بازگشت

باب احتجاجات هشام بن الحكم في الامامة و بدو أمره و ما آل اليه امره إلي وفاته


1 كش: أحمد بن محمد الخالدي، عن محمد بن همام، عن إسحاق بن أحمد عن أبي حفص الحداد، و غيره، عن يونس بن عبد الرحمن قال: كان يحيي بن خالد البرمكي قد وجد علي هشام بن الحكم شيئا من طعنه علي الفلاسفة، و أحب أن يغري به هارون و نصرته علي القتل، قال: و كان هارون لما بلغه عن هشام مال إليه.

و ذلك أن هشاما تكلم يوما بكلام عند يحيي بن خالد في إرث النبي صلي الله عليه و آله فنقل إلي هارون فأعجبه و قد كان قبل ذلك يحيي يسترق أمره عند هارون، و يرده عن أشياء كان يعزم عليها من أذاه فكان ميل هارون إلي هشام أحد ما قلب يحيي علي هشام فشيعه عنده و قال له: يا أمير المؤمنين إني قد استبطنت أمر هشام فإذا هو يزعم أن الله في أرضه إماما غيرك مفروض الطاعة قال: سبحان الله! قال: نعم، و يزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج، و إنما كنا نري أنه ممن يري الالباد بالارض.

فقال هارون ليحيي: فاجمع عندك المتكلمين، و أكون أنا من وراء الستر بيني و بينهم، لئلا يفطنوا بي، و لا يمتنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي



[ صفحه 190]



قال: فوجه يحيي فأشحن المجلس من المتكلمين، و كان فيهم ضرار بن عمرو [1] و سليمان بن جرير [2] و عبد الله بن يزيد الاباضي [3] و مؤبد بن مؤبد و رأس الجالوت قال: فتساءلوا فتكافؤا، و تناظروا، و تقاطعوا، و تناهوا إلي شاذ من مشاذ الكلام كل يقول لصاحبه: لم تجب، و يقول: قد أجبت، و كان ذلك عن يحيي حيلة علي هشام، إذ لم يعلم بذلك المجلس، و اغتنم ذلك لعلة كان أصابها هشام بن الحكم.



[ صفحه 191]



فلما تناهوا إلي هذا الموضع قال لهم يحيي بن خالد: أترضون فيما بينكم هشاما حكما؟ قالوا: قد رضينا أيها الوزير، فأني لنا به و هو عليل، فقال يحيي فأنا أوجه إليه، فأرسله أن يتجشم المشي فوجه إليه فأخره بحضورهم و أنه إنما منعه أن يحضروه أول المجلس إبقاءا عليه من العلة و إن القوم قد اختلفوا في المسائل و الاجوبة، و تراضوا بك حكما بينهم فان رأيت أن تتفضل، و تحمل علي نفسك فافعل.

فلما صار الرسول إلي هشام قال لي: يا يونس قلبي ينكر هذا القول و لست آمن أن يكون ههنا أمرا لا أقف عليه، لان هذا الملعون يحيي بن خالد قد تغير علي لامور شتي، و قد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج من هذه العلة أن أشخص إلي الكوفة، و أحرم الكلام بتة، و ألزم المسجد ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون يعني يحيي بن خالد قال: قلت: جعلت فداك لا يكون إلا خيرا، فتحرز ما أمكنك فقال لي: يا يونس أ تري التحرز عن أمر يريد الله إظهاره علي لساني، أني يكون ذلك، و لكن قم بنا علي حول الله و قوته.

فركب هشام بغلا كان مع رسوله، و ربكت أنا حمارا كان لهشام قال: فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين قال: فمضي هشام نحو يحيي فسلم عليه و سلم علي القوم، و جلس قريبا منه، و جلست أنا حيث انتهي بي المجلس.

قال: فأقبل يحيي علي هشام بعد ساعة فقال: إن القوم حضروا و كنا مع حضورهم نحب أن تحضر، لا لان نتاظر بل لان نأنس بحضورك، إن كانت العلة تقطعك عن المناظرة، و أنت بحمد الله صالح، و لست علتك بقاطعة من المناظرة، و هؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم.

قال: فقال هشام: ما الموضع الذي تناهت به المناظرة؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه، فكان من ذلك أن حكم لبعض علي بعض، فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير، فحقدها علي هشام.

قال: ثم إن يحيي بن خالد قال لهشام: إنا قد أعرضنا عن المناظرة و



[ صفحه 192]



المجادلة منذ اليوم و لكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس الامام و أن الامامة في آل بيت الرسول دون غيرهم؟ قال هشام: أيها الوزير العلة تقطعني عن ذلك، و لعل معترضا يعترض، فيكتسب المناظرة و الخصومة قال: إن اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك و غرضك، فليس ذلك له بل عليه أن يحفظ المواضع التي له فيها مطعن فيقفها إلي فراغك و لا يقطع عليك كلامك.

فبدأ هشام و ساق الذكر لذلك و أطال، و اختصرنا منه موضع الحاجة، فلمات فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس الامام، قال يحيي لسليمان ابن جرير: سل أبا محمد عن شيء من هذا الباب؟ قال سليمان لهشام: أخبرني عن علي بن أبي طالب عليه السلام مفروض الطاعة؟ فقال هشام: نعم.

قال: فان أمرك الذي بعده بالخروج بالسيف معه تفعل و تطيعه؟ فقال هشام: لا يأمرني قال: و لم إذا كانت طاعته مفروضة عليك، و عليك أن تطيعه؟ فقال هشام: عد عن هذا، فقد تبين فيه الجواب، قال سليمان: فلم يأمرك في حال تطيعه و في حال لا تطيعه؟ فقال هشام: ويحك لم أقل لك إني لا اطيعه فتقول: إن طاعته مفروضة إنما قلت لك: لا يأمرني.

قال سليمان: ليس أسألك إلا علي سبيل سلطان الجدل، ليس علي الواجب انه لا يأمرك فقال هشام: كم تحول حول الحمي، هل هو إلا أن أقول لك إن أمرني فعلت، فتنقطع أقبح الانقطاع، و لا يكون عندك زيادة، و أنا أعلم بما يجب قولي، و ما إليه يؤل جوابي.

قال: فتغير وجه هارون، و قال هارون: قد أفصح، و قام الناس و اغتنمها هشام، فخرج علي وجهه إلي المدائن.

قال: فبلغنا أن هارون قال ليحيي: شد يدك بهذا و أصحابه، و بعث إلي أبي الحسن موسي عليه السلام فحبسه فكان هذا سبب حبسه مع غيره من الاسباب و إنما أراد يحيي أن يهرب هشام فيموت مخفيا ما دام الهارون سلطان قال: ثم صار هشام إلي الكوفة و هو يعقب عليه، و مات في دار ابن شرف بالكوفة رحمه الله.



[ صفحه 193]



قال: فبلغ هذا المجلس محمد بن سليمان النوفلي و ابن ميثم و هما في حبس هارون فقال النوفلي: أري هشاما ما استطاع أن يعتل فقال ابن ميثم: بأي شيء يستطيع أن يعتل؟ و قد أوجب أن طاعته مفروضة من الله قال: يعتل بأن يقول: الشرط علي في إمامته أن لا يدعوا أحدا إلي الخروج، حتي ينادي مناد من السماء فمن دعاني ممن يدعي الامامة قبل ذلك الوقت علمت أنه ليس بإمام، و طلبت من أهل هذا البيت من لا يقول إنه يخرج و لا يأمر بذلك حتي ينادي مناد من السماء فأعلم أنه صادق.

فقال ابن ميثم: هذا من أخبث الخرافة، و متي كان هذا في عقد الامامة إنما يروي هذا في صفة القائم عليه السلام و هشام أجدل من أن يحتج بهذا، علي أنه لم يفصح بهذا الافصاح الذي قد شرطته أنت، إنما قال: إن أمرني المفروض الطاعة بعد علي عليه السلام فعلت، و لم يسم فلان دون فلان كما تقول: إن قال لي طلبت غيره، فلو قال هارون له: و كان المناظر له من المفروض الطاعة؟ فقال له: أنت.

لم يكن أن يقول له فان أمرتك بالخروج بالسيف تقاتل أعدائي تطلب غيري، و تنتظر المنادي من السماء، هذا لا يتكلم به مثل هذا، لعلك لو كنت أنت تكلمت به.

قال: ثم قال علي بن اسماعيل الميثمي: إنا لله و إنا إليه راجعون، علي ما يمضي من العلم إن قتل، و لقد كان عضدنا و شيخنا، و المنظور إليه فينا [4] .

بيان: قوله فشيعه عنده أي نسب يحيي هشاما إلي التشيع عند هارون، و الالباد بالارض الالصاق بها كناية عن ترك الخروج، و عدم الرضا به، قوله: إذ لم يعلمه بذلك أي يعلمه أولا و اغتنم تلك المناظرة و حيرتهم، لتكون وسيلة إلي إحضار هشام بحيث و جسمه بالحيلة، قوله: علي ما يمضي من العلم إن قتل أي إن قتل يمضي مع علوم كثيرة.

2 كش: روي عن عمر بن يزيد قال: كان ابن أخي هشام يذهب في الدين مذهب الجهمية خبيثا فيهم فسالني أن أدخله علي أبي عبد الله عليه السلام ليناظره فأعلمته



[ صفحه 194]



أني لا أفعل ما لم أستأذنه.

فدخلت علي أبي عبد الله فاستأذنته في إدخال هشام عليه، فأذن لي فيه، فقمت من عنده و خطوت خطوات، فذكرت رداءته و خبثه، فانصرفت إلي أبي عبد الله عليه السلام فحدثته رداءته و خبثه فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمر تتخوف علي؟ فخجلت من قولي، و علمت أني قد عثرت، فخرجت مستحييا إلي هشام فسألته تأخير دخوله و أعلمته أنه قد أذن له بالدخول.

فبادر هشام فاستأذن و دخل، فدخلت معه، فلما تمكن في مجلسه، سأله أبو عبد الله عليه السلام عن مسألة فحار فيها هشام و بقي، فسأله هشام أن يؤجله فيها، فأجله أبو عبد الله عليه السلام فذهب هشام، فاضطرب في طلب الجواب أياما، فلم يقف عليه فرجع إلي أبي عبد الله عليه السلام فأخبره أبو عبد الله عليه السلام بها، و سأله عن مسائل اخري فيها فساد أصله، و عقد مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتما متحيرا قال: فبقيت أياما لا افيق من حيرتي.

قال عمر بن يزيد: فسألني هشام أن أستأذن له علي أبي عبد الله عليه السلام ثالثا فدخلت علي أبي عبد الله فأستأذنت له فقال أبو عبد الله عليه السلام: لينتظرني في موضع سماه بالحيرة، لا لتقي معه فيه غدا إنشاء الله إذا راح إليها، فقال عمر: فخرجت إلي هشام فأخبرته بمقالته و أمره، فسر بذلك هشام و استبشر و سبقه إلي الموضع الذي سماه.

ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما كان بينهما فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله عليه السلام إلي الموضع الذي كان سماه له، فبينا هو إذا بأبي عبد الله عليه السلام قد أقبل علي بغلة له، فلما بصرت به و قرب مني هالني منظره، و أرعبني حتي بقيت لا أجد شيئا أتفوه به، و لا انطلق لساني لما أردت من مناطقته و وقف علي أبو عبد الله مليا ينتظر ما اكلمه و كان وقوفه علي لا يزيدني إلا تهيبا و تحيرا، فلما رأي ذلك مني ضرب بغلته و سار حتي دخل بعض السكك في الحيرة، و تيقنت أن ما أصابني من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز و جل من عظم موقعه، و مكانه من



[ صفحه 195]



الرب الجليل.

قال عمر: فانصرف هشام إلي أبي عبد الله عليه السلام و ترك مذهبه، ودان بدين الحق، وفاق أصحاب أبي عبد الله عليه السلام كلهم و الحمد لله [5] .

قال: و اعتل هشام بن الحكم علته التي قبض فيها، فامتنع من الاستعانة بالاطباء، فسألوه أن يفعل ذلك فجاؤوا بهم إليه فأدخل عليه جماعة من الاطباء فكان إذا دخل الطبيب عليه و أمره بشيء سأله فقال: يا هذا هل وقفت علي علتي؟ فمن بين قائل يقول: لا و من قائل يقول: نعم، فان استوصف ممن يقول نعم وصفها فإذا أخبره كذبه و يقول: علتي هذه، فيسأل عن علته فيقول: علتي فزع القلب مما أصابني من الخوف، و قد كان قدم ليضرب عنقه، ففزع قلبه لذلك حتي مات رحمه الله [6] .

3 كش: محمد بن مسعود، عن جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عيسي العبيدي عن يونس قال: قلت لهشام: إنهم يزعمون أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج يأمرك أن تسكت و لا تتكلم فأبيت أن تقبل رسالته، فأخبرني كيف كان سبب هذا، و هل أرسل إليك ينهاك عن الكلام، أولا؟ و هل تكلمت بعد نهيه إياك؟ فقال هشام: إنه لما كان أيام المهدي شدد علي أصحاب الاهواء، و كتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا، ثم قرأ الكتاب علي الناس.

فقال يونس: قد سمعت الكتاب يقرأ علي الناس علي باب الذهب بالمدينة و مرة اخري بمدينه الوضاح [7] فقال: إن ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتي قال في كتابه: و فرقة يقال لهم: الزرارية، و فرقة يقال لهم: العمارية، أصحاب عمار الساباطي، و فرقة يقال لهم: اليعفورية، و منهم فرقة



[ صفحه 196]



أصحاب سليمان الاقطع، و فرقة يقال لهم الجواليقية، قال يونس: و لم يذكر يومئذ هشام بن الحكم، و لا أصحابه.

فزعم هشام ليونس أن أبا الحسن عليه السلام بعث إليه فقال له: كف هذه الايام عن الكلام، فان الامر شديد، قال هشام: فكففت عن الكلام حتي مات المهدي و سكن الامر، فهذا الامر الذي كان من أمره و انتهائي إلي قوله.

و بهذا الاسناد عن يونس قال: كنت مع هشام بن الحكم في مسجده بالعشاء حيث أتاه مسلم صاحب بيت الحكم فقال له: إن يحيي بن خالد يقول: قد أفسدت علي الرفضة دينهم، لانهم يزعمون أن الدين لا يقوم إلا بإمام حي، و هم لا يدرون إمامهم اليوم حي أو ميت، فقال هشام عند ذلك: إنما علينا أن ندين بحياة الامام أنه حي حاضرا عندنا أو متواريا عنا حتي يأتينا موته، فما لم يأتنا موته فنحن مقيمون علي حياته، و مثل مثالا فقال: الرجل إذا جامع أهله و سافر إلي مكة أو تواري عنه ببعض الحيطان، فعلينا أن نقيم علي حياته حتي يأتينا خلاف ذلك.

فانصرف سالم ابن عم يونس بهذا الكلام، فقصه علي يحيي بن خالد فقال: يحيي: ما تري؟ ما صنعنا شيئا تلا فدخل يحيي علي هارون فأخبره فأرسل من الغد فطلبه، فطلب في منزله فلم يوجد، و بلغه الخبر، فلم يلبث إلا شهرين أو أكثر حتي مات في منزل محمد و حسين الحناطين فهذا تفسير أمر هشام، و زعم يونس أن دخول هشام علي يحيي بن خالد، و كلامه مع سليمان بن جرير بعد أن اخذ أبو الحسن عليه السلام بدهر إذ كان في زمن المهدي و دخوله إلي يحيي بن خالد في زمن الرشيد [8] .

4 ب: ابن أبي الخطاب، عن البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: أما كان لكم في أبي الحسن صلوات الله عليه عظة؟ ما تري حال هشام؟ هو الذي صنع بأبي الحسن



[ صفحه 197]



عليه السلام ما صنع، و قال لهم و أخبرهم، أ تري الله يغفر له ما ركب منا [9] .

5 ما: الحسين بن أحمد، عن حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن معروف، عن العمركي، عن الحسن بن أبي لبابة عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام: ما تقول جعلت فداك في هشام بن الحكم؟ فقال: رحمه الله ما كان أذهبه عن هذه الناحية [10] .

6 ن [11] يد: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن الصقر بن دلف قال: سألت الرضا عليه السلام، عن التوحيد و قلت له: إني أقول بقول هشام بن الحكم فغضب عليه السلام ثم قال: مالكم و لقول هشام، إنه ليس منا من زعم أن الله عز و جل جسم، و نحن منه برآء في الدنيا و الآخرة [12] .

7 ك: الهمداني و ابن ناتانة معا، عن علي عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن علي الاسواري قال: كان ليحيي بن خالد مجلس في دار يحضره المتكلمون من كل فرقة و ملة، يوم الاحد، فيتناظرون في أديانهم، و يحتج بعضهم علي بعض فبلغ ذلك الرشيد فقال ليحيي بن خالد: يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما شئ مما رفعني به أمير المؤمنين و بلغ من الكرامة و الرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس، فانه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم، فيحتج بعضهم علي بعض، و يعرف المحق منهم، و يتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم.



[ صفحه 198]



قال له الرشيد: فأنا احب أن أحضر هذا المجلس، و أسمع كلامهم من أن يعلموا بحضوري، فيحتشمون و لا يظهرون مذاهبهم قال: ذلك إلي أمير المؤمنين متي شاء قال: فضع يدك علي رأسي و لا تعلمهم بحضوري، ففعل، و بلغ الخبر المعتزلة فتشاوروا فيما بينهم، و عزموا أن لا يكلموا هشاما إلا في الامامة، لعلمهم بمذهب الرشيد و إنكاره علي من قال بالامامة.

قال: فحضروا و حضر هشام، و حضر عبد الله بن يزيد الاباضي و كان من أصدق الناس لهشام بن الحكم، و كان يشاركه في التجارة فلما دخل هشام سلم علي عبد الله ابن يزيد من بينهم، فقال يحيي بن خالد لعبد الله بن يزيد: يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الامامة فقال هشام: أيها الوزير ليس لهم علينا جواب و لا مسألة هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا علي إمامة رجل ثم فارقونا بلا علم و لا معرفة، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق، و لا حين فارقونا علموا علي ما فارقونا؟ فليس لهم علينا مسألة و لا جواب.

فقال بيان و كان من الحرورية: أنا أسألك يا هشام، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أ كانوا مؤمنين؟ أم كافرين؟ قال هشام: كانوا ثلاثة أصناف، صنف مؤمنون، و صنف مشركون، و صنف ضلال.

فأما المؤمنون: فمن قال مثل قولي، الذين قالوا: إن عليا إمام من عند الله و معاوية لا يصلح لها فآمنوا بما قال الله عز و جل في علي و أقروا به.

و أما المشركون: فقوم قالوا: علي إمام، و معاوية يصلح لها، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي.

و أما الضلال: فقوم خرجوا علي الحمية و العصبية للقبائل و العشائر، لم يعرفوا شيئا من هذا، و هم جهال.

قال: و أصحاب معاوية ما كانوا؟ قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف كافرون



[ صفحه 199]



و صنف مشركون، و صنف ضلال.

فأما الكافرون: فالذين قالوا: إن معاوية إمام، و علي لا يصلح لها، فكفروا من جهتين أن جحدوا إماما من الله، و نصبوا إماما ليس من الله.

و أما المشركون فقوم قالوا: معاوية إمام، و علي يصلح لها، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام.

و أما الضلال فعلي سبيل أولئك خرجوا للحمية و العصبية للقبائل و العشائر.

فانقطع بيان عند ذلك.

فقال ضرار: فأنا أسألك يا هشام في هذا؟ فقال هشام: أخطأت قال: و لم؟ قال: لانكم مجتمعون علي دفع إمامة صاحبي، و قد سألني هذا عن مسألد و ليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتي أسألك يا ضرار عن مذهب في هذا الباب قال ضرار: فسل قال: أ تقول إن الله عدل لا يجور؟ قال: نعم، هو عدل لا يجور، تبارك و تعالي قال: فلو كلف الله المقعد المشي إلي المساجد، و الجهاد في سبيل الله، و كلف الاعمي قراءة المصاحف و الكتب، أ تراه كان عادلا أم جائرا؟ قال ضرار: ما كان الله ليفعل ذلك قال هشام: قد علمنا أن الله لا يفعل ذلك، و لكن علي سبيل الجدل و الخصومة، أن لو فعل ذلك أ ليس كان في فعله جائرا؟ و كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلي إقامته و أدائه.

قال: لو فعل ذلك لكان جائرا قال: فأخبرني عن الله عز و جل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم؟ قال: بلي قال: فجعل لهم دليلا علي وجود ذلك الدين؟ أو كلفهم ما لا دليل علي وجوده؟ فيكون بمنزلة من كلف الاعمي قراءة الكتب، و المقعد المشي إلي المساجد و الجهاد؟.

قال: فسكت ضرار ساعة ثم قال: لابد من دليل، و ليس بصاحبك، قال: فضحك هشام و قال: تشيع شطرك و صرت إلي الحق ضرورة، و لا خلاف بيني و بينك إلا في التسمية قال: ضرار: فإني أرجع إليك في هذا القول قال: هات، قال ضرار:



[ صفحه 200]



كيف تعقد الامامة؟ قال هشام: كما عقد الله النبوة؟ قال: فإذا هو نبي؟ قال هشام: لا لان النبوة يعقدها أهل السماء، و الامامة يعقدها أهل الارض، فعقد النبوة بالملائكة، و عقد الامامة بالنبي، و العقد ان جميعا بإذن الله عز و جل.

قال: فما الدليل علي ذلك؟ قال هشام: الاضطرار في هذا قال ضرار: و كيف ذلك؟ قال هشام: لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه: إما أن يكون الله عز و جل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلي الله عليه و آله فلم يكلفهم و لم يأمرهم و لم ينههم، و صاروا بمنزلة السباع و البهائم التي لا تكليف عليها، أ فتقول هذا يا ضرار أن التكليف عن الناس مرفوع بعد رسول الله صلي الله عليه و آله؟ قال: لا أقول هذا.

قال هشام: فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون قد استحالوا بعد الرسول علماء، في مثل حد الرسول في العلم، حتي لا يحتاج أحد إلي أحد فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم، و أصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه أ فتقول هذا أن الناس قد استحالوا علماء حتي صاروا في مثل حد الرسول في العلم حتي لا يحتاج أحد إلي أحد، مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق؟ قال: لا أقول هذا، و لكنهم يحتاجون إلي غيرهم.

قال: فبقي الوجه الثالث لانه لابد لهم من علم يقيمه الرسول لهم لا يسهو و لا يغلط، و لا يحيف، معصوم من الذنوب، مبرأ من الخطايا، يحتاج إليه و لا يحتاج إلي أجد.

قال: فما الدليل عليه؟ قال هشام: ثمان دلالات أربع في نعت نسبه، و أربع في نعت نفسه.

فأما الاربع التي في نعت نسبه: بأن يكون معروف الجنس، معروف القبيلة معروف البيت، و أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه إشارة، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب، الذين منهم صاحب الملة و الدعوة، الذي ينادي باسمه في كل يوم خمس مرات علي الصوامع، أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا



[ صفحه 201]



رسول الله، فتصل دعوته إلي كل بر و فاجر، و عالم و جاهل، و مقر و منكر، في شرق الارض و غربها، و لو جاز أن يكون الحجة من الله علي هذا الخلق في هذا الجنس لاتي علي الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده، و لو جاز أن يطلبه في أجناس هذا الخلق من العجم و غيرهم لكان من حيث أراد الله أن يكون صلاحا يكون فسادا، و لا يجوز هذا في حكم الله تبارك و تعالي و عدله، أن يفرض علي الناس فريضة لا توجد.

فلما لم يجز ذلك لم يجز إلا أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة و الدعوة، و لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة و هي قريش، و لما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة، و لما كثر أهل هذا البيت، و تشاجروا في الامامة لعلوها و شرفها ادعاها كل واحد منهم، فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه إشارة بعينه و اسمه و نسبه لئلا يطمع فيها غيره.

و أما الاربع التي في نعت نفسه: أن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله و سننه، و أحكامه، حتي لا يخفي عليه منها دقيق و لا جليل، و أن يكون معصوما من الذنوب كلها، و أن يكون أشجع الناس، و أن يكون أسخي الناس، قال: من أين قلت: إنه أعلم الناس؟ قال: لانه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله و أحكامه و شرائعه و سننه، لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود، فمن وجب عليه القطع حده، و من وجب عليه الحد قطعه، فلا يقيم لله حدا علي ما أمر به، فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا.

قال: فمن أين قلت: إنه معصوم من الذنوب؟ قال: لانه إن لم يكن معصوما من الذنوب، دخل في الخطاء فلا يؤمن أن يكتم علي نفسه، و يكتم علي حميمه و قريبه، و لا يحتج الله عز و جل بمثل هذا علي خلقه.

قال: فمن أين قلت: إنه أشجع الناس؟ قال: لانه فئة للمسلمين الذين



[ صفحه 202]



يرجعون إليه في الحروب و قال الله عز و جل " و من لو لهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلي فئة فقد بآء بغضب من الله " [13] فان لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله، فلا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله حجة لله علي خلقه.

قال: فمن أين قلت: إنه أسخي الناس؟ قال: لانه خازن المسلمين، فان لم يكن سخيا تاقت نفسه إلي أموالهم فأخذها، فكان خائنا، و لا يجوز أن يحتج الله علي خلقه بخائن، فقال عند ذلك ضرار: فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت؟ فقال: صاحب العصر أمير المؤمنين و كان هارون الرشيد: قد سمع الكلام كله فقال عند ذلك: أعطانا و الله من جراب النورة، ويحك يا جعفر و كان جعفر بن يحيي جالسا معه في الستر من يعني بهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين يعني موسي بن جعفر قال: ما عني بها أهلها، ثم عض علي شفته، و قال: مثل هذا حي و يبقي لي ملكي ساعة واحدة؟! فو الله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف.

و علم يحيي أن هشاما قد اتي فدخل الستر فقال: ويحك يا عباسي من هذا الرجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين تكفي تكفي، ثم خرج إلي هشام فغمزه، فعلم هشام أنه قد اتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة، فلبس نعليه و انسل، و مر ببنيه و أمرهم بالتواري، و هرب، و مر من فوره نحو الكوفة، و نزل علي بشير النبال و كان من حملة الحديث من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام فأخبره الخبر، ثم اعتل علة شديدة فقال له بشير: آتيك بطبيب؟ قال لا: أنا ميت.

فلما حضره الموت قال لبشير: إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل وضعني بالكناسة، و اكتب رقعة و قل هذا هشام بن الحكم الذي طلبه أمير المؤمنين مات حتف أنفه، و كان هارون قد بعث إلي إخوانه و أصحابه، فأخذ الخلق به فلما أصبح أهل الكوفة رأوه، و حضر القاضي، و صاحب المعونة، و العامل و المعدلون بالكوفة، و كتب إلي الرشيد بذلك فقال: الحمد لله الذي كفانا أمره



[ صفحه 203]



فخلي عمن كان اخذ به [14] .

بيان: قد اتي علي المجهول أي هلك من قولهم: أتي عليه أي أهلكه، و قوله تكفي علي المجهول أي تكفي شره و نقتله.

7 عم [15] شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي، عن أبيه، عن جماعة من رجاله، عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له: إني رجل صاحب كلام وفقه و فرائض، و قد جئت لمناظرة أصحابك فقال له أبو عبد الله عليه السلام: كلامك هذا من كلام رسول الله؟ أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلي الله عليه و آله بعضه، و من عندي بعضه، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فأنت إذا شريك رسول الله صلي الله عليه و آله!؟ قال: لا قال: فسمعت الوحي عن الله تعالي؟ قال: لا قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلي الله عليه و آله؟ قال: لا.

قال: فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي و قال لي: يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم، قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام لكلمته، قال يونس: فيا لها من حسرة فقلت: جعلت فداك سمعتك تنهي عن الكلام، و تقول ويل لاصحاب الكلام، يقولون هذا ينقاد، و هذا لا ينقاد، و هذا ينساق، و هذا لا ينساق و هذا نعقله، و هذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما قلت ويل لقوم تركوا قولي، و ذهبوا إلي ما يريدون.

ثم قال: أخرج إلي الباب فانظر من تري من المتكلمين فأدخله! قال: فخرجت فوجدت حمران بن أعين و كان يحسن الكلام و محمد بن النعمان الاحول و كان متكلما و هشام بن سالم و قيس الماصر و كانا متكلمين فأدخلتهم عليه.

فلما استقر بنا المجلس، و كنا في خيمة لابي عبد الله عليه السلام علي طرف جبل في طرف الحرم، و ذلك قبل الحج بأيام أخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من الخيمة



[ صفحه 204]



فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام و رب الكعبة، فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة لابي عبد الله عليه السلام فإذا هشام بن الحكم قد ورد و هو أول ما اختطت لحيته، و ليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا.

قال: فوصع إليه أبو عبد الله عليه السلام و قال: ناصرنا بقلبه و لسانه و يده، ثم قال لحمران: كلم الرجل يعني الشامي فتكلم حمران، فظهر عليه ثم قال: ياطاقي كلمه فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان، ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه فتعارفا ثم قال لقيس الماصر: كلمه فكلمه و أقبل أبو عبد الله عليه السلام فتبسم من كلامهما و قد استخذل الشامي في يده ثم قال للشامي: كلم هذا الغلام يعني هشام بن الحكم فقال: نعم.

ثم قال الشامي لهشام: يا غلام سلني في إمامة هذا يعني أبا عبد الله عليه السلام فغضب هشام حتي ارتعد ثم قال: أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه؟ أم هم لانفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه قال: ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا؟ قال: كلفهم و أقام لهم حجة و دليلا علي ما كلفهم، و أزاح في ذلك عللهم، فقال له هشام: فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي: هو رسول الله صلي الله عليه و آله قال هشام: فبعد رسول الله صلي الله عليه و آله من؟ قال: الكتاب و السنة.

قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب و السنة فيما اختلفنا فيه، حتي رفع عنا الاختلاف، و مكننا من الاتفاق؟ قال الشامي: نعم فقال له هشام: فلم اختلفنا نحن و أنت، وجئت لنا من الشام تخالفنا، و تزعم أن الرأي طريق الدين و أنت مقر بأن الرأي لا يجمع علي القول الواحد المختلفين؟ فسكت الشامي كالمفكر.

فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مالك لا تتكلم؟ قال: إن قلت: إنا ما اختلفنا كابرت، و إن قلت: إن الكتاب و السنة يرفعان عنا الاختلاف، أبطلت، لانهما يحتملان الوجوه، لكن لي عليه مثل ذلك فقال له أبو عبد الله عليه السلام: سله تجده مليا.

فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم؟ فقال هشام: بل ربهم



[ صفحه 205]



أنظر لهم فقال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم، و يرفع اختلافهم، و يبين لهم حقهم من باطلهم؟ قال هشام: نعم قال الشامي: من هو؟ قال هشام: أما في ابتداء الشريعة فرسول الله، و أما بعد النبي فغيره فقال الشامي: و من هو النبي القائم مقامه في حجته؟ قال هشام: في وقتنا هذا؟ أم قبله؟ قال الشامي: بل في وقتنا هذا قال هشام: هذا الجالس يعني أبا عبد الله عليه السلام الذي تشد إليه الرحال و يخبرنا بأخبار السماء، وراثة عن أب عن جد فقال الشامي: و كيف لي بعلم ذلك؟ قال هشام: سله عما بدا لك قال الشامي: قطعت عذري فعلي السوأل.

فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أنا أكفيك المسألة يا شامي، أخبرك عن مسيرك و سفرك، خرجت في يوم كذا و كذا، و كان طريقك من كذا، و مررت علي كذا، و مر بك كذا، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول: صدقت و الله.

ثم قال له الشامي: أسلمت لله الساعة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة، إن الاسلام قبل الايمان، و عليه يتوارثون، و يتناكحون، و الايمان عليه يثابون، قال الشامي: صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله، وأنك وصي الانبياء.

قال: فأقبل أبو عبد الله عليه السلام علي حمران بن أعين فقال: يا حمران تجري الكلام علي الاثر فتصيب، و التفت إلي هشام بن سالم فقال: تريد الاثر و لا تعرف ثم التفت إلي الاحوال فقال: قياس رواغ، تكسر باطلا بباطل، لكن باطلك أظهر، ثم التفت إلي قيس الماصر فقال: يتكلم و أقرب ما يكون من الخبر عن الرسول صلي الله عليه و آله أبعد ما يكون منه، يمزج الحق بالباطل، و قليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت و الاحول قفازان، حاذقان، قال يونس بن يعقوب: و ظننت و الله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما فقال: يا هشام لا تكاد تقع، تلوي رجليك إذا هممت بالارض طرت، مثلك فليكلم الناس، اتق الزلة، و الشفاعة من ورائك [16] .

أقول: إنما أوردنا أحوال هشام في أبواب أحواله عليه السلام لاشتمالها علي بعض أحواله عليه السلام، و قد مضي كثير من احتجاجات هشام في كتاب الاحتجاجات.



[ صفحه 206]




پاورقي

[1] ضرار بن عمرو: كان في بدو أمره تلميذا لو اصل بن عطاء المعتزلي ثم خالفه في خلق الاعمال و إنكار عذاب القبر، ثم زعم أن الامامة بغير القرشيين أولي منها بالقرشي له نحو ثلاثين مؤلفا، و كان غطفانيا قال الملطي في كتابه التنبيه و الرد ص 43: ان المجلس كان له بالبصرة قبل ابي الهديل حتي أظهر الخلاف الخ، و له اتباع يسمون الضرارية نسبة اليه، لاحظ حاله و حالهم و مقاله و مقالهم في كتب الفرق و الديانات كالفرق بين الفرق للبغدادي ص 129 و مختصره للرسعني ص 131 و اعتقادات فرق المسلمين للامام فخر الدين الرازي ص 69 و الملل و النحل ج 1 ص 94 بهامش الفصل و غيرها.

[2] سليمان بن جرير الزيدي رئيس الفرقة السليمانية و قد تسمي جريرية و من مقالته ان الامامة شوري و انها تنعقد برجلين من خيار الامة، و أجاز امامة المفضول، و كفره أهل السنة لانه كفر عثمان و تبرؤا منه كما أن محارب علي عندهم كافر، و له أقوال أخر، لاحظ ذلك في الفرق بين الفرق للبغدادي ص 24 و مختصره ص 32 و فرق الشيعة للنوبختي ص 9 و اعتقادات فرق المسلمين للرازي ص 52 و الملل و النحل و غير ذلك.

[3] عبد الله بن يزيد الاباضي نسه إلي فرقة الاباضية و هم من فرق الخوارج، منسوبون إلي عبد الله بن اباضي الخارجي الذي خرج في عهد مروان الحمار آخر ملوك بني أمية و قال الملطي في التنبيه و الرد انهم أصحاب أباض بن عمرو خرجوا من سواد الكوفة فقتلوا الناس و سبوا الذرية و قتلوا الاطفال و كفروا الامة الخ و منهم فرقة تدعي الحارثية اتباع حارث ابن يزيد الاباضي و هم الذين قالوا في باب القدر بمثل قول المعتزلة و زعموا أيضا ان الاستطاعة قبل الفعل الخ و زعمت الحارثية انه لم يكن لهم امام بعد المحكمة الاولي الا عبد الله ابن أباض و بعده الحارث بن يزيد الاباضي.

و الظاهر انه أخو عبد الله المذكور.

و كان من متكلميهم.

[4] رجال الكشي ص 167 بتفاوت.

[5] نفس المصدر ص 166.

[6] نفس المصدر ص 167.

[7] مدينة الوضاح: لعلها الوضاحية و هي قرية منسوبة إلي بني وضاح مولي لبني أمية و كان بربريا.

[8] رجال الكشي ص 172.

[9] قرب الاسناد ص 225.

[10] أمالي الشيخ الطوسي ص 29.

[11] عيون أخبار الرضا " ع " في ج 1 ص 114 حديثا بنفس السند إلي الصقر بن دلف عن ياسر الخادم قال: سمعت ابا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام يقول: من شبه الله تعالي بخلقه فهو مشرك، و من نسب اليه ما نهي عنه فهو كافر، و معني المتن قريب و لكن أين ذكر هشام؟ و لم نجد حديثا آخر في هذا المعني في المصدر.

[12] توحيد الصدوق ص 92 بزيادة في آخره.

[13] سورة الانفال الاية: 16.

[14] كمال الدين و تمام النعمة ج 2 ص 31 بتفاوت.

[15] إعلام الوري ص 273 بتفاوت.

[16] الارشاد للشيخ المفيد ص 296.