بازگشت

المجال العلمي والفكري


لقد كان عهد الصادقين(عليهما السلام) عهد الانفراج النسبي لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) حيث استطاعت أن تنشر علوم أهل البيت(عليهم السلام) وتخرّج الاساتذة والعلماء المسؤولين والاُمناء علي حفظ تراث هذا الخطّ الرسالي بين أبناء الاُمة الإسلامية.

ومن هنا فقد تكاملت لابناء هذه المدرسة في عهدهما الاُسس المتينة التي أرساها الرسول الاعظم(صلي الله عليه وآله) والإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) من بعده في المنهج والمحتوي والاسلوب.

وكان عصر الإمام الكاظم(عليه السلام) الذي استمر ثلاثة عقود أو ما يزيد عليها قليلا ـ استمراراً للمسيرة العلمية والثقافية التي حقّقها الصادقان(عليهما السلام) حتي تخرج في عهده(عليه السلام) عدد مهم من الفقهاء الرواة الذين أصبحوا بمستوي



[ صفحه 152]



العطاء الذي قدمه الإمام الكاظم(عليه السلام) للاُمة الإسلامية في حقلي النظرية والتطبيق معاً ـ كما سيتضح ذلك فيما سوف نراه من تبلور كثير من القواعد الاصُولية والفقهية في مجال الاجتهاد الفقهي في هذه المدرسة العملاقة.

ثمّ إنّ انتشار التشيع واتّساع حجم الولاء والانتماء لخط أهل البيت(عليهم السلام) بالمعني الخاص الذي يتميّز عن الخط العباسي بعد جهود الصادقين(عليهما السلام) كان من نصيب عهد الإمام الكاظم(عليه السلام).

واتساع القاعدة كان يتطلب توسّع نشاط القيادة في رعاية شؤون الاتباع وصيانة الجماعة الصالحة من أنواع المزالق والانحرافات والعقبات.

علي أن كثرة السؤال عن قضايا الشريعة اُصولا وفروعاً لاتساع دائرة الانتماء ولتطور الزمن مع استعداد مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) للاستجابة للمستجدات، كل هذا تطلب نشاطاً أكبر وأوسع من القيادة المتمثلة في الإمام الكاظم(عليه السلام) بالرغم من حراجة الظرف بعد استشهاد الإمام الصادق(عليه السلام) وعدم التوجيه العام حول إمامة موسي الكاظم(عليه السلام) لكل أبناء الطائفة...

من هنا كان الإمام(عليه السلام) بحاجة الي توظيف عدد من أصحابه الاخصّاء به لادراة شؤون الجماعة الصالحة بتقبّل الوكالة عن الإمام والتحرك لجمع الأموال والحقوق التي رسم لهاأهل البيت نظاماً ومنهجاً خاصاً يكفل للجماعة الصالحة استمرار وجودها وتطورها واستحكام اسسها بنحو يجعلها قادرة علي مواجهة التحديات المستمرة.

وهذا هو الذي كان يخشاه الخلفاء، كلٌ بمقدار نباهته وغوره الي عمق هذا الخط.. حتي أثار هذا النشاط الواسع والخط التثقيفي المعمق حفيظة هارون الرشيد تجاه شخص الإمام الكاظم(عليه السلام) حيث كان يراه الندّ الحقيقي الذي يهدد سلطانه.



[ صفحه 153]



وكان هارون جرئياً في الاقدام علي سجن الإمام وعزله عن قواعده. ولكنّ أصحاب الإمام(عليه السلام) كانوا علي اتصال مستمر به وهو في قيد السجن.

وكان هذا التخطيط يعدّ تطوراًواضحاً في التعامل مع الأحداث واستغلالا للظروف الحرجة أحسن استغلال لاكمال المسيرة الربّانية الي حيث الاهداف المبتغاة منها.

وقد تمثل العطاء العلمي والفكري للإمام الكاظم(عليه السلام) في مجالات:

1 - الرواية

2 - التدريس

3 - المناظرة

4 - التأليف

كما تنوّعت مجالات الرواية والتأليف والمناظرة والتدريس الي الحقول العلمية المختلفة، كما يشهد لذلك تنوّع التراث الذي وصلنا عن الإمام الكاظم(عليه السلام)، ونستطيع أن نلمس ذلك بكل وضوح من خلال مطالعة مسنده الذي يبلغ ثلاثة أجزاء فيما يقرب من ألف صفحة تقريباً.

وقد اشتمل علي أنواع المعرفة العقائدية والتأريخية والتربوية والأخلاقية والاحكام الشرعية والأدعية والزيارات وما يرتبط بمجال توثيق الرجال وسائر ما يرتبط ببيان عصر الإمام الكاظم(عليه السلام) واحتجاجاته مع الحكام والمخالفين أوما يرتبط بمدرسته العلمية المتمثّلة في المتخرجين من طلابه والنابهين من صحابته.

وقد بلغت بعض تأليفات أصحاب الإمام حجماً هائلا مثل ما أ لّفه هشام ابن الحكم وصفوان بن يحيي بيّاع السابري والحسن بن محمد بن سماعة



[ صفحه 154]



الكندي حيث بلغت الكتب المؤلفة لكل منهم ثلاثين مؤلفاً.

كما ألّف علي بن الحسن الطاطري أربعة عشر كتاباً والحسن بن محبوب السراد ستة كتب وعبد الله بن جبلة سبعة كتب وعلي بن يقطين ثلاثة كتب. وهذا هو بعض النشاط العلمي لصحابة الإمام(عليه السلام) [1] .


پاورقي

[1] راجع الفهرست للشيخ الطوسي: 96، 103، 146، 155، 156، 258.