و هذه اضمامة اخري من لآلي ء بحره العميق، و حزمة نيرة من شمس معارفه المتوهجة، تزين عقول العارفين، و تضي ء نفوس الباحثين عن الهدي و الاستقامة. هذه معارف تربوية، و قواعد عامة للسلوك و الأخلاق و العبادة و التفكر نقتبسها من امام المسلمين، و هداية الأنام و العالمين، الامام السجين الشهيد موسي بن جعفر الكاظم (ع)، نذكرها لتكون منارا للقاري ء و هداية للمهتدي.

قال (ع):

(ينبغي لمن يعقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه، و لا يتهمه في قضائه).

و سئل عن اليقين فقال (ع):

(يتوكل علي الله، و يسلم لله، و يرضي بقضاء الله، و يفوض الي الله).



[ صفحه 59]



(من تكلم في الله هلك. [1] و من طلب الرئاسة هلك. [2] و من دخله العجب هلك).

(ليس حسن الجوار كف الأذي، و لكن حسن الجوار الصبر علي الأذي).

و قال لبعض ولده:

(يا بني اياك و أن يراك الله في معصية نهاك عنها، و اياك و أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها، و عليك بالجد، و لا تخرجن نفسك من التقصير في عبادة الله و طاعته، فان الله لا يعبد حق عبادته، و اياك و المزاح، فانه يذهب بنور ايمانك، و يستخف مروتك، و اياك و الضجر و الكسل، فانهما يمنعان حظك من الدنيا و الآخرة).

و قال لزياد بن أبي سلمة... و هو يحدد الموقف من حكام الجور و يؤكد وجوب المقاطعة و فرض الحصار عليهم:

(يا زياد لئن أسقط من شاهق، فاتقطع قطعة قطعة أحب الي من أن أتول لهم عملا، أو أطا بساط رجل منهم). [3] .



[ صفحه 60]



(اذا كان الجور أغلب من الحق، لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتي يعرف ذلك منه).

(اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، و ساعة لأمر المعاش، و ساعة لمعاشرة الاخوان و الثقاة الذين يعرفونكم عيوبكم، و يخلصون لكم في الباطن. و ساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم، و بهذه الساعة تقدرون علي الثلات ساعات، لا تحدثوا أنفسكم بفقر و لا بطول عمر، فانه من حدث نفسه بالفقر بخل، و من حدثها بطول العمر يحرص. اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال، و ما يثلج من المروة، و ما لا سرف فيه، و استعينوا بذلك علي امور الدين فانه روي: (ليس منا من ترك دنياه لدينه، أو ترك دينه لدنياه).

(يعرف شدة الجور من حكم به عليه).

(المصيبة للصابر واحدة و للجازع اثنتان).

(أبلغ خيرا، و قل خيرا، و لا تكن امعة)، قلت: و ما الامعة؟ قال: (لا تقل أنا مع الناس، و أنا كواحد من الناس [4] ان رسول الله قال: (يا ايها الناس انما هما نجدان نجد خير و نجد شر، فلا يكن نجد الشر أحب اليكم من



[ صفحه 61]



نجد الخير). [5] .

ذلك عرض موجز لقبس من علوم الامام و معارفه و توجيهاته التي اكتفينا بعرضها دون شرحها و كشف مضامينها فهي واضحة جلية للقاري ء ترسم أمامه طريق الهدي، و تثبت له معالم السلوك الاسلامي القويم. فحري بنا أن نتأمل في شخص هذا الامام العظيم و في شخصيات الأئمة من أهل البيت (ع) وندرس بوعي و عمق و تجرد موضوعي نزيه آثارهم و منهجهم و معارفهم في العقيدة و التشريع و الأخلاق و التربية و الهدي، فنجعلهم قدوة لنا، و أئمة يهدون مسيرتنا.

«اولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده».



[ صفحه 62]