بازگشت

الإمام وسياسة الرشيد


إنّ سيرة الإمام(عليه السلام) ومواقفه من الرشيد لم تكن استسلامية بل كان الإمام(عليه السلام) صلباً في مواقفه يتحدّي بها الرشيد، وان كان في بعضها شيء من المرونة في بعض الأحيان وذلك لمعرفة الإمام(عليه السلام) به وبنواياه فكان يراعي في مواقفه المصالح العليا.

ونختار بعض المشاهد التي تعبّر عن حقيقة موقف الإمام(عليه السلام) من حكومة الرشيد.

المشهد الأوّل: عن محمد بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن(عليه السلام) حين اُدخل عليه:

«ما هذه الدار؟

فقال(عليه السلام): هذه دار الفاسقين، قال الله تعالي:(سأصرف عن آياتي الذين يتكبّرون في الأرض بغير الحق وان يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد



[ صفحه 140]



لا يتّخذوه سبيلا وان يَروا سبيل الغيّ يتخذوه سبيلا) [1] .

فقال له هارون: فدار من هي؟ قال(عليه السلام): هي لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة.

قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟

فقال: «اُخذت منه عامرة ولا يأخذها الاّ معمورة».

قال: فأين شيعتك؟ فقرأ أبو الحسن(عليه السلام): (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتي تأتيهم البيّنة) [2] .

قال: فقال له: فنحن كفار؟ قال(عليه السلام): لا، ولكن كما قال الله (الذين بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار) [3] .

فغضب عند ذلك وغلظ عليه إذ قد لقيه أبو الحسن(عليه السلام) بمثل هذه المقالة، وما رهبه وهذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف [4] .

المشهد الثاني: عن الإمام الكاظم(عليه السلام) قال: «قال لي هارون: أتقولون أن الخمس لكم؟

قلت: نعم.

قال: انه لكثير.

قال: قلت: إنّ الذي أعطاناه علم أنه لنا غير كثير» [5] .

المشهد الثالث: إنّ هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر(عليه السلام): «حُدّ فدكاً حتي أردّها إليك، فيأبي حتي ألحّ عليه.



[ صفحه 141]



فقال(عليه السلام): لا آخذها إلاّ بحدودها. قال: وما حدودها؟

قال(عليه السلام): ان حددتها لم تردّها. قال: بحق جدّك إلاّ فعلت.

قال(عليه السلام): أمّا الحد الأول فعدن. فتغير وجه الرشيد وقال: ايهاً.

قال(عليه السلام): والحد الثاني سمرقند. فاربدّ وجهه.

قال(عليه السلام): والحدّ الثالث افريقية. فأسودّ وجهه وقال: هيه

قال(عليه السلام): والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينيه. قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحوّل الي مجلسي!

قال موسي(عليه السلام): قد أعلمتك أنني ان حددتها لم تردّها. فعند ذلك عزم علي قتله» [6] .

المشهد الرابع: ولمّا دخل هارون الرشيد المدينة توجّه لزيارة النبي(صلي الله عليه وآله) ومعه الناس فتقدم الرشيد الي قبررسول الله(صلي الله عليه وآله)وقال: السلام عليك يا رسول الله ياابن عمّ، مفتخراً بذلك علي غيره.

فتقدم أبو الحسن(عليه السلام) فقال «السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه» فتغير وجه الرشيد وتبيّن الغيظ فيه» [7] .


پاورقي

[1] الأعراف (7): 146.

[2] البينة (98): 1.

[3] ابراهيم (14): 28.

[4] تفسير العياشي: 2 / 29 الاذيله وعنه في بحار الأنوار: 48 / 138، ح 13 والاختصاص: 256، بحار الأنوار: 48 / 156.

[5] بحار الأنوار: 48 / 158 عن كتاب الاستدارك.

[6] تاريخ بغداد: 13 / 31 وعنه في تذكرة الخواص: 313 وفي مناقب آل أبي طالب: 4 / 346 وعنه في بحار الأنوار: 48 / 144.

[7] كامل الزيارات: 18 ب 3 وعنه في بحار الأنوار: 48 / 136، وفي مناقب آل أبي طالب: 4 / 345.