بازگشت

المجال الاخلاقي والتربوي


لقد أشاع الحكّام العبّاسيون أخلاقاً وممارسات جاهلية أصابت القيم والاخلاق الإسلامية بالاهتزاز وعرّضت المثل العليا للضياع.

وهذا المخطط كان يستهدف المسخ الحضاري للاُمة الإسلامية ولم يكن حالة عقوبة أفرزتها نزوة الخليفة فقط وانّما هي ذات رصيد تأريخي وجزء من تخطيط جاهلي هادف لتغيير معالم الحضارة والاُمة الإسلامية التي ربّاها القرآن العظيم والرسول الكريم.

من هنا واجه الإمام (عليه السلام) هذا المخطط باسلوب أخلاقي يتناسب مع أهداف الرسالة يذكّر الاُمة بأخلاقية الرسول (صلي الله عليه وآله) ويعيد لها صوراً من مكارم أخلاقه.

هنا نشير الي نماذج من نشاطه:

النموذج الأول: عن حماد بن عثمان قال: بينا موسي بن عيسي في داره التي تشرّف علي المسعي، إذ رأي أبا الحسن موسي(عليه السلام) مقبلا من المروة علي بغلة فأمر ابن هيّاج ـ رجل من همدان منقطعاً اليه ـ أن يتعلّق بلجامه ويدّعي البغلة، فأتاه فتعلّق باللجام وادعّي البغلة، فثني أبو الحسن (عليه السلام) رجله فنزل عنها



[ صفحه 101]



وقال لغلمانه: خُذوا سرجها وادفعوها اليه، فقال والسرج أيضاً لي، فقال له أبو الحسن(عليه السلام): «كذبت عندنا البيّنة بأنه سرج محمد بن علي، وأمّا البغلة فانا اشتريتها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت» [1] .

النموذج الثاني: خرج عبد الصمد بن علي ومعه جماعة فبصر بأبي الحسن(عليه السلام) مقبلا راكباً بغلاً، فقال لمن معه: مكانكم حتي أضحككم من موسي بن جعفر، فلما دنا منه قال له: ما هذه الدابّة التي لا تدرك عليها الثأر، ولا تصلح عند النزال؟ فقال له أبو الحسن(عليه السلام): «تطأطأت عن سموّ الخيل وتجاوزت قموء العير، وخير الاُمور أوسطها». فافحم عبد الصمد فما أحار جواباً [2] .

النموذج الثالث: عن الحسن بن محمد: أن رجلاً من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن(عليه السلام) فكان يسبّه إذا رآه ويشتم علياً(عليه السلام).

وقد لاحظنا حسن تعامل الإمام معه وكيف أدّي ذلك الي صلاح رؤيته وتعامله مع الإمام(عليه السلام) [3] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 48 / 148، ح 23 عن فروع الكافي: 8 / 86.

[2] بحار الأنوار: 48 / 154 / ح26 عن فروع الكافي: 6 / 540.

[3] راجع الفصل الثالث من الباب الأوّل، مبحث حلمه(عليه السلام) ص 34 من هذا الكتاب.