بازگشت

ارسال جارية له


«أنفذ هارون الي الإمام(عليه السلام) جارية وضّاءة بارعة في الجمال والحسن، أرسلها بيد أحد خواصّه لتتولي خدمة الإمام ظانّاً أنه سيفتتن بها، فلما وصلت إليه قال(عليه السلام) لمبعوث هارون:

قل لهارون: بل أنتم بهديتكم تفرحون، لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها.

فرجع الرسول ومعه الجارية وأبلغ هارون قول الإمام(عليه السلام) فالتاع غضباً وقال له:

ارجع إليه، وقل له: ليس برضاك حبسناك ولا برضاك أخدمناك واترك الجارية عنده، وانصرف.

فرجع ذلك الشخص وترك الجارية عند الإمام(عليه السلام) وأبلغه بمقالته.

وأنفذ هارون خادماً له الي السجن ليتفحص عن حال الجارية، فلما انتهي إليها رآها ساجدة لربّها لا ترفع رأسها وهي تقول في سجودها: قدوس، قدوس.

فمضي الخادم مسرعاً فأخبره بحالها فقال هارون: سحرها والله موسي ابن جعفر، عليّ بها.

فجيئ بها إليه، وهي ترتعد قد شخصت ببصرها نحو السماء وهي تذكر الله وتمجّده، فقال لها هارون:



[ صفحه 170]



ما شأنك؟!

قالت: شأني الشأن البديع، إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلّي ليله ونهاره، فلمّا انصرف من صلاته قلت له: هل لك حاجة أُعطيكها؟

فقال الإمام(عليه السلام): وما حاجتي إليك؟

قلت: إني اُدخلت عليك لحوائجك.

فقال الإمام(عليه السلام): فما بال هؤلاء - واشار بيده الي جهة- فالتفتُّ فاذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري، ولا أولها من آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج، وعليها وصفاء ووصايف لم أر مثل وجوههنّ حسناً، ولا مثل لباسهنّ لباساً، عليهن الحرير الأخضر، والاكاليل والدر والياقوت، وفي أيديهن الاباربق والمناديل، ومن كل الطعام، فخررت ساجدة حتي أقامني هذا الخادم، فرأيت نفسي حيث كنت.

فقال لها هارون وقد اترعت نفسه بالحقد:

يا خبيثة لعلّك سجدت، فنمت فرأيت هذا في منامك!

قالت لا والله يا سيدي، رأيت هذا قبل سجودي، فسجدت من أجل ذلك.

فالتفت الرشيد الي خادمه، وأمره باعتقالها واخفاء الحادث لئلاّ يسمعه أحد من الناس، فأخذها الخادم، واعتقلها عنده، فأقبلت علي العبادة والصلاة، فاذا سئلت عن ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح» [1] .



[ صفحه 171]




پاورقي

[1] الحلبي في مناقب آل أبي طالب: 4 / 322 عن العامري في كتاب الأنوار.