بازگشت

باب مناظراته مع خلفاء الجور و ما جري بينه و بينهم و فيه بعض أحوال علي بن يقطين


1 ختص: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد ابن إسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام: لما أمر هارون الرشيد بحملي، دخلت عليه فسلمت فلم يرد السلام و رأيته مغضبا، فرمي إلي بطومار فقال: اقرأه فإذا فيه كلام، قد علم الله عز و جل براءتي منه، و فيه إن موسي بن جعفر يجبي إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة ممن يقول بإمامته، يدينون الله بذلك، و يزعمون أنه فرض عليهم إلي أن يرث الله الارض و من عليها، و يزعمون أنه من لم يذهب إليه بالعشر و لم يصل بإمامتهم، و لم يحج باذنهم، و يجاهد بأمرهم، و يحمل الغنيمة إليهم، و يفضل الائمة علي جميع الخلق، و يفرض طاعتهم مثل طاعة الله و طاعة رسوله، فهو كافر حلال ماله، و دمه.

و فيه كلام شناعة، مثل المتعة بلا شهود، و استحلال الفروج بأمره، و لو بدرهم، و البراءة من السلف، و يلعنون عليهم في صلاتهم، و يزعمون أن من لم يتبرأ منهم فقد بانت إمرأته منه، و من أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك و تعالي " أضاعوا الصلاة و أتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " [1] يزعمون أنه واد في جهنم و الكتاب طويل و أنا قائم أقرأ و هو ساكت، فرفع رأسه و قال: اكتفيت بما قرأت فكلم بحجتك بما قرأته.



[ صفحه 122]



قلت: يا أمير المؤمنين و الذي بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالنبوة ما حمل إلي أحد درهما و لا دينارا من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله عز و جل لنبيه صلي الله عليه و آله في قوله: لو اهدي لي كراع لقبلت، و لو دعيت إلي ذراع لاجبت، و قد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، و كثرة عدونا، و ما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الامر، و حرمت علينا الصدقة و عوضنا الله عز و جل عنها الخمس و اضطررنا إلي قبول الهدية و كل ذلك مما علمه أمير المؤمنين فلما تم كلامي سكت.

ثم قلت: إن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لا بن عمه في حديث عن آبائه، عن النبي صلي الله عليه و آله فكأنه اغتنمها، فقال: مأذون لك، هاته! فقلت: حدثني أبي، عن جدي يرفعه إلي النبي صلي الله عليه و آله: أن الرحم إذا مست رحما تحركت و اضطربت فان رأيت أن تناولني يدك، فأشار بيده إلي.

ثم قال: ادن، فدنوت فصافحني و جذبني إلي نفسه مليا ثم فارقني و قد دمعت عيناه فقال لي: اجلس يا موسي، فليس عليك بأس، صدقت و صدق جدك و صدق النبي صلي الله عليه و آله لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي و أعلم أنك لحمي و دمي و أن الذي حدثتني به صحيح، و إني أريد أن أسألك عن مسألة فان أجبتني، أعلم أنك صدقتني خليت عنك، و وصلتك، و لم اصدق ما قيل فيك، فقلت: ما كان علمه عندي أجبتك فيه.

فقال: لم لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم يا ابن رسول الله و أنتم ولد علي و فاطمة إنما هي وعاء، و الولد ينسب إلي الاب لا إلي الام؟ فقلت: إن رأي أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل؟ فقال: لست أفعل أو أجبت فقلت: فأنا في أمانك أن لا يصيبني من آفة السلطان شيء؟ فقال: لك الامان قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " و وهبنا له إسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هرون



[ صفحه 123]



و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي، و عيسي " [2] فمن أبو عيسي؟ فقال: ليس له أب إنما خلق من كلام الله عز و جل و روح القدس فقلت: إنما الحق عيسي بذراري الانبيآء من قبل مريم، و ألحقنا بذراري الانبياء من قبل فاطمة لا من قبل علي عليه السلام فقال: أحسنت أحسنت يا موسي زدني من مثله.

فقلت: اجتمعت الامة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلي الله عليه و آله إلي المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فقال الله تبارك و تعالي " فمن حاجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نسآءنا و نسآءكم و أنفسا و أنفسكم " [3] فكان تأويل أبناءنا الحسن و الحسين، و نسآءنا فاطمة، و أنفسنا علي بن أبي طالب فقال: أحسنت.

ثم قال: أخبرني عن قولكم: ليس للعم مع ولد الصلب ميراث، فقلت: أسألك يا أمير المؤمنين بحق الله و بحق رسوله صلي الله عليه و آله أن تعفيني من تأويل هذه الآية و كشفها، و هي عند العلماء مستورة فقال: إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك و لست أعفيك فقلت: فجدد لي الامان فقال: قد أمنتك فقلت: إن النبي صلي الله عليه و آله لم يورث من قدر علي الهجرة فلم يهاجر، و إن عمي العباس قدر علي الهجرة فلم يهاجر، و إنما كان في عدد الاساري عند النبي صلي الله عليه و آله، و جحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك و تعالي علي النبي صلي الله عليه و آلبه يخبره بدفين له من ذهب، فبعث عليا عليه السلام فأخرجه من عند ام الفضل، و أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك و تعالي فأذن لعلي و أعطاه علامة الذي دفن فيه، فقال العباس عند ذلك: يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر، و أشهد أنك رسول رب العالمين.

فلما أحضر علي الذهب فقال العباس: أفقرتني يا ابن أخي فأنز الله تبارك



[ صفحه 124]



و تعالي: " إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم و يغفر لكم " [4] و قوله: " و الذين آمنوا و لم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتي يهاجروا " [5] ثم قال: " و إن استنصروكم في الدين فعليكم النصر " [6] فرأيته قد اغتم.

ثم قال: أخبرني من أين قتلم إن الانسان يدخله الفساد من قبل النساء لحال الخمس الذي لم يدفع إلي أهله، فقلت: أخبرك يا أمير المؤمنين بشرط أن لا تكشف هذا الباب لاحد ما دمت حيا، و عن قريب يفرق الله بينا و بين من ظلمنا، و هذه مسألة لم يسألها أحدا من السلاطين أمير المؤمنين قال: و لا يتم و لا عدي و لا بنو أمية و لا أحد من آبائنا؟ قلت: ما سئلت و لا سئل أبو عبد الله جعفر ابن محمد عنها قال: فإن بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ما أخبرتني به رجعت عما آمنتك فقلت: لك علي ذلك.

فقال: أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له أصول و فروع، يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك من أبي عبد الله عليه السلام فقلت: نعم و علي عيني يا أمير المؤمنين قال: فإذا فرغت فارفع حوائجك، و قام، و و كل بي من يحفظني، و بعث إلي في كل يوم بمائة سرية فكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم امور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه، و هو إجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون إليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها شبهة، و المستنبط منها كل حادثة، و أمر يحتمل الشك و الانكار، و سبيل استنصاح أهله الحجة عليه، فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها، و وجب عليه قبولها، و الاقرار و الديانة بها، و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنة عن النبي صلي الله عليه و آله لا اختلاف



[ صفحه 125]



فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، وسع خاص الامة و عامها الشك فيه، و الانكار له، كذلك، هذا الامران من أمر التوحيد فما دونه، إلي أرض الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته، و ما غمض عنك ضوؤه نفيته، و لا قوة إلا بالله و حسبنا الله، و نعم الوكيل.

فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته، فأخبره فخرج، و عرضت عليه فقال: أحسنت هو كلام موجز جامع، فارفع حوائج يا موسي فقلت: يا أمير المؤمنين أول حاجتي إليك أن تأذن لي في الانصراف إلي أهلي، فاني تركتهم باكين آيسين من أن يروني أبدا فقال: مأذون لك، ازدد؟ فقلت: يبقي الله أمير المؤمنين لنا معاشر بني عمه فقال: ازدد؟ فقلت: علي عيال كثير، و أعيننا بعد الله ممدودة إلي فضل أمير المؤمنين و عادته، فأمر لي بمائة ألف درهم، و كسوة، و حملني و ردني إلي أهلي مكرما [7] .

بيان: قد أثبتنا شرح أجزاء الخبر في المحال المناسبة لها، و قد مر بتغيير في كتاب الاحتجاج [8] و رواه في كتاب الاستدراك أيضا عن هارون بن موسي التلعكبري باسناده إلي علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام باختصار و أدني تغيير، و أما عدم ذكر الجواب عن الفساد من قبل النساء للعهد الذي جري بينه عليه السلام و بين الرشيد و سيأتي ما يظهر منه الجواب في كتاب الخمس إنشاء الله تعالي في الاستدراك أنه أجاب عليه السلام أنه من جهة الخمس.

2 ن: أبو أحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه عن أبيه باسناده رفعه إلي موسي بن جعفر عليهما السلام قال: لما أدخلت علي الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسي بن جعفر خليفتين يجبي إليهما الخراج؟! فقلت: يا أمير المؤمنين اعيذك بالله أن تبوء باثمي و إثمك، و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد



[ صفحه 126]



علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله بما علم ذلك عندك، فان رأيت بقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله؟ فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله قال: إن الرحم إذا مسست الرحم تحركت و اضطربت، فناولني يدك جعلني الله فداك فقال: ادن فدنوت منه، فأخذ بيدي، ثم جذبني إلي نفسه و عانقني طويلا، ثم تركني و قال: اجلس يا موسي فليس عليك بأس، فنظرت إليه فإذا أنه قد دمعت عيناه، فرجعت إلي نفسي فقال: صدقت و صدق جدك صلي الله عليه و آله لقد تحرك دمي، و اضطربت عروقي حتي غلبت علي الرقة و فاضت عيناي، و أنا أريد أن أسألك عن أشيآء تتلجلج في صدري منذ حين، لم أسأل عنها أحدا فان أنت أجبتني عنها خليت عنك، و لم أقبل قول أحد فيك، و قد بلغني أنك لم تكذب قط فاصدقني عما أسألك مما في قلبي فقلت: ما كان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت آمنتني؟ قال: لك الامان إن صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة، فقلت ليسأل أمير المؤمنين عما شاء؟.

قال: أخبرني لم فضلتم علينا و نحن و أنتم من شجرة واحدة و بنو عبد المطلب و نحن و أنتم واحد، إنا بنو العباس و أنتم ولد أبي طالب، و هما عما رسول الله صلي الله عليه و آله و قرابتهما منه سواء؟.

فقلت: نحن أقرب قال: و كيف ذلك؟ قلت: لان عبد الله و أبا طالب لاب وام، و أبوكم العباس ليس هو من ام عبد الله، و لا من ام أبي طالب قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي صلي الله عليه و آله؟ و العم يحجب ابن العم، و قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و قد توفي أبو طالب قبله، و العباس عمه حي؟.

فقلت له: إن رأي أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة و يسألنتي عن كل باب سواه يريده فقال: لا أو تجيب فقلت: فآمني؟ قال: قد آمنتك قبل الكلام فقلت: إن في قول علي بن أبي طالب عليه السلام إذ ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو أنثي لاحد سهم إلا للابوين و الزوج والزجة، و لم يثبت للعم مع ولد الصلب



[ صفحه 127]



ميراث، و لم ينطق به الكتاب، إلا أن تيما وعديا و بني أمية قالوا: العم والد رأيا منهم بلا حقيقة، و لا أثر عن النبي صلي الله عليه و آله.

و من قال بقول علي عليه السلام من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول: في هذه المسألة بقول علي عليه السلام و قد حكم به، و قد ولاه أمير المؤمنين المصرين الكوفة و البصرة، و قد مضي به فانهي إلي أمير المؤمنين فأمر بإحضاره و إحضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري، و إبراهيم المدني و الفضيل بن عياض فهشدوا أنه قول علي عليه السلام في هذه المسألة فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: فلم لا تفتون به و قد قضي به نوح بن دراج؟ فقالوا جسر نوح و جبنا و قد أمضي أمير المؤمنين قضيته بقول قدمآء العامة عن النبي صلي الله عليه و آله أنه قال: علي أقضاكم، و كذلك قال عمر بن الخطاب علي أقضانا، و هو اسم جامع لان جميع ما مدح به النبي صلي الله عليه و آله أصحابه من القراءة و الفرائض و العلم داخل في القضاء.

قال: زدني يا موسي، قلت: المجالس بالامانات و خاصة مجلسك؟ فقال: لا بأس عليك فقلت: إن النبي صلي الله عليه و آله لم يورث من لم يهاجر، و لا أثبت له ولاية حتي يهاجر فقال: ما حجتك فيه؟ قلت: قول الله تبارك و تعالي: " و الذين آمنوا و لم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتي يهاجروا " [9] و إن عمي العباس لم يهاجر، فقال لي: أسألك يا موسي هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا؟ أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشيء؟ فقلت: أللهم لا، و ما سألني عنها إلا أمير المؤمنين.

ثم قال: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و يقولون لكم: يا بني رسول الله، و أنتم بنو علي و إنما ينسب المرء إلي أبيه و فاطمة إنما هي وعاء، و النبي صلي الله عليه و آله جدكم من قبل أمكم؟ فقلت: يا أمير المؤمنين لو أن النبي صلي الله عليه و آله نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله



[ صفحه 128]



و لم لا اجيبه؟! بل أفتخر علي العرب و العجم و قريش بذلك، فقلت: لكنه عليه السلام لا يخطب إلي و لا أزوجه فقال: و لم؟ فقلت: لانه ولدني و لم يلدك فقال: أحسنت يا موسي.

ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي، و النبي عليه السلام لم يعقب؟ و إنما العقب للذكر لا للانثي، و أنتم ولد الابنة، و لا يكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي، و أنت يا موسي يعسوبهم، و إمام زمانهم، كذا أنهي إلي، و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه، حتي تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، فأنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء ألف و لا واو، إلا و تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عز و جل، " ما فرطنا في الكتاب من شيء " [10] و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم فقلت: تأذن لي في الجواب؟ قال: هات فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكريا و يحيي و عيسي " [11] من أبو عيسي يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليس لعيسي أب فقلت: إنما ألحقناه بذراري الانبياء عليهم السلام من طريق مريم عليها السلام، و كذلك ألحقنا بذراري النبي صلي الله عليه و آله من قبل امنا فاطمة عليها السلام.

أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات، قلت: قول الله عز و جل " فمن حاجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبنآءكم و نساءنا و نسآءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين " [12] و لم يدع أحد أنه أدخل النبي صلي الله عليه و آله تحت الكساء عند مباهلة النصاري إلا علي بن أبي طالب و فاطمة، و الحسن، و الحسين عليهم السلام فكان تأويل قوله عز و جل أبناءنا الحسن و الحسين



[ صفحه 129]



و نساءنا فاطمة، و أنفسنا علي بن أبي طالب، إن العلماء قد أجمعوا علي أن جبرئيل قال يوم احد: يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي قال: لانه مني و أنا منه فقال جبرئيل: و أنا منكما يا رسول الله ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتي إلا علي، فكان كما مدح الله عز و جل به خليله عليه السلام إذ يقول: " فتي يذكرهم يقال له إبراهيم " [13] إنا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل إنه منا.

فقال: أحسنت يا موسي، ارفع إلينا حوائج فقلت له: أول حاجة أن تأذن لا بن عمك أن يرجع إلي حرم جده عليه السلام و إلي عياله فقال: ننظر إن شاء الله.

فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك فزعم أنه توفي عنده و الله أعلم [14] .

3 ج: مرسلا مثله إلي قوله ننظر إن شاء الله [15] .

4 ن: الوراق و المكتب، و الهمداني، و ابن تاتانة، و أحمد بن علي ابن إبراهيم، و ماجيلويه، و ابن المتوكل رضي الله عنهم جميعا، عن علي، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن سفيان بن نزار قال: كنت يوما علي رأس المأمون فقال: أ تدرون من علمني التشيع؟ فقال القوم جميعا: لا و الله ما نعلم قال: علمنيه الرشيد قيل له: و كيف ذلك؟ و الرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم علي الملك، لان الملك عقيم، و لقد حججت معه سنة، فلما صار إلي المدينة تقدم إلي حجابه و قال: لا يدخلن علي رجل من أهل المدينة و مكة من أبناء المهاجرين و الانصار و بني هاشم و سائر بطون قريش إلا نسب نفسه، فكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان حتي ينتهي إلي جده من هاشمي أو قريشي أو مهاجري أو أنصاري، فيصله من المائة بخمسة آلاف درهم و ما دونها إلي مائتي دينار، علي قدر شرفه، و هجرة آبائه.



[ صفحه 130]



فأنك ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين علي الباب رجل زعم أنه موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأقبل علينا و نحن قيام علي رأسه، و الامين و المؤتمن و سائر القواد فقال: احفظوا علي أنفسكم، ثم قال لآذنه ائذن له، و لا ينزل إلا علي بساطي.

فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة، كأنه شن بال، قد كلم [16] السجود وجهه و أنفه، فلما رأي الرشيد رمي بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا و الله إلا علي بساطي فمنعه الحجاب من الترجل و نظرنا إليه بأجمعنا بالاجلال و الاعظام، فما زال يسير علي حماره حتي سار إلي البساط، و الحجاب و القواد محدقون به، فنزل فقام إليه الرشيد و استقبله إلي آخر البساط و قبل وجهه، و عينيه، و أخذ بيده حتي صيره في صدر المجلس، و أجلسه معه فيه، و جعل يحدثه و يقبل بوجهه عليه، و يسأله عن أحواله.

ثم قال: يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون علي الخمسمائة قال: أولاد كلهم؟ قال: لا، أكثرهم موالي و حشم، فأما الولد فلي نيف و ثلاثون الذكران منهم كذا، و النسوان منهم كذا، قال: فلم لاتزوج النسوان من بني عمومتهن و أكفائهن؟ قال: اليد تقصر عن ذلك قال: فما حال الضيعة؟ قال: تعطي في وقت و تمنع في آخر، قال: فهل عليك دين؟ قال: نعم قال: كم؟ قال: نحو من عشرة آلاف دينار.

فقال الرشيد: يا ابن عم أنا أعطيك من المأ ما تزوج به الذكران و النسوان و تعمر الضياع فقال له: وصلتك رحم يا ابن عم، و شكر الله لك هذه النية الجميلة و الرحم ماسة، و القرابة واشجة، و النسب واحد، و العباس عم النبي صلي الله عليه و آله، و صنو أبيه، و عم علي بن أبي طالب عليه السلام و صنو أبيه، و ما أبعدك الله من أن تفعل ذلك و قد بسط يدك، و أكرم عنصرك، و أعلي محتدك فقال: أفعل ذلك يا أبا الحسن و كرامة.



[ صفحه 131]



فقال: يا أمير المؤمنين إن الله عز و جل قد فرض علي ولاة عهده، أن ينعشوا فقراء الامة، و يقضوا عن الغارمين، و يؤدوا عن المثقل، و يكسو العاري و يحسنوا إلي العاني، و أنت أولي من يفعل ذلك فقال: أفعل يا أبا الحسن، ثم قام، فقام الرشيد لقيامه، و قبل عينيه و وجهه، ثم أقبل علي و علي الامين و المؤتمن فقال: يا عبد الله و يا محمد و يا إبراهيم بين يدي عمكم و سيدكم، خذوا بركابه، و سووا عليه ثيابه، و شيعوه إلي منزله، فأقبل أبو الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام سرا بيني و بينه فبشرني بالخلافة و قال لي: إذا ملكت هذا الامر فأحسن إلي ولدي، ثم انصرفنا، و كنت أجرأ ولد أبي عليه.

فلما خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد عظمته و أجللته، و قمت من مجلسك إليه فاستقبلته، و أقعدته في صدر المجلس، و جلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟ قال: هذا إمام الناس، و حجة الله علي خلقه، و خليفته علي عباده فقلت: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك و فيك؟! فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة و القهر، و موسي بن جعفر إمام حق، و الله يا بني إنه لاحق بمقام رسول الله صلي الله عليه و آله مني، و من الخلق جميعا، و و الله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك، فان الملك عقيم.

فلما أراد الرحيل من المدينة إلي مكة أمر بصرة سوداء، فيها مائتا دينار ثم أقبل علي الفضل بن الربيع فقال له: اذهب بهذه إلي موسي بن جعفر و قل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة و سيأتيك برنا بعد هذا الوقت.

فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين و الانصار و سائر قريش، و بني هاشم، و من لا يعرف حسبه و نسبه خمسة آلاف دينار إلي ما دونها و تعطي موسي بن جعفر و قد أعظمته و أجللته مائتي دينار؟! أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس؟ فقال: أسكت لا ام لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه و كتب الموت علي جميع خلقه، و جعلهم اسوة فيه، عدلا منه عليهم عزيزا، و قدرة منه عليهم، لا مدفع لاحد منهم، و لا محيص له عنه، حتي يجمع الله تبارك و



[ صفحه 132]



تعالي بذلك إلي دار البقاء خلقه، و يرث به أرضه و من عليها، و إليه يرجعون.

بلغنا أطال الله بقاك ما كان من قضأ الله الغالب في وفاة أمير المؤمنين موسي صلوات الله عليه، و رحمته، و مغفرته، و رضوانه، و إنا لله و إنا إليه راجعون إعظاما لمصيبته، و إجلالا لرزئه و فقده.

ثم إنا لله و إنا إليه راجعون، صبرا لامر الله عز و جل، و تسليما لقضائه، ثم إنا لله و إنا إليه راجعون لشدة مصيبتك علينا خاصة، و بلوغها من حر قلوبنا، و نشوز أنفسنا، نسأل الله أن يصلي علي أمير المؤمنين و أن يرحمه، و يلحقه بنبيه صلي الله عليه و آله، و يصالح سلفه، و أن يجعل ما نقله إليه خيرا مما أخرجه منه.

و نسأل الله أن يعظم أجرك أمتع الله بك، و أن يحسن عقباك، و أن يعوضك من المصيبة بأمير المؤمنين أفضل ما وعد الصابرين، من صلواته و رحمته و هداه، و نسأل الله أن يربط علي قلبك، و يحسن عزاك و سلوتك، و الخلف عليك، و لا يريك بعده مكروها في نفسك، و لا في شيء من نعمته.

و أسأل الله أن يهنيك خلافة أمير المؤمنين أمتع الله به، و أطال بقاه، و مد في عمره، و أنسا في أجله، و أن يسوغكما بأتم النعمة، و أفضل الكرامة، و أطول العمر و أحسن الكفاية، و أن يمتعك و إيانا خاصة، و المسلمين عامة بأمير المؤمنين حتي نبلغ به أفضل الامل فيه لنفسه و منك أطال الله بقاه و منا له.

أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته و مواليه، و فقر هذا و أهل بيت أسلم لي و لكم، من بسط أيديهم و أعينهم [17] .

فلما نظر إلي ذلك مخارق المغني دخله في ذلك غيظ، فقام إلي الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين قد دخلت المدينة و أكثر أهلها يطلبون مني شيئا، و إن خرجت و لم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي، و منزلتي عنده، فأمر له بعشرة آلاف دينار فقال له: يا أمير المؤمنين هذا لاهل المدينة، و علي دين أحتاج أن



[ صفحه 133]



أقضيه فأمر له بعشرة آلاف دينار اخري.

فقال له: يا أمير المؤمنين بناتي أريد أن أزوجهن و أنا محتاج إلي جهازهن فأمر له بعشرة آلاف دينار اخري فقال له: يا أمير المؤمنين لابد من غلة تعطينيها ترد علي و علي عيالي و بناتي و أزواجهن القوت، فأمر له بأقطاع ما يبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار، و أمر أن يعجل ذلك له من ساعته.

ثم قام مخارق من فوره و قصد موسي بن جعفر عليه السلام و قال له: قد وقفت علي ما عاملك به هذا الملعون، و ما أمر لك به، و قد احتلت عليه لك، و أخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار، و أقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، و لا و الله يا سيدي ما أحتاج إلي شيء من ذلك، و ما أخذته إلا لك، و أنا أشهد لك بهذه الاقطاع، و قد حملت المال إليك.

فقال: بارك الله لك في مالك، و أحسن جزاك ما كنت لآخذ منه درهما واحدا و لا من هذه الاقطاع شيئا، و قد قبلت صلتك و برك، فانصر راشدا، و لا تراجعني في ذلك، فقبل يده و انصرف [18] .

5 ج: روي أن المأمون قال لقومه: أ تدرون من علمني التشيع إلي قوله أسلم لي و لكم من بسط أيديهم و إغنائهم [19] .

بيان: قال الفيروزآبادي [20] الملك عقيم أي لا ينفع فيه نسب لانه يقتل في طلبه الاب و الاخ و العم و الولد و قال الجوهري [21] أصبح فلان مسخدا إذا أصبح مصفرا ثقيلا مورما قوله عليه السلام وصلتك رحم أي صارت الرحم سببا لصلتك لنا، أو دعاء له بأن تصله الرحم و تعينه و تجزيه بما رعي لها و الاخير أظهر، و الواشجة المشتبكة، و المحتد الاصل، و نعشه أي رفعه، و العاني الاسير.



[ صفحه 134]



6 لي [22] ن: أبي، عن علي، عن أبيه، عن الريان بن شبيب قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت احب أهل البيت عليهم السلام و أظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه فلما حج الرشيد و كنت أنا و محمد [23] و القاسم [24] معه، فلما كان بالمدينة استأذن عليه الناس فكان آخر من أذن له موسي بن جعفر عليه السلام فدخل فلما نظر إليه الرشيد تحرك، و مد بصره و عنقه إليه حتي دخل البيت الذي كان فيه.

فلما قرب منه جثا [25] الرشيد علي ركبتيه و عانقه، ثم أقبل عليه فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن؟ كيف عيالك و عيال أبيك؟ كيف أنتم؟ ما حالكم؟ فما زال يسأله عن هذا، و أبو الحسن عليه السلام يقول: خير خير، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن عليه السلام فقعد، و عانقه، و سلم عليه و ودعه، قال المأمون: و كنت أجرا ولد أبي عليه.

فلما خرج أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قلت لابي: يا أمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين و الانصار، و لا ببني هاشم، فمن هذا الرجل؟ فقال: يا بني هذا وارث علم النبيين هذا موسي بن جعفر بن محمد، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا، قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي حبهم [26] .

7 ب: محمد بن عيسي، عن بعض من ذكره أنه كتب أبو الحسن موسي عليه السلام إلي الخيزران ام أمير المؤمنين يعزيها بموسي ابنه، و يهنيها بهارون ابنها: بسم الله الرحمن الرحيم للخيزران ام أمير المؤمنين من موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أما بعد أصلحك الله، و أمتع بك، و أكرمك، و حفظك، و أتم النعمة و العافية في الدنيا و الآخرة لك برحمته.



[ صفحه 135]



ثم إن الامور أطال الله بقاءك كلها بيد الله عز و جل يمضيها، و يقدرها بقدرته فيها، و السلطان عليها توكل بحفظ ماضيها، و تمام باقيها، فلا مقدم لما أخر منها، و لا مؤخر لما قدم، استأثر بالبقآء، و خلق خلقه للفناء، أسكنهم دنيا سريعا زوالها، قليلا بقاؤها، و جعل لهم مرجعا إلي دار لا زوال لها و لا فنآء لم يكن أطال الله بقاك أحد من أهلي، و قومك و خاصتك و حرمتك كان أشد لمصيبتك إعظاما، و بها حزنا و لك بالاجر عليها دعاءا و بالنعمة التي أحدث الله لامير المؤمنين أطال الله بقاه دعاءا بتمامها، و دوامها، و بقائها، و دفع المكروه فيها مني، و الحمد لله لما جعلني الله عليه بمعرفتي بفضلك، و النعمة عليك، و بشكري بلاءك، و عظيم رجائي لك أمتع الله بك، و أحسن جزاك، إن رأيت أطال الله بقاك أن تكتبي إلي بخبرك في خاصة نفسك، و حال جزيل هذه المصيبة، و سلوتك عنها فعلت، فإني بذلك مهتم و إلي ما جاءني من خبرك و حالك فيه متطلع، أتم الله لك أفضل ما عودك من نعمته، و اصطنع عندك من كرامته، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته، و كتب يوم الخميس لسبع ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة سبعين و مائة [27] .

توضيح: المحيص المهرب، و الرزء المصيبة، و قوله و نشوز أنفسا معطوف علي بلوغها من حر قلوبنا، يقال: نشزت المرأة نشوزا أي استصعبت علي بعلها و أنغصته قوله عليه السلام: أن يسوغكما بأتم النعمة الباء للتعدية، يقال ساغ الشراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق و سغته أنا أسوغه و أسيغه يتعدي و لا يتعدي.

أقول: أنظر إلي شدة التقية في زمانه عليه السلام حتي أحوجته إلي أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيون الحساب، فهذا يفتح لك من التقية كل باب.

8 ج: قيل: لما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلي الله عليه و آله و معه الناس فتقدم إلي قبر النبي صلي الله عليه و آله فقال: السلام عليك يا ابن عم، مفتخرا بذلك علي غيره فتقدم أبو الحسن موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام إلي القبر فقال: السلام عليك



[ صفحه 136]



يا رسول الله، السلام عليك يا أبة، فتغير وجه الرشيد، و تبين الغيظ فيه [28] .

9 مل: الكليني العدة من أصحابه، عن سهل، عن علي بن حسان، عن بعض أصحابنا، قال: حضرت أبا الحسن الاول و هارون الخليفة، و عيسي بن جعفر، و جعفر بن يحيي، بالمدينة، و قد جآؤا إلي قبر النبي صلي الله عليه و آله فقال هارون لابي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي، فتقدم هارون فسلم و قام ناحية، فقال عيسي ابن جعفر لابي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي، فتقدم عيسي فسلم و وقف مع هارون فقال جعفر لابي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي، فتقدم جعفر فسلم و وقف مع هارون و تقدم أبو الحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبة أسأل الله الذي اصطفاك و اجتباك و هداك و هدي بك أن يصلي عليك، فقال هارون لعيسي: سمعت ما قال؟ قال: نعم قال هارون: أشهد أنه أبوه حقا [29] .

10 من كتاب حقوق المؤمنين: لابي علي بن طاهر قال: استأذن علي ابن يقطين مولاي الكاظم عليه السلام في ترك عمل السلطان فلم يأذن له و قال: لا تفعل فإن لنا بك انسا، و لاخوانك بك عزا، و عسي أن يجبر الله بك كسرا، و يكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا علي كفارة أعمالكم الاحسان إلي إخوانكم اضمن لي واحدة و أضمن لك ثلاثا، اضمن لي أن لا تلقي أحدا من أوليائنا إلا قضيت حاجته و أكرمته، و أضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبدا و لا ينالك حد سيف أبدا، و لا يدخل الفقر بيتك أبدا، يا علي من سر مؤمنا فبالله بدأ و بالنبي صلي الله عليه و آله ثني و بنا ثلث.

11 يج/: روي أن علي بن يقطين كتب إلي موسي بن جعفر عليه السلام اختلف في المسح علي الرجلين، فإن رأيت أن تكتب ما يكون عملي عليه فعلت، فكتب أبو الحسن: الذي آمرك به أن تتمضمض ثلاثا، و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك ثلاثا.

و تغسل يديك ثلاثا، و تمسح ظاهر اذنيك و باطنهما



[ صفحه 137]



و تغسل رجليك ثلاثا، و لا تخالف ذلك إلي غيره.

فامتثل أمره و عمل عليه.

فقال الرشيد: احب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين فانهم يقولون إنه رافضي و الرافضة يخففون في الوضوء، فناطه بشيء من الشغل في الدار حتي دخل وقت الصلاة، و وقف الرشيد وراء حائط الحجرة، بحيث يري علي بن يقطين و لا يراه هو، و قد بعث إليه بالمآء للوضوء فتوضأ كما أمره موسي، فقام الرشيد و قال: كذب من زعم أنك رافضي، فورد علي علي بن يقطين كتاب موسي بن جعفر: توضأ من الآن كما أمر الله، اغسل وجهك مرة فريضة، و الاخري إسباغا و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح مقدم رأسك، و ظاهر قدميك، من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما يخاف عليك [30] .

12 عم [31] شا: روي عبد الله بن إدريس، عن ابن سنان قال: حمل الرشيد في بعض الايام إلي علي بن يقطين ثيابا أكرمه بها و كان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك، مثقلة بالذهب، فأنفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب إلي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام و أنفذ في جملتها تلك الدراعة، و أضاف إليها ما لا كان أعده له علي رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله، فلما وصل ذلك إلي أبي الحسن قبل المال و الثياب، ورد الدراعة علي يد الرسول إلي علي بن يقطين و كتب إليه أن احتفظ بها، و لا تخرجها عن يدك، فسيكون لك بها شأن، تحتاج إليها معه، فارتاب علي بن يقطين بردها عليه، و لم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدراعة.

فلما كان بعد أيام تغير علي بن يقطين علي غلام كان يختص به فصرفه عن خدمته، و كان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلي أبي الحسن عليه السلام و يقف علي ما يحمله إليه في كل وقت من مال و ثياب و ألطاف و غير ذلك، فسعي به إلي الرشيد فقال: إنه يقول بامامة موسي بن جعفر، و يحمل إليه خمس ماله في كل سنة



[ صفحه 138]



و قد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا و كذا.

فاستشاط الرشيد لذلك، و غضب غضبا، و قال لاكشفن عن هذه الحال فان كان الامر كما يقول أزهقت نفسه، و أنفذ في الوقت بإحضار علي بن يقطين فلما مثل بين يديه، قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم، فيه طيب، و قد احتفظت بها، و قلما أصبحت إلا و فتحت السفط، فنظرت إليها تبركا بها، و قبلتها، و رددتها إلي موضعها، و كلما أمسيت صنعت مثل ذلك.

فقال: أحضرها الساعة! قال: نعم يا أمير المؤمنين، و استدعي بعض خدمه و قال له: أمض إلي البيت الفلاني من الدار، فخذ مفتاحه من خازنتي، فافتحه و افتح الصندوق الفلاني، و جئني بالسفط الذي فيه بختمه، فلم يلبث الغلام أن جآءه بالسفط مختوما فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر ختمه و فتحه.

فلما فتح نظر إلي الدراعة فيه بحالها، مطوية مدفونة في الطيب، فسكن الرشيد من غضبه ثم قال لعلي بن يقطين: ارددها إلي مكانها، و انصرف راشدا فلن اصدق عليك بعدها ساعيا، و امر أن يتبع بجائزة سنية، و تقدم بضرب الساعي ألف سوط، فضرب نحوا من خمسمأة سوط فمات في ذلك [32] .

13 شيء: عن محمد بن سابق بن طلحة الانصاري قال: كان مما قال هارون لابي الحسن موسي عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين قال: و قرأ " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق و إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها و إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و إن يروا سبيل ألغي يتخذوه سبيلا " [33] فقال لها هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة، و لغيرهم فتنة قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منه عامرة، و لا يأخذها



[ صفحه 139]



إلا معمورة [34] .

بيان: لعل المعني أنه لا يأخذها إلا في وقت يمكنه عمارتها، و هذا ليس أوانه.

14 قب: ابن عبد ربه في العقد [35] أن المهدي رأي في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه عنه، فلما انتبه قص رؤياه علي الربيع فقال: إن شريكا مخالف لك، فانه فاطمي محض، قال المهدي: علي بشريك، فاتي به، فلما دخل عليه قال: بلغني أنك فاطمي قال: اعيذك بالله أن تكون فاطمي إلا أن تعني فاطمة بنت كسري قال: لا و لكن أعني فاطمة بنت محمد قال: فتلعنها؟ قال: لا معاذ الله قال: فما تقول فيمن يلعنها قال: عليه لعنة الله قال: فالعن هذا يعني الربيع قال: لا و الله ماألعنها يا أمير المؤمنين.

قال له شريك: يا ماجن فما ذكرك لسيدة نسآء العالمين، و ابنة سيد المرسلين في مجالس الرجال، قال المهدي: فما وجه المنام؟ قال: إن رؤياك ليست برؤيا يوسف عليه السلام و إن الدماء لا تستحل بالاحلام [36] .

و اتي برجل شتم فاطمة إلي الفضل بن الربيع فقال لا بن غانم: أنظر في أمره ما تقول؟ قال: يجب عليه الحد قال له الفضل: هي ذا امك إن حددته فأمر بأن يضرب ألف سوط، و يصلب في الطريق [37] .

15 قب: لما بويع محمد المهدي دعا حميد بن قحطبة نصف الليل و قال: إن إخلاص أبيك و أخيك فينا أظهر من الشمس، و حالك عندي موقوف فقال: أفديك بالمال و النفس فقال: هذا لسائر الناس قال: أفديك بالروح و المال و الاهل و الولد، فلم يجبه المهدي فقال: أفديك بالمال و النفس و الاهل و الولد و الدين فقال: لله درك، فعاهده علي ذلك، و أمره أن يقتل الكاظم عليه السلام في السحرة بغتة



[ صفحه 140]



فنام فرأي في منامه عليا عليه السلام يشير إليه و يقرأ " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكمم " [38] فانتبه مذعورا، و نهي حميدا عما أمره، و أكرم الكاظم و وصله [39] .

بيان: السحرة بالضم السحر.

16 قب: علي بن أبي حمزة قال: كان يتقدم الرشيد إلي خدمه إذا خرج موسي بن جعفر من عنده أن يقتلوه، فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة و الزمع فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب و جعل له وجها مثل وجه موسي بن جعفر و كانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوها بالسكاكين، و كانوا يفعلون ذلك أبدا، فلما كان في بعض الايام جمعهم في الموضع، و هم سكاري، و أخرج سيدي إليهم فلما بصروا به هموا به علي رسم الصورة.

فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية و التركية، فرموا من أيديهم السكاكين، و وثبوا إلي قدميه فقبلوهما، و تضرعوا إليه، و تبعوه إلي أن شيعوه إلي المنزل الذي كان ينزل فيه فسألهم الترجمان عن حالهم فقالوا: إن هذا الرجل يصير إلينا في كل عام، فيقضي أحكامنا، و يرضي بعضنا من بعض، و نستسقي به إذا قحط بلدنا، و إذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه، فعاهدهم أنه لا يأمرهم بذلك فرجعوا [40] .

بيان: الزمع بالتحريك الدهش.

17 قب: حكي أنه مغص بعض الخلفاء فعجز بختيشوع النصراني عن دوائه و أخذ جليدا فأذابه بدواء، ثم أخذ ماءا و عقده بدواء و قال: هذا الطب إلا أن يكون مستجاب دعاء ذا منزلة عند الله يدعو لك فقال الخليفة: علي بموسي بن جعفر فاتي به فسمع في الطريق أنينه، فدعا الله سبحانه، و زال مغص الخليفة فقال له:



[ صفحه 141]



بحق جدك المصطفي أن تقول بم دعوت لي؟ فقال عليه السلام قلت: أللهم كما رأيته ذل معصيته، فأره عز طاعتي، فشفاه الله من ساعته [41] .

توضيح: المغص تقطيع في المعا، و وجع، و الجليد ما يسقط علي الارض من الندي فيجمد.

18 قب: الفضل بن الربيع و رجل آخر قالا: حج هارون الرشيد و ابتدأ بالطواف، و منعت العامة من ذلك، لينفرد وحده، فبينما هو في ذلك إذا ابتدر أعرابي البيت، و جعل يطوف معه.

فقال الحاجب: تنح يا هذا عن وجه الخليفة، فانتهرهم الاعرابي و قال: إن الله ساوي بين الناس في هذا الموضع فقال " سواءا العاكف فيه و الباد " [42] فأمر الحاجب بالكف عنه، فكلما طاف الرشيد طاف الاعرابي أمامه، فنهض إلي الحجر الاسود ليقبله فسبقه الاعرابي إليه و التثمه، ثم صار الرشيد إلي المقام ليصلي فيه فصلي الاعرابي أمامه.

فلما فرغ هارون من صلاته، استدعي الاعرابي فقال الحجاب: أجب أمير المؤمنين فقال: مالي إليه حاجة فأقوم إليه بل إن كانت الحاجة له فهو بالقيام إلي أولي قال: صدق فمشي إليه و سلم عليه فرد عليه السلام فقال هارون: أجلس يا أعرابي؟ فقال: ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس، إنما هو بيت الله نصبه لعباده، فان أحببت أن تجلس فاجلس، و إن أحببت أن تنصرف فانصرف.

فجلس هارون و قال: ويحك يا أعرابي مثلك من يزاحم الملوك؟ قال: نعم و في مستمع قال: فاني سائلك فان عجزت آذيتك قال: سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنت؟ قال: بل سؤال متعلم قال: اجلس مكان السائل من المسؤول وسل و أنت مسؤول.



[ صفحه 142]



فقال هارون: أخبرني ما فرضك؟ قال: إن الفرض رحمك الله واحد و خمسة و سبعة عشر، و أربع و ثلاثون، و أربع و تسعون، و مائة و ثلاثة و خمسون، علي سبعة عشر، و من اثني عشر واحد، و من أربعين واحد، و من مأتين خمس، و من الدهر كله واحد، و واحد بواحد.

قال: فضحك الرشيد و قال: ويحك أسألك عن فرضك، و أنت تعد علي الحساب!؟ قال: أما علمت أن الدين كله حساب، و لو لم يكن الدين حسابا لما اتخذ الله للخلائق حسابا، ثم قرأ " و إن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفي بنا حاسبين " [43] قال: فبين لي ما قلت؟ و إلا أمرت بقتلك بين الصفا و المروة.

فقال الحاجب: تهبه الله و لهذا المقام قال: فضحك الاعرابي من قوله، فقال الرشيد: مما ضحكت يا أعرابي؟ قال: تعجبا منكما، إذ لا أدري من الاجهل منكما، الذي يستوهب أجلا قد حضر، أو الذي استعجل أجلا لم يحضر.

فقال الرشيد: فسر ما قلت؟ قال: أما قولي الفرض واحد: فدين الاسلام كله واحد، و عليه خمس صلوات، و هي سبع عشر ركعة و أربع و ثلاثون سجدة و أربع و تسعون تكبيرة، و مائة و ثلاث و خمسون تسبيحة، و أما قولي من اثني عشر واحد: فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا، و أما قولي: من الاربعين واحد فمن ملك أربعين دينار أوجب الله عليه دينارا، و أما قولي: من مائتين خمسة فمن ملك مائتي درهم أوجب الله عليه خمسة دراهم.

و أما قولي فمن الدهر كله واحد فحجة الاسلام، و أما قولي واحد من واحد فمن أهرق دما من حق وجب إهراق دمه قال الله تعالي: " النفس بالنفس " [44] فقال الرشيد: لله درك، و أعطاه بدرة فقال: فبم استوجبت منك هذه البدرة يا هارون بالكلام؟ أو بالمسألة؟ قال: بالكلام قال: فإني سائلك عن مسألة فان أتيت بها



[ صفحه 143]



كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف، و إن لم تجبني عنها أضفعت إلي البدرة بدرة اخري لا تصدق بها علي فقراء الحي من قومي، فأمر بإيراد اخري و قال: سل عما بدا لك.

فقال: أخبرني عن الخنفسآء تزق؟ أم ترضع ولدها؟ فحرد [45] هارون و قال: ويحك يا أعرابي مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟! فقال: سمعت ممن سمع من رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: من ولي أقواما وهب له من العقل كعقولهم، و أنت إمام هذه الامة يجب أن لا تسأل عن شيء من أمر دينك، و من الفرايض، إلا أجبت عنها، فهل عندك له الجواب؟.

قال هارون: رحمك الله لا فبين لي ما قلته، و خذ البدرتين فقال: إن الله تعالي لما خلق الارض خلق دبابات الارض الذي من فرث، و لا دم، خلقها من التراب، و جعل رزقها و عيشها منه، فإذا فارق الجنين امه لم تزقه و لم ترضعه و كان عيشها من التراب.

فقال هارون: و الله ما ابتلي أحد بمثل هذه المسألة، و أخذ الاعرابي البدرتين و خرج، فتبعه بعض الناس، و سأله عن اسمه فإذا هو موسي بن جعفر بن محمد عليهما السلام فاخبر هارون بذلك فقال: و الله لقد كان ينبغي أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة [46] .

قوله عليه السلام: و في مستمع أي علم يجب أن يستمع إليه.

19 الشريف المرتضي في الغرر [47] و الديلمي في إعلام الدين عن أبي عبد الله باسناده عن أيوب الهاشمي أنه حضر باب الرشيد رجل يقال له: نفيع الانصاري و حضر موسي بن جعفر عليه السلام علي حمار له، فتلقاه الحاجب بالاكرام، و عجل له



[ صفحه 144]



بالاذن فسأل نفيع عبد العزيز بن عمر من هذا الشيخ؟ قال: شيخ آل أبي طالب شيخ آل محمد، هذا موسي بن جعفر قال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير أما إن خرج لاسوءنه.

فقال له عبد العزيز: لا تفعل، فإن هؤلاء أهل بيت قل ما تعرض لهم أحد في الخطاب إلا وسموه في الجواب سمة يبقي عارها عليه مدي الدهر قال: و خرج موسي و أخذ نفيع بلجام حماره و قال: من أنت يا هذا؟.

قال: يا هذا إن كنت تريد النسب أنا ابن محمد حبيب الله ابن إسماعيل ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، و إن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله علي المسلمين، و عليك إن كنت منهم الحج إليه، و إن كنت تريد المفاخرة فو الله ما رضوا مشركوا قومي مسلم قومك أكفاء لهم حتي قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفآءنا من قريش، و إن كنت تريد الصيت و الاسم فنحن الذين أمر الله بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة تقول: أللهم صل علي محمد و آل محمد، فنحن آل محمد، خل عن الحمار فخلي عنه و يده ترعد، و انصرف مخزيا فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك؟! [48] .

20 قب: في كتاب أخبار الخلفاء أن هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر: خذ فدكا حتي أردها إليك، فيأبي حتي ألح عليه فقال عليه السلام لا آخذه إلا بحدودها قال: و ما حدودها؟ قال: إن حدددتها لم تردها قال: بحق جدك إلا فعلت؟ قال: أما الحد الاول فعدن، فتغير وجه الرشيد و قال: أيها، قال: و الحد الثاني سمرقند، فاربد وجهه قال: و الحد الثالث افريقية فاسود وجهه و قال: هيه قال: و الرابع سيف البحر مما يلي الجزر و ارمينة قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحول إلي مجلسي، قال موسي: قد أعلمتك أنني إن حددتها لم تردها فعند ذلك عزم علي قتله.

و في رواية ابن أسباط أنه قال: أما الحد الاول: فعريش مصر، و الثاني دومة الجندل، و الثالث: احد و الرابع: سيف البحر، فقال هذا كله، هذه الدنيا



[ صفحه 145]



فقال عليه السلام هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة فأفاءه الله علي رسوله، بلا خيل و لا ركاب، فأمره الله أن يدفعه إلي فاطمة عليها السلام [49] .

بيان: قال الفيروزآبادي [50] إيه بكسر الهمزة و الهاء و فتحها، و تنون المكسورة، كلمة استزادة و استنطاق، و قال: [51] هيه بالكسر كلمة استزادة و قال: [52] الربدة بالضم لون إلي الغبرة و قد اربد و ارباد.

21 نجم: من كتاب نزهة الكرام و بستان العوام تأليف ممد بن الحسين ابن الحسن الرازي و هذا الكتاب خطه بالعجمية تكلفنا من نقله إلي العربية فذكر في أواخر المجلد الثاني منه ما هذا لفظ من أعربه.

و روي أن هارون الرشيد أنفذ إلي موسي بن جعفر عليه السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال: إن الناس ينسبونكم يا بني فاطمة إلي علم النجوم، و إن معرفتكم بها معرفة جيدة، و فقهآء العامة يقولون: إن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: إذا ذكرني أصحابي فاسكنوا، و إذا ذكروا القدر فاسكتوا، و إذا ذكروا النجوم فاسكتوا و أمير المؤمنين عليه السلام كان أعلم الخلائق بعلم النجوم و أولاده و ذريته الذين يقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها.

فقال له الكاظم صلوات الله عليه: هذا حديث ضعيف، و أسناده مطعون فيه و الله تبارك و تعالي قد مدح النجوم، و لو لا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عز و جل و الانبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها، و قد قال الله تعالي في حق إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه " و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات و الارض و ليكون من الموقنين" [53] .



[ صفحه 146]



و قال في موضع آخر " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " [54] فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، و ما قال إني سقيم، و إدريس عليه السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، و الله تعالي قد أقسم بمواقع النجوم " و إنه لقسم لو تعلمون عظيم " [55] و قال في موضع " و النازعات غرقا " إلي قوله " فالمدبرات أمرا " [56] يعني بذلك أنثي عشر برجا، و سبعة سيارات، و الذي يظهر بالليل و النهار بأمر الله عز و جل، و بعد علم القرآن ما يكون أشرف من علم النجوم، و هو علم الانبياء و الاوصياء، و ورثة الانبياء الذين قال الله عز و جل " و علامات و بالنجم هم يهتدون " [57] و نحن نعرف هذا العلم و ما نذكره.

فقال له هارون: بالله عليك يا موسي هذا العلم لا تظهره عند الجهال و عوام الناس، حتي لا يشنعوا عليك و أنفس عن العوام به، و غط هذا العلم، و أرجع إلي حرم جدك.

ثم قال له هارون و قد بقي مسألة اخري بالله عليك أخبرني بها قال له: سل فقال: بحق القبر و المنبر، و بحق قرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله أخبرني أنت تموت قبلي؟ أو أنا أموت قبلك؟ لانك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسي عليه السلام: آمني حتي أخبرك فقال: لك الامان فقال: أنا أموت قبلك، و ما كذبت و لا أكذب، و وفاتي قريب، فقال لها هارون: قد بقي مسألة تخبرني بها و لا تضجر فقال له: سل فقال: خبروني أنكم تقولون إن جميع المسلمين عبيدنا، و جوارينا، و أنكم تقولون من يكون لنا عليه حق و لا يوصله إلينا فليس بمسلم؟ فقال له موسي عليه السلام؟ كذب الذين زعموا أننا نقول ذلك، و إذا كان الامر كذلك، فكيف يصح البيع و الشراء عليهم، و نحن نشتري عبيدا و جواري و نعتقهم



[ صفحه 147]



و نقعد معهم، و نأكل معهم، و نشتري المملوك، و نقول له: يا بني و للجارية يا بنتي، و نقعدهم يأكلون معنا تقربا إلي الله سبحانه فلو أنهم عبيدنا و جوارينا، ما صح البيع و الشراء و قد قال النبي صلي الله عليه و آله لما حضرته الوفاة: الله الله في الصلاة و ما ملكت أيمانكم، يعني: صلوا و أكرموا مماليككم، و جواريكم، و نحن نعتقهم و هذا الذي سمعته غلط من قائله، و دعوي باطلة، و لكن نحن ندعي أن ولاء جميع الخلائق لنا، يعني ولاء الدين، و هؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك، حملوا دعواهم علي ذلك، و نحن ندعي ذلك لقول النبي صلي الله عليه و آله يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، و ما كان يطلب بذلك إلا ولاء الدين، و الذي يوصلونه إلينا من الزكاة و الصدقة، فهو حرام علينا مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير.

و أما الغنائم و الخمس من بعد موت رسول الله صلي الله عليه و آله فقد منعونا ذلك و نحن محتاجون إلي ما في يد بني آدم، الذين لنا ولاؤهم بولاء الدين ليس بولاء الملك فإن نفذ إلينا أحد هدية و لا يقول إنها صدقة نقبلها لقول النبي صلي الله عليه و آله لو دعيت إلي كراع لاجبت، و لو اهدي لي كراع لقبلت و الكراع اسم القرية، و الكراع يد الشاة و ذلك سنة إلي يوم القيامة، و لو حملوا إلينا زكاة و علمنا أنها زكاة رددناها، و إن كانت هدية قبلناها، ثم إن هارون أذن له في الانصراف فتوجه إلي الرقة ثم تقولوا عليه أشيآء فاستعاده هارون و أطعمه السم فتوفي صلي الله عليه [58] .

بيان: إذا ذكرني أصحابي فاسكنوا بالنون أي فاسكنوا إلي قولهم و في الآخرين فاسكتوا بالتاء إما علي بنآء المجرد أو علي بنآء الافعال، قوله: و أنفس العوام به أي لا تعلمهم، من قولهم نفست عليه الشيء نفاسة إذا لم تره له أهلا، قوله فكيف يصح البيع و الشراء عليهم أي كيف يصح بيع الناس العبيد لنا، و شراؤنا منهم.



[ صفحه 148]



22 كشف: قال محمد بن طلحة: [59] نقل عن الفضل بن الربيع أنه أخبر عن أبيه أن المهدي لما حبس موسي بن جعفر ففي بعض الليالي رأي المهدي في منامه علي بن أبي طالب عليه السلام و هو يقول له: يا محمد " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم " [60] قال الربيع: فأرسل إلي ليلا فراعني و خفت من ذلك وجئت إليه، و إذا هو يقرأ هذه الآية و كان أحسن الناس صوتا فقال: علي الآن بموسي بن جعفر! فجئته به فعانقه و أجلسه إلي جانبه و قال: يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم فقرأ علي كذا فتؤمنني أن تخرج علي أو علي أحد من ولدي، فقال: و الله لا فعلت ذلك و لا هو من شأني، قال: صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار و زوده إلي أهله إلي المدينة.

قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا و هو في الطريق خوف العوايق، و رواه الجنابذي و ذكر أنه وصله بعشرة آلاف دينار.

و قال الحافظ عبد العزيز: حدث أحمد بن إسماعيل قال: بعث موسي بن جعفر عليهما السلام إلي الرشيد من الحبس برسالة كانت: إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضي عنك معه يوم من الرخاء، حتي نقضي جميعا إلي يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون [61] .

23 كا: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن محمد بن يحيي عن حماد بن عثمان قال: بينا موسي بن عيسي في داره التي في المسعي تشرف علي المسعي إذ رأي أبا الحسن موسي عليه السلام مقبلا من المروة علي بغلة، فأمر ابن هياج رجلا من همدان منقطعا إليه أن يتعلق بلجامه و يدعي البغلة، فأتاه فتعلق باللجام و ادعي البغلة، فثني أبو الحسن عليه السلام رجله فنزل عنها و قال لغلمانه: خذوا



[ صفحه 149]



سرجها و ادفعوها إليه، فقال: و السرج أيضا لي، فقال له أبو الحسن عليه السلام: كذبت عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي، و أما البغلة فأنا اشتريتها منذ قريب و أنت أعلم و ما قلت [62] .

24 كا: أبو علي الاشعري، عن بعض أصحابنا، و علي، عن أبيه جميعا، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله عز و جل؟ فان الناس إنما يعرفون النهي عنها و لا يعرفون التحريم لها، فقال له أبو الحسن عليه السلام: بل هي محرمة في كتاب الله عز و جل يا أمير المؤمنين، فقال له: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله عز و جل يا أبا الحسن؟ فقال: قول الله عز و جل " إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق " [63] .

فأما قوله ما ظهر منها يعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية، و أما قوله عز و جل " و ما بطن " يعني ما نكح الآباء لان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلي الله عليه و آله إذا كان للرجل زوجة و مات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن امه، فحرم الله عز و جل ذلك.

و أما الاثم فانها الخمرة بعينها، و قد قال الله تبارك و تعالي في موضع آخر " يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس " [64] فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمر و الميسر و إثمهما كبير كما قال الله عز و جل قال: فقال المهدي يا علي بن يقطين هذه و الله فتوي هاشمية قال: فقلت له: صدقت و الله يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت، قال: فو الله ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت يا رافضي [65] .



[ صفحه 150]



25 مهج: أبو علي الحسن بن محمد بن علي الطوسي، و عبد الجبار بن عبد الله ابن علي الرازي، و أبو الفضل منتهي بن أبي زيد الحسيني، و محمد بن أحمد بن شهريار الخازن جميعا، عن محمد بن الحسن الطوسي، عن ابن الغضايري و أحمد بن عبدون و أبي طالب بن العزور و أبي الحسن الصفار، و الحسن بن إسماعيل بن أشناس جميعا عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن يزيد بن أبي الازهر، عن أبي الوضاح محمد ابن عبد الله النهشلي، عن أبيه قال: سمعت الامام أبا الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام يقول: التحدث بنعم الله شكر، و ترك ذلك كفر، فارتبطوا نعم ربكم تعالي بالشكر و حصنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا البلاء بالدعاء، فإن الدعاء جنة منجية ترد البلاء و قد إبرام إبراما.

قال أبو الوضاح: و أخبرني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي صاحب فخ و هو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن (بن الحسن) بفخ و تفرق الناس عنه حمل رأسه و الاسري من أصحابه إلي موسي بن المهدي فلما بصر بهم أنشأ يقول متمثلا:



بني عمنا لا تنطقوا الشعر بعد ما

دفنتم بصحراء الغميم القوافيا



فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله

فنقبل ضيما أو نحكم قاضيا



و لكن حكم السيف فينا مسلط

فنرضي إذا ما أصبح السيف راضيا و



قد ساءني ما جرت الحرب بيننا

بني عمنا لو كان أمرا مدانيا



فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن

ظلمنا و لكن قد أسأنا التقاضيا [66] .



[ صفحه 151]



ثم أمر برجل من الاسري فوبخه ثم قتله ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، و أخذ من الطالبيين، و جعل ينال منهم إلي أن ذكر موسي بن جعفر صلوات الله عليه فنال منه قال: و الله ما خرج حسين إلا عن أمره و لا اتبع إلا محبته لانه صاحب الوصية في أهل هذا البيت قتلني الله إن أبقيت عليه.

فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي و كان جريئا عليه: يا أمير المؤمنين أقول أم أسكت؟ فقال: قتلني الله إن عفوت عن موسي بن جعفر، و لو لا ما سمعت من المهدي فيما أخبر به المنصور بما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه و علمه و فضله، و ما بلغني عن السفاح فيه من تقريظه و تفضيله لنبشت قبره و أحرقته بالنار إحراقا، فقال أبو يوسف: نساؤه طوالق، و عتق جميع ما يملك من الرقيق، و تصدق بجميع ما يملك من المال، و حبس دوابه، و عليه المشي إلي بيت الله الحرام إن كان مذهب موسي بن جعفر الخروج لا يذهب إليه و لا مذهب أحد من ولده، و لا ينبغي أن يكون هذا منهم، ثم ذكر الزيدية و ما ينتحلون.

فقال: و ما كان بقي من الزيدية إلا هذه العصابة الذين كانوا قد خرجوا مع حسين و قد ظفر أمير المؤمنين بهم، و لم يزل يرفق به حتي سكن غضبه.

قال: و كتب علي بن يقطين إلي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام بصورة الامر فورد الكتاب، فلما أصبح أحضر أهل بيته و شيعته فأطلعهم أبو الحسن عليه السلام علي ما ورد عليه من الخبر و قال لهم: ما تشيرون في هذا؟ فقالوا: نشير عليك أصلحك الله و علينا معك أن تباعد شخصك عن هذا الجبار، و تغيب شخصك دونه فإنه لا يؤمن شره و عاديته و غشمه، سيما و قد توعدك و إيانا معك، فتبسم موسي عليه السلام ثم تمثل ببيت كعب بن مالك أخي بني سلمة و هو:



زعمت سخينة أن ستغلب ربها

فليغلبن مغالب الغلاب [67] .



[ صفحه 152]



ثم أقبل علي من حضره من مواليه و أهل بيته فقال: ليفرح روعكم إنه لا يرد أول كتاب من العراق إلا بموت مسي بن المهدي و هلاكه فقال: و ما ذلك أصلحك الله؟ قال: قد و حرمة هذا القبر مات في يومه هذا، و الله " إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " [68] سأخبركم بذلك.

بينما أنا جالس في مصلاي بعد فراغي من وردي و قد تنومت عيناي إذا سنح جدي رسول الله صلي الله عليه و آله في منامي فشكوت إليه موسي بن المهدي، و ذكرت ما جري منه في أهل بيته و أنا مشفق من غوائله، فقال لي: لتطب نفسك يا موسي، فما جعل الله لموسي عليك سبيلا، فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي و قال لي: قد أهلك الله آنفا عدوك فليحسن لله شكرك.

قال: ثم استقبل أبو الحسن عليه السلام القبلة و رفع يديه إلي السماء يدعو، فقال



[ صفحه 153]



أبو الوضاح: فحدثني أبي قال: كان جماعة من خاصة أبي الحسن عليه السلام من أهل بيته و شيعته يحضرون مجلسه و معهم في أكمامهم ألواح آبنوس [69] لطاف و أميال فإذا نطق أبو الحسن عليه السلام بكلمة و أفتي في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك، قال: فسمعناه و هو يقول في دعائه شكرا لله جلت عظمته، ثم ذكر الدعاء.

و قال: ثم أقبل علينا مولانا أبو الحسن عليه السلام ثم قال: سمعت من أبي جعفر ابن محمد يحدث عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد سمع رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: اعترفوا بنعمة الله ربكم عز و جل و توبوا إليه من جميع ذنوبكم، فإن الله يحب الشاكرين من عباده، قال: ثم قمنا إلي الصلاة و تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسي بن المهدي و البيعة لهارون الرشيد [70] .

بيان: لا تنطقوا الشعر فيه حذف و إيصال إي بالشعر، و دفن القوافي كناية عن الموت أي متم و تركتم ألقوا في، و صحراء الغميم لعل المراد به كراع الغميم و هو واد علي مرحلتين من مكة، و في المناقب بصحراء الغوير، و الغوير كزبير ماء لبني كلاب، قوله كمن كنتم تصيبون نيله أي عطاءه، و في المناقب سلمه، أي مسالمته و مصالحته، و الضيم الظلم، و في المناقب فيقبل قيلا، و رضي السيف كناية عن المبالغة في القتل.

و قوله: لو كان أمرا مدانيا لو للتمني أي ليت محل النزاع بيننا و بينكم كان أمرا قريبا فلا نرضي بقتلكم، و لكن بين مطلوبنا و مطلوبكم بون بعيد، قوله: و لكن قد أسأنا التقاضيا أي لم نظلمكم أولا بل بدأتم بالظلم و طلبنا منكم الثأر بأقبح وجه، و التقريظ مدح الانسان و هو حي، و الغشم الظلم، و أفرخ الروع ذهب، و هوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس، أقول: رواه في الكتاب العتيق، عن أبي المفضل



[ صفحه 154]



الشيباني إلي آخر السند.

26 كا: علي بن إبراهيم أو غيره رفعه قال: خرج عبد الصمد بن علي و معه جماعة فبصر بأبي الحسن عليه السلام مقبلا راكبا بغلا فقال لمن معه: مكانكم حتي أضحككم من موسي بن جعفر، فلما دنا منه قال له: ما هذه الدابة التي لا تدرك عليها الثأر، و لا تصلح عند النزال؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام: تطأتطأت عن سمو الخيل و تجاوزت قموء العير، و خير الامور أوسطها، فافحم عبد الصمد فما أحار جوابا [71] .

بيان: القمء الذل و الصغار، و العير الحمار، و كان عبد الصمد هو ابن علي ابن عبد الله بن العباس، و قد عد من أصحاب الصادق عليه السلام.

27 مهج: قال الفضل بن الربيع: لما اصطبح الرشيد يوما استدعا حاجبه فقال له: أمض إلي علي بن موسي العلوي و أخرجه من الحبس، و ألقه في بركة السباع، فما زلت ألطف به و أرفق، و لا يزداد إلا غضبا و قال: و الله لئن لم تلقه إلي السباع لالقينك عوضه.

قال: فمضيت إلي علي بن موسي الرضا، فقلت له: إن أمير المؤمنين أمرني بكذا و بكذا، قال: افعل ما امرت به فإني مستعين بالله تعالي عليه، و أقبل بهذه العوذة و هو يمشي معي إلي أن انتهيت إلي البركة ففتحت بابها و أدخلته فيها، و فيها أربعون سبعا و عندي من الغم و القلق أن يكون قتل مثله علي يدي، وعدت إلي موضعي.

فلما انتصف الليل أتاني خادم فقال لي: إن أمير المؤمنين يدعوك فصرت إليه فقال: لعلي أخطأت البارحة بخطيئة أو أتيت منكرا فاني رأيت البارحة مناما هالني، و ذلك أني رأيت جماعة من الرجال دخلوا علي و بأيديهم ساير السلاح و في وسطهم رجل كأنه القمر و دخل إلي قلبي هيبته فقال لي قائل: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه و علي أبنائه فتقدمت إليه لاقبل قدميه



[ صفحه 155]



فصرفني عنه، فقال: " هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم " [72] ثم حول وجهه فدخل بابا.

فانتبهت مذعورا لذلك! فقلت: يا أمير المؤمنين أمرتني أن القي علي بن موسي للسباع قال: ويلك ألقيته؟ فقلت: إي و الله، فقال: أمض و انظر ما حاله فأخذت الشمع بين يدي و طالعته فإذا هو قائم يصلي، و السباع حوله، فعدت إليه فأخبرته فلم يصدقني، و نهض و اطلع إليه فشاهده في تلك الحال: فقال: السلام عليك يا ابن عم، فلم يجبه حتي فرغ من صلاته، ثم قال: و عليك السلام يا ابن عم قد كنت أرجو أن لا تسلم علي في مثل هذا الموضع فقال: أقلني فاني معتذر إليك فقال له: قد أخواته الله تعالي بلطفه فله الحمد، ثم أمر بإخراجه فاخرج فقال: فلا و الله ما تبعه سبع.

فلما حضر بين يدي الرشيد عانقه، ثم حمله إلي مجلسه و رفعه فوق سريره و قال: يا ابن عم إن أردت المقام عندنا ففي الرحب و السعة، و قد أمرنا لك و لاهلك بمال و ثياب، فقال له: لا حاجة لي في المال و لا الثياب، و لكن في قريش نفر يفرق ذلك عليهم، و ذكر له قوما فأمر له بصلة و كسوة.

ثم سأله أن يركبه علي بغال البريد إلي الموضع الذي يحب فأجابه إلي ذلك، و قال لي: شيعه فشيعته إلي بعض الطريق، و قلت له يا سيدي إن رأيت أن تطول علي بالعوذة فقال: منعنا أن ندفع عوذنا و تسبيحنا إلي كل أحد، و لكن لك علي حق الصحبة و الخدمة فاحتفظ بها فكتبتها في دفتر و شددتها في منديل في كمي فما دخلت إلي أمير المؤمنين إلا ضحك إلي و قضي حوائجي، و لا سافرت إلا كانت حرزا و أمانا من كل مخوف، و لا وقعت في الشدة إلا دعوت بها، ففرج عني ثم ذكرها [73] .



[ صفحه 156]



أقول: قال السيد ره: لربما كان هذا الحديث عن الكاظم موسي بن جعفر عليه السلام لانه كان محبوسا عند الرشيد لكنني ذكرت هذا كما وجدته.

28 ختص: عبد الله بن محمد السائي، عن الحسن بن موسي، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن محمد بن سابق بن طلحة الانصاري قال: كان مما قال هارون لابي الحسن عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ فقال: هذه دار الفاسقين قال الله تعالي " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق و إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها و إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و إن يروا سبيل ألغي يتخذوه سبيلا " الآية [74] .

فقال لها هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة و لغيرهم فتنة، قال فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ فقال: أخذت منه عامرة و لا يأخذها إلا معمورة قال: فأين شيعتك فقرأ أبو الحسن عليه السلام " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة " [75] قال: فقال له فنحن كفار؟ قال: لا و لكن كما قال الله " الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار " [76] فغضب عند ذلك و غلظ عليه، فقد لقيه أبو الحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة و ما رهبه و هذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف [77] .

29 كا: علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا، أظنه السياري، عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسي عليه السلام علي المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: و ما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إن الله تبارك و تعالي لما فتح علي نبيه صلي الله عليه و آله فدك و ما والاها لم يوجف عليه



[ صفحه 157]



بخيل و لا ركاب فأنزل الله علي نبيه صلي الله عليه و آله " و آت ذا القربي حقه " [78] فلم يدر رسول الله صلي الله عليه و آله من هم، فراجع في ذلك جبرئيل، و راجع جبرئيل عليه السلام ربه، فأوحي الله إليه أن ادفع فدك إلي فاطمة عليها السلام.

فدعاها رسول الله صلي الله عليه و آله فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله و منك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلي الله عليه و آله فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها: ايتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجآءت بأمير المؤمنين عليه السلام وام أيمن فشهدا لها، فكتب لها بترك التعرض، فخرجت و الكتاب معها.

فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتب لي ابن أبي قحافة قال: أرينيه فأبت، فانتزعه من يدها و نظر فيه، ثم تفل فيه و محاه و خرقه فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل و لا ركاب فضعي الجبال في رقابنا.

فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها إلي فقال: حد منها جبل احد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل، فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله إن هذا كله مما لم يوجف أهله علي رسول الله بخيل و لا ركاب فقال: كثير و أنظر فيه [79] .

بيان: قوله: فضعي الجبال في بعض النسخ بالحاء المهملة و يحتمل أن يكون حينئذ كناية عن الترافع إلي الحكام بأن يكون لعنه الله قال ذلك تعجيزا لها و تحقيرا لشأنها أو المعني أنك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبال علي رقابنا بالعبودية، أو أنك إذا حكمت علي ما لم يوجف عليها بخيل بأنها ملكك فاحكمي علي رقابنا أيضا بالملكية و في بعض النسخ بالجيم أي إن قدرت علي وضع الجبال علي رقابنا جزاءا بما صنعنا فافعلي، و يحتمل أن يكون علي هذا كناية عن ثقل الآثام و الاوزار.



[ صفحه 158]



30 كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: قلت له: إني قد أشفقت من دعوة أبي عبد الله عليه السلام علي ابن يقطين و ما ولد فقال: يا أبا الحسن ليس حيث تذهب إنما المؤمن في صلب الكافر بمنزلة الحصاة في اللبنة، يجئ المطر فيغسل اللبنة فلا يضر الحصاة شيئا [80] .

31 كا: محمد بن يحيي عمن ذكره، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن علي بن يقطين قال: قلت لابي الحسن عليه السلام ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: إن كنت لابد فاعلا فاتق أموال الشيعة، قال: فأخبرني علي أنه كان يجبيها من الشيعة علانية و يردها عليهم في السر [81] .

32 ب: محمد بن عيسي، عن علي بن يقطين، أو عن زيد، عن علي بن يقطين أنه كتب إلي أبي الحسن موسي عليه السلام: إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان و كان وزيرا لهارون فإن أذنت لي جعلني الله فداك هربت منه؟ فرجع الجواب: لا آذن لك بالخروج من عملهم و اتق الله أو كما قال [82] .

33 كتاب الاستدراك: عن التلعكبري باسناده عن الكاظم عليه السلام قال: قال لي هارون: أ تقولون أن الخمس لكم؟ قلت: نعم قال: إنه لكثير، قال: قلت: إن الذي أعطاناه علم أنه لنا كثير.



[ صفحه 159]




پاورقي

[1] سورة مريم الاية: 59.

[2] سورة الانعام الاية: 84.

[3] سورة آل عمران الاية: 61.

[4] سورة الانفال الاية: 70.

[5] سورة الانفال الاية: 72.

[6] سورة الانفال الاية: 72.

[7] الاختصاص ص 54 و قد روي الحديث الحسن بن شعبة في كتابه تحف العقول ص 426 بتفاوت.

[8] الاحتجاج ص 211 بتفاوت.

[9] سورة الانفال الاية: 72.

[10] سورة الانعام الاية: 38.

[11] سورة الانعام الاية: 84.

[12] سورة آل عمران الاية: 61.

[13] سورة الانبياء الاية: 60.

[14] عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 81.

[15] الاحتجاج ص 211.

[16] الكلم: مصدر الجرح، جمع كلوم و كلام.

[17] الظاهر ان الصحيح " و غناهمص بدل و " اعينهم " كما يدل الخبر الاخر قبل البيان الا ان الموجود في النسخ الموجودة " و أعينهم " عن هامش مطبوعة الكمباني.

[18] عيون اخبار الرضا " ع " ج 1 ص 88.

[19] الاحتجاج ص 213.

[20] القاموس ج 4 ص 152.

[21] الصحاح ج 1 ص 482.

[22] امالي الصدوق ص 375.

[23] هو المعروف بالامين و امه زبيدة.

[24] هو المعروف بالمؤتمن ثالث أولاد الرشيد.

[25] جثا: جلس علي ركبتيه، و أقام علي أطراف أصابعه فهو جاث.

[26] عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 93 و فيه " محبتهم " مكان " حبهم ".

[27] قرب الاسناد ص 171.

[28] الاحتجاج ص 214.

[29] كامل الزيارات باب 3 ص 18.

[30] الخرائج و الجرائح ص 203 بتفاوت يسير.

[31] إعلام الوري ص 293.

[32] الارشاد ص 313.

[33] سورة الاعراف الاية: 146.

[34] تفسير العياشي ج 2 ص 29.

[35] العقد الفريد ج 2 ص 178 طبع لجنة التأليف و الترجمة و النشر سنة 1359.

[36] المناقب ج 3 ص 114.

[37] نفس المصدر ج 3 ص 115.

[38] سورة محمد الاية: 22.

[39] المناقب ج 3 ص 417.

[40] نفس المصدر ج 3 ص 418.

[41] المصدر السابق ج 3 ص 422.

[42] سورة الحج الاية: 25.

[43] سورة الانبياء الاية: 47.

[44] سورة المائدة الاية: 45.

[45] فحرد هارون: أي فغضب.

[46] المناقب ج 3 ص 427.

[47] الغرر و الدرر أمالي المرتضي ج 1 ص 275 و أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 431، و الطبرسي في إعلام الوري ص 297.

[48] المناقب ج 3 ص 431.

[49] نفس المصدر ج 3 ص 435.

[50] القاموس ج 4 ص 280.

[51] نفس المصدر ج 4 ص 296.

[52] المصدر السابق ج 1 ص 293.

[53] سورة الانعام الاية: 75.

[54] سورة الصافات الاية: 89.

[55] سورة الواقعة الاية: 76.

[56] سورة النازعات الاية: 1.

[57] سورة النحل الاية: 16.

[58] فرج المهموم ص 107.

[59] مطالب السؤول ص 83 طبع ايران ملحقا بتذكرة الخواص و أخرج الحديث سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 197.

[60] سورة محمد الاية: 22.

[61] كشف الغمة ج 3 ص 3.

[62] الكافي ج 8 ص 86.

[63] سورة الاعراف الاية 33.

[64] سورة البقرة الاية: 219.

[65] الكافي ج 6 ص 406.

[66] نسب أبو تمام في حماسته هذا الشعر إلي الشميذر الحارثي، و ذكر الخطيب التبريزي في شرح الحماسة ج 1 ص 119 عن البرقي أنه لسويد بن صميع المرثدي من بني الحرث، و كان قتل أخوه غيلة، فقتل قاتل أخيه نهارا في بعض الاسواق من الحضر و ذكر الجاحظ في البيان و التبيين ج 2 ص 186 الابيات و تردد في نسبتها إلي سويد المراثد الحارثي أو غيره، كما ان ابن قتيبة ذكرها و اكتفي بنسبتها إلي بعض الشعراء و في كل هذه المصادر تفاوت في ألفاظ الشعر و عدد الابيات فليلاحظ.

[67] البيت من قصيدة لكعب بن مالك الانصاري قالها في جواب عبد الله بن الزبعري السهمس حين قال قصيدته في يوم الخندق و التي أولها:



حي الديار محا معارف رسمها

طويل البلا و تراوح الاحقاب



فأجابه كعب بقصيدة أولها:



أبقي لنا حدث الحروف بقية

من خير نحلة ربنا الوهاب



و آخرها البيت الشاهد، و قد ورد برواية ابن هشام في سيرته:



جاءت سخينة كي تغالب ربها

فليغلبن مغالب الغلاب



و روي ان انبي " ص " قال له: لقد شكرك الله يا كعب علي قولك هذا، و القصيدة تبلغ 22 بيتا مثبتة في سيرة ابن هشام ج 2 ص 204 بهامش الروض الانف، و سخينة نبز كانت قريش تعير به، و هي حساء من دقيق كانوا يتخذونه عند غلاء السعر و عجف المال و قد أطنب السهيلي في الروض ج 2 ص 205 حيث ذكر ان قريشا لم تكن تكره هذا اللقب و أورد البيت كما في الاصل البكري في سمط اللئالي ص 864 و البغدادي في الخزانة ج 3 ص 143 و غيرهما، و قد و هم ابن السيد في الاقتضاب ص 46 حيث نسب البيت إلي حسان بن ثابت، و أكبر الظن أنه راجع السيرة لا بن هشام فرأي قصيدة لحسان قالها بنفس الموضوع و علي الروي و القافية، و أثبتها ابن هشام قبل قصيدة كعب بلا فصل، فظن ابن السيد ان البيت من تابع شعر حسان، و هو و هم ظاهر.

[68] سورة الذاريات الاية: 23.

[69] الابنوس: شجر عظيم صلب العود أسوده.

[70] مهج الدعوات ص 217.

[71] الكافي ج 6 ص 540.

[72] سورة محمد الاية: 22.

[73] مهج الدعوات ص 248.

[74] سورة الاعراف الاية: 146.

[75] سورة البينة الاية: 1.

[76] سورة إبراهيم الاية: 28.

[77] الاختصاص ص 262.

[78] سورة الاسراء الاية: 26.

[79] الكافي ج 1 ص 543.

[80] نفس المصدر ج 2 ص 13.

[81] المصدر السابق ج 5 ص 110.

[82] قرب الاسناد ص 170.