنا



[ صفحه 30]



في أمواج كثيرة، و خلفنا سفينة فيها إمرأة تزف إلي زوجها، و كانت لهم جلبة فقال: ما هذه الجلبة؟ قلنا: عروس، فما لبثنا أن سمعنا صيحة فقال: ما هذا؟ فقالوا: ذهبت العروس لتغترف ماءا فوقع منها سوار من ذهب فصاحت فقال: احبسوا و قولوا لملاحهم يحبس، فحبسنا و حبس ملاحهم، فاتكأ علي السفينة، و همس قليلا و قال: قولوا لملاحهم يتزر بفوطة [3] و ينزل فيتناول السوار، فنظرنا فإذا السوار علي وجه الارض، و إذا ماء قليل، فنزل الملاح فأخذ السوار فقال أعطها و قل لها: فلتحمد الله ربها.

ثم سرنا فقال له أخوه إسحاق: جعلت فداك الدعاء الذي دعوت به علمنيه قال: نعم و لا تعلمه من ليس له بأهل، و لا تعلمه إلا من كان من شيعتنا ثم قال: أكتب فأملا علي إنشاءا: " يا سابق كل فوت، يا سامعا لكل صوت: قوي أو خفي، يا محبي النفوس بعد الموت، لا تغشاك الظلمات الحندسية، و لا تشابه عليك اللغات المختلفة، و لا يشغلك شيء عن شيء، يامن لا يشغله دعوة داع دعاه من السماء يامن له عند كل شيء من خلقه سمع سامع، و بصر نافذ، يامن لا تغلطه كثرة المسائل، و لا يبرمه إلحاح الملحين، يا حي حين لا حي في ديمومة ملكه و بقائه يامن سكن العلي و احتجب عن خلقه بنوره، يامن أشرقت لنوره دجي الظلم أسألك باسمك الواحد الاحد، الفرد الصمد، الذي هو من جميع أركانك.

صل علي محمد و أهل بيته "، ثم سل حاجتك [4] .

و عن الوشاء قال: حدثني محمد بن يحيي، عن وصي علي بن السري قال: قلت لابي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام: إن علي بن السري توفي و أوصي إلي فقال: رحمه الله فقلت: و إن ابنه جعفرا وقع علي ام ولد له، و أمرني أن أخرجه من الميراث فقال لي: أخرجه، و إن كان صادقا فسيصيبه خبل قال: فرجعت فقدمني



[ صفحه 31]



إلي أبي يوسف القاضي قال له: أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السري و هذا وصي أبي فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي فقال: ما تقول؟ قلت: نعم هذا جعفر، و أنا وصي أبيه قال: فادفع إليه ماله! فقلت له: أريد أن اكلمك قال: فادنه، فدنوت حيث لا يسمع أحدا كلامي فقلت: هذا وقع علي ام ولد أبيه، و أمرني أبوه و أوصاني أن أخرجه من الميراث و لا أورثه شيئا فأتيت موسي بن جعفر عليهما السلام بالمدينة فأخبرته و سألته، فأمرني أن أخرجه من الميراث، و لا أورثه شيئا قال: فقال: الله إن أبا الحسن أمرك؟ قلت: نعم، فاستحلفني ثلاثا و قال: أنفذ بما أمرت به، فالقول قوله قال الوصي: فأصابه الخبل بعد ذلك، قال الحسن بن علي الوشاء: رأيته علي ذلك [5] .

و عن خالد قال: خرجت و أنا أريد أبا الحسن عليه السلام فدخلت عليه، و هو في عرصة داره جالس فسلمت عليه و جلست، و قد كنت أتيته لاسأله عن رجل من أصحابنا كنت سألته حاجة فلم يفعل، فالتفت إلي و قال: ينبغي لاحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمر يده عليه و يقول: " الحمد لله الذي كساني ما اواري به عورتي، و أتجمل به بين الناس " و إذا أعجبه شيء فلا يكثر ذكره، فان ذلك مما يهده، و إذا كانت لاحدكم إلي أخيه حاجة و وسيلة لا يمكنه قضاؤها فلا يذكره إلا بخير، فإن الله يوقع ذلك في صدره فيقضي حاجته قال: فرفعت رأسي و أنا أقول: لا إله إلا الله، فالتفت إلي فقال: يا خالد اعمل ما أمرتك [6] .

قال هشام بن الحكم أردت شراء جارية بمني فكتبت إلي أبي الحسن عليه السلام اشاوره فلم يرد علي جوابا، فلما كان في غد مر بي يرمي الجمار علي حمار، فنظر إلي و إلي الجارية من بين الجواري، ثم أتاني كتابه: لا أري بشرائها بأسا إن لم يكن في عمرها قلة، قلت: لا و الله ما قال لي هذا الحرف إلا و ههنا شيء لا و الله لا اشتريتها قال: فما خرجت من مكة حتي دفنت [7] .



[ صفحه 32]



و عن الوشاء الحسن بن علي قال: حججت أنا و خالي إسماعيل بن إلياس فكتبت إلي أبي الحسن الاول و كتب خالي: إن لي بنات و ليس لي ذكر، و قد قتل رجالنا، و قد خلفت إمرأتي حاملا فادع الله أن يجعله غلاما وسمه، فوقع في الكتاب: قد قضي الله حاجتك فسمه محمدا، فقدمنا إلي الكوفة و قد ولد له غلام قبل وصولنا الكوفة بستة أيام، دخلنا يوم سابعه فقال أبو محمد: هو و الله اليوم رجل و له أولاد [8] .

و عن زكريا بن آدم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان أبي ممن تكلم في المهد [9] .

و عن الاصبغ بن موسي قال: بعث معي رجل من أصحابنا إلي أبي إبراهيم عليه السلام بمائة دينار، و كانت معي بضاعة لنفسي و بضاعة له، فلما دخلت المدينة صببت علي الماء، و غسلت بضاعتي و بضاعة الرجل، و ذررت عليها مسكا، ثم إني عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة و تسعين دينارا، فأعددت عددها و هي كذلك فأخذت دينارا آخر لي فغسلته و ذررت عليه المسك، و أعدتها في صرة كما كانت، و دخلت عليه في الليل، فقلت له: جعلت فداك إن معي شيئا أتقرب به إلي الله تعالي فقال: هات، فناولته دنانيري، و قلت له: جعلتك فداك إن فلانا مولاك بعث إليك معي بشيء فقال: هات، فناولته الصرة قال: صبها فصببتها، فنثرها بيده، و أخرج ديناري منها ثم قال: إنما بعث إلينا وزنا لا عددا [10] .

و عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت علي أبي الحسن موسي عليه السلام في السنة التي قبض فيها أبو عبد الله عليه السلام فقلت له: كم أتي لك؟ قال: تسع عشرة سنة قال: فقلت: إن أباك أسر إلي سرا، و حدثني بحديث فأخبرني به فقال: قال لك



[ صفحه 33]



كذا و كذا، حتي نسق علي ما أخبرني به أبو عبد الله عليه السلام [11] .

و روي هشام بن أحمر أنه ورد تأجر من المغرب و معه جوار، فعرضهن علي أبي الحسن عليه السلام فلم يختر منهن شيئا و قال: أرنا؟ فقال: عندي اخري و هي مريضة فقال: ما عليك أن تعرضها، فأبي فانصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه و قال: قل له: كم غايتك فيها؟ فقال: ما أنقصها من كذا و كذا فقلت: قد أخذتها و هو لك فقال: و هي لك و لكن من الرجل؟ فقلت: رجل من بني هاشم فقال: من أي بني هاشم؟ قلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال: أخبرك عن هذه الوصيفة إني اشتريتها من أقصي المغرب فلقيتني إمرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض، و لا تلبث عنده إلا قليلا حتي تلد منه غلاما ما يولد بشرق الارض، و لا غربها مثله، يدين له شرق الارض و غربها، قال: فأتيته بها فلم يلبث إلا قليلا حتي ولدت عليا الرضا عليه السلام [12] .

3 كش: حمدويه و إبراهيم ابنا نصير، عن محمد بن عيسي، عن الوشا، عن هشام بن الحكم قال: كنت في طريق مكة، و أنا أريد شراء بعير فمر بي أبو الحسن عليه السلام، فلما نظرت إليه تناولت رقعة، فكتبت إليه: جعلت فداك إني أريد شراء هذا البعير فما تري؟ فنظر إليه فقال: لا أري في شراءه بأسا، فان خفت عليه ضعفا فألقمه، فاشتريته و حملت عليه فلم أر منكرا حتي إذا كنت قريبا من الكوفة في بعض المنازل و عليه حمل ثقيل رمي بنفسه و اضطرب للموت، فذهب الغلمان ينزعون عنه فذكرت الحديث، فدعوت بلقم [13] فما ألقوه إلا سبعا حتي



[ صفحه 34]



قام بحمله [14] .

4 كش: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عبد الله بن مهران عن محمد بن علي الصيرفي، عن ابن البطائني، عن أبيه قال: دخلت المدينة و أنا مريض شديد المرض، و كان أصحابنا يدخلون و لا أعقل بهم، و ذلك لانه أصابني حمي فذهب عقلي، و أخبرني إسحاق بن عمار أنه أقام علي بالمدينة ثلاثة أيام لا يشك انه لا يخرج منها حتي يدفنني، و يصلي علي، و خرج إسحاق بن عمار، وافقت بعد ما خرج إسحاق فقلت لاصحابي: افتحوا كيسي و أخرجوا منه مائة دينار فاقسموها في أصحابنا، و أرسل إلي أبو الحسن عليه السلام بقدح فيه ماء فقال الرسول: يقول لك أبو الحسن عليه السلام: اشرب هذا الماء فان فيه شفاك إن شاء الله تعالي ففعلت فأسهل بطني، فأخرج الله ما كنت أجده من بطني من الاذي، و دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقال: يا علي أما أجلك قد حضر مرة بعد مرة.

فخرجت إلي مكة فلقيت إسحاق بن عمار فقال: و الله لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام ما شككت إلا أنك ستموت، فأخبرني بقصتك، فأخبرته بما صنعت و ما قال لي أبو الحسن عليه السلام مما أنشأ الله في عمري مرة بعد مرة من الموت، و أصابني مثل ما أصاب فقلت: يا إسحاق إنه إمام ابن إمام، و بهذا يعرف الامام [15] .

5 كش: محمد بن مسعود، عن الحسين بن أشكيب، عن بكر بن صالح، عن إسماعيل بن عباد القصري، عن إسماعيل بن سلام، و فلان بن حميد قالا: بعث إلينا علي بن يقطين فقال: اشتريا راحلتين، و تجنبا الطريق و دفع إلينا أموالا و كتبا حتي توصلا ما معكما من المال و الكتب إلي أبي الحسن موسي عليه السلام، و لا يعلم بكما أحد، قال: فأتينا الكوفة و اشترينا راحلتين و تزودنا زادا، و خرجنا



[ صفحه 35]



نتجنب الطريق، حتي إذا صرنا ببطن الرمة [16] شددنا راحلتنا، و وضعنا لها العلف، و قعدنا نأكل فبينا نحن كذلك، إذ راكب قد أقبل و معه شاكري، فلما قرب منا فإذا هو أبو الحسن موسي عليه السلام، فقمنا إليه و سلمنا عليه، و دفعنا إليه الكتب و ما كان معنا فأخرج من كمه كتبا فناولنا إياها فقال: هذه جوابات كتبكم.

قال: فقلنا: إن زادنا قد فني فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة، فزرنا رسول الله و تزودنا زادا فقال: هاتا ما معكما من الزاد، فأخرجنا الزاد إليه فقلبه بيده فقال: هذا يبلغكما إلي الكوفة.

و أما رسول الله صلي الله عليه و آله فقد رأيتما، إني صليت معهم الفجر، و إني أريد أن أصلي معهم الظهر، انصرفا في حفظ الله [17] .

حمدويه عن يحيي بن محمد، عن بكر بن صالح مثله [18] .

6 يج/: روي أن إسماعيل بن سالم قال: بعث إلي علي بن يقطين و إسماعيل ابن أحمد فقالا لي: خذ هذه الدنانير، و ائت الكوفة فالق فلانا و أشخصه، و اشتريا راحلتين و ساق الحديث نحو ما مر، و زاد في آخره فرجعنا و كان يكفينا.

بيان: الشاكري معرب جاكر.

قوله: فقد رأيتما أي قربتم من المدينة و القرب في حكم الزيارة.

و يحتمل أن يكون المراد أن رؤيتي بمنزلة رؤية الرسول، كما في بعض النسخ رأيتماه، و علي هذا قوله إني صليت بيان لفضله أو إعجازه مؤكدا لكونه بمنزلة الرسول صلي الله عليه و آله في الشرف، و هذا إنما يستقيم إذا كان المسافة بينهم و بين المدينة بعيدة، و الاول أظهر.

7 كش: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن البطايني، عن أبيه، عن شعيب العقرقوفي قال:



[ صفحه 36]



قال لي أبو الحسن عليه السلام مبتدءا من أن أسأله عن شيء: يا شعيب غدا يلقاك رجل من أهل المغرب يسألك عني فقل: هو و الله الامام الذي قال لنا أبو عبد الله عليه السلام فإذا سألك عن الحلال و الحرام فأجبه مني فقلت: جعلت فداك فما علامته؟ قال: رجل طويل جسيم يقال له: يعقوب، فإذا أتاك فلا عليك أن تجيبه عن جميع ما سألك فانه واحد قومه، فان أحب أن تدخله إلي فأدخله.

قال: فو الله إني الف و طوافي إذ أقبل إلي رجل طويل من أجسم ما يكون من الرجال فقال لي: أريد أن أسألك عن صاحبك فقلت: عن أي صاحب؟ قال: من فلان بن فلان قلت: ما اسمك؟ قال: يعقوب قلت: و من أين أنت؟ قال: رجل من أهل المغرب قلت: فمن أين أنت عرفتني؟ قال: أتاني آت في منامي: ألق شعيبا فسله عن جميع ما تحتاج إليه، فسألت عنك فدللت عليك فقلت: اجلس في هذا الموضع حتي أفرغ من طوافي و آتيك إن شاء الله تعالي، فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا عاقلا، ثم طلب إلي أن أدخله علي أبي الحسن عليه السلام فأخذت بيده فأستأذنت علي أبي الحسن عليه السلام فأذن لي.

فلما رآه أبو الحسن عليه السلام قال له: يا يعقوب قدمت أمس، و وقع بينك و بين أخيك شر في موضع كذا و كذا حتي شتم بعضكم بعضا، و ليس هذا ديني و لا دين آبائي، و لا نأمر بهذا أحدا من الناس، فاتق الله وحده لا شريك له، فانكما ستفترقان بموت، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلي أهله، و ستندم أنت علي ما كان منك، و ذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما.

فقال له الرجل: فأنا جعلت فداك متي أجلي؟ فقال: أما إن أجلك قد حضر حتي وصلت عمتك بما وصلتها به في منزل كذا و كذا فزيد في أجلك عشرون قال: فأخبرني الرجل و لقيته حاجا أن أخاه لم يصل إلي أهله حتي دفنه في الطريق [19] .



[ صفحه 37]



8 يج/: روي عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عليه السلام قال: قال أبي موسي ابن جعفر عليهما السلام لعلي بن أبي حمزة مبتدءا: تلقي رجلا من أهل المغرب و ساق الحديث نحو ما مر إلا أن فيه مكان شعيب في المواضع علي بن أبي حمزة [20] .

9 قب: علي بن أبي حمزة قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام مبتدءا و ذكر نحوه إلي قوله: و ليس هذا من ديني و لا من دين آبائي [21] .

10 ختص: الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، مثل ما في الكتابين [22] .

11 كش: بهذا الاسناد عن البطايني، عن أخطل الكاهلي، عن عبد الله بن يحيي الكاهلي قال: حججت فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقال لي: اعمل خيرا في سنتك هذه فان أجلك قد دنا قال: فبكيت فقال لي: فما يبكيك؟ قلت: جعلت فداك نعيت إلي نفسي قال: ابشر فانك من شيعتنا، و أنت إلي خير.

قال: قال أخطل: فما لبث عبد الله بعد ذلك إلا يسيرا حتي مات [23] .

12 كا: محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين أن بعض أصحابنا كتب إلي أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة علي الزجاج قال: فلما نفذ كتابي إليه تفكرت و قلت: هو مما أنبتت الارض، و ما كان لي أن أسأل عنه قال: فكتب إلي لا تصل علي الزجاج، و إن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض، و لكنه من الملح و الرمل و هما ممسوخان [24] .

13 قب: محمد بن الحسين مثله [25] .



[ صفحه 38]



14 عم [26] قب [27] شا: روي محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الاصابع إلي الكعبين؟ أم هو من الكعبين إلي الاصابع؟ فكتب علي بن يقطين إلي أبي الحسن موسي عليه السلام إن أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فان رأيت أن تكتب إلي بخطك ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، و الذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك و تمسح رأسك كله و تمسح ظاهر اذنيك و باطنهما و تغسل رجليك إلي الكعبين ثلاثا و لا تخالف ذلك إلي غيره.

فلما وصل الكتاب إلي علي بن يقطين تعجب بما رسم فيه، مما أجمع العصابة علي خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال و أنا ممتثل أمره، و كان يعمل في وضوئه علي هذا الحد، و يخالف ما عليه جميع الشيعة، إمتثالا لامر أبي الحسن عليه السلام، و سعي بعلي بن يقطين إلي الرشيد، و قيل: إنه رافضي مخالف لك.

فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عندي القول في علي بن يقطين و القرف له [28] بخلافنا و ميله إلي الرفض و لست أري في خدمته لي تقصيرا، و قد امتحنته مرارا فما ظهرت منه علي مايقرف به و أحب أن أستبرئ أمره من حيث و جسمه بذلك، فيتحر زمني.

فقيل له: إن الرافضة يا أمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه و لا تري غسل الرجلين فامتحنه يا أمير المؤمنين من حيث لا يعلم، بالوقوف علي وضوئه، فقال: أجل إن هذا الوجه يظهر به أمره، ثم تركه مدة و ناطه بشيء من الشغل في الدار، حتي دخل وقت الصلاة، و كان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه و صلاته، فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط



[ صفحه 39]



الحجرة بحيث يري علي بن يقطين، و لا يراه هو، فدعا بالماء للوضوء، فتمضمض ثلاثا، و استنشق ثلاثا، و غسل وجهه ثلاثا، و خلل شعر لحيته، و غسل يديه إلي المرفقين ثلاثا، و مسح رأسه و اذنيه، و غسل رجليه و الرشيد ينظر إليه.

فلما رآه و قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتي أشرف عليه بحيث يراه، ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة.

و صلحت حاله عنده، و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام: ابتداءا: من الآن يا علي بن يقطين فتوض كما أمر الله، و اغسل وجهك مرة فريضة، و اخري إسباغا، و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح مقدم رأسك، و ظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كان يخاف عليه و السلام [29] .

15 شيء: عن سليمان بن عبد الله قال: كنت عند أبي الحسن موسي عليه السلام قاعدا فاتي بإمرأة قد صار وجهها قفاها فوضع يده اليمني في جبينها و يده اليسري من خلف ذلك، ثم عصر وجهها عن اليمين ثم قال: " إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم " [30] فرجع وجهها فقال: احذري أن تفعلين كما فعلت قالوا: يا ابن رسول الله و ما فعلت؟ فقال: ذلك مستور إلا أن تتكلم به، فسألوها فقالت: كانت لي ضرة فقمت أصلي فظننت أن زوجي معها، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة و ليس هو معها، فرجع وجهها علي ما كان [31] .

16 قب: خالد السمان في خبر أنه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن صالح الطالقاني و قال له: أنت الذي تقول: إن السحاب حملتك من بلد الصين إلي طالقان؟ فقال: نعم قال: فحدثنا كيف كان؟ قال: كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام علي لوح تضربني الامواج، فألقتني الامواج إلي البر



[ صفحه 40]



فإذا أنا بأنهار، فنمت تحت ظل شجرة، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا، فانتبهت فزعا مذعورا فإذا أنا بدابتين يقتتلان علي هيئة الفرس، لا أحسن أن أصفهما، فلما بصرا بي دخلتا في البحر، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم الخلق، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل، فقمت مستترا في الشجر حتي دنوت منه لاتأمله فلما رآني طار و جعلت أقفو أثره.

فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا و تهليلا و تكبيرا و تلاوة القرآن، و دنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف: ادخل يا علي بن صالح الطالقاني، رحمك الله، فدخلت و سلمت فإذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس [32] عظيم الجثة أنزع أعين، فرد علي السلام و قال: يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز لقد أقمت ممتحنا بالجوع و العطش و الخوف، لو لا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك و سقاك شرابا طيبا، و لقد علمت الساعة التي ركبت فيها، و كم أقمت في البحر، و حين كسر بك المركب، و كم لبثت تضربك الامواج، و ما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت، لعظيم ما نزل بك، و الساعة التي نجوت فيها، و رؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين، و اتباعك للطائر الذي رأيته واقعا، فلما رآك صعد طائرا إلي السماء، فهلم فاقعد رحمك الله.

فلما سمعت كلامه قلت: سألتك بالله من أعلمك بحالي؟ فقال: عالم الغيب و الشهادة، و الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين، ثم قال: أنت جائع فتكلم بكلام تململت به شفتاه، فإذا بمائة عليها منديل، فكشفه و قال: هلم إلي ما رزقك الله فكل، فأكلت طعاما ما رأيت أطيب منه، ثم سقاني ماءا ما رأيت ألذ منه و لا أعذب، ثم صلي ركعتين ثم قال: يا علي أ تحب الرجوع إلي بلدك؟ فقلت: و من لي بذلك؟! فقال: و كرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك، ثم دعا بدعوات و رفع يده إلي السماء و قال: الساعة الساعة، فإذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا قطعا، و كلما وافت سحابة قالت: سلام عليك يا ولي الله و حجته فيقول: و



[ صفحه 41]



عليك السلام و رحمة الله و بركاته أيتها السحابة السامعة المطيعة، ثم يقول لها: أين تريدين؟ فتقول: أرض كذا فيقول: الرحمة؟ أو سخط؟ فنقول: لرحمة أو سخط و تمضي، حتي جاءت سحابة حسنة مضيئة فقالت: السلام عليك يا ولي الله و حجته قال: و عليك السلام أيتها السحابة السامعة المطيعة، أين تريدين؟ فقالت: أرض طالقان فقال: لرحمة أو سخط؟ فقالت: لرحمة فقال لها: احملي ما حملت مودعا في الله فقالت: سمعا و طاعة قال لها: فاستقري باذن الله علي وجه الارض فاستقرت، فأخذ بعض عضدي فأجلسني عليها.

فعند ذلك قلت له: سألتك بالله العظيم و بحق محمد خاتم النبيين و علي سيد الوصيين و الائمة الطاهرين من أنت؟ فقد أعطيت و الله أمرا عظيما فقال: ويحك يا علي بن صالح إن الله لا يخلي أرضه من حجة طرفة عين، إما باطن و إما ظاهر، أنا حجة الله الظاهرة، و حجته الباطنة، أنا حجة الله يوم الوقت المعلوم، و أنا المؤدي الناطق عن الرسول أنا في وقتي هذا، موسي بن جعفر، فذكرت إمامته و إمامة آبائه و أمر السحاب بالطيران، فطارت، فو الله ما وجدت المأ و لا فزعت فما كان بأسرع من طرفة العين حتي ألقتني بالطالقان في شارعي الذي فيه أهلي و عقاري سالما في عافية فقتله الرشيد و قال لا يسمع بهذا أحد [33] .

17 ن [34] لي: ابن الوليد، عن الصفار و سعد معا، عن ابن عيسي، عن الحسن، عن أخيه، عن أبيه علي بن يقطين قال: استدعي الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام و يقطعه [35] و يخجله في المجلس فانتدب له رجل معزم [36] ، فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا علي الخبز، فكان



[ صفحه 42]



كلما رام خادم أبي الحسن عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه و استفز [37] هارون الفرح و الضحك لذلك، فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام أن رفع رأسه إلي أسد مصور علي بعض الستور فقال له: يا أسد الله خذ عدو الله قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع، فافترست ذلك المغرم فخر هارون و ندماؤه علي وجوههم مغشيا عليهم، و طارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه، فلما أفاقوا من ذلك بعد حين، قال هارون لابي الحسن عليه السلام: أسألك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل فقال: إن كانت عصا موسي ردت ما ابتلعته من حبال القوم و عصيهم، فان هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل، فكان ذلك أعمل الاشياء في إفاقة نفسه [38] .

18 قب: علي بن يقطين مثله [39] .

19 ب: علي بن جعفر قال: أخبرتني جارية لابي الحسن موسي عليه السلام و كانت توضئه، و كانت خادما صادقا قالت: وضأته بقديد [40] و هو علي منبر و أنا أصب عليه الماء، فجري الماء علي الميزاب فإذا قرطان من ذهب فيهما در، ما رأيت أحسن منه فرفع رأسه إلي فقال: هل رأيت؟ فقلت: نعم، فقال: خمريه [41] بالتراب و لا تخبرين به أحدا، قالت: ففعلت و ما أخبرت به أحدا حتي مات صلي الله عليه و علي آبائه و السلام عليهم و رحمة الله و بركاته [42] .



[ صفحه 43]



20 ب: محمد بن الحسن، عن عثمان بن عيسي قال: قلت لابي الحسن الاول إن الحسن بن محمد له إخوة من أبيه، و ليس يولد له ولد إلا مات، فادع الله له فقال: قضيت حاجته، فولد له غلامان [43] .

21 ب: أحمد بن محمد، عن الوشاء قال: حججت أيام خالي إسماعيل بن إلياس فكتبنا إلي أبي الحسن الاول عليه السلام فكتب خالي: إن لي بنات و ليس لي ذكر و قد قل رجالنا، و قد خلفت إمرأتي و هي حامل فادع الله أن يجعله غلاما وسمه، فوقع في الكتاب: قد قضي الله تبارك و تعالي حاجتك وسمه محمدا، فقدمنا الكوفة و قد ولد لي غلام قبل دخولي الكوفة بستة أيام، و دخلنا يوم سابعه قال أبو محمد: فهو و الله اليوم رجل له أولاد [44] .

22 ب: محمد بن الحسين، عن علي بن جعفر بن ناجية أنه كان اشتري طيلسانا طرازيا أزرق بمائة درهم، و حمله معه إلي أبي الحسن الاول عليه السلام و لم يعلم به أحد، و كنت أخرج أنا مع عبد الرحمن بن الحجاج، و كان هو إذ ذاك قيما لابي الحسن الاول عليه السلام فبعث بما كان معه فكتب: أطلبوا لي ساجا طرازيا أزرق فطلبوه بالمدينة فلم يوجد عند أحد فقلت له: هو ذا هو معي، و ما جئت به إلا له فبعثوا به إليه، و قالوا له: أصبناه مع علي بن جعفر، و لما كان من قابل اشتريت طيلسانا مثله و حملته معي، و لم يعلم به أحد، فلما قدمنا المدينة أرسل إليهم: أطلبوا لي طيلسانا مثله مع ذلك الرجل، فسألوني فقلت: هو ذا هو معي، فبعثوا به إليه [45] .

بيان: قال الفيروزآبادي: الطراز بالكسر الموضع الذي ينسج فيه الثياب الجيدة، و محلة بمرو، و بأصفهان، و بلد قرب أسيبجاب [46] و قال: الساج



[ صفحه 44]



الطيلسان الاخضر أو الاسود [47] .

23 ب: محمد بن الحسين، عن علي بن جعفر بن ناجية، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: استقرضت من غالب مولي الربيع ستة آلاف درهم تمت بها بضاعتي و دفع إلي شيئا أدفعه إلي أبي الحسن الاول عليه السلام و قال: إذا قضيت من الستة آلاف درهم حاجتك فادفعها أيضا إلي أبي الحسن، فلما قدمت المدينة بعثت إليه بما كان معي و الذي من قبل غالب، فأرسل إلي: فأين الستة آلاف درهم؟ فقلت: استقرضتها منه، و أمرني أن أدفعها إليك، فإذا بعت متاعي بعثت بها إليك، فأرسل إلي عجلها لنا و إنا نحتاج إليها، فبعثت بها إليه [48] .

24 ب: محمد بن الحسين، عن علي بن حسان الواسطي، عن موسي بن بكر قال: دفع إلي أبو الحسن الاول عليه السلام رقعة فيها حوائج و قال لي: اعمل بما فيها فوضعتها تحت المصلي، و توانيت عنها، فمررت فإذا الرقعة في يده، فسألني عن الرقعة فقلت: في البيت فقال: يا موسي إذا أمرتك بالشيء فاعمله، و إلا غضبت عليك، فعلمت أن الذي دفعها إليه بعض صبيان الجن [49] .

25 ب: أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي محمود الخراساني، عن عثمان ابن عيسي قال: رأيت أبا الحسن الماضي عليه السلام في حوض من حياض ما بين مكة و المدينة عليه إزار، و هو في الماء فجعل يأخذ الماء في فيه ثم يمجه، و هو يصفر فقلت: هذا خير من خلق الله في زمانه و يفعل هذا؟! ثم دخلت عليه بالمدينة فقال لي: أين نزلت؟ فقلت له: نزلت أنا و رفيق لي في دار فلان فقال: بادروا و حولوا ثيابكم و أخرجوا منها الساعة قال: فبادرت و أخذت ثيابنا و خرجنا فلما صرنا خارجا من الدار انهارت الدار [50] .



[ صفحه 45]



26 ير: سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم ابن الحارث البطل، عن مرازم قال: دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فعجبتني [51] فأردت أن أتمتع منها فأبت أن تزوجني نفسها، قال: فجئت بعد العتمة فقرعت الباب فكانت هي التي فتحت لي فوضعت يدي علي صدرها، فبادرتني حتي دخلت، فلما أصبحت دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقال: يا مرازم ليس من شيعتنا من خلا ثم لم يرع قلبه [52] .

27 ب: موسي بن جعفر البغدادي، عن الوشا، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: لا و الله لا يري أبو جعفر بيت الله أبدا فقدمت الكوفة فأخبرت أصحابنا، فلم نلبث أن خرج فلما بلغ الكوفة قال لي أصحابنا في ذلك فقلت: لا و الله لا يري بيت الله أبدا، فلما صار إلي البستان اجتمعوا أيضا إلي فقالوا: بقي بعد هذا شيء؟! قلت: لا و الله لا يري بيت الله أبدا فلما نزل بئر ميمون أتيت أبا الحسن عليه السلام فوجدته في المحراب قد سجد فأطال السجود، ثم رفع رأسه إلي فقال: أخرج فانظر ما يقول الناس، فخرجت فسمعت الواعية علي أبي جعفر فرجعت فأخبرته قال: الله اكبر ما كان ليري بيت الله أبدا [53] .

28 كشف: من دلائل الحميري، عن ابن أبي حمزة مثله [54] .

29 ب: الحسين بن علي بن النعمان، عن عثمان بن عيسي، عن إبراهيم ابن عبد الحميد قال: كتب إلي أبو الحسن عليه السلام قال عثمان بن عيسي و كنت حاضرا بالمدينة: تحول عن منزلك، فاغتم بذلك، و كان منزله منزلا وسطا بين المسجد و السوق، فلم يتحول، فعاد إليه الرسول: تحول عن منزلك، فبقي



[ صفحه 46]



ثم عاد إليه الثالثة: تحول عن منزلك، فذهب و طلب منزلا، و كنت في المسجد و لم يجئ إلي المسجد إلا عتمة فقلت له: ما خلفك؟ فقال: ما تدري ما أصابني اليوم؟ قلت: لا قال: ذهبت أستقي الماء من البئر لاتوضأ فخرج الدلو مملوءا خرؤا و قد عجنا خبزنا بذلك الماء، فطرحنا خبزنا و غسلنا ثيابنا، فشغلني عن المجئ و نقلت متاعي إلي البيت الذي اكتريته، فليس بالمنزل إلا الجارية، الساعة أنصرف و آخذ بيدها، فقلت: بارك الله لك، ثم افترقنا، فلما كان سحرا خرجنا إلي المسجد فجاء فقال: ما ترون ما حدث في هذه الليلة؟ قلت: لا، قال: سقط و الله منزلي، السفلي و العليا [55] .

30 ب: الحسن بن علي بن النعمان، عن عثمان بن عيسي قال: قال أبو الحسن عليه السلام لابراهيم بن عبد الحميد، و لقيه سحرا و إبراهيم ذاهب إلي قبا، و أبو الحسن عليه السلام داخل إلي المدينة فقال: يا إبراهيم فقلت: لبيك قال: إلي أين؟ قلت: إلي قبا فقال: في أي شيء؟ فقلت: إنا كنا نشتري في كل سنة هذا التمر فأردت أن آتي رجلا من الانصار فأشتري منه من الثمار، فقال: و قد أمنتم الجراد؟! ثم دخل و مضيت أنا فأخبرت أبا العز فقال: لا و الله لا أشتري العام نخلة، فما مرت بنا خامسة، حتي بعث الله جرادا فأكل عامة ما في النخل [56] .

31 كشف: من دلائل الحميري عن عثمان مثله [57] .

32 ب: الحسن بن علي بن النعمان، عن عثمان بن عيسي قال: وهب رجل جارية لابنه، فولدت أولادا فقالت الجارية بعد ذلك: قد كان أبوك وطأني قبل أن يهبني لك، فسئل أبو الحسن عليه السلام عنها فقال: لا تصدق إنما تفر من سوء خلقه، فقيل ذلك للجارية فقالت: صدق و الله ما هربت إلا من سوء خلقه [58] .



[ صفحه 47]



33 ب: محمد بن خالد الطيالسي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك بم يعرف الامام؟ فقال: بخصال أما أولهن فشئ تقدم من أبيه فيه، و عرفه الناس، و نصبه لهم علما، حتي يكون حجة عليهم، لان رسول الله صلي الله عليه و آله نصب عليا عليه السلام علما و عرفه الناس، و كذلك الائمة يعرفونهم الناس، و ينصبونهم لهم حتي يعرفوه و يسأل فيجيب، و يسكت عنه فيبتدي و يخبر الناس بما في غد، و يكلم الناس بكل لسان، فقال لي: يا أبا محمد الساعة قبل أن تقوم أعطيك علامة تطمئن إليها.

فو الله ما لبثت أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلم الخراساني بالعربية فأجابه هو بالفارسية، فقال له الخراساني: أصلحك الله ما منعني أن اكلمك بكلامي إلا أني ظننت أنك لا تحسن، فقال: سبحان الله إذا كنت لا أحسن اجيبك فما فضلي عليك، ثم قال: يا أبا محمد إن الامام لا يخفي عليه كلام أحد من الناس و لا طير و لا بهيمة، و لا شيء فيه روح، بهذا يعرف الامام، فان لم يكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام [59] .

34 قب [60] يج/: عن أبي بصير مثله.

35 عم [61] شا: أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي بصير مثله [62] 36 ب: محمد بن عيسي، عن حماد بن عيسي قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام بالبصرة فقلت له: جعلت فداك ادع الله تعالي أن يرزقني دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج في كل سنة، قال: فرفع يده ثم قال: أللهم صل علي محمد و آل محمد و ارزق حماد بن عيسي دارا و زوجة و ولدا و خادما



[ صفحه 48]



و الحج خمسين سنة قال حماد: فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة، قال حماد: و قد حججت ثمانية و أربعين سنة، و هذه داري قد رزقتها، و هذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي، و هذا ابني، و هذه خادمي و قد رزقت كل ذلك، فحج بعد هذا الكلام حجتين تمام الخمسين، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فزامل أبا العباس النوفلي فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل فجاء الوادي فحمله فغرق، فمات رحمنا الله و إياه قبل أن يحج زيادة علي الخمسين و قبره بسيالة [63] .

37 كش: حمدويه، عن العبيدي مثله [64] .

38 يج/: أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي قال: دخلت أنا و حماد ابن عيسي علي أبي جعفر عليه السلام بالمدينة لنودعه فقال لنا: لا تخرجا أقيما إلي غد قال: فلما خرجنا من عنده، قال حماد: أنا أخرج فقد خرج ثقلي قلت: أما أنا فأقيم قال: فخرج حماد فجري الوادي تلك الليلة فغرق فيه و قبره بسيالة.

39 ير: أحمد بن محمد، عن القاسم، عن جده، عن يعقوب بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إبراهيم بن وهب و هو يقول: خرجت و أنا أريد أبا الحسن بالعريض [65] فانطلقت حتي أشرفت علي قصر بني سراة [66] ثم انحدرت الوادي فسمعت صوتا لا أري شخصه و هو يقول: يا أبا جعفر صاحبك خلف القصر عند السدة فاقرأه مني السلام، فالتفت فلم أر أحدا ثم رد علي الصوت باللفظ الذي كان، ثم فعل ذلك ثلاثا فاقشعر جلدي ثم انحدرت في الوادي حتي أتيت قصد الطريق الذي خلف القصر، و لم أطأ في القصر، ثم أتيت السد نحو السمرات [67] ثم انطلقت



[ صفحه 49]



قصد الغدير، فوجدت خمسين حيات روافع من عند الغدير.

ثم استمعت فسمعت كلاما و مراجعة فطفقت بنعلي ليسمع وطئي، فسمعت أبا الحسن يتنحنح، فتنحنحت و أجبته، ثم هجمت فإذا حية متعلقة بساق شجرة فقال: لا تخشي و لا ضائر، فرمت بنفسها، ثم نهضت علي منكبه، ثم أدخلت رأسها في اذنه فأكثرت من الصفير، فأجاب: بلي قد فصلت بينكم، و لا يبغي خلاف ما أقول إلا ظالم، و من ظلم في دنياه فله عذاب النار في آخرته، مع عقاب شديد، اعاقبه إياه و آخذ ماله إن كان له حتي يتوب، فقلت: بأبي أنت و أمي الكم عليهم طاعة؟ فقال: نعم و الذي أكرم محمدا صلي الله عليه و آله بالنبوة، و أعز عليا عليه السلام بالوصية و الولاية إنهم لاطوع لنا منكم، يا معشر الانس و قليل ما هم [68] .

بيان: روافع بالفاء و العين المهملة أي رافعة رؤوسها أو بالغين المعجمة من الرفغ و هو سعة العيش أي مطمئنة خائفة أو بالقاف و المهملة أي ملونة بألوان مختلفة، و كأنه تصحيف رواتع بالتاء و المهملة أي ترتع حول الغدير، فطفقت بنعلي أي شرعت أضرب به، و الظاهر بالصاد من الصفق و هو الضرب يسمع له صوت، لا تخشي و لا ضائر أي لا تخافي فان الرجل لا يضرك، و في بعض النسخ لا عسي و كأنه تصحيف، و قليل ما هم: أي المطيعون من الانس أو من الجن في جنب غيرهم من المخلوقات.

40 ير: الحسين بن محمد، عن المعلي، عن الوشاء، عن محمد بن علي، عن خالد الجوان قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام و هو في عرصة داره، و هو يومئذ بالرميلة [69] فلما نظرت إليه قلت: بأبي أنت و أمي يا سيدي! مظلوم، مغصوب مضطهد في نفسي ثم دنوت منه، فقبلت ما بين عينيه، و جلست بين يديه، فالتفت إلي فقال: يا ابن خالد نحن أعلم بهذا الامر، فلا تتصور هذا في نفسك قال: قلت: جعلت فداك و الله ما أردت بهذا شيئا قال: فقال: نحن أعلم بهذا الامر من غيرنا لو أردنا أزف [70] إلينا، و إن لهؤلاء القوم مدة و غاية لابد من الانتهاء إليها قال:



[ صفحه 50]



فقلت: لا أعود اصير في نفسي شيئا أبدا قال: فقال: لا تعد أبدا [71] .

41 يج/: عن المعلي مثله.

بيان: قوله في نفسي متعلق بقوله قلت (أي قلت) في نفسي و في يج/: قلت في نفسي مظلوم و فيه: لو أردنا لرد إلينا.

42 ص: بالاسناد إلي الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن شريف بن سابق، عن أسود بن رزين القاضي قال: دخلت علي أبي الحسن الاول عليه السلام، و لم يكن رآني قط، فقال: من أهل السد أنت؟ فقلت: من أهل الباب، فقال الثانية: من أهل السد؟ قلت: من أهل الباب قال: من أهل السد أنت؟ قلت: نعم، قال: ذاك السد الذي عمله ذو القرنين.

43 ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا قال: دخلت علي أبي الحسن الماضي عليه السلام و هو محموم، و وجهه إلي الحائط فتناول بعض أهل بيته يذكره، فقلت في نفسي: هذا خير خلق الله في زمانه، يوصينا بالبر و يقول في رجل من أهل بيته هذا القول؟! قال: فحول وجهه فقال: إن الذي سمعت من البر، إني إذا قلت هذا لم يصدقوا قوله، و إن لم أقل هذا صدقوا قوله علي [72] .

44 ير: الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن سهل، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: دخلت علي عبد الله بن جعفر، و أبو الحسن في المجلس قدامه مرآة و آلتها، مردي بالرداء، موزرا، فأقبلت علي عبد الله فلم أزل أسائله، حتي جري ذكر الزكاة فسألته فقال: تسألني عن الزكاة!؟ من كانت عنده أربعون درهما ففيها درهم، قال: فاستشعرته و تعجبت منه، فقلت له: أصلحك الله قد عرفت مودتي لابيك و انقطاعي إليه، و قد سمعت منه كتبا فتحب أن آتيك بها؟ قال: نعم بنو أخ، ائتنا فقمت مستغيثا برسول الله، فأتيت القبر فقلت: يا رسول الله إلي



[ صفحه 51]



من؟ إلي القدرية، إلي الحرورية إلي المرجئة إلي الزيدية، قال: فإني كذلك إذا أتاني غلام صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال لي: أجب! قلت: من؟ قال: سيدي موسي بن جعفر، فدخلت إلي صحن الدار، فإذا هو في بيت و علية كلة [73] فقال: يا هشام قلت: لبيك فقال لي: لا إلي المرجئة و لا إلي القدرية، و لكن إلينا ثم دخلت عليه [74] .

45 ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي، عن ابن أبي عمير، عن سالم مولي علي بن يقطين، عن علي بن يقطين قال: أردت أن أكتب إليه أسأله يتنور الرجل و هو جنب؟ قال: فكتب إلي ابتداءا: النورة تزيد الجنب نظافة، و لكن لا يجامع الرجل مختضبا و لا تجامع مرأة مختضبة [75] .

46 يج/: علي بن يقطين مثله.

47 ير: ابن يزيد، عن محمد بن الحسن بن زياد، عن الحسن الواسطي، عن هشام بن سالم قال: لما دخلت إلي عبد الله بن أبي عبد الله فسألته فلم أر عنده شيئا فدخلني من ذلك ما لله به عليم و خفت أن لا يكون أبو عبد الله عليه السلام ترك خلفا فأتيت قبر النبي صلي الله عليه و آله، فجلست عند رأسه أدعو الله، و أستغيث به، ثم فكرت فقلت: أصير إلي قول الزنادقة، ثم فكرت فيما يدخل عليهم و رأيت قولهم يفسد، ثم قلت: لا بل قول الخوارج فآمر بالمعروف و أنهي عن المنكر، و أضرب بسيفي حتي أموت ثم فكرت في قولهم، و ما يدخل عليهم، فوجدته يفسد.

ثم قلت: أصير إلي المرجئة ثم فكرت فيما يدخل عليهم، فإذا قولهم يفسد فبينا أنا أفكر في نفسي، و أمشي إذ مر بي بعض موالي أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: أ تحب أن أستأذن لك علي أبي الحسن عليه السلام؟ فقلت: نعم، فذهبت فلم يلبث أن عاد إلي فقال: قم و ادخل عليه، فلما نظر إلي أبو الحسن عليه السلام فقال لي مبتدءا:



[ صفحه 52]



يا هشام لا إلي الزنادقة، و لا إلي الخوارج، و لا إلي المرجئة، و لا إلي القدرية و لكن إلينا، قلت: أنت صاحبي، ثم سألته فأجابني عما أردت [76] .

48 ير: إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن فلان الرافعي قال: كان لي ابن عم يقال له الحسن بن عبد الله، و كان زاهدا، و كان من أعبد أهل زمانه، و كان يلقاه السلطان، و ربما استقبل السلطان بالكلام الصعب، يعظه و يأمر بالمعروف و كان السلطان يحتمل له ذلك، لصلاحه، فلم يزل هذه حاله، حتي كان يوما دخل أبو الحسن موسي عليه السلام المسجد فرآه فأدني إليه ثم قال له: يا أبا علي ما أحب إلي ما أنت فيه، و أسرني بك إلا أنه ليست لك معرفة فاذهب فاطلب المعرفة قال: جعلت فداك، و ما المعرفة؟ قال له: اذهب و تفقه و اطلب الحديث قال: عمن؟ قال: عن أنس بن مالك، و عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض الحديث علي.

قال: فذهب فتكلم معهم، ثم جاءه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب و اطلب المعرفة، و كان الرجل معنيا بدينه، فلم يزل يترصد أبا الحسن حتي خرج إلي ضيعة له فتبعه و لحقه في الطريق، فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله، فدلني علي المعرفة قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام و قال له: كان أمير المؤمنين بعد رسول الله صلي الله عليه و آله، و أخبره بأمر أبي بكر و عمر، فقبل منه ثم قال: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن ثم الحسين عليهما السلام حتي انتهي إلي نفسه عليه السلام، ثم سكت.

قال: جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلي جعلت فداك فقال: أنا هو قال: جعلت فداك فشئ أستدل به قال: اذهب إلي تلك الشجرة و أشار إلي ام غيلان فقل لها: يقول لك موسي بن جعفر أقبلي قال: فأتيتها قال: فرأتيها و الله تجب الارض جبوبا حتي وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت قال: فأقر به ثم لزم السكوت، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك و كان من قبل ذلك يري الرؤيا الحسنة، و يري له ثم! انقطعت عنه الرؤيا فرأي ليلة أبا عبد الله عليه السلام فيما يري



[ صفحه 53]



النائم فشكا إليه انقطاع الرؤيا فقال: لا تغتم فان المؤمن إذا رسخ في الايمان رفع عنه الرؤيا [77] .

يج/: عن الرافعي مثله [78] .

49 شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرافعي مثله [79] .

50 عم: الكليني مثله [80] .

بيان: معنيا بفتح الميم و سكون العين و تشديد الياء أي ذا عناية و اهتمام بدينه قوله: تجب الارض جبوبا كذا في ير و في ساير الكتب تخد الارض خدا و الجب القطع و الخد إحداث الحفرة المستطيلة في الارض.

51 ير: محمد بن عيسي، عن الوشاء، عن هشام قال: أردت شري جارية بثمن، و كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أستشيره في ذلك فأمسك فلم يجبني فاني من الغد عند مولي الجارية إذ مر بي و هي جالسة عند جوار فصرت بتجربة الجارية [81] فنظر إليها، قال ثم رجع إلي منزله، فكتب إلي: لا بأس إن لم يكن في عمرها قلة قال: فأمسكت عن شرائها فلم أخرج من مكة حتي ماتت [82] .

52 ير: معاوية بن حكيم، عن جعفر بن محمد بن يونس، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: استقرض أبو الحسن عليه السلام عن شهاب بن عبد ربه قال: و كتب كتابا و وضع علي يدي عبد الرحمن بن الحجاج و قال: إن حدث بي حدث فخرقه قال عبد الرحمن: فخرجت من مكة فلقيني أبو الحسن عليه السلام فأرسل إلي بمني فقال لي: يا عبد الرحمن خرق الكتاب قال: ففعلت، و قدمت الكوفة فسألت عن شهاب، فإذا هو قد مات في وقت لم يمكن فيه بعث الكتاب [83] .



[ صفحه 54]



53 ير: عبد الله بن محمد، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن معلي، عن ابن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت العبد الصالح أبا الحسن عليه السلام ينعي إلي رجل نفسه، فقلت في نفسي: و إنه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته؟ فقال شبه المغضب: يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا و البلايا فالإِمام أولي بذلك [84] .

54 ير: عثمان بن عيسي، عن خالد قال: كنت مع أبي الحسن بمكة فقال: من ههنا من أصحابكم؟ فعددت عليه ثمانية أنفس، فأمر بإخراج أربعة و سكت عن أربعة فما كان إلا يومه و من الغد حتي مات الاربعة، فسلموا [85] .

55 ير: جعفر بن إسحاق بن سعد، عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: أفرغ فيما بينك، و بين من كان له معك عمل في سنة أربع و سبعين و مائة حتي يجيئك كتابي، و انظر ما عندك فابعث به إلي، و لا تقبل من أحد شيئا، و خرج إلي المدينة، و بقي خالد بمكة خمسة عشر يوما ثم مات [86] .

56 ير: الحسن بن علي بن معاوية، عن إسحاق قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام و دخل عليه رجل فقال له أبو الحسن: يا فلان إنك تموت إلي شهر قال: فأضمرت في نفسي كأنه يعلم آجال شيعته! قال: فقال: يا إسحاق و ما تنكرون من ذلك؟! و قد كان رشيد الهجري مستضعفا و كان يعلم علم المنايا و البلايا فالإِمام أولي بذلك، ثم قال: يا إسحاق تموت إلي سنتين و يتشتت أهلك و ولدك و عيالك، و أهل بيتك، و يفلسون إفلاسا شديدا [87] .

57 يج/: عن إسحاق مثله.

58 كا: أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن سيف بن عميرة، عن



[ صفحه 55]



إسحاق مثله [88] .

59 عم: الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن إسحاق بن عمار مثله [89] .

60 كا: أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق مثله [90] .

61 ير: أحمد بن الحسين، عن الحسن بن بره، عن عثمان بن عيسي، عن الحارث بن المغيرة النضري قال: دخلت علي أبي الحسن سنة الموت بمكة و هي سنة أربع و سبعين و مائة فقال لي: من ههنا من أصحابكم مريض؟ فقلت: عثمان بن عيسي من أوجع الناس، فقال: قل له: يخرج، ثم قال: من ههنا فعددت عليه ثمانية، فأمر بإخراج أربعة وكف عن أربعة، فما أمسينا من غد حتي دفنا الاربعة الذين كف عن إخراجهم، فقال عثمان: و خرجت أنا فأصبحت معافي [91] .

62 ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن المغيرة قال: مر العبد الصالح عليه السلام بإمرأة بمني، و هي تبكي، و صبيانها حولها يبكون، و قد ماتت بقرة لها، فدنا منها ثم قال لها: ما يبكيك يا أمة الله؟ قالت: يا عبد الله إن لي صبيانا أيتاما فكانت لي بقرة، معيشتي و معيشة صبياني كان منها، فقد ماتت و بقيت منقطعة بي و بولدي، و لا حيلة لنا، فقال لها: يا أمة الله هل لك أن أحييها لك قال: فألهمت أن قالت: نعم يا عبد الله قال: فتنحي ناحية فصلي ركعتين، ثم رفع يديه يمنة و حرك شفتيه، ثم قام فمر بالبقرة فنخسها [92] نخسا أو ضربها برجله فاستوت علي الارض قائمة، فلما نظرت المرأة إلي البقرة قد قامت، صاحت: عيسي



[ صفحه 56]



ابن مريم و رب الكعبة قال: فخالط الناس، و صار بينهم، و مضي بينهم، صلي الله عليه و علي آبائه الطاهرين [93] .

63 كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن المغيرة مثله [94] .

64 ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عبد الله الفرا، عن معتب أنه أخبره أن أبا الحسن الاول عليه السلام لم يكن يري له ولد، فأتاه يوما إسحاق و محمد أخواه، و أبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي، فجاء غلام سقلابي [95] فكلمه بلسانه فذهب فجاء بعلي ابنه فقال لاخوته: هذا علي ابني فضموه إليه واحدا بعد واحد فقبلوه، ثم كلم الغلام بلسانه فحمله فذهب فجاء بإبراهيم فقال ابني ثم كلمه بكلام فحمله فذهب، فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام و يكلمهم حتي جاء خمسة أولاد، و الغلمان مختلفون في أجناسهم و ألسنتهم [96] .

65 ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر، عن بشير، عن علي ابن أبي حمزة قال: دخل رجل من موالي أبي الحسن عليه السلام فقال: جعلت فداك احب أن تتغدي عندي فقام أبو الحسن عليه السلام حتي مضي معه فدخل البيت فإذا في البيت سرير فقعد علي السرير و تحت السرير زوج حمام.

فهدر الذكر علي الانثي و ذهب الرجل ليحمل الطعام فرجع و أبو الحسن عليه السلام يضحك فقال: أضحك الله سنك بم ضحكت؟ فقال: إن هذا الحمام هدر علي هذه الحمامة فقال لها يا سكني و عرسي و الله ما علي وجه الارض أحد أحب إلي منك ماخلا هذا القاعد علي السرير قال: قلت: جعلت فداك و تفهم كلام الطير؟ فقال: نعم علمنا منطق الطير و اوتينا



[ صفحه 57]



من كل شيء [97] .

66 ير: الحسين بن محمد القاساني، عن أبي الاعوص داود بن أسد المصري عن محمد بن الحسن بن جميل، عن أحمد بن هارون بن موفق و كان هارون بن موفق مولي أبي الحسن قال: أتيت أبا الحسن لاسلم عليه فقال لي: اركب ندور في أموالنا فأتيت فازة لي قد ضربت علي جدول مآء كان عنده خضرة فاستنزه ذلك فضربت له الفازة فجلست حتي أتي علي فرس له فقبلت فخذه و نزل فأمسكت ركابه و أهويت لآخذ العنان فأبي، و أخذه هو و أخرجه من رأس الدابة، و علقه في طنب من أطناب الفازة، فجلس و سألني عن مجيئ و ذلك عند المغرب، فأعلمت بمجيئي من القصر، إلي أن حمحم الفرس فضحك عليه السلام و نطق بالفارسية و أخذ بعرفها فقال: اذهب قبل، فرفع رأسه فنزع العنان و مر يتخطي الجداول و الزرع إلي براح حتي بال و رجع فنظر إلي فقال: إنه لم يعط داود و آل داود شيئا إلا و قد اعطي محمد و آل محمد أكثر منه [98] .

بيان: الفازة مظلة بعمودين قوله: فاستنزه أي وجده عليه السلام نزها و لعله رآه و مضي ثم رجع، و لا يبعد أن يكون تصحيف فاستنزهت، و الحمحمة صوت البرذون عند الشعير.

67 قب [99] شا [100] يج/: البطايني قال: خرج موسي بن جعفر عليه السلام في بعض الايام من المدينة إلي ضيعة له خارجة عنها فصحبته و كان راكبا بعلة و أنا علي حمار، فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت خوفا و أقدم أبو الحسن مكترث به، فرأيت الاسد يتذلل لابي الحسن و يهمهم، فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلي همهمته، و وضع الاسد يده علي كفل بغلته، و خفت من ذلك خوفا



[ صفحه 58]



عظيما، ثم تنحي الاسد إلي جانب الطريق و حول أبو الحسن وجهه إلي القبلة و جعل يدعو ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه ثم أومأ إلي الاسد بيده أن أمض، فهمهم الاسد همهمة طويلة و أبو الحسن يقول آمين آمين، و انصرف الاسد حتي غاب عن أعيننا، و مضي أبو الحسن لوجهه و اتبعته.

فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت: جعلت فداك ما شأن هذا الاسد فلقد خفته و الله عليك و عجبت من شأنه معك، قال: إنه خرج يشكو عسر الولادة علي لبوته و سألني أن أدعو الله ليفرج عنها ففعلت ذلك و القي في روعي أنها ولدت له ذكرا فخبرته بذلك فقال لي: أمض في حفظ الله فلا سلط الله عليك و علي ذريتك و علي أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت: آمين [101] .

بيان: أحجم عنه كف أو نكص هيبة، و اللبوة أنثي الاسد.

68 قب: روي عن عيسي شلقان قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام و أنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب فقال لي مبتدءا من قبل أن أجلس: ما منعك أن تلقي ابني موسي فتسأله عن جميع ما تريد؟ قال عيسي: فذهبت إلي العبد الصالح عليه السلام و هو قاعد في الكتاب و علي شفتيه أثر المداد فقال لي مبتدءا: يا عيسي إن الله أخذ ميثاق النبيين علي النبوة فلم يتحولوا عنها، و أخذ ميثاق الوصيين علي الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا، و إن قوما إيمانهم عارية، و إن أبا الخطاب ممن اعير الايمان فسلبه الله إياه، فضممته إلي و قبلت ما بين عينيه و قلت: ذرية بعضها من بعض.

ثم رجعت إلي الصادق عليه السلام فقال: ما صنعت؟ قلت: أتيته فأخبرني مبتدءا من أن أسأله عن جميع ما أردت، فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الامر، فقال: يا عيسي إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لاجابك فيه بعلم ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب [102] .



[ صفحه 59]



69 قب [103] يج/: روي عن أحمد بن عمر الحلال قال: سمعت الاخرس يذكر موسي بن جعفر بسوء فاشتريت سكينا و قلت في نفسي و الله لاقتلنه إذا خرج للمسجد، فأقمت علي ذلك و جلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن قد طلعت علي فيها: بحقي عليك لما كففت عن الاخرس فإن الله يغني و هو حسبي فما بقي أيام إلا و مات [104] .

70 يج/: روي إسماعيل بن موسي، قال: كنا مع أبي الحسن في عمرة فنزلنا بعض قصور الامراء فأمر بالرحلة فشدت المحامل و ركب بعض العيال و كان أبو الحسن في بيت فخرج فقام علي بابه فقال: حطوا حطوا قال إسماعيل: و هل تري شيئا؟ قال: إنه سيأتيكم ريح سوداء مظلمة تطرح بعض الابل فجاءت ريح سوداء فأشهد لقد رأيت جملنا عليه كنيسة كنت أركب أنا فيها و أحمد أخي و لقد قام ثم سقط علي جنبه بالكنيسة.

71 كشف: من دلائل الحميري عن إسماعيل مثله [105] .

72 يج/: روي إبراهيم بن الحسن بن راشد، عن ابن يقطين قال: كنت واقفا عند هارون الرشيد إذ جاءته هدايا ملك الروم و كان فيها دراعة ديباج سوداء منسوجة بالذهب لم أر أحسن منها فرآني أنظر إليها فوهبها لي، و بعثتها إلي أبي إبراهيم عليه السلام و مضت عليها برهة تسعة أشهر و انصرفت يوما من عند هارون بعد أن تغديت بين يديه، فلما دخلت داري قام إلي خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل علي يده و كتاب لطيف ختمه رطب فقال: أتاني بهذا رجل الساعة فقال: أوصله إلي مولاك ساعة يدخل، ففضضت الكتاب و إذا به كتاب مولاي أبي إبراهيم عليه السلام و فيه: يا علي هذا وقت حاجتك إلي الدراعة و قد بعثت بها إليك، فكشفت طرف المنديل عنها و رأيتها و عرفتها، و دخل علي خادم هارون بغير إذن فقال: أجب أمير المؤمنين



[ صفحه 60]



قلت: أي شيء حدث؟ قال: لا أدري.

فركبت و دخلت عليه، و عنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه فقال: ما فعلت الدراعة التي وهبتك، قلت: خلع أمير المؤمنين علي كثيرة من دراريع و غيرها فعن أيها يسألني؟ قال: دراعة الديباج السوداء الرومية المذهبة، فقلت: ما عسي أن أصنع بها ألبسها في أوقات و أصلي فيها ركعات، و قد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين الساعة لالبسها، فنظر إلي عمر بن بزيع فقال: قل يحضرها فأرسلت خادمي جاء بها، فلما رآها قال: يا عمر ما ينبغي أن تنقل علي علي بعد هذا شيئا، قال: فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدراعة إلي داري، قال علي بن يقطين: و كان الساعي ابن عم لي فسود الله وجهه و كذبه و الحمد لله [106] .

73 عيون المعجزات: نقلا عن البصاير، عن محمد بن عبد الله العطار مرفوعا إلي علي بن يقطين مثله [107] .

74 يج/: روي عن عيسي المدائني قال: خرجت سنة إلي مكة فأقمت بها ثم قلت: أقيم بالمدينة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي، فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلي إلي جنب دار أبي ذر، فجعلت اختلف إلي سيدي فأصابنا مطر شديد بالمدينة فأتيت أبا الحسن عليه السلام مسلما عليه يوما و إن السماء تهطل فلما دخلت إبتدأني فقال لي: و عليك السلام يا عيسي ارجع فقد انهدم بيتك إلي متاعك فانصرفت راجعا فإذا البيت قد أنهار، و استعملت عملة فاستخرجوا متاعي كله و لا افتقدته سطل كان لي.

فلما أتيته بالغد مسلما عليه قال: هل فقدت من متاعك شيئا فندعو الله لك بالخلف؟ قلت: ما فقدت شيئا ماخلا سطلا كان لي أتوضأ منه فقدته فأطرق مليا ثم رفع رأسه إلي فقال: قد ظننت أنك أنسيت السطل فسل جارية رب الدار عنه



[ صفحه 61]



و قل لها: أنت رفعت السطل في الخلا فرديه فانها سترده عليك، فما انصرفت أتيت جارية رب الدار، فقلت: إني نسيت السطل في الخلاف رديه علي أتوضأ به فردت علي سطلي.

75 كشف: من دلايل الحميري، عن عيسي بن المدايني مثله [108] .

76 يج/: روي أن علي بن أبي حمزة قال: كنت عند موسي بن جعفر عليه السلام إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه و جلس و ساءله أبو الحسن عليه السلام و أحسن السوأل به ثم قال له: يا جندب ما فعل أخوك؟ قال له: بخير و هو يقرئك السلام فقال: يا جندب أعظم الله لك أجرك في أخيك فقال: ورد كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوما بالسلامة، فقال: إنه و الله مات بعد كتابه بيومين و دفع إلي إمرأته ما لا و قال: ليكن هذا المال عندك فإذا قدم أخي فادفعيه إليه، و قد أودعته الارض في البيت الذي كان يكون فيه، فإذا أنت أتيتها فتلطف لها و أطمعها في نفسك فانها ستدفعه إليك، قال علي بن أبي حمزة: و كان جندب رجلا كبيرا جميلا قال: فلقيت جندبا بعد ما فقد أبو الحسن عليه السلام فسألته عما قال له فقال: صدق و الله سيدي ما زاد و لا نقص لا في الكتاب و لا في المال.

77 عيون المعجزات: عن علي مثله [109] .

78 نجم: بإسنادنا إلي الحميري في كتاب الدلائل يرفعه إلي علي مثله [110] .

79 كشف: من كتاب دلائل الحميري عن علي مثله [111] .

80 يج/: روي ابن أبي حمزة قال: كان رجل من موالي أبي الحسن لي صديقا قال: خرجت من منزلي يوما فإذا أنا بإمرأة حسناء جميلة و معها اخري فتبعتها فقلت لها: تمتعيني نفسك فالتفتت إلي و قالت إن كان لنا عندك جنس فليس فينا



[ صفحه 62]



مطمع، و إن لم يكن لك زوجة فامض بنا، فقلت ليس لك عندنا جنس فانطلقت معي حتي صرنا إلي باب المنزل فدخلت فلما أن خلعت فرد خف و بقي الخف الآخر تنزعه إذا قارع يقرع الباب فخرجت فإذا أنا بموفق فقلت له: ما وراك؟ قال: خير يقول أبو الحسن: أخرج هذه المرأة التي معك في البيت و لا تمسها.

فدخلت فقلت لها: البسي خفيك يا هذه و اخرجي، فلبست خفها و خرجت فنظرت إلي موفق بالباب فقال: سد الباب فسددته، فو الله ما جائت له بعيد و أنا وراء الباب أستمع و أتطلع حتي لقيها رجل مستعر، فقال لها: مالك خرجت سريعا ألست قلت لا تخرجي قالت: إن رسول الساحر جاء يأمره أن يخرجني فأخرجني قال: فسمعته يقول أولي له و إذا القوم طمعوا في مال عندي، فلما كان العشاء عدت إلي أبي الحسن قال: لا تعد فان تلك إمرأة من بني أمية أهل بيت لعنة إنهم كانوا بعثوا أن يأخذوها من منزلك فأحمد الله الذي صرفها.

ثم قال لي أبو الحسن: تزوج بابنة فلان و هو مولي أبي أيوب البخاري فانها إمرأة قد جمعت كل ما تريد من أمر الدنيا و الآخرة فتزوجت فكان كما قال عليه السلام.

بيان: قوله مستعر من استعر النار أي التهب و هو كناية عن العزم علي الشر و الفساد.

81 يج/: روي أن علي بن أبي حمزة قال: بعثني أبو الحسن في حاجة فجئت و إذا معتب علي الباب فقلت: أعلم مولاي بمكاني، فدختل معتب و مرت بي إمرأة فقلت لو لا أن معتبا دخل فأعلم مولاي بمكاني لاتبعت هذه المرأة فتمتعت بها، فخرج معتب فقال: ادخل، فدخلت عليه و هو علي مصلي تحته مرفقة فمد يده و أخرج من تحت المرفقة صرة فناولنيها و قال: الحق المرأة فإنها علي دكان العلاف تقول يا عبد الله قد حبستني، قلت أنا؟ قالت: نعم فذهبت بها و تمتعت بها.

82 يج/: روي عن المعلي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن بكار القصي قال: حججت أربعين حجة، فلما كان في آخرها اصبت بنفقتي فقدمت مكة فأقمت



[ صفحه 63]



حتي يصدر الناس ثم أصير إلي المدينة فأزور رسول الله صلي الله عليه و آله و أنظر إلي سيدي أبي الحسن موسي عليه السلام و عسي أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئا فأستعين به علي طريقي إلي الكوفة، فخرجت حتي صرت إلي المدينة فأتيت رسول الله صلي الله عليه و آله فسلمت عليه ثم جئت إلي المصلي إلي الموضع الذي يقوم فيه العملة، فقمت فيه رجاء أن يسبب الله لي عملا أعمله.

فبينما أنا كذلك إذا أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة، فجئت فوقفت معهم فذهب بجماعة فاتبعته فقلت: يا عبد الله إني رجل غريب فان رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني قال: أنت من أهل الكوفة؟ قلت: نعم قال: اذهب فانطلقت معه إلي دار كبيرة تبني جديدة، فعملت فيها أياما و كنا لا نعطي من أسبوع إلي أسبوع إلا يوما واحدا، و كان العمال لا يعملون فقلت للوكيل: استعملني عليهم حتي أستعملهم و أعمل معهم فقال: قد استعملتك فكنت أعمل و أستعملهم.

قال: فاني لواقف ذات يوم علي السلم إذ نظرت إلي أبي الحسن موسي عليه السلام قد أقبل و أنا في السلم في الدار، ثم رفع رأسه إلي فقال: بكار جئتنا أنزل فنزلت قال: فتنحي ناحية فقال لي: ما تصنع ههنا؟ فقلت: جعلت فداك اصبت بنفقتي بجمع فأقمت إلي: صدور الناس ثم إني صرت إلي المدينة فأتيت المصلي فقلت أطلب عملا فبينما أنا قائم إذ جاء وكيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني كما يستعملهم فقال لي: قم يومك هذا.

فلما كان من الغد و كان اليوم الذي يعطون فيه جاء فقعد علي الباب فجعل يدعو الوكيل برجل رجل يعطيه، كلما ذهبت لا دنو قال لي بيده كذا حتي إذا كان في آخرهم قال إلي: ادن فدنوت فدفع إلي صرة فيها خمسة عشر دينارا قال لي: خذ هذه نفقتك إلي الكوفة.

ثم قال: أخرج غدا، قلت: نعم جعلت فداك و لم أستطع أن أرده، ثم ذهب و عاد إلي الرسول فقال: قال أبو الحسن: ائتني غدا قبل أن تذهب.



[ صفحه 64]



فلما كان من الغد أتيته فقال: أخرج الساعة حتي تصير إلي فيد [112] فانك توافق قوما يخرجون إلي الكوفة و هاك هذا الكتاب فادفعه إلي علي بن أبي حمزة قال: فانطلقت فلا و الله ما تلقاني خلق حتي صرت إلي فيد، فإذا قوم قد تهيؤا للخروج إلي الكوفة من الغد، فاشتريت بعيرا و صحبتهم إلي الكوفة فدخلتها ليلا فقلت أصير إلي منزلي فأرقد ليلتي هذه ثم أغدو بكتاب مولاي إلي علي بن أبي حمزة، فأتيت منزلي فاخبرت أن اللصوص دخلوا حانوتي قبل قدومي بأيام.

فلما أن أصبحت صليت الفجر فبينما أنا جالس متفكر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع الباب فخرجت فإذا علي بن أبي حمزة فعانقته و سلم علي ثم قال لي: يا بكار هات كتاب سيدي، قلت: نعم كنت علي المجئ إليك الساعة، قال: هات قد علمت أنك قد مت ممسيا، فأخرجت الكتاب فدفعته إليه فأخذه و قبله و وضعه علي عينيه و بكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: شوقا إلي سيدي ففكه و قرأه ثم رفع رأسه و قال: يا بكار دخل عليك اللصوص؟ قلت: نعم فأخذوا ما في حانوتك؟ قلت: نعم.

قال: إن الله قد أخلف عليك قد أمرني مولاك و مولاي أن أخلف عليك ما ذهب منك و أعطاني أربعين دينارا، قال: فقومت ما ذهب فإذا قيمته أربعون دينارا ففتح علي الكتاب و قال فيه: ادفع إلي بكار قيمة ما ذهب من حانوته أربعين دينارا [113] .

83 يج/: روي أن إسحاق بن عمار قال: لما حبس هارون أبا الحسن موسي دخل عليه أبو يوسف و محمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة فقال أحدهما للآخر: نحن علي أحد الامرين إما أن نساويه أو نشكله فجلسا بين يديه، فجاء رجل كان موكلا من قبل السندي بن شاهك فقال: إن نوبتي قد انقضت و أنا علي الانصراف فإن كان لك حاجة أمرتني حتي آتيك بها في الوقت الذي تخلفني النوبة؟ فقال: ما لي



[ صفحه 65]



حاجة، فلما أن خرج قال لابي يوسف: ما أعجب هذا يسألني أن اكلفه حاجة من حوائجي ليرجع و هو ميت في هذه الليلة، فقاما فقال أحدهما للآخر: إنا جئنا لنسأله عن الفرض و السنة و هو ألان جاء بشيء آخر كأنه من علم الغيب.

ثم بعثا برجل مع الرجل فقالا: اذهب حتي تلزمه و تنظر ما يكون من أمره في هذه الليلة و تأتينا بخبره من الغد، فمضي الرجل فنام في مسجد في باب داره فلما أصبح سمع الواعية ورأي الناس يدخلون داره فقال: ما هذا؟ قالوا: قد مات فلان في هذه الليلة فجأة من علة، فانصرف إلي أبي يوسف و محمد و أخبرهما الخبر فأتيا أبا الحسن عليه السلام فقالا: قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال و الحرام فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة؟ قال: من الباب الذي أخبر بعلمه رسول الله صلي الله عليه و آله علي بن أبي طالب عليه السلام فلما رد عليهما هذا بقيا لا يحيران جوابا [114] .

بيان: نشكله أي نشبهه و إن لم نكن مثله.

84 يج/: عن إسحاق بن عمار أن أبا بصير أقبل مع أبي الحسن موسي بن مكة يريد المدينة، فنزل أبو الحسن في الموضع الذي يقال له زبالة بمرحلة [115] فدعا بعلي بن أبي حمزة البطائني و كان تلميذا لابي بصير فجعل يوصيه بوصية بحضرة أبي بصير و يقول: يا علي إذا صرنا إلي الكوفة تقدم في كذا، فغضب أبو بصير و خرج من عنده، فقال: لا و الله ما أعجب ما أري هذا الرجل أنا أصحبه منذ حين ثم تخطاني بحوائجه إلي بعض غلماني، فلما كان من الغد حم أبو بصير بزبالة فدعا بعلي بن أبي حمزة فقال لي: أستغفر الله مما حل في صدري من مولاي و من سوء ظني به، فقد علم أني ميت وأني لا ألحق الكوفة، فإذا أنا مت فافعل كذا و تقدم في كذا، فمات أبو بصير في زبالة.

85 يج/: روي أن هشام بن الحكم قال: لما مضي أبو عبد الله و ادعي الامامة



[ صفحه 66]



عبد الله بن جعفر و أنه أكبر من ولده، دعاه موسي بن جعفر عليه السلام و قال: يا أخي إن كنت صاحب هذا الامر فهلم يدك فأدخلها النار، و كان حفر حفيرة و ألقي فيها حطبا و ضربها بنفط و نار، فلم يفعل عبد الله، و أدخل أبو الحسن يده في تلك الحفيرة، و لم يخرجها من النار إلا بعد احتراق الحطب و هو يمسحها.

86 يج/: روي أن علي بن مؤيد قال: خرج إليه عن أبي الحسن موسي عليه السلام: سألتني عن امور كنت منها في تقية و من كتمانها في سعة، فلما انقضي سلطان الجبابرة ودنا سلطان ذي السلطان العظيم، بفراق الدنيا المذمومة إلي أهلها، العتاة علي خالقهم، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة علي ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله و اكتم ذلك إلا من أهله، و أحذر أن تكون سبب بلية علي الاوصياء أو حارشا عليهم في إفشاء ما استودعتك و إظهار مااستكتمنك، و لن تفعل إنشاء الله، إن أول ما انهي عليك أن أنعي إليك نفسي في ليالي هذه، جازع و لا نادم و لا شاك فيما هو كائن مما قضي الله و قدر و حتم، في كلام كثير، ثم إنه عليه السلام مضي في أيامه هذه.

87 يج/: روي عن محمد بن عبد الله، عن صالح بن واقد الطبري قال: دخلت علي موسي بن جعفر فقال: يا صالح إنه يدعوك الطاغية يعني هارون فيحبسك في محبسه و يسألك عني فقل إني لا أعرفه، فإذا صرت إلي محبسه فقل من أردت أن تخرجه فأخرجه باذن الله تعالي، قال صالح: فدعاني هارون من طبرستان فقال: ما فعل موسي بن جعفر فقد بلغني أنه كان عندك؟ فقلت: و ما يدريني من موسي بن جعفر؟ أنت يا أمير المؤمنين أعرف به و بمكانه، فقال اذهبوا به إلي الحبس، فو الله إني لفي بعض الليالي قاعد و أهل الحبس نيام إذا أنا به يقول: يا صالح، قلت: لبيك قال: صرت إلي ههنا؟ فقلت: نعم يا سيدي قال: قم فاخرج و اتبعني، فقمت و خرجت، فلما صرنا إلي بعض الطريق قال: يا صالح السلطان سلطاننا كرامة من الله أعطاناها، قلت: يا سيدي فأين أحتجز من هذا الطاغية؟ قال: عليك ببلادك فارجع إليها فإنه لن يصل إليك، قال صالح: فرجعت إلي طبرستان فو الله ما سأل عني و



[ صفحه 67]



لادري أحبسني أم لا.

88 يج/: روي عن الاصبغ بن موسي قال: حملت دنانير إلي موسي بن جعفر عليه السلام بعضها لي و بعضها لاخواني، فلما دخلت المدينة أخرجت الذي لاصحابي فعددته فكان تسعة و تسعين دينارا فأخرجت من عندي دينارا فأتممتها مائة دينار فدخلت فصببتها بين يديه، فأخذ دينارا من بينها ثم قال: هاك دينارك، إنما بعث إلينا وزنا لا عددا.

89 يج/: روي عن المفضل بن عمر قال: لما قضي الصادق عليه السلام كانت وصيته في الامامة إلي موسي الكاظم فادعي أخوه عبد الله [116] الامامة، و كان أكبر ولد جعفر في وقته ذلك، و هو المعروف بالافطح فأمر موسي بجمع حطب كثير في وسط داره



[ صفحه 68]



فأرسل إلي أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده و مع موسي جماعة من وجوه الامامية، و جلس إليه أخوه عبد الله، أمر موسي أن يجعل النار في ذلك الحطب كله فاحترق كله، و لا يعلم الناس السبب فيه، حتي صار الحطب كله جمرا ثم قام موسي و جلس بثيابه في وسط النار و أقبل يحدث الناس ساعة، ثم قام فنفض ثوبه و رجع إلي المجلس فقال لاخيه عبد الله: إن كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس، فقالوا: فرأينا عبد الله قد تغير لونه فقام يجر رداءه حتي خرج من دار موسي عليه السلام [117] .

90 يج/: روي عن إسحاق بن منصور، عن أبيه، قال: سمعت موسي بن جعفر عليه السلام يقول ناعيا إلي رجل من الشيعة نفسه، فقلت في نفسي: و إنه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته! فالتفت إلي فقال: اصنع ما أنت صانع فان عمرك قد فني، و قد بقي منه دون سنتين، و كذلك أخوك و لا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا حتي يموت، و كذلك عامة أهل بيتك و يتشتت كلهم، و يتفرق جمعهم، و يشمت بهم أعداؤهم، و هم يصيرون رحمة لاخوانهم أ كان هذا في صدرك؟ فقلت: أستغفر الله مما في صدري، فلم يستكمل منصور سنتين حتي مات، و مات بعده بشهر أخوه و مات عامة أهل بيته، و أفلس بقيتهم و تفرقوا حتي احتاج من بقي منهم إلي الصدقة [118] .

91 كا: أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت العبد الصالح عليه السلام ينعي إلي رجل نفسه إلي قوله



[ صفحه 69]



فالتفت إلي شبه المغضب فقال: يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا و البلايا و الامام أولي بعلم ذلك، ثم قال: يا إسحاق اصنع إلي قوله فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلا يسيرا حتي مات فما أتي عليهم إلا قليل حتي قام بنو عمار بأموال الناس فأفلسوا [119] .

92 يج/: روي واضح عن الرضا قال: قال أبي موسي عليه السلام للحسين بن أبي العلا: اشتر لي جارية نوبية فقال الحسين: أعرف و الله جارية نوبية نفيسة أحسن ما رأيت من النوبة، فلو لا خصلة لكانت من يأتيك، فقال: و ما تلك الخصلة؟ قال: لا تعرف كلامك و أنت لا تعرف كلامها، فتبسم ثم قال: اذهب حتي تشتريها (قال:) فلما دخلت بها إليه، قال لها بلغتها: ما اسمك؟ قالت: مونسة قال: أنت لعمري مونسة قد كان لك اسم هذا، كان اسمك قبل هذا حبيبة، قالت: صدقت، ثم قال: يا ابن أبي العلا إنها ستلد لي غلاما لا يكون في ولدي أسخي منه و لا أشجع و لا أعبد منه قال: فما تسميه حتي أعرفه؟ قال: اسمه إبراهيم.

فقال علي بن أبي حمزة: كنت مع موسي عليه السلام بمني إذ أتاني رسوله فقال: الحق بي بالثعلبية [120] فلحقت به و معه عياله و عمران خادمه فقال: أيما أحب إليك: المقام ههنا أو تلحق بمكة؟ قلت: أحبهما إلي ما أحببته، قال: مكة خير لك ثم بعثني إلي داره بمكة و أتيته و قد صلي المغرب فدخلت فقال: اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس، فخلعت نعلي و جلست معه، فاتيت بخوان فيه خبيص فأكلت أنا و هو، ثم رفع الخوان و كنت أحدثه، ثم غشيني النعاس، فقال لي: قم فنم حتي أقوم أنا لصلاة الليل، فحملني النوم إلي أن فرغ من صلاة الليل، ثم جاءني فنبهني فقال: قم فتوضأ! وصل صلاة الليل و خفف، فلما فرغت من الصلاة صليت الفجر ثم قال لي: يا علي إن ام ولدي ضربها الطلق فحملتها إلي الثعلبية



[ صفحه 70]



مخافة أن يسمع الناس صوتها فولدت هناك الغلام الذي ذكرت لك كرمه و سخاءه و شجاعته قال علي: فو الله لقد أدركت الغلام فكان كما وصف [121] .

بيان: قوله عليه السلام: لا يكون في ولدي أسخي منه أي ساير أولاده سوي الرضا عليهما السلام.

93 يج/ روي عن ابن أبي حمزة قال: كنت عند أبي الحسن موسي عليه السلام إذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبشة اشتروا له، فتكلم غلام منهم فكان جميلا بكلام فأجابه موسي عليه السلام بلغته، فتعجب الغلام و تعجبوا جميعا و ظنوا أنه لا يفهم كلامهم، فقال له موسي: إني لادفع إليك ما لا فادفع إلي كل منهم ثلاثين درهما فخرجوا و بعضهم يقول لبعض: إنه أفصح منا بلغاتنا، و هذه نعمة من الله علينا.

قال علي بن أبي حمزة: فلما خرجوا قلت: يا ابن رسول الله رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم؟! قال: نعم، قال: و أمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم؟ قال: نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا و أن يعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهما، لانه لما تكلم كان أعلمهم فأنه من أبنآء ملوكهم، فجعلته عليهم و أوصيته بما يحتاجون إليه، و هو مع هذا غلام صدق، ثم قال: لعلك عجبت من كلامي إياهم بالحبشة؟ قلت: إي و الله قال: لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب و أعجب، و ما الذي سمعته مني إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة، أفتري هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر؟! و الامام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده و عجائبه أكثر من عجائب البحر [122] .

94 يج/: قال بدر مولي الرضا عليه السلام: إن إسحاق بن عمار دخل علي موسي بن جعفر عليهما السلام فجلس عنده إذا استأذن رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع مثله قط كأنه كلام الطير، قال إسحاق: فأجابه موسي بمثله و بلغته إلي أن قضي وطره من مساءلته، فخرج من عنده فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام قال: هذا كلام قوم من أهل الصين مثله، ثم قال: أتعجب من كلامي بلغته؟ قلت: هو موضع



[ صفحه 71]



التعجب قال عليه السلام: أخبرك بما هو أعجب منه إن الامام يعلم منطق الطير و منطق كل ذي روح خلقه الله و ما يخفي علي الامام شيء [123] .

95 يج/: روي عن علي بن أبي حمزة قال: أخذ بيدي موسي بن جعفر عليه السلام يوما فخرجنا من المدينة إلي الصحراء فإذا نحن برجل مغربي علي الطريق يبكي و بين يديه حمار ميت، و رحله مطروح، فقال له موسي عليه السلام: ما شأنك؟ قال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري ههنا و بقيت و مضي أصحابي و قد بقيت متحيرا ليس لي شيء أحمل عليه، فقال موسي: لعله لم يمت قال: أما ترحمني حتي تلهو بي قال: إن عندي رقية [124] جيدة قال الرجل: ليس يكفيني ما أنا فيه حتي تستهزء بي، فدنا موسي من الحمار و نطق بشيء لم أسمعه، و أخذ قضيبا كان مطروحا فضربه و صاح عليه، فوثب الحمار صحيحا سليما فقال: يا مغربي تري ههنا شيئا من الاستهزاء؟ الحق بأصحابك، و مضينا و تركناه.

قال علي بن أبي حمزة: فكنت واقفا يوما علي بئر زمزم بمكة فإذا المغربي هناك، فلما رآني عدا إلي و قبل يدي فرحا مسرورا فقلت له: ما حال حمارك؟ فقال: هو و الله سليم صحيح و ما أدري من أين ذلك الرجل الذي من الله به علي فأحيي لي حماري بعد موته، فقلت له: قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته [125] .

96 يج/: روي عن أبي خالد الزبالي قال: قدم أبو الحسن موسي عليه السلام زبالة و معه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم في أشخاصه إليه، قال: و أمرني بشراء حوائج و نظر إلي و أنا مغموم، فقال: يا أبا خالد مالي أراك مغموما؟ قلت: هو ذا تصير إلي هذا الطاغية و لا آمنك منه قال: ليس علي منه بأس إذا كان يوم كذا فانتظرني في أول الميل.



[ صفحه 72]



قال: فما كانت لي همة إلا إحصاء الايام حتي إذا كان ذلك اليوم وافيت أول الميل فلم أرد أحدا حتي كادت الشمس تجب [126] فشككت، و نظرت بعد إلي شخص قد أقبل فانتظرته فإذا هو أبو الحسن موسي عليه السلام علي بغلة قد تقدم فنظر إلي فقال: لا تشكن، فقلت: قد كان ذلك، ثم قال: إن لي عودة و لا أتخلص منهم فكان كما قال.

97 عم: محمد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي خالد مثله [127] .

98 يج/: قال خالد بن نجيح: قلت لموسي عليه السلام: إن أصحابنا قدموا من الكوفة و ذكروا أن المفضل شديد الوجع فادع الله له، قال: قد استراح، و كان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام.

99 قب: بيان بن نافع التفليسي قال: خلفت والدي مع الحرم في الموسم و قصدت موسي بن جعفر عليه السلام فلما أن قربت منه هممت بالسلام عليه فأقبل علي بوجهه و قال: بر حجك با ابن نافع آجرك الله في أبيك فانه قد قبضه إليه في هذه الساعة، فارجع فخذ في جهازه فبقيت متحيرا عند قوله، و قد كنت خلفته و ما به علة فقال: يا ابن نافع أفلا تؤمن؟ فرجعت فإذا أنا بالجواري يلطمن خدودهن فقلت: ما و راكن؟ قلن: أبوك فارق الدنيا، قال ابن نافع: فجئت إليه أسأله عما أخفاه و أراني فقال: لي ابد ما أخفاه و أراك [128] ثم قال: يا ابن نافع إن كان في امنيتك كذا و كذا أن تسأل عنه فأنا جنب الله و كلمته الباقية و حجته البالغة.

أبو خالد الزبالي و أبو يعقوب الزبالي، قال كل واحد منهما: استقبلت أبا الحسن عليه السلام بالاجفر [129] في المقدمة الاولي علي المهدي، فلما خرج ودعته و بكيت، فقال لي: ما يبكيك؟ قلت: حملك هؤلاء و لا أدري ما يحدث؟ قال: فقال



[ صفحه 73]



لي: لا بأس علي منه في وجهي هذا، و لا هو بصاحبي و إني لراجع إلي الحجاز و مار عليك في هذا الموضع راجعا فانتظرني في يوم كذا و كذا في وقت كذا فانك تلقاني راجعا، قلت له: خير البشري، لقد خفته عليك قال: فلا تخف فترصدته ذلك الوقت في ذلك الموضع فإذا بالسواد قد أقبل و مناد ينادي من خلفي فأتيته فإذا هو أبو الحسن عليه السلام علي بغلة له، فقال لي: أيها أبا خالد، قلت: لبيك يا ابن رسول الله الحمد لله الذي خلصك من أيديهم، فقال: أما إن لي عودة إليهم لا أتخلص من أيديهم [130] .

يعقوب السراج قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام و هو واقف علي رأس أبي الحسن و هو في المهد فجعل يساره طويلا، فقال لي: ادن إلي مولاك، فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح، ثم قال: اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتا أمس فانه اسم يبغضه الله، و كانت ولدت لي ابنة فسميتها بفلانة، فقال لي أبو عبد الله: انته إلي أمره ترشد فغيرت اسمها [131] .

بيان: في كا فسميتها بالحميراء.

100 قب: أبو علي بن راشد و غيره في خبر طويل: انه اجتمعت عصابة الشيعة بنيشابور و اختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار و خمسين ألف درهم و شقة من الثياب، و أتت شطيطة بدرهم صحيح و شقة خادم من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت: إن الله لا يستحيي من الحق، قال: فثنيت درهمها و جاؤا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة و باقي الورق بياض علي كل حزام خاتم، و قالوا: ادفع إلي الامام ليلة و خذ منه في غد، فان وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة و انظر هل أجاب عن المسائل، فان لم تنكسر الخواتيم فهو الامام المستحق للمال فادفع إليه، و إلا فرد إلينا أموالنا.



[ صفحه 74]



فدخل علي الافطح عبد الله بن جعفر و جربه و خرج عنه قائلا رب اهدني إلي سواء الصراط، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد، فأتي بي دار موسي بن جعفر فلما رآني قال لي لم تقنط يا أبا جعفر؟ و لم تفزغ إلي اليهود و النصاري؟ إلي فأنا حجة الله و وليه، ألم يعرفك أبو حمزة علي باب مسجد جدي، و قد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس، فجئني به و بدرهم شطيطة الذي وزنه درهم و دانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري [132] ، و الشقة التي في رزمة الاخوين البلخيين.

قال: فطار عقلي من مقاله، و أتيت بما أمرني و وضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة و إزارها، ثم استقبلني و قال: إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي و أعطها هذه الصرة و كانت أربعين درهما ثم قال: و أهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمة عليها السلام و غزل اختي حليمة ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، ثم قال: و قل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر و وصول الشقة و الدراهم، فأنفقي علي نفسك منها ستة عشر درهما، و اجعلي أربعة و عشرين صدقة عنك و ما يلزم عنك، و أنا أتولي الصلاة عليك، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم علي، فانه أبقي لنفسك، ثم قال: و اردد الاموال إلي أصحابها، و افكك هذه الخواتيم عن الجزء و انظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء؟ فوجدت الخواتيم صحيحة.

ففتحت منها واحدا من وسطها فوجدت فيه مكتوبا: ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال: نذرت لله لاعتقن كل مملوك كان في رقي قديما و كان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطه: ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر، و الدليل علي صحة ذلك قوله تعالي " و القمر قدرناه " [133] الآية و الحديث من ليس له ستة أشهر.



[ صفحه 75]



و فككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: و الله لا تصدقن بمال كثير فما يتصدق؟ الجواب تحته بخطه: إن كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدق بأربع و ثمانين شاة و إن كان من أصحاب النعم فليتصدق بأربع و ثمانين بعيرا، و إن كان من أرباب الدراهم فليتصدق بأربع و ثمانين درهما، و الدليل عليه قوله تعالي: " و لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " [134] فعددت مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة و ثمانين موطنا.

فكسرت الختم الثالث فوجدت تحته مكتوبا: ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت و قطع رأس الميت و أخذ الكفن؟ الجواب بخطه: يقطع السارق لاخذ الكفن من وراء الحرز، و يلزم مائة دينار لقطع رأس الميت لانا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن امه قبل أن ينفخ فيه الروح فجعلنا في النطفة عشرين دينارا، المسألة إلي آخرها.

فلما وافي خراسان وجد الذين رد عليهم أموالهم ارتدوا إلي الفطحية، و شطيطة علي الحق فبلغها سلامه و أعطاها صرته و شقته، فعاشت كما قال عليه السلام فلما توفيت شطيطة جآء الامام علي بعير له، فلما فرغ من تجهيزها ركب بعيره و انثني نحو البرية، و قال: عرف أصحابك و اقرأهم مني السلام و قل لهم: إني و من يجري مجراي من الائمة لابد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم [135] .

علي بن أبي حمزة قال: كنا بمكة سنة من السنين فأصاب الناس تلك السنة صاعقة كبيرة حتي مات من ذلك خلق كثير، فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقال مبتدئا من أن أسأله: يا علي ينبغي للغريق و المصعوق أن يتربص به ثلاثا إلي أن يجئ منه ريح يدل علي موته، قلت له: جعلت فداك كأنك تخبرني إذ دفن ناس كثير أحياء؟ قال: نعم يا علي قد دفن ناس كثير أحياء، ما ماتوا إلا في



[ صفحه 76]



قبورهم.

علي بن أبي حمزة قال: أرسلني أبو الحسن عليه السلام إلي رجل قدامه طبق يبيع بفلس فلس و قال: أعطه هذه الثمانية عشر درهما و قل له: يقول لك أبو الحسن: انتفع بهذه الدراهم فانها تكفيك حتي تموت، فلما أعطيته بكي، فقلت: و ما يبكيك؟ قال: و لم لا أبكي و قد نعيت إلي نفسي، فقلت: و ما عند الله خير مما أنت فيه فسكت، و قال: من أنت يا عبد الله؟ فقلت علي بن أبي حمزة قال: و الله لهكذا قال لي سيدي و مولاي إني باعث إليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي، قال علي: فلبثت نحوا من عشرين ليلة ثم أتيت إليه و هو مريض فقلت: أوصني بما أحببت أنفذه من مالي قال: إذا أنا مت فزوج إبنتي من رجل دين، ثم بع داري و أدفع ثمنها إلي أبي الحسن، و اشهد لي بالغسل و الدفن و الصلاة، قال: فلما دفنته زوجت ابنته من رجل مؤمن و بعت داره و أتيت بثمنها إلي أبي الحسن عليه السلام فزكاه و ترحم عليه و قال: رد هذه الدراهم فادفعها إلي ابنته [136] .

علي بن أبي حمزة قال: أرسلني أبو الحسن عليه السلام إلي رجل من بني حنيفة و قال: إنك تجده في ميمنة المسجد، و رفعت إليه كتابه فقرأه ثم قال: آتني يوم كذا و كذا حتي أعطيك جوابه فأتيته في اليوم الذي كان وعدني، فأعطاني جواب الكتاب، ثم لبثت شهرا فأتيته لاسلم عليه فقيل: إن الرجل قد مات، فلما رجعت من قابل إلي مكة فلقيت أبا الحسن و أعطيته جواب كتابه فقال: رحمه الله، فقال: يا علي لم لم تشهد جنازته؟ قلت: قد فاتت مني [137] .

شعيب العقرقوفي قال: بعثت مباركا مولاي إلي أبي الحسن عليه السلام و معه مائتا دينار و كتبت معه كتابا فذكر لي مبارك أنه سأل عن أبي الحسن عليه السلام فقيل: قد خرج إلي مكة فقلت: لاسير بين مكة و المدينة بالليل، إذا هاتف يهتف بي يا مبارك مولي شعيب العقرقوفي، فقلت: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا معتب يقول لك



[ صفحه 77]



أبو الحسن: هات الكتاب الذي معك و واف بالذي معك إلي مني، فنزلت من محملي و دفعت إليه الكتاب، و صرت إلي مني فأدخلت عليه و صببت الدنانير التي معي قدامه فجر بعضها إليه و دفع بعضها بيده، ثم قال لي: يا مبارك ادفع هذه الدنانير؟ إلي شعيب و قل له: يقول لك أبو الحسن: ردها إلي موضعها الذي أخذتها منه فان صاحبها يحتاج إليها، فخرجت من عنده و قدمت علي سيدي و قلت ما قصة هذه الدنانير قال: إني طلبت من فاطمة خمسين دينارا لاتم بها هذه الدنانير فامتنعت علي و قالت: أريد أن أشتري بها قراح [138] فلان بن فلان فأخذتها منها سرا و لم التفت إلي كلامها ثم دعا شعيب بالميزان فوزنها فإذا هي خمسون دينارا [139] .

أبو خالد الزبالي قال: نزل أبو الحسن عليه السلام منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة، و نحن لا نقدر علي عود نستوقد به، فقال: يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به، قلت: و الله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا، فقال: كلا يا أبا خالد تري هذا الفج [140] خذ فيه فانك تلقي أعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه و لا تماكسه، فركبت حماري و انطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا أعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه و أتيته بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذلك، و أتيته بطرف [141] ما عندنا فطعم منه، ثم قال: يا أبا خالد أنظر خفاف الغلمان و نعالهم فأصلحها حتي تقدم عليك في شهر كذا و كذا.

قال أبو خالد: فكتبت تأريخ ذلك اليوم، فركبت حماري اليوم الموعود حتي جئت إلي لزق ميل و نزلت فيه فإذا أنا براكب يقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا يهتف بي و يقول: يا أبا خالد، قلت: لبيك جعلت فداك قال: أتراك وفيناك بما وعدناك.



[ صفحه 78]



ثم قال: يا أبا خالد ما فعلت بالقبتين التين كنا نزلنا فيهما؟ فقلت: جعلت فداك قد هيأتهما لك، و انطلقت معه حتي نزل في القبتين التين كان نزل فيهما، ثم قال: ما حال خفاف الغلمان و نعالهم؟ قلت: قد أصلحناها فأتيته بهما فقال: يا أبا خالد سلني حاجتك فقلت جعلت: فداك أخبرك بما كنت فيه كنت زيدي المذهب حتي قدمت علي و سألتني الحطب و ذكرت مجيئك في يوم كذا، فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته، فقال: يا أبا خالد من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، و حوسب بما عمل في الاسلام [142] .

في كتاب أمثال الصالحين قال شقيق البلخي: وجدت رجلا عند فيد يملا الانآء من الرمل و يشربه، فتعجبت من ذلك و استسقيته فسقاني فوجدته سويقا و سكرا القصة و قد نظموها:



سل شقيق البلخي عنه بما شاهد

منه و ما الذي كان أبصر



قال: لما حججت عاينت شخصا

ناحل الجسم شاحب اللون أسمر



سائرا وحده و ليس له زاد

فما زلت دائبا أتفكر



و توهمت أنه يسأل الناس

و لم أدر أنه الحج الاكبر



ثم عاينته و نحن نزول

دون فيد علي الكثيب الاحمر



يضع الرمل في الانآء و يشربه

فناديته و عقلي محير



اسقني شربة فلما سقاني

منه عاينته سويقا و سكر



فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسي بن جعفر [143] .



علي بن أبي حمزة قال: كنت معتكفا في مسجد الكوفة إذ جاءني أبو جعفر الاحول بكتاب مختوم من أبي الحسن عليه السلام فقرأت كتابه، فإذا فيه: إذا قرأت



[ صفحه 79]



كتابي الصغير الذي في جوف كتابي المختوم فأحرزه حتي أطلبه منك، فأخذ علي الكتاب فأدخله بيت بزه [144] في صندوق مقفل في جوف قمطر في جوف حق [145] مقفل و , باب , البيت مقفل، و مفاتيح هذه الاقفال في حجرته، فإذا كان الليل فهي تحت رأسه و ليس يدخل بيت البز غيره، فلما حضر الموسم خرج إلي مكة وافدا بجميع ما كتب إليه من حوائجه.

فلما دخل عليه قال له العبد الصالح: يا علي ما فعل الكتاب الصغير الذي كتبت إليك فيه أن احتفظ به؟ فحكيته قال: إذا نظرت إلي الكتاب أ ليس تعرفه؟ قلت: بلي قال: فرفع مصلي تحته فإذا هو أخرجه إلي فقال: احتفظ به فلو تعلم ما فيه لضاق صدرك قال: فرجعت إلي الكوفة و الكتاب معي فأخرجته في دروز [146] جيبي عند إبطي، فكان الكتاب حياة علي في حبيبه، فلما مات علي قال محمد و حسن ابناه: فلم يكن لنا هم إلا الكتاب ففقدناه، فعلمنا أن الكتاب قد صار إليه [147] .

بيان: القمطر، بكسر القاف و فتح الميم و سكون الطاء: ما يصان فيه الكتب.

101 قب: و من معجزاته ما نظم قصيدة ابن الغار البغدادي:



و له معجز القليب فسل عنه

رواة الحديث بالنقل تخبر



ولدي السجن حين أبدي إلي السجان

قولا في السجن و الامر مشهر



ثم يوم الفصاد حتي أتي الآسي [148] إليه فرده و هو يذعر



[ صفحه 80]



ثم نادي آمنت بالله لا غير

و أن الامام موسي بن جعفر



و اذكر الطائر الذي جآء بالصك

إليه من الامام و بشر



و لقد قدموا إليه طعاما

فيه مستلمح أباه و أنكر



و تجافي عنه و قال حرام

أكل هذا فكيف يعرف منكر



و اذكر الفتيان أيضا ففيها

فضله أذهل العقول و أبهر



عند ذاك استقال من مذهب

كان يوالي أصحابه و تغير [149] .



102 كشف: عن محمد بن طلحة [150] قال: قال خشنام بن حاتم الاصم قال: قال لي أبي حاتم: قال لي شقيق البلخي: خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة فنزلت القادسية [151] فبينا أنا أنظر إلي الناس في زينتهم و كثرتهم، فنظرت إلي فتي حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان و قد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتي من الصوفية يريد أن يكون كلا علي الناس في طريقهم و الله لامضين إليه و لاوبخنه، فدنوت منه.

فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق " اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " [152] ثم تركني، و مضي، فقلت في نفسي إن هذا الامر عظيم قد تكلم بما في نفسي و نطق باسمي، و ما هذا إلا عبد صالح لالحقنه و لاسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب من عيني، فلما نزلنا واقصة [153] و إذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و أستحله.



[ صفحه 81]



فصبرت حتي جلس، و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اتل " و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدي " [154] ثم تركني و مضي فقلت: إن هذا الفتي لمن الابدال، لقد تكلم علي سري مرتين، فلما نزلنا زبالة [155] إذا بالفتي قائم علي البئر و بيده ركوة [156] يريد أن يستقي ماءا فسقطت الركوة من يده في البئر و أنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق السماء و سمعته يقول: أنت ربي إذا ظمئت إلي الماء و قوتي إذا أردت الطعاما أللهم سيدي مالي غيرها فلا تعدمنيها، قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر و قد ارتفع ماؤها فمد يده و أخذ الركوة و ملؤها ماء، فتوضأ وصلي أربع ركعات، ثم مال إلي كثيب [157] رمل فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يحركه و يشرب، فأقبلت إليه و سلمت عليه فرد علي عليه السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق و سكر، فو الله ما شربت قط ألذ منه و لا أطيب ريحا فشبعت و رويت، و أقمت أياما لا أشتهي طعاما و لا شرابا.

ثم لم أره حتي دخلنا مكة، فرأيته ليلة إلي جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخشوع وأنين و بكآء، فلم يزل كذلك حتي ذهب الليل، فلما رأي الفجر جلس في مصلا يسبح ثم قام فصلي الغداة، و طاف بالبيت أسبوعا و خرج فتبعته و إذا له غاشية و موال و هو علي خلاف ما رأيته في الطريق، و دار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتي؟ فقال: هذا موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فقلت: قد



[ صفحه 82]



عجبت أن يكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد، و لقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت علي ذكر بعضها فقال:



سل شقيق البلخي عنه و ما عا

ين منه و ما الذي كان أبصر



قال لما حججت عاينت شخصا

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر



سائرا وحده و ليس له زاد

فما زلت دائما أتفكر



و توهمت أنه يسأل الناس

و لم أدر أنه الحج الاكبر



ثم عاينته و نحن نزول

دون فيد علي الكثيب الاحمر



يضع الرمل في الانآء و يشربه

فناديته و عقلي محير



اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقا و سكر



فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسي بن جعفر [158] .



بيان: قال الفيروزآبادي: الغاشية السوأل يأتونك و الزوار و الاصدقاء ينتابونك، و حديدة فوق موخرة الرحل و غشاء القلب و السرج و السيف و غيره ما تغشاه [159] .

و قال: شحب لونه كجمع و نصر و كرم و عني شحوبا و شحوبة تغير من هزال أو جوع أو سفر [160] و النحول الهزال.

أقول: رأيت هذه القصة في أصل كتاب محمد بن طلحة مطالب السؤوال [161] و في الفصول المهمة [162] و أوردها ابن شهر آشوب أيضا مع اختصار، و قال صاحب كشف الغمة و صاحب الفصول المهمة: هذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف رواها ابن الجوزي في كتابيه " إثارة العزم الساكن إلي أشرف الاماكن " و " كتاب صفة



[ صفحه 83]



الصفوة " [163] و الحافظ عبد العزيز بن الاخضر الجنابذي في كتاب معالم العترة النبوية، و رواها الرامهرمزي في كتاب كرامات الاولياء [164] .

أقول: و ذكر محمد بن طلحة في مطالب السؤول [165] .

103 و روي في كشف الغمة عنه أيضا أنه قال: و لقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسي عليه السلام أشرف منقبة، و شهدت له بعلو مقامه عند الله تعالي و زلفي منزلته لديه، و ظهرت بها كرامته بعد وفاته، و لا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر منها دلالة حال الحياة: و هي أن من عظماء الخلفاء مجدهم الله تعالي من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الاعيان في ولاية عامة طالت فيها مدقه، و كان ذا سطوة و جبروت فلما انتقل إلي الله تعالي: اقتضت رعاية الخليفة أن تقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الامام موسي بن جعفر عليهما السلام بالمشهد المطهر، و كان بالمشهد المطهر نقيب معروف مشهود له بالصلاح، كثير التردد و الملازمة للضريح و الخدمة له، قائم بوظائفها.

فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن هذا المتوفي في ذلك القبر بات بالمشهد الشريف فرأي في منامه أن القبر قد انفتح و النار تشتعل فيه، و قد انتشر منه دخان و رائحة قتار ذلك المدفون فيه إلي أن ملات المشهد، و أن الامام موسي عليه السلام واقف، فصاح لهذا النقيب باسمه و قال له: تقول للخليفة يا فلان و سماه باسمه لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم و قال كلاما خشنا.



[ صفحه 84]



فاستيقظ ذلك النقيب و هو يرعد فرقا و خوفا و لم يلبث أن كتب ورقة و سيرها منهيا فيها صورة الواقعة بتفصيلها، فلما جن الليل جاء الخليفة إلي المشهد المطهر بنفسه و استدعي النقيب و دخلوا الضريح و أمر بكشف ذلك القبر و نقل ذلك المدفون إلي موضع آخر خارج المشهد، فلما كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق و لم يجدوا للميت أثرا [166] .

توضيح: القتار بالضم ريح القدر و الشواء و العظم المحرق.

104 عيون المعجزات: عن محمد بن الفضل عن داود الرقي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: حدثني عن أعداء أمير المؤمنين و أهل بيت النبوة، فقال: الحديث أحب إليك أم المعاينة؟ قلت: المعاينة، فقال لابي إبراهيم موسي عليه السلام: ائتني بالقضيب فمضي و أحضره إياه، فقال له: يا موسي اضرب به الارض و أرهم أعداء أمير المؤمنين عليه السلام و أعداءنا، فضرب به الارض ضربة فانشقت الارض عن بحر أسود، ثم ضرب البحر بالقضيب فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح منها p باب p، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم و وجوههم مسودة و أعينهم زرق، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة، و هم ينادون يا محمد و الزبانية تضرب وجوههم و يقولون لهم: كذبتم ليس محمد لكم و لا أنتم له.

فقلت له: جعلت فداك من هؤلاء؟ فقال: الجبت و الطاغوت و الرجس و اللعين ابن اللعين، و لم يزل يعددهم كلهم من أولهم إلي آخرهم حتي أتي علي أصحاب السقيفة، و أصحاب الفتنة، و بني الازرق و الاوزاع و بني أمية جدد الله عليهم العذاب بكرة و أصيلا.

ثم قال عليه السلام للصخرة: انطبقي عليهم إلي الوقت المعلوم [167] .

بيان: يمكن أن يكون أصحاب الفتنة إشارة إلي طلحة و الزبير و أصحابهما



[ صفحه 85]



و بنو الازرق الروم و لا يبعد أن يكون إشارة إلي معاوية و أصحابه و بنو زريق حي من الانصار و الاوزاع الجماعات المختلفة.

105 و من الكتاب المذكور: عن محمد بن علي الصوفي قال: استأذن إبراهيم الجمال رضي الله عنه علي أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة علي مولانا موسي بن جعفر فحجبه، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين: يا سيدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لانك حجبت أخاك إبراهيم الجمال و قد أبي الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال، فقلت: سيدي و مولاي من لي p باب>>p<<راهيم هذا الوقت و أنا بالمدينة و هو بالكوفة؟ فقال: إذا كان الليل فامض إلي البقيع وحدك من أن يعلم بك أحد من أصحابك و غلمانك و اركب نجيبا هناك مسرجا قال: فوا في البقيع و ركب النجيب و لم يلبث أن أناخه علي p باب p إبراهيم الجمال بالكوفة فقرع الباب و قال: أنا علي بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمال من دار الدار: و ما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي؟! فقال علي بن يقطين: يا هذا إن أمري عظيم و آلي عليه أن يأذن له، فلما دخل قال: يا إبراهيم إن المولي عليه السلام أبي أن يقبلني أو تغفر لي، فقال: يغفر الله لك فآلي علي بن يقطين علي إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلي عليه ثانيا ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خده و علي بن يقطين يقول: أللهم اشهد، ثم انصرف و ركب النجيب و أناخه من ليلته بباب المولي موسي بن جعفر عليه السلام بالمدينة فأذن له و دخل عليه فقبله [168] .

106 كا: أحمد بن مهران، و علي بن إبراهيم جميعا، عن محمد بن علي عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسي عليه السلام إذ أتاه رجل نصراني و نحن معه بالعريض، فقال له النصراني: إني أتيتك من بلد بعيد و سفر شاق و سألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلي خير الاديان و إلي خير العباد و أعلمهم، و أتاني آت في النوم فوصف لي رجلا بعليا دمشق



[ صفحه 86]



فانطلقت حتي أتيته فكلمته فقال: أنا أعلم أهل ديني و غيري أعلم مني.

فقلت: أرشدني إلي من هو أعلم منك فاني لا أستعظم السفر و لا تبعد علي الشقة، و لقد قرأت الانجيل كلها و مزامير داود، و قرأت أربعة أسفار من التوراة و قرأت ظاهر القرآن حتي استوعبته كله، فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانية فأنا أعلم العرب و العجم بها، و إن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شراحيل السامري أعلم الناس بها اليوم، و إن كنت تريد علم الاسلام و علم التوراة و علم الانجيل و الزبور و كتاب هود و كلما أنزل علي نبي من الانبياء في دهرك و دهر غيرك، و ما نزل من السماء من خير فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد فيه تبيان كل شيء و شفاء للعالمين، و روح لمن استروح إليه، و بصيرة لمن أراد الله به خيرا و أنس إلي الحق فأرشدك إليه، فائته و لو ماشيا علي رجليك، فان لم تقدر فحبوا علي ركبتيك، فان لم تقدر فزحفا علي استك، فان لم تقدر فعلي وجهك.

فقلت: لا بل أنا أقدر علي المسير في البدن و المال، قال: فانطلق من فورك حتي تأتي يثرب، فقلت: لا أعرف يثرب، فقال: فانطلق حتي تأتي مدينة النبي الذي بعث في العرب، و هو النبي العربي الهاشمي فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار، و هو عند p باب p مسجدها و أظهر بزة النصرانية و حليتها، فان واليها يتشدد عليهم و الخليفة أشد، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول، و هو ببقيع الزبير ثم تسأل عن موسي بن جعفر و أين منزله و أين هو مسافر أم حاضر، فان كان مسافرا فألحقه فان سفره أقرب مما ضربت إليه، ثم أعلمه أن مطر ان عليا الغوطة.

غوطة دمشق هو الذي أرشدني إليك، و هو يقرئك السلام كثيرا و يقول لك: إني لاكثر مناجات ربي أن يجعل إسلامي علي يديك.

فقص هذه القصة و هو قائم معتمد علي عصاه، ثم قال: إن أذنت لي يا سيدي كفرت لك و جلست فقال: آذن لك أن تجلس و لا آذن لك أن تكفر، فجلس ثم



[ صفحه 87]



ألقي عنه برنسه، ثم قال: جعلت فداك تأذن لي في الكلام؟ قال: نعم ما جئت إلا له.

فقال له النصراني: اردد علي صاحبي السلام أو ما ترد السلام؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: علي صاحبك أن هداه الله، فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا.

فقال النصراني: إني أسألك أصلحك الله؟ قال: سل، قال: أخبرني عن كتاب الله الذي أنزل علي محمد و نطق به ثم وصفه بما وصفه به فقال " حم و الكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم " [169] ما تفسيرها في الباطن؟ فقال: أما حم فهو محمد صلي الله عليه و آله و هو في كتاب هود الذي أنزل عليه و هو منقوص الحروف، و أما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام و أما الليلة ففاطمة صلوات الله عليها و أما قوله: فيها يفرق كل أمر حكيم يقول: يخرج منها خير كثير فرجل حكيم و رجل حكيم و رجل حكيم.

فقال الرجل: صف لي الاول و الآخر من هؤلاء الرجال، قال: إن الصفات تشتبه، و لكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله، و إنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم إن لم تغيروا و تحرفوا و تكفروا، و قديما ما فعلتم.

فقال له النصراني: إني لا أستر عنك ما علمت و لا أكذبك و أنت تعلم ما أقول و كذبه و الله لقد أعطاك الله من فضله، و قسم عليك من نعمه مالايخطره الخاطرون، و لا يستره الساترون، و لا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كلما ذكرت فهو كما ذكرت.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام أعجلك أيضاك خبرا لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب أخبرني ما اسم ام مريم، وأي يوم نفخت فيه مريم؟ و لكم من ساعة من النهار؟ وأي يوم وضعت مريم فيه عيسي عليه السلام؟ و لكم من ساعة من النهار؟ فقال النصراني: لا أدري.



[ صفحه 88]



فقال أبو إبراهيم عليه السلام: أما ام مريم فاسمها مرثا و هي و هيبة بالعربية، و أما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، و هو اليوم الذي هبط فيه الروح الامين و ليس للمسلمين عيد كان أولي منه عظمه الله تبارك و تعالي، و عظمه محمد صلي الله عليه و آله فأمر أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة، و أما يوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثا لاربع ساعات و نصف من النهار، و النهر الذي ولدت عليه مريم عيسي عليه السلام هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات، و عليه شجر النخل و الكرم و ليس يساوي بالفرات شيء للكروم و النخيل.

فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها و نادي قيدوس ولده و أشياعه فأعانوه و أخرجوا آل عمران لينظروا إلي مريم فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه و علينا في كتابه فهل فهمته؟ فقال: نعم و قرأته اليوم الا حدث قال إذا لا تقوم من مجلسك حتي يهديك الله.

قال النصراني: ما كان اسم أمي بالسريانية و بالعربية؟ فقال: كان اسم امك بالسريانية عنقالية، و عنقورة كان اسم جدتك لابيك، و أما اسم امك بالعربية فهومية، و أما اسم أبيك فعبد المسيحد و هو عبد الله بالعربية، و ليس للمسيح عبد قال: صدقت و بررت فما كان اسم جدي؟ قال: كان اسم جدك جبرئيل، و هو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا، قال: أما إنه كان مسلما.

قال أبو إبراهيم: نعم و قتل شهيدا دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة و الاجناد من أهل الشام.

قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟ قال: كان اسمك عبد الصليب، قال: فما تسميني؟ قال: اسميك عبد الله، قال: فاني آمنت بالله العظيم و شهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فردا صمدا، ليس كما يصفه النصاري، و ليس كما يصفه اليهود و لا جنس من أجناس الشرك، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالحق فأبان به لاهله و عمي المبطلون، و أنه كان رسول الله صلي الله عليه و آله إلي الناس كافة إلي الاحمر و الاسود كل فيه مشترك فأبصر من أبصر، و اهتدي من اهتدي، و عمي



[ صفحه 89]



المبطلون و ضل عنهم ما كانوا يدعون، و أشهد أن وليه نطق بحكمته و أن من كان قبله من الانبياء نطقوا بالحكمة البالغة، و توازروا علي الطاعة لله، و فارقوا الباطل و أهله، و الرجس و أهله، و هجروا سبيل الضلالة، و نصرهم الله بالطاعة له و عصمهم من المعصية، فهم لله أوليآء، و للدين أنصار، يحثون علي الخير، و يأمرون به آمنت بالصغير منهم و الكبير، و من ذكرت منهم و من لم أذكر، و آمنت بالله تبارك و تعالي رب العالمين.

ثم قطع زناره و قطع صليبا كان في عنقه من ذهب، ثم قال: مرني حتي أضع صدقتي حيث تأمرني فقال عليه السلام: ههنا أخ لك كان علي مثل دينك، و هو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة، و هو في نعمة كنعمتك فتواسيا و تجاورا، و لست أدع أن أورد عليكما حقكما في الاسلام، فقال: و الله أصلحك الله إني لغني و لقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس و فرسة، و تركت ألف بعير فحقك فيها أوفر من حقي فقال له: أنت مولي الله و رسوله و أنت في حد نسبك علي حالك، فحسن إسلامه و تزوج إمرأة من بني فهر و أصدقها أبو إبراهيم خمسين دينارا من صدقة علي بن أبي طالب عليه السلام و أخدمه و بوأه و أقام حتي أخرج أبو إبراهيم عليه السلام فمات بعد مخرجه بثمان و عشرين ليلة [170] .

بيان: العريض: كزبير واد بالمدينة، و عليا دمشق بالضم و المد: أعلاها و الشقة: السفر الطويل، و السامرة: قوم من اليهود يخالفونهم في بعض أحكامهم فعلمه أحد أي الامام، أو لم يعلم به أحد غيره، و يحتمل التعميم بناءا علي ما يلقي إلي الامام من العلوم الدائبة.

قوله: فيه تبيان كل شيء الضمير راجع إلي الامام و يحتمل رجوعه إلي ما نزل، و الروح: بالفتح الرحمة، و الاسترواح طلب الروح، و تعديته بالي بتضمين معني التوجه و الاصغاء، و الحبو: المشي باليدين و الرجلين، و الزحف: الانسحاب علي الاست، فعلي وجهك أي بأن تجر نفسك علي الارض مكبوبا علي وجهك، و



[ صفحه 90]



" هو " كأن الضمير راجع إلي مصدر تسأل، و البزة: بالكسر الهيئة، و الحلية بالكسر الصفة، و ضمير عليهم راجع إلي من يبعثه لطلبه و شيعته، مما ضربت أي سافرت من بلدك إليه.

و مطر ان النصاري: بالفتح و قد تكسر لقب للكبير و الهيم منهم، و الغوطة: بالضم مدينة دمشق أو كورتها، و التكفير: أن يخضع الانسان لغيره، كما يكفر العلج للدهاقين يضع يده علي صدره و يتطأطأ له، و كان إلقاء البرنس للتعظيم كما هو دأبهم اليوم، أو ما ترد: الترديد من الراوي، و الهمزة للاستفهام الانكاري، و الواو للعطف، و كأنه أظهر، علي صاحبك أن هداه الله، الظاهر كون أن بالفتح أي ترد أو ندعو علي صاحبك أن يهديه الله إلي الاسلام، و يمكن أن يقرأ بالكسر أي نسلم عليه بشرط الهداية لا مطلقا أو بعدها لا في الحال، ثم وصفه أي الرب تعالي الكتاب بما وصفه به من كونه مبينا، و كونه منزلا في ليلة مباركة، و هو في كتاب هود أي اسمه فيه كذلك، و هو منقوص الحروف أي نقص منه حرفان الميم الاول و الدال و أما التعبير عن فاطمة عليها السلام بالليلة فباعتبار عفافها و مستوريتها عن الخلائق صورة و رتبة.

يخرج منها: بلا واسطة و بها خير: بالتخفيف أو بالتشديد.

أقول: هذا بطن الآية لدلالة الظهر عليه بالالتزام، إذ نزول القرآن في ليلة القدر إنما هو لهداية الخلق و إرشادهم إلي شرايع الدين و إقامتهم علي الحق إلي انقضاء الدنيا، و لا يتأتي ذلك إلا بوجود إمام في كل عصر يعلم جميع ما يحتاج إليه الخلق، و تحقق ذلك بنصب أمير المؤمنين عليه السلام و جعله مخزنا لعلم القرآن لفظا و معني، و ظهرا و بطنا، ليصير مصداقا للكتاب المبين، و مزاوجته مع سيدة النساء ليخرج منهما الائمة الهادون إلي يوم الدين، فظهر أن الظهر و البطن متطابقان و متلازمان.

صف لي: كأن مراده التوصيف بالشمائل، فان الصفات تشتبه: أي تتشابه لا تكاد تنتهي إلي شيء تسكن إليه النفس، مايخرج من نسله أي القائم أو الجميع، و استعمل ما في موضع من، و قديما ظرف لفعلتم،، و ما للابهام في صدق



[ صفحه 91]



ما أقول: أي من جهة صدق ما أقول و كذبه، أو في جملة صادقة و كاذبة.

مالايخطره الخاطرون بتقديم المعجمة علي المهملة: أي مالا يخطر ببال أحد لكن في الاسناد توسع، لان الخاطر هو الذي يخطر بالبال، و لذا قرأ بعضهم بالعكس أي لا يمنعه المانعون، و لا يستره الساترون: أي لا يقدرون علي ستره لشدة وضوحه.

و لا يكذب فيه من كذب بالتخفيف فيهما أو بالتشديد فيهما، أو بالتشديد في الاول و التخفيف في الثاني، أو بالعكس و الاول أظهر، فيحتمل وجهين: الاول: أن المعني من أراد أن يكذب فيما أنعم الله عليك و ينكره لا يقدر عليه لوضوح الامر، و من أنكر فباللسان دون الجنان نظير قوله تعالي " لا ريب فيه " أي ليس محلا للريب و الثاني: أن يكون المراد أنه كل من يزعم أنه يفرط في مدحك فليس بكاذب بل مقصر عما تستحقه من ذلك، نفخت علي المجهول أي نفخ فيها، فيه قال الجوهري نفخ فيه و نفخه أيضا لغة.

قوله فاسمه مرثا، و في بعض الروايات أن اسمها حنة كما في القاموس فيمكن أن يكون أحدهما اسما و الآخر لقبا، أو يكون أحدهما موافقا للمشهور بين أهل الكتاب، و هو اليوم الذي هبط، أي إلي مريم للنفخ، أو إلي الرسول صلي الله عليه و آله للبعثة أو أولا إلي الارض، حجبت فيه لسانها: أي منعت عن الكلام لصوم الصمت، اليوم الا حدث: أي هذا اليوم فان الايام السالفة بالنسبة إليه قديمة، و بررت أي في تسميتك إياه بعبد الله، أو صدقت فيما سألت و بررت في إفادة ما لم أسأل، لانه عليه السلام تبرع بذكر اسم جدته و أبيه، سميته علي صيغة المتكلم، أي كان اسمه جبرئيل و سميته أنا في هذا المجلس عبد الرحمن، بناءا علي مرجوحية التسمية بإسم الملائكة أو بالخاطب بأن يكون اسم جده جبرئيل و سماه في نفسه في هذا المجلس عبد الرحمن طلبا للمعجزة و الاول أظهر.

غيلة بالكسر أي فجأة و بغتة، قبل كنيتي كأنه كان له اسم قبل الكنية ثم



[ صفحه 92]



كني و اشتهر بها، فسأل عن الاسم المشترك لمزيد اليقين، فأبان به ضمير " به " للحق و الباء لتقوية التعدية، و الاحمر و الاسود العجم و العرب، أو الانس و الجن، و المراد بوليه أبو الحسن عليه السلام أو أمير المؤمنين عليه السلام أو كل أوصيائه، صدقتي كأن المراد بها الصليب الذي كان في عنقه أراد أن يتصدق بذهبه و يحتمل الاعم، و هو في نعمة: أي الهداية إلي الاسلام بعد الكفر، حقكما أي من الصدقات، و المراد بالطروق هنا ما بلغ حد الطريق ذكرا كان أو أنثي، فحقك فيها أي الخمس أو بناءا علي أن الامام أولي بالمؤمنين من أنفسهم، أنت مولي الله (و رسوله) أي معتقهما لانه بهما أعتق من النار و يحتمل أن يكون بمعني الوارد علي قبيلة لم يكن منهم أو الناصر، و أنت في حد نسبك أي لا يضر ذلك في نسبك و منزلتك.

كا: علي بن إبراهيم و أحمد بن مهران جميعا عن محمد بن علي، عن الحسن ابن راشد، عن يعقوب بن جعفر قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام و أتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان و معه راهبة فاستأذن لهما الفضل بن سوار فقال له: إذا كان غدا فأت بهما عند بئر ام خير، قال: فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بخصفة بواري ثم جلس و جلسوا، فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبها، و سألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء لم يكن عندها فيه شيء، ثم أسلمت، ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله.

فقال الراهب: قد كنت قويا علي ديني و ما خلفت أحدا من النصاري في الارض يبلغ مبلغي في العلم، و لقد سمعت برجل في الهند إذا شاء حج إلي بيت المقدس في يوم و ليلة ثم يرجع إلي منزله بأرض الهند، فسألت عنه بأي أرض هو فقيل لي إنه بسند ان و سألت الذي أخبرني فقال: هو علم الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لما أتي بعرش سبأ، و هو الذي ذكره الله لكم في كتابكم، و لنا معشر الاديان في كتبنا.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم لله من اسم لا يرد؟ فقال الراهب: الاسماء كثيرة، فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائهل فسبعة، فقال له أبو الحسن عليه السلام



[ صفحه 93]



فأخبرني عما تحفظ منها؟ فقال الراهب: لا و الله الذي أنزل التوراة علي موسي و جعل عيسي عبرة للعالمين و فتنة لشكر اولي الالباب، و جعل محمدا بركة و رحمة و جعل عليها عليه السلام عبرة و بصيرة، و جعل الاوصياء من نسله و نسل محمد صلي الله عليه و آله ما أدري، و لو دريت ما احتجت فيه إلي كلامك و لا جئتك و لا سألتك.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: عد إلي حديث الهندي، فقال له الراهب: سمعت بهذه الاسماء و لا أدري ما بطائنها و لا شرائحها، و لا أدري ما هي، و لا كيف هي، و لا بدعائها فانطلقت حتي قدمت سندان الهند، فسألت عن الرجل فقيل لي: إنه بني ديرا في جبل فصار لا يخرج و لا يري إلا في كل سنة مرتين، و زعمت الهند أن الله تعالي فجر له عينا في ديره، و زعمت الهند أنه يزرع له من زرع يلقيه، و يحرث له من حرث يعمله، فانتهيت إلي بابه، فأقمت ثلاثا لا أدق الباب، و لا أعالج الباب.

فلما كان اليوم الرابع فتح الله باب، و جاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها و دخلت، فوجدت الرجل قائما ينظر إلي السماء فيبكي، و ينظر إلي الارض فيبكي، و ينظر إلي الجبال فيبكي، فقلت: سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا فقال لي: و الله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك.

فقلت له: أخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تعالي تبلغ به في كل يوم و ليلة بيت المقدس و ترجع إلي بيتك، فقال لي: فهل تعرف البيت المقدس؟ فقلت: لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام، فقال: ليس بيت المقدس و لكنه البيت المقدس و هو بيت آل محمد فقلت له: أما ما سمعت به إلي يومي هذا فهو بيت المقدس فقال لي: تلك محاريب الانبيآء، و إنما كان يقال لها حظيرة المحاريب حتي جاءت الفترة التي كانت بين محمد و عيسي صلي الله عليهما، و قرب البلاء من أهل الشرك و حلت النقمات في دور الشياطين، فحولوا و بدلوا و نقلوا تلك الاسماء



[ صفحه 94]



و هو قول الله تبارك و تعالي: البطن لآل محمد و الظهر مثل: " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " [171] .

فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرضت إليك بحارا و غموما و هموما و خوفا، و أصبحت و أمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي: ما أري امك حملت بك إلا و قد حضرها ملك كريم، و لا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك إلا و قد اغتسل و جاءها علي طهر، و لا أزعم إلا أنه كان درس السفر الرابع من سحره ذلك فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتي تنزل مدينة محمد صلي الله عليه و آله التي يقال لها طيبة، و قد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد إلي موضع منها يقال له البقيع، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان فانزلها، وأقم ثلاثا، ثم سل الشيخ الاسود الذي يكون علي بابها يعمل البواري، و هي في بلادهم اسمها الخصف فتلطف بالشيخ و قل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الاربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني، و سله أين ناديه، و سله أي ساعة يمر فيها فليريكاه، أو يصفه لك فتعرفه بالصفة، و سأصفه لك، قلت: فإذا لقيته فأصنع ماذا؟ فقال: سله عما كان و عما هو كائن، و سله عن معالم دين من مضي و من بقي.

فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت، فقال الراهب: ما اسمه جعلت فداك؟ قال: هو متمم بن فيروز، و هو من أبناء الفرس، و هو ممن آمن بالله وحده لا شريك له، و عبده بالاخلاص و الايقان، وفر من قومه لما خالفهم فوهب له ربه حكما، و هداه لسبيل الرشاد، و جعله من المتقين و عرف بينه و بين عباده المخلصين، و ما من سنة إلا و هو يزور فيها مكة حاجا، و يعتمر في رأس كل شهر مرة، و يجيء من موضعه من الهند إلي مكة فضلا من الله و عونا، و كذلك نجزي الشاكرين.



[ صفحه 95]



ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبه فيها و سأل الراهب عن أشياء لم يكن عند الراهب فيها شيء فأخبره بها، ثم إن الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الارض منها أربعة، و بقي في الهواء منها أربعة علي من منزلت تلك الاربعة التي في الهواء و من يفسرها؟ قال: ذلك قائمنا فينزله الله عليه فيفسره و ينزله عليه ما لم ينزل علي الصديقين و الرسل و المهتدين.

ثم قال الراهب: فأخبرني عن الاثنين من تلك الاربعة الاحرف التي في الارض ما هي؟ قال: أخبرك بالاربعة كلها، أما أو لين فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا، و الثانية محمد رسول الله مخلصا، و الثالثة نحن أهل البيت، و الرابعة شيعتنا منا، و نحن من رسول الله صلي الله عليه و آله و رسول الله من الله بسبب.

فقال له الراهب: أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و أن ما جاء به من عند الله حق، و أنكم صفوة الله من خلقه، و أن شيعتكم المطهرون المستبدلون و لهم عاقبة الله و الحمد لله رب العالمين، فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبة خز و قميص قوهي و طيلسان و خف و قلنسوة فأعطاها إياه، وصلي الظهر و قال له اختتن فقال: قد اختتنت في سابعي [172] .

توضيح: في القاموس الخصفة الجلة تعمل من الخوص للتمر، و الثوب الغليظ جدا [173] انتهي وكأن الاضافة إلي البواري لبيان أن المراد بها ما يعمل من الخوص للفرش مكان البارية لا ما يعمل للتمر، وكأن هذا هو المراد بالبواري فيما سيأتي، و سندان الآن معروف، لا يرد أي سائله كما سيأتي أو المسئول به، عبرة بالكسر و هي ما يعتبر به أي ليستدلوا به علي كمال قدرة الله حيث خلقه من أب، و فتنة أي امتحانا ليشكروه علي نعمة إيجاد عيسي لهم كذلك فيثابوا، و يمكن أن يقرأ العبرة بالفتح الاسم من التعبير عما في الضمير، كما يقال لعيسي كلمة الله و للائمة



[ صفحه 96]



عليهم السلام كلمات الله، فانهم يعبرون عن الله.

قوله: ما أدري: جواب القسم، و البطائن كأنه جمع البطانة بالكسر أي سرائرها، و شرائحها أي ما يشرحها و يبينها و كأنه كناية عن ظواهرها، و في بعض النسخ شرايعها أي طرق تعلمها أو ظواهرها، و لا بدعائها، الدراية تتعدي بنفسها و بالباء يقال دريته و دريت به، ما أقل ضربك أي مثلك، رجل خلفته أي موسي عليه السلام.

قوله: ليس بيت المقدس اسم ليس ضمير مستتر للذي بالشام، و ضمير لكنه لبيت المقدس، و الحاصل أنه ليس الذي بالشام اسمه بيت المقدس و لكن المسمي ببيت المقدس هو البيت المقدس المطهر و هو بيت آل محمد الذين أنزل الله فيهم آية التطهير فهو بيت المقدس، ضمير هو للذي بالشام، و الجملة جواب أما و خبر ما، و الحاصل أي ما سمعت إلي الآن الذي بالشام مسمي ببيت المقدس و تأنيث تلك باعتبار الخبر أو بتأويل البقعة و نحوها و الحظيرة: في الاصل هي التي تعمل لللابل من شجر ثم استعمل في كل ما يحيط بالشيء خشبا أو قصبا أو غيرهما، و قرب البلاء أي الابتلاء و الافتتان و الخذلان، و هو المراد بحلول النقمات في دور شياطين الانس أو الاعم منهم و من الجن، بسلب ما يوجب هدايتهم عنهم، و هو قول الله: كان الضمير لمصدر نقلوا، و قوله: البطن إلي قوله مثل معترضة.

و قوله إن هي الخ بيان لقول الله، و حاصل الكلام أن آيات الشرك ظاهرها في الاصنام الظاهرة، و باطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق و نصبوا مكانهم، فقوله سبحانه " أ فرأيتم اللات و العزي و منواة الثالثة الاخري " [174] أريد في بطنها باللات الاول و بالعزي الثاني، و المبنوة الثالث، حيث سموهم بأمير المؤمنين و بخليفة رسول الله صلي الله عليه و آله و بالصديق و الفاروق وذي النورين و أمثال ذلك.

و توضيحه: أن الله تعالي لم ينزل القرآن لاهل عصر الرسول صلي الله عليه و آله، و الحاضرين في وقت الخطاب فقط، بل يشمل سائر الخلق إلي انقضاء الدهر، فإذا



[ صفحه 97]



نزلت آية في قصة أو واقعة فهي جارية في أمثالها و أشباهها.

فما ورد في عبادة الاصنام و الطواغيت في زمان كان الغالب فيه عبادة الاصنام لعدولهم عن الادلة العقلية و النقلية الدالة علي بطلانها، و علي وجوب طاعة النبي الناهي عن عبادتها، فهو يجري في أقوام تركوا طاعة أئمة الحق، و أتبعوا أئمة الجور، لعدولهم عن الادلة العقلية و النقلية، و اتباعهم الاهواء، و عدولهم عن النصوص الجلية، فهم لكثرتهم، و امتداد أزمنتهم، كأنهم الاصل، وكأن ظواهر الآيات مثل فيهم، فظواهر الآيات أكثرها أمثال، و بواطنها هي المقصودة بالانزال، كما قال سبحانه " و يضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون " [175] .

و علي ما حققنا لا يلزم جريان ساير الآيات الواقعة في ذلك السياق في هذا البطن كقوله سبحانه " الكم الذكر و له الانثي " [176] و إن أمكن أن يكون في بطن الآية إطلاق الانثي عليهم، للانوثية السارية في أكثرهم، لا سيما الثاني كما مر في تأويل قوله تعالي " إن يدعو من دونه إلا إناثا " [177] أن كل من تسمي بأمير المؤمنين و رضي بهذا اللقب غيره عليه السلام فهو مبتلي بالعلة الملعونة، أو لضعف الاناث بالنسبة إلي الذكور علي سبيل الاستعارة، فان فرارهم في أكثر الحروب و عجزهم عن أكثر امور الخلافة و شرائطها، يلحقهم بالاناث كما قال عمر، كل الناس أفقه من عمر حتي المخدرات في الحجال.

ثم أعلم أنه قرأ بعضهم مثل بمضمتين أي أصنام، و هو بعيد، و قرأ بعضهم مثل بالكسر و قال: المراد أن الظهر و البطن جميعا لآل محمد في جميع القرآن مثل هذه الآية، و هو أيضا بعيد، تعرضت إليك: أي متوجها إليك مؤيسا ألا أكون: الظاهر أنه بالفتح مركبا من أن و لا، و لا زائدة كما في قوله تعالي " ما منعك ألا تسجد " [178] .



[ صفحه 98]



أو يضمن مؤيسا معني الخوف أي خائفا أن لا أكون، و قيل إلا بالكسر من قبيل سألتك إلا فعلت كذا: أي كنت في جميع الاحوال مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي، و الاول أظهر.

و لا أعلم أن أباك، لعل كلمة أن زيدت من النساخ، و إن أمكن توجيهه و كان التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفار التوراة، أو لاشتماله علي أحوال خاتم النبيين و أوصيآئه صلوات الله عليهم، وأقم ثلاثا: كأنه أمره بذلك لئلا يعلم الناس بالتعجيل مطلبه و في القاموس [179] النزيل الضيف.

عن فلان بن فلان الفلاني: أي عن موسي بن جعفر العلوي مثلا، و النادي المجلس، وأي ساعة يمر أي يتوجه إلي النادي، و ضمير فيها للساعة، فليريكاه بفتح اللام و الالف للاشباع.

و سأصفه: الظاهر أنه وصف الامام عليه السلام بحليته له، و لم يذكر في الخبر و من بقي أي امة خاتم الانبياء، فان دينه باق إلي يوم القيامة، و يجئ من موضعه أي بطي الارض، باعجازه عليه السلام.

فتبين في الارض، أي ظهرت و عمل بمضمونها وكأن البقاء في الهواء كناية عن عدم تبينها في الارض و عدم العمل بمضمونها لانها متعلقة بأحوال من يأتي في آخر الزمان، أو أنها نزلت من اللوح إلي بيت المعمور، أو إلي السماء الدنيا أو إلي بعض الصحف، لكن لم تنزل بعد إلي الارض، و تنزل عليه عليه السلام، و يؤيده قوله و ينزل عليه، باقيا: كأنه حال عن يقول المقدر في قوله فلا إله إلا الله أي فقولي لا إله إلا الله حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر، و كذا قوله مخلصا أو إلها باقيا، و أرسل حال كونه مخلصا بفتح اللام أو كسرها، نحن أهل البيت بالرفع علي الخبرية أي نحن المعنيون بآية التطهير أو بالبدلية، أو بالنصب علي الاختصاص فالمعني أن الكلمة الثانية نحن فانهم كلمات الله الحسني كما مر.

و قوله سبب: متعلق بالجمل الثلاث أي شيعتنا متعلقون منا بسبب، و هكذا



[ صفحه 99]



و السبب في الاصل هو الحبل، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلي الشيء قال تعالي " و تقطعت بهم الاسباب " [180] أي الوصل و المودات، و المراد هنا الدين أو الولاية و المحبة، و الروابط المعنوية، و المستذلون بفتح المعجمة أي الذين صيرهم الناس أذلاء، و في بعض النسخ المستبدلون إشارة إلي قوله تعالي " يستبدل قوما غيركم " [181] و لهم عاقبة الله: أي تمكينهم في الارض في آخر الزمان كما قال تعالي: " و العاقبة للمتقين " [182] .

و في القاموس القوهي ثياب بيض و قوهستان بالضم كورة بين نيشابور و هراة و موضع، و بلد بكرمان، و منه ثوب قوهي، لما ينسج بها، أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهي [183] في سابعي أي سابع ولادتي بأن كان أبوه مؤمنا، أو سبعة أيام قبل ذلك.

و روي البرسي في مشارق الارض [184] عن صفوان بن مهران قال: أمرني سيدي أبو عبد الله عليه السلام يوما أن اقدم ناقته إلي باب الدار، فجئت بها، فخرج أبو الحسن عليه السلام مسرعا و هو ابن ست سنين، فاستوي علي ظهر الناقة و أثارها و غاب عن بصري قال: فقلت: إنا لله و إنا إليه راجعون، و ما أقول لمولاي إذا خرج يريد الناقة قال: فلما مضي من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب و هي ترفض عرقا، فنزل عنها، و دخل الدار، فخرج الخادم و قال: أعد الناقة مكانها واجب مولاك قال: ففعلت ما أمرني، فدخلت عليه فقال: يا صفوان إنما أمرتك بإحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن، فقلت في نفسك كذا و كذا، فهل



[ صفحه 100]



علمت يا صفوان أين بلغ عليها في هذه الساعة؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين و جاوزه أضعافا مضاعفة، و أبلغ كل مؤمن و مؤمنة سلامي.

أقول: سيأتي الاخبار المتعلقة بهذا الباب في ساير الابواب الآتية، و باب النص علي الرضا عليه السلام.


پاورقي

[1] الجوانية: بالفتح و تشديد ثانيه و كسر النون و ياء مشددة، موضع أو قرية قرب المدينة " المراصد ".

[2] كشف الغمة ج 3 ص 10 و أخرج الحديث الخطيب في تأريخه ج 13 ص 29.

[3] الفوطة: ما يأتزر به الخدم، و عند العامة هي قطعة تنشف بها الايدي و تسمي المنشفة.

[4] كشف الغمة ج 3 ص 42.

[5] نفس المصدر ج 3 ص 44.

[6] المصدر السابق ج 3 ص 46.

[7] المصدر السابق ج 3 ص 47 و فيه " فلما كان في الطواف " بدل " في غد ".

[8] المصدر السابق ج 3 ص 48.

[9] المصدر السابق ج 3 ص 49.

[10] كشف الغمة ج 3 ص 49.

[11] نفس المصدر ج 3 ص 42.

[12] المصدر السابق ج 3 ص 49.

[13] اللقم واللقيم: ما يلقم من طعام و نحوه.

[14] رجال الكشي ص 175.

[15] نفس المصدر ص 279.

[16] بطن الرمة: منزل لاهل البصرة إذا أرادوا المدينة، بها يجتمع أهل البصرة و الكوفة، و منه إلي العسيلة.

[17] رجال الكشي ص 273 و في أصل المصدر " بطن الرمة " بدل " الرملة ".

[18] نفس المصدر ص 274.

[19] رجال الكشي ص 276 و فيه " تدخله علي " مكان " تدخله إلي ".

[20] الخرائج و الجرائح ص 200.

[21] المناقب ج 3 ص 412.

[22] الاختصاص ص 89.

[23] رجال الكشي ص 280.

[24] الكافي ج 3 ص 332.

[25] المناقب ج 3 ص 421.

[26] إعلام الوري ص 293 بتفاوت.

[27] المناقب ج 3 ص 407 بتفاوت.

[28] القرف: بفتحتين التهمة فيقال هو يقرف بكذا أي به يرمي و يتهم فهو مقروف.

[29] الارشاد ص 314.

[30] سورة الرعد، الاية: 11.

[31] تفسير العياشي ج 2 ص 205 و أخرج الحديث الشيخ الحر العاملي في إثبات الهداة ج 5 ص 550 و السيد البحراني في البرهان في تفسير الاية.

[32] الكراديس: جمع كردوس و هو كل عظمين التقيا في مفصل.

[33] المناقب ج 3 ص 418.

[34] عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 95.

[35] يقطعه بمعني يسكته عن حجته و يبطلها.

[36] في الاصل و المصدر نسخ متفاوتة فبعضها " معزم " بالعين المهملة و الزاي المعجمة و قد فسر بأنه الرجل الذي عنده العزيمة و الرقي، و بعضها " معزم " كسابقتها الا أنها بالفتح و هي بمعني من قرئت عليه العزيمة و الرقي. و بعضها " مغرم " بالغين المعجمة و الراء المهملة.

[37] استفزه الضحك: استخفه و غلب عليه حتي جعله يضطرب لشدة ضحكه.

[38] أمالي الصدوق ص 148.

[39] المناقب ج 3 ص 417.

[40] قديد: بالضم تصغير قد اسم موضع قرب مكة.

[41] خمريه: أي غطيه بالتراب.

[42] قرب الاسناد ص 154.

[43] نفس المصدر ص 170.

[44] المصدر السابق ص 191.

[45] المصدر السابق ص 191.

[46] القاموس ج 2 ص 180.

[47] نفس المصدر ج 1 ص 195.

[48] قرب الاسناد ص 191.

[49] نفس المصدر ص 192.

[50] المصدر السابق ص 194.

[51] كذا.

[52] بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 67.

[53] قرب الاسناد ص 195.

[54] كشف الغمة ج 3 ص 50.

[55] قرب الاسناد ص 195.

[56] نفس المصدر ص 196.

[57] كشف الغمة ج 3 ص 51.

[58] قرب الاسناد ص 196.

[59] قرب الاسناد ص 196.

[60] المناقب ج 3 ص 416.

[61] إعلام الوري ص 294.

[62] الارشاد ص 312.

[63] قرب الاسناد ص 174 و سيالة: موضع بالحجاز قيل هو أول مرحلة لاهل المدينة إذا أرادوا مكة.

[64] رجال الكشي ص 203.

[65] العريض: كزبير واد بالمدينة.

[66] قصر بني سراة: موضع بالقرب من العريض و في طريقه.

[67] السمرات: جمع سمرة و هي شجرة الطلح.

[68] بصائر الدرجات ج 2 باب 18 ص 28.

[69] الرميلة: منزل في طريق البصرة إلي مكة بعد ضرية (المراصد).

[70] أزف: الرجل عجل و أزف الامر دنا.

[71] بصائر الدرجات ج 3 باب 5 ص 34.

[72] بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64.

[73] الكلة: الستر الرقيق، و غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقي به من البعوض.

[74] نفس المصدر ج 5 باب 12 ص 68.

[75] المصدر السابق ج 5 باب 12 ص 68.

[76] بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68.

[77] نفس المصدر ج 5 باب 13 ص 69.

[78] الخرائج و الجرائح ص 235.

[79] الارشاد ص 312.

[80] إعلام الوري 292.

[81] كذا.

[82] بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 72.

[83] بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 72.

[84] نفس المصدر ج 6 باب 1 ص 73.

[85] نفس المصدر ج 6 باب 1 ص 73.

[86] المصدر السابق ج 6 باب 1 ص 73.

[87] المصدر السابق ج 6 باب 1 ص 73.

[88] الكافي ج 1 ص 484 بتفاوت، كذا في متن مطبوعة الكمباني و سيأتي أيضا عن الكافي بنفس السند و الظاهر ان أحدهما زائد من سهو النساخ، و يؤكد ذلك خلو مطبوعة تبريز منه.

[89] إعلام الوري ص 295.

[90] الكافي ج 1 ص 484 بتفاوت.

[91] بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 73.

[92] نخسها: نخس الدابة غرز جنبها أو مؤخرها بعود و نحوه فهاجت.

[93] بصائر الدرجات ج 6 باب 4 ص 76.

[94] الكافي ج 1 ص 484.

[95] صقلابي: نسبة إلي الصقالبة جيل يتاخم بلاد الخزر بين بلغار و قسطنطنية أو إلي لصقلاب بالكسر الاكول و الابيض و الاحمر و الشديد من الرؤوس.

[96] بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 95.

[97] بصائر الدرجات ج 7 باب 14 ص 10.

[98] نفس المصدر ج 7 باب 15 ص 101.

[99] المناقب لا بن شهر آشوب ج 3 ص 416.

[100] الارشاد ص 315.

[101] الخرائج و الجرائح ص 234.

[102] المناقب ج 3 ص 411 بتفاوت يسير.

[103] نفس المصدر ج 3 ص 408.

[104] الخرائج و الجرائح ص 235.

[105] كشف الغمة ج 3 ص 48.

[106] الخرائج و الجرائح ص 203.

[107] عيون المعجزات ص 89.

[108] كشف الغمة ج 3 ص 45.

[109] عيون المعجزات ص 87.

[110] فرج المهموم ص 230.

[111] كشف الغمة ج 3 ص 46.

[112] فيد: منزل في نصف طريق مكة إلي الكوفة.

[113] الخرائج و الجرائح ص 201.

[114] نفس المصدر ص 202.

[115] زبالة: منزل معروف بطريق مكة بين واقصة و الثعلبية بها بركتان.

[116] عبد الله الافطح: كان أكبر إخوته بعد أخيه اسماعيل الذي توفي فيه حياة أبيه و لم تكن منزلة عبد الله عند أبيه الصادق " ع " منزلة غيره من إخوته في الاكرام، و كان متهما في الخلاف علي أبيه في الاعتقاد، و يقال: انه كان يخالط الحشوية و يميل إلي مذهب المرجئة و علي أساس السن ادعي بعد أبيه الامامة محتجا بأنه أكبر أولاده الباقين بعده، فاتبعه جماعة من أصحاب الصادق " ع " ثم رجع أكثرهم عن هذا القول.

قال ابن حزم في الجمهرة ص 59:.

فقدم زرارة المدينة فلقي عبد الله فسأله عن مسائل من الفقة فألفاه في غاية الجهل فرجع عن امامته، فلما انصرف إلي الكوفة أتاه أصحابه فسألوه عن امامه و امامهم و كان المصحف بين يديه فأشار لهم اليه و قال لهم: هذا امامي لا امام لي غيره فانقطعت الشيعة المعروفة بالافطحية.اه.

نعم بقي نفر يسير، منهم عمار الساباطي و مصدق بن صدقة في آخرين و هم المعروفون بالفطحية، نسبة إلي عبد الله أمامهم حيث كان افطح الرأس عريضه أو أفطح الرجلين و قيل بل نسبة إلي عبد الله بن افطح و كان داعيتهم و رئيسهم.

و لم يذكر النسابون لعبد الله عقبا، و قيل كان له ابن اسمه حمزة، و لما مات عبد الله لم يكن له الا بنت واحدة، و قد ذكر ابن حزم في الجمهرة ص 59 ان بني عبيد ولاة مصر قد ادعوا في أول أمرهم إلي عبد الله بن جعفر بن محمد هذا فلما صح عندهم ان عبد الله هذا لم يعقب الا ابنة واحدة تركوه و انتموا إلي اسماعيل بن جعفر اه.

توفي عبد الله الافطح بعد أبيه بسبعين يوما و كان ذلك من عناية الله بخلقه المؤمنين حيث لم تطل مدته فيكثر القول بأمره و القائلون بإمامته.

لاحظ عن الفطحية الملل و النحل ج 2 ص 6 بهامش الفصل، و الفرق بين الفرق ص 39 و فرق الشيعة ص 77 و غيرهما.

[117] الخرائج و الجرائح ص 200.

[118] الخرائج و الجرائح ص 200.

[119] الكافي ج 1 ص 484.

[120] الثعلبية: من منازل طريق مكة قد كانت قرية فخربت و هي مشهورة.

[121] الخرائج و الجرائح ص 201.

[122] الخرائج و الجرائح ص 201.

[123] الجرائح و الخرائج ص 201.

[124] الرقية: بالضم العوذة و الجمع رقي.

[125] الخرائج و الجرائح ص 201.

[126] تجب: بمعني تغيب فيقال وجبت الشمس إذا غابت.

[127] إعلام الوري ص 295.

[128] كذا.

[129] الاجفر: موضع بين فيد و الخزيمية بينه و بين فيد ستة و ثلاثون فرسخا نحو مكة.

[130] المناقب ج 3 ص 406.

[131] نفس المصدر ج 3 ص 407.

[132] كذا.

[133] سورة يس، الاية: 39.

[134] سورة التوبة، الاية: 25.

[135] المناقب ج 3 ص 409.

[136] نفس المصدر ج 3 ص 411.

[137] المناقب ج 3 ص 412.

[138] القراح: الارض لا ماء فيها و لا شجر، جمع أقرحة.

[139] المناقب ج 3 ص 412.

[140] الفج: الطريق الواسع الواضح بين جبلين، جمع فجاج.

[141] الطرف: الطائفة من الشيء و يجوز ان يكون المقصود الطرف بالضم جمع طرفة.

[142] المناقب ج 3 ص 413.

[143] نفس المصدر ج 3 ص 419 و شقيق البلخي هذا من الزهاد و قد ترجمه أبو نعيم في الحلية ج 8 ص 59 و ابن حجر في لسان الميزان ج 3 ص 151.

[144] البز: من الثياب أمتعة التاجر، و المقصود أنه أدخله في بيت تحرز فيه الامتعة و تحفظ.

[145] الحق: بالضم وعاء صغير من خشب، و منه حق الطيب، جمع حقاق.

[146] دروز: جمع درز و هو الارتفاع الذي يحصل في الثوب عند جمع طرفيه في الخياطة.

[147] المناقب ج 3 ص 412.

[148] الاسي: الطبيب جمع أساة و أساء.

[149] المناقب ج 3 ص 421.

[150] مطالب السؤول ص 83 طبع ايران ملحقا بتذكرة الخواص.

[151] القادسية: قرية قرب الكوفة، من جهة البر، بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخا، و بينها و بين العذيب أربعة أميال، عندها كانت الوقعة العظمي بين المسلمين و فارس و تعرف اليوم بنفس الاسم قرب قضأ أبي ضخير في لواء الديوانية.

[152] سورة الحجرات الاية: 12.

[153] واقصة: بكسر القاف، و الصاد المهملة، موضعان، منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة، و ناء لبني كعب، و واقصة ايضا بأرض اليمامة.

[154] سورة طه الاية: 82.

[155] زبالة: بضم أوله: موضع معروف بطريق مكة بين واقصة و الثعلبية، بها بركتان.

[156] الركوة: مثلثة، إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء جمع ركاء و ركوات.

[157] الكثيب: التل من الرمل جمع كثب و كثبان و أكثبة.

[158] كشف الغمة ج 3 ص 4.

[159] القاموس ج 4 ص 370.

[160] نفس المصدر ج 1 ص 85.

[161] مطالب السؤول ص 83.

[162] الفصول المهمة ص 219.

[163] صفة الصفوة ج 2 ص 104.

[164] جامع كرامات الاولياء ج 2 ص 229، و أخرج قصة شقيق البلخي مع الامام موسي " ع " من ذكر في المتن جمع كثير من الفريقين منهم الفرغولي في جوهرة الكلام ص 140 و الاسحاقي في أخبار الدول و البدخشي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا " مخطوط " و الشبلنجي في نور الابصار ص 135 كما وردت في مختار صفة الصفوة ص 153 و هؤلاء من إعلام العامة، و أما الخاصة فهم كثير.

[165] مطالب السؤول 84.

[166] كشف الغمة ج 3 ص 7.

[167] عيون المعجزات ص 86.

[168] نفس المصدر ص 90.

[169] سورة الدخان الاية: 1.

[170] الكافي ج 1 ص 478.

[171] سورة النجم الاية: 23.

[172] الكافي ج 1 ص 481.

[173] القاموس ج 3 ص 134.

[174] سورة النجم الاية: 19.

[175] سورة إبراهيم الاية: 25.

[176] سورة النجم الاية: 21.

[177] سورة النساء الاية: 117.

[178] سورة الاعراف الاية: 12.

[179] القاموس ج 4 ص 57.

[180] سورة البقرة الاية: 166.

[181] سورة محمد الاية: 38.

[182] سورة الاعراف الاية: 128.

[183] القاموس ج 4 ص 291.

[184] مشارق الانوار ص 115.