بازگشت

في المجال الفكري


فقد عمق الإمام(عليه السلام) الاُسس والثوابت العقائدية والفكرية التي اسّس لها الأئمة (عليهم السلام) من قبله، والتي تشكّل تحصينات وقائية تطرد بدورها الفكر المضاد والدخيل الذي تعتمده الخلافة العباسية في نظرية الحكم والتي تحاول به الخلط بين ماهو أصيل ودخيل بهدف تضليل الاُمة بعد ما رفعت شعار الدعوة الي الرضيّ من آل محمّد.

لذا أعطي الإمام (عليه السلام) مقياساً واضحاً تميّز به الاُمّة وتطبقه علي كل من يدّعي القيادة والخلافة الشرعية.

فعن أبي بصير عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام) قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك بم يعرف الإمام؟ فقال:«بخصال: أمّا أوّلهن فشيء تقدم من أبيه فيه، وعرّفه الناس، ونصّبه لهم علماً، حتي يكون حجّة عليهم،لأن رسول الله نصّب علياً(عليه السلام) علماً وعرّفه الناس، وكذلك الأئمة يعرّفونهم الناس وينصبونهم لهم حتي يعرفوه، ويسأل فيجيب، ويسكت عنه فيبتدي، ويخبر الناس بما في غد، ويكلّم الناس بكلّ لسان» [1] .



[ صفحه 87]



وجاء عن أبي خالد الزبّالي أنه قال: «نزل أبو الحسن(عليه السلام) (موسي الكاظم) منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة، ونحن لا نقدر علي عود نستوقد به فقال: يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به.

قلت: والله ما أعرف في هذا الموضع عوداً واحداً.

فقال: كلاّ يا أبا خالد! تري هذا الفجّ؟ خذ فيه فإنك تلقي أعرابياً معه حملان حطباً فاشترهما منه ولا تماسكه.

قال: فركبت حماري وانطلقت نحو الفجّ الذي وصف لي فإذا اعرابي معه حملان حطباً فاشتريتهما منه وأتيته بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذلك. وأتيته بطرف ما عندنا فطعم منه.

ثم قال: يا أبا خالد! انظر خفاف الغلمان ونعالهم فأصلحها حتي نقدم عليك في شهر كذاوكذا.

قال أبو خالد: فكتبت تاريخ ذلك اليوم فركبت حماري في اليوم الموعود حتي جئت الي لزق ميل [2] ونزلت فيه فإذا أنا براكب مقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا يهتف بي ويقول: يا أبا خالد!

قلت: لبيك جعلت فداك.

قال: أتراك وفيناك بما وعدناك؟ ثم قال: يا أبا خالد! ما فعلت بالقبتين اللتين كنا نزلنا فيهما؟

فقلت: جعلت فداك قد هيأتهما لك. وانطلقت معه حتي نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما.



[ صفحه 88]



ثم قال: ما حال خفاف الغلمان ونعالهم؟ قلت: قد أصلحناها فأتيته بهما. فقال(عليه السلام): يا أبا خالد سلني حاجتك؟

فقلت: جعلت فداك أخبرك بماكنت فيه. كنت زيدي المذهب حتي قدمت عليّ وسألتني الحطب، وذكرت مجيئك في يوم كذا، فعلمت أنك الإمام الذي فرض الله طاعته.

فقال(عليه السلام): يا أبا خالد من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام» [3] .


پاورقي

[1] قرب الاسناد: 265 ح 1263، واُصول الكافي: 1 / 285 ح 7، والإرشاد: 2 / 224، ودلائل الإمامة: 169 وعن الإرشاد في اعلام الوري: 2 / 22، وفي بحار الأنوار: 48 / 47 ح 33 عن قرب الإسناد والإرشاد والاعلام والخرائج.

[2] اللزق بالكسر: اللصق يقال «هو بلزقي» أي بجنبي.

[3] مناقب آل أبي طالب: 4 / 319 وعنه في بحار الأنوار: 48 / 77.