بازگشت

التثقيف السياسي


إنّ النشاط السياسي الذي يقوم به أصحاب الإمام(عليه السلام) في هذه المرحلة ولما يمتاز به من صعوبات كان يحتاج الي لون خاص من الوعي ودقة في الملاحظة وعمق في الايمان، ممّا دفع بالإمام(عليه السلام) الي أن يرعي ويشجع الخواص ويعمق في نفوسهم روح التديّن ويمنحهم سقفاً خاصاً من المستوي الايماني ويدفعهم الي اُفق سياسي يتحرّكون به ضد الخصوم بشكل سليم ويوفّر لهم قوة تمنحهم قدرة المواصلة وسموّ النفس.

وفي هذا المجال نلاحظ ما يلي:

1 ـ شحّذ الإمام(عليه السلام) الهمم التي آمنت بالحق موضحاً أنّ الأمر لا يتعلق بكثرة الانصار أو قلتها.

فعن سماعة بن مهران قال: قال لي العبد الصالح(عليه السلام): «ياسماعة أمنوا علي



[ صفحه 109]



فرشهم، وأخافوني أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلاّ واحد يعبد الله، ولو كان معه غيره لاضافه الله عزّ وجلّ اليه حيث يقول: (إنّ ابراهيم كان أمّة قانتاً لله حنيفاً ولم يكن من المشركين) [1] فصبر بذلك ماشاء الله. ثم إن الله آنسه باسماعيل واسحاق، فصاروا ثلاثة.

أما والله إن المؤمن لقليل، وإنّ أهل الباطل لكثير أتدري لم ذلك؟ فقلت: لا أدري جعلت فداك. فقال: صيّروا اُنساً للمؤمنين يبثّون اليهم ما في صدورهم، فيستريحون الي ذلك ويسكنون إليه» [2] .

2 ـ لقد سعي الإمام(عليه السلام) لتربية شيعته علي أساس تقوية أواصر الاخوة والمحبة الايمانية بحيث تصبح الجماعة الصالحة قوة اجتماعية متماسكة لا يمكن زعزعتها أو تضعيفها لقوة الترابط العقائدي والروحي فيما بينها.

لنقرأ النص التالي معاً:

سأل الإمام موسي (عليه السلام) يوماً أحد أصحابه قائلا له: «ياعاصم كيف أنتم في التواصل والتبارّ؟ فقال: علي أفضل ما كان عليه أحد.

فقال (عليه السلام): أيأتي أحدكم عند الضيقة منزل أخيه فلا يجده، فيأمر باخراج كيسه فيخرج فيفضّ ختمه فيأخذ من ذلك حاجته، فلا ينكر عليه؟! قال: لا، قال: لستم علي ما أحب من التواصل والضيقة والفقر» [3] .



[ صفحه 110]




پاورقي

[1] النحل (16): 120.

[2] الكافي: 2 / 243 وعنه في بحار الأنوار: 47 / 373، ح 94 و 67 / 162 قال المجلسي معلقاً ومفسراً علي هذا الخبر: اي انّما جعل الله تعالي هؤلاء المنافقين في صورة المؤمنين مختلطين بهم لئلا يتوحش المؤمنون لقلتهم.

[3] مكارم الأخلاق: 165 وفي ط: 2 / 144 عن بصائر الدرجات، وفي بحار الأنوار: 48 / 119، ح35 وفي وسائل الشيعة: 25 / 35.