بازگشت

الي الرفيق الأعلي


وبعد أكله للرطب سري السمّ في جميع أجزاء بدن الإمام(عليه السلام) وقد علم أنّ لقاءه بربّه قد حان فاستدعي السندي. «فلمّا مثل عنده أمره أن يحضر مولي



[ صفحه 175]



له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولي غسله، وسأله السندي أن يأذن له في تكفينه فأبي وقال(عليه السلام):

إنّا أهل بيت مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني [1] .

واُحضر له السندي مولاه، وثقل حال الإمام (عليه السلام)، وأشرف علي النهاية المحتومة، فأخذ يعاني آلام الموت فاستدعي المسيب بن زهرة فقال له:

إني علي ما عرّفتك من الرحيل الي الله عزّ وجلّ فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت، واصفرّ لوني واحمرّ واخضرّ وتلوّن ألواناً فاخبر الطاغية بوفاتي.

قال المسيب: فلم أزل أراقب وعده حتي دعا(عليه السلام) بشربة فشربها ثم استدعاني، فقال لي:

يا مسيب، إنّ هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولي غسلي ودفني. وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً.

فإذا حملت الي المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها، ولا ترفعوا قبري فوق أربعة أصابع مفرّجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به فإنّ كل تربة لنا محرمة إلاّ تربة جدّي الحسين بن علي فإنّ الله عز وجل جعلها شفاءاً لشيعتنا وأوليائنا.

قال المسيب: ثم رأيت شخصاً أشبه الاشخاص به جالساً الي جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا(عليه السلام) وهو غلام، فأردت أن أسأله، فصاح بي سيدي موسي، وقال: أليس قد نهيتك؟

ثمّ إنّ ذلك الشخص قد غاب عني، فجئت الي الإمام وإذا به جثّة هامدة قد فارق الحياة فأنهيت الخبر الي الرشيد بوفاته».



[ صفحه 176]



لقد لحق الإمام بالرفيق الأعلي وفاضت نفسه الزكية الي بارئها فاُظلمّت الدنيا لفقده وأشرقت الآخرة بقدومه، وقد خسر الإسلام والمسلمون ألمع شخصية كانت تذبّ عن كيان إلاسلام، وتنافح عن كلمة التوحيد وتطالب بحقوق المسلمين وتشجب كل اعتداء غادر عليهم.

فسلام عليك يا بن رسول الله،يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حياً.

والمشهور أن وفاة الإمام (عليه السلام) كانت سنة (183 هـ) لخمس بقين من شهر رجب [2] وقيل سنة (186 هـ) [3] .

وكانت وفاته في يوم الجمعة وعمره الشريف كان يوم استشهاده خمساً وخمسين سنة [4] أو أربعاً وخمسين سنة [5] .


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 333 وعنه في الغيبة للطوسي: 26 ـ 31 وعنه في بحار الأنوار: 48 / 234 ح 38.

[2] عمدة الطالب: 85، والطبري: 10 / 70 والكامل في التاريخ: 6 / 54 وتاريخ بغداد: 3 / 32 وتاريخ أبي الفداء: 2 / 17، ووفيات الأعيان: 2 / 173 وميزان الاعتدال: 3 / 209 وتهذيب التهذيب: 10 / 340.

[3] مروج الذهب: 3 / 355.

[4] الفصول المهمة: 255.

[5] المناقب: 4 / 349.