بازگشت

مصادر المعرفة ومنهجها


1 ـ عن سماعة، عن أبي الحسن موسي(عليه السلام)، قال: قلت له: أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه (صلي الله عليه وآله)؟ أو تقولون فيه؟ قال: «بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيه(صلي الله عليه وآله) [1] .

2 ـ عن سماعة، عن العبد الصالح قال: سألته فقلت: إنّ أناساً من أصحابنا قد لقوا أباك وجدّك وسمعوا منهما الحديث فربما كان شيء يبتلي به بعض



[ صفحه 187]



أصحابنا وليس في ذلك عندهم شيء يفتيه وعندهم مايشبهه، يسعهم أن يأخذوا بالقياس؟ فقال: «لا إنما هلك من كان قبلكم بالقياس»، فقلت له: لم لا يقبل ذلك؟ فقال: «لأنه ليس من شيء إلاّ وجاء في الكتاب والسنة» [2] .

3 ـ عن موسي بن بكر، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): «من افتي الناس بغير علم لعنته ملائكة الأرض وملائكة السماء» [3] .

4 ـ عن عثمان بن عيسي، قال: سألت أبا الحسن موسي (عليه السلام) عن القياس فقال: «مالكم والقياس إنّ الله لا يسأل كيف أحلّ وكيف حرّم» [4] .

5 ـ عن يونس بن عبدالرحمن، قال: قلت لابي الحسن الأوّل(عليه السلام): بما اُوحّد الله؟ فقال: «يا يونس لا تكوننّ مبتدعاً، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيّه(صلي الله عليه وآله) ضلّ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيّه كفر» [5] .

6 ـ إنّ من غرر أحاديث الإمام موسي بن جعفر(عليه السلام) في مجال العقل كمصدر معرفي أساس هو وصيّته الثمينة لهشام بن الحكم والتي سُمّيت برسالة العقل عند الإمام(عليه السلام)، وإليك نصّ الرسالة:

قال(عليه السلام): «إنّ الله تبارك وتعالي بشّر أهل العقل والفهم في كتابه فقال: (... فبشّر عبادِ الذين يستمعونَ القولَ فيتّبعونَ أحسنهُ أولئكَ الذينَ هداهمُ الله وأولئكَ همُ اُولوا الألبابِ) [6] .

يا هشام بن الحكم إنّ الله عزّوجلّ أكمل للناس الحجج بالعقول وأفضي إليهم بالبيان



[ صفحه 188]



ودلّهم علي ربوبيته بالأدلاّء، فقال: (وإلهكم إله واحدُ لا إلهَ إلاّ هوَ الرحمنُ الرحيمُ انّ في خلقِ السمواتِ والارضِ واختلافِ الليلِ والنهارِ ـ الي قوله ـ لآيات لقوم يعقلونَ) [7] .

يا هشام قد جعل الله عزّ وجلّ ذلك دليلا علي معرفته بأنّ لهم مدبّراً فقال:(وسخّرَ لكمُ الليل والنهارَ والشمسَ والقمرَ والنجومُ مسخّراتٌ بأمره إنَّ في ذلك لآيات لقوم يعقلونَ) [8] وقال: (حم والكتاب المبين إنّا جعلناهُ قرآناً عربياً لعلكم تعقلونَ) [9] وقال:(ومنْ آياتهِ يريكمُ البرقَ خوفاً وطمعاً وينزّل من السماءِ ماءً فيُحيي بهِ الارضَ بعدَ موتها إنَّ في ذلكَ لآيات لقوم يعقلونَ) [10] .

يا هشام ثمّ وعظ أهل العقل ورغّبهم في الآخرة فقال:(وما الحياةُ الدنيا إلاّ لعبٌ لاولهوٌ وللدارُ الاخرةُ خيرٌ للذين َ يتّقونَ أفلا تعقلونَ) [11] وقال:(وما أوتيتُم من شيء فمتاعُ الحياةِ الدنيا وزينتها وما عندَ الله خيرٌ وأبقي أفلا تعقلونَ) [12] .

يا هشام ثمّ خوَّف الذين لا يعقلون عذابه فقال عزّ وجلّ: (ثمّ دمّرنا الآخرينَ وانكم لتمرونَ عليهم مصبحينَ وبالليلِ أفلا تعقلونَ) [13] .

يا هشام ثمّ بيّن أن العقل مع العلم فقال:(وتلكَ الامثالُ نضربها للناسِ وما يعقلها إلاّ العالمونَ) [14] .

يا هشام ثمّ ذمّ الذين لايعقلون فقال:(وإذا قيلَ لهمُ اتّبعوا ما أنزلَ الله قالوا بلْ نتّبعُ



[ صفحه 189]



ما ألفينا عليهِ آباءنا أولو كانَ آباؤهم لا يعقلونَ شيئاً ولا يهتدونَ) [15] وقال:(إنَّ شرّ الدوابِّ عندَ الله الصمُّ البكمُ الذينَ لا يعقلونَ) [16] وقال:(ولئن سألتهم من خلقَ السمواتِ والأرضَ ليقولنَّ الله قلِ الحمدُ لله بلْ أكثرهمْ لا يعلمون) [17] .

ثمّ ذم الكثرة فقال: (وإن تُطع أكثرَ من في الارض يُضلّوكَ عن سبيلِ الله) [18] وقال: (ولكنَّ أكثرهم لا يعلمونَ) [19] «وأكثرهم لا يشعرون» [20] .

يا هشام ثمّ مدح القلة فقال:(وقليلٌ منْ عباديَ الشّكور) [21] وقال:(وقليلٌ ماهُمْ) [22] وقال:(وما آمنَ معهُ إلاّ قليلٌ) [23] .

يا هشام ثمّ ذكر أولي الالباب بأحسن الذكر وحلاّهم بأحسن الحلية، فقال:(يُوتي الحكمةَ من يشاءُ ومنْ يُؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً كثيراًوما يذّكرُ إلاّ اُولوا الالبابِ) [24] .

يا هشام إنّ الله يقول:(انّ في ذلكَ لذكري لمن كانَ لهُ قلبٌ) [25] يعني العقل. وقال:(ولقد آتينا لُقمانَ الحكمةَ) [26] قال: الفهم والعقلَ.

يا هشام إنّ لقمان، قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقلَ الناس». يا بنيّ إنّ الدنيا بحرٌ عميقٌ قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوي الله وحشوها الإيمان وشراعها التوكل



[ صفحه 190]



وقيمتها العقل. ودليلها العلم وسكّانها الصبر.

يا هشام لكل شيء دليل ودليل العاقل التفكر ودليل التفكر الصمت. ولكل شيء مطيّة ومطيّة العاقل التواضع وكفي بك جهلا، أن تركب ما نُهيت عنهُ.

يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس (في يدك) لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة. ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: انّها جوزة ما ضرّك وأنت تعلم أنها لؤلؤة.

يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله الي عباده إلاّ ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله. وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا. وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة.

يا هشام ما من عبد إلاّ وملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع إلاّ رفعه الله ولا يتعاظم إلاّ وضعه الله.

يا هشام إنّ لله علي الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة. وأمّا الباطنة فالعقول.

ياهشام إنّ العاقل، الذي لا يشغل الحلال شكره ولا يغلب الحرام صبره.

يا هشام من سلّط ثلاثاً علي ثلاث فكأ نّما أعانَ هواه علي هدم عقله: من أظلم نور فكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه. وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه علي هدم عقله. ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه.

يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك علي غلبة عقلك.

يا هشام الصبر علي الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالي اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها. ورغب فيما عند ربه ـ وكان الله ـ آنسه في الوحشة وصاحبه في



[ صفحه 191]



الوحدة. وغناه في العيلة ومعزه في غير عشيرة [27] .

يا هشام نصب الخلق لطاعة الله [28] ولا نجاة إلاّ بالطاعة. والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم. والتعلم بالعقل يعتقد [29] ولا علم إلاّ من عالم رباني ومعرفة العالم بالعقل.

يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف. وكثير العمل من أهلِ الهوي والجهل مردود.

يا هشام إنّ العاقل رضي بالدّون من الدنيا مع الحكمة. ولم يرض بالدّون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.

يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدني ما في الدنيا يكفيك. وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك.

يا هشام إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب. وترك الدنيامن الفضل وترك الذنوب من الفرض.

يا هشام إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة لانّهم علموا أنّ الدنيا طالبة ومطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّي يستوفي منها رزقه. ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته.

يا هشام من أراد الغني بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين فليتضرّع الي الله في مسألته بأن يُكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه ومن قنع بما يكفيه استغني ومن لم يقنع بما يكفيه لم يُدرك الغني أبداً.

يا هشام إنّ الله جلّ وعزّ حكي عن قوم صالحين، أنهم قالوا:(ربّنا لا تُزغ قلوبنا بعدَ



[ صفحه 192]



اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً انّك أنت الوهاب) [30] حين علموا أنّ القلوب تزيغ وتعود الي عماها ورداها انّه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه علي معرفة ثابتة يُبصرها ويجد حقيقتها في قلبه. ولا يكون أحدٌ كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدِّقاً، وسرّه لعلانيته موافقاً، لانّ الله لم يدلّ علي الباطن الخفي من العقل إلاّ بظاهر منه وناطق عنه.

يا هشام كان أمير المؤمنين (عليه السلام)، يقول: ما من شيء عبد الله به أفضل من العقل وما تمّ عقل امرء حتي يكون فيه خصال شتّي، الكفر والشر منه مأمونان [31] والرشد والخير منه مأمولان [32] وفضل ماله مبذول. وفضل قوله مكفوف. نصيبه من الدنيا القوت. ولا يشبع من العلم دهره. الذلّ أحب إليه مع الله من العزّ مع غيره. والتّواضع أحبّ إليه من الشرف. يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه. ويري الناس كلهم خيراً منه وأنه شرّهم في نفسه وهو تمام الأمر [33] .

يا هشام من صدق لسانه زكي عمله. ومن حسنت نيته زيد في رزقه. ومن حسن برّه باخوانه وأهله مدّ في عمره.

يا هشام لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها [34] ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.

يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا.

يا هشام لا دين لمن لا مروّة له. ولا مُرُوّة لمن لا عقل له. وأنّ أعظم الناس قدراً الذي



[ صفحه 193]



لا يري الدنيا لنفسه خطراً [35] ، أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنة، فلا تبيعوها بغيرها... [36] .

يا هشام انّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: «لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه ثلاث خصال: يجيب اذا سئل وينطق اذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق».

وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها» قيل: يا ابن رسول الله ومن أهلها؟ قال: «الذين قصّ الله في كتابه وذكرهم، فقال: (إنّما يتذكّرُ اولوا الألباب) [37] قال: هم أولوا العقول».

وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «مجالسة الصالحين داعية الي الصلاح وأدب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العز واستثمار المال [38] تمام المروة. وارشاد المستشير قضاء لحق النعمة. وكف الاذي من كمال العقل وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا».

يا هشام انّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه. ولا يعد مالا يقدر عليه. ولا يرجو ما يعنّف برجائه [39] ولا يتقدم علي ما يخاف العجز عنه.

وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يوصي أصحابه يقول: «أوصيكم بالخشية من الله



[ صفحه 194]



في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والاكتساب في الفقر والغني، وأن تصلوا من قطعكم، وتعفوا عمّن ظلمكم، وتعطفوا علي من حرمكم وليكن نظركم عبراً. وصمتكم فكراً. وقولكم ذكراً وطبيعتكم السخاء، فإنه لايدخل الجنة بخيل ولايدخل النار سخي».

يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوي [40] والبطن وما وعي، وذكر الموت والبلي، وعلم أنّ الجنة محفوفة بالمكاره [41] والنار محفوفة بالشهوات.

يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة. ومن كف غضبه عن الناس كفّ الله عنه غضبه يوم القيامة.

يا هشام انّ العاقل لا يكذب وان كان فيه هواه.

يا هشام وجد في ذؤابة [42] سيف رسول الله (صلي الله عليه وآله): انّ أعتي الناس علي الله من ضرب غير ضاربه وقتل غير قاتله. ومن تولّي غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله علي نبيّه محمد (صلي الله عليه وآله) ومن أحدث حدثا [43] ، أو آوي محدثاً لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا.

يا هشام أفضل ما يتقرب به العبد الي الله بعد المعرفة به الصلاة، وبرّ الوالدين، وترك



[ صفحه 195]



الحسد والعجب والفخر.

يا هشام أصلح أيّامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو وأعدّ له الجواب، فانك موقوف ومسؤول. وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فانّ الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك تري ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك. واعقل عن الله وانظر في تصرف الدّهر وأحواله، فانّ ما هو آت من الدنيا، كما ولّي منها، فاعتبر بها.

وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «انّ جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرّها وسهلها وجبلها عند وليّ من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفيء الظلال ـ ثم قال (عليه السلام): أَوَلا حرّ يدع (هذه) اللمّاظة لاهلها [44] ـ يعني الدنيا ـ فليس لانفسكم ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها، فإنّه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس».

يا هشام انّ كل الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلاّ من يعرف مجاريها ومنازلها. وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلاّ من عمل بها.

يا هشام انّ المسيح (عليه السلام) قال للحواريين: «يا عبيد السوء يهولكم طول النّخلة» [45] وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها وتنسون طيب ثمرها ومرافقها [46] كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده [47] وتنسون ما تفضون اليه من نعيمها ونورها وثمرها. يا عبيد السوء نقّوا القمح وطيّبوه وأدقّوا طحنه تجدوا طعمه ويهنئكم أكله، كذلك فأخلصوا الايمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبّه [48] .



[ صفحه 196]



بحقّ أقول لكم: لو وجدتم سراجاً يتوقد بالقطران [49] في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه. كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها.

يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم: لا تدركون شرف الآخرة إلاّ بترك ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غداً، فانّ دون غد يوماً وليلةً وقضاء الله فيهما [50] يغدوا ويروح.

بحقّ أقول لكم: انّ من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل همّاً ممّن عليه الدين وان أحسن القضاء، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح هماً ممن عمل الخطيئة وان أخلص التوبة وأناب. وانّ صغار الذنوب ومحقراتها من مكائد ابليس، يحقّرها لكم ويصغّرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحيط بكم.

بحقّ أقول لكم: انّ الناس في الحكمة رجلان: فرجلٌ أتقنها بقوله وصدّقها بفعله. ورجل أتقنها بقوله وضيّعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبي للعلماء بالفعل وويل للعلماء بالقول.

يا عبيد السوء اتّخذوا مساجد ربّكم سجوناً لاجسادكم وجباهكم. واجعلوا قلوبكم بيوتاً للتقوي ولا تجعلوا قلوبكم مأويً للشهوات.

انّ أجزعكم عند البلاء لاشدّكم حبّاً للدنيا. وانّ أصبركم علي البلاء لازهدكم في الدنيا.

يا عبيد السوء لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة [51] ولا بالثعالب الخادعة ولا بالذئاب



[ صفحه 197]



الغادرة ولا بالاُسُد العاتية كما تفعل بالفرائس [52] كذلك تفعلون بالناس، فريقاً تخطفون وفريقاً تخدعون وفريقاً تغدرون بهم.

بحق أقول لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحاً وباطنه فاسداً. كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم. وما يغني عنكم أن تنقّوا جلودكم وقلوبكم دنسة. لا تكونوا كالمنخل [53] يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة. كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقي الغلّ في صدوركم.

يا عبيد الدنيا انّما مثلكم مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه.

يابني اسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوّاً علي الركب [54] ، فانّ الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الارض الميتة بوابل المطر [55] .

يا هشام مكتوب في الإنجيل «طوبي للمتراحمين، أولئك المرحمون يوم القيامة طوبي للمصلحين بين الناس، أولئك هم المقربون يوم القيامة، طوبي للمطهّرة قلوبهم، أولئك هم المتقون يوم القيامة، طوبي للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة».

يا هشام قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فانّه دعة حسنة وقلّة وزر وخفّة من الذنوب. فحصنوا باب الحلم، فانّ بابه الصبر، وانّ الله عزّوجلّ يبغض الضحّاك من غير



[ صفحه 198]



عجب والمشّاء الي غير أرب [56] ويجب علي الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم. فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم. واعلموا انّ الكلمة من الحكمة ضالّة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم.

يا هشام تعلم من العلم ما جهلت. وعلّم الجاهل ممّا علّمت. عظّم العالم لعلمه ودع منازعته. وصغّر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قرّبه وعلّمه.

يا هشام انّ كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها. وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «انّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق وانّهم لفصحاء عقلاء، يستبقون الي الله بالاعمال الزكيّة، لا يستكثرون له الكثير ولا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنهم أشرار وأنهم لاكياس وأبرار» [57] .

يا هشام الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة والبذاء من الجفاء [58] والجفاء في النار.

يا هشام المتكلّمون ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب [59] ، فأما الرابح فالذاكر لله وأمّا السالم فالساكت، وأمّا الشاجب فالذي يخوض في الباطل، انّ الله حرّم الجنة علي كلّ فاحش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه. وكان أبو ذرّ ـ رضي الله عنه ـ يقول: «يا مبتغي العلم انّ هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم علي فيك كما تختم علي ذهبك وورقك».



[ صفحه 199]



يا هشام بئس العبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه إذا شاهده [60] ويأكله إذا غاب عنه، إنّ أُعطي حسده وان ابتلي خذله. انّ اسرع الخير ثواباً البرّ، وأسرع الشر عقوبة البغي. وانّ شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه. وهل يكبّ الناس علي مناخرهم في النار إلاّ حصائد السنتهم. ومن حسن اسلام المرء ترك ما لا يعنيه.

يا هشام لا يكون الرجل مؤمناً حتي يكون خائفاً راجياً. ولا يكون خائفاً راجياً حتي يكون عاملا لما يخاف ويرجو.

يا هشام قال الله جلّ وعزّ: وعزّتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوّي في مكاني لا يؤثر عبد هواي علي هواه إلاّ جعلت الغني في نفسه. وهمّه في آخرته. وكففت عليه (في) ضيعته [61] وضمّنت السماوات والأرض رزقه وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر.

يا هشام الغضب مفتاح الشر وأكمل المؤمنين ايماناً أحسنهم خلقاً، وان خالطت الناس فان استطعت ان لا تخالط أحداً منهم إلاّ من كانت يدك عليه العليا [62] فافعل.

يا هشام عليك بالرفق، فانّ الرفق يُمنٌ والخرق شُؤمٌ، انّ الرفق والبرّ وحسن الخلق يعمر الدّيار ويزيد في الرزق.

يا هشام قول الله: (هل جزاء الاحسان إلاّ الاحسان) [63] جرت في المؤمن والكافر والبرّ والفاجر. من صنع اليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتي تري فضلك، فان صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء [64] .



[ صفحه 200]



يا هشام انّ مثل الدنيا مثل الحيّة مسّها ليّن وفي جوفها السمّ القاتل، يحذرها الرّجال ذوو العقول ويهوي اليها الصّبيان بأيديهم.

يا هشام اصبر علي طاعة الله واصبر عن معاصي الله، فانّما الدنيا ساعة، فما مضي منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر علي تلك الساعة التي انت فيها فكأنك قد اغتبطت [65] .

يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتي يقتله.

يا هشام ايّاك والكبر، فانّه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر. الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبّه الله في النار علي وجهه.

يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كّل يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه.وان عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب اليه.

يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح (عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيراً، قال: فكلّ طلّقك؟ قالت: لا بل كلا قتلتُ. قال المسيح (عليه السلام): فويحٌ لازواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين.

يا هشام انّ ضوء الجسد في عينه، فإن كان البصر مضيئاً استضاء الجسد كله. وإنّ ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه واذا كان عالما بربه أبصر دينه. وان كان جاهلا بربه لم يقم له دين. وكما لا يقوم الجسد إلاّ بالنفس الحيّة، فكذلك لا يقوم الدين إلاّ بالنيّة الصادقة، ولا تثبت النيّة الصادقة إلاّ بالعقل.

يا هشام انّ الزّرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا [66] فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار، لانّ الله جعل التواضع آلة العقل وجعل



[ صفحه 201]



التكبّر من آله الجهل، ألم تعلم أنّ من شمخ إلي السقف [67] برأسه شجّه [68] ومن خفض رأسه استظلّ تحته وأكنّه. وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ومن تواضع لله رفعه.

يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغني، وأقبح الخطيئة بعد النسك، وأقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته.

يا هشام لا خير في العيش الا لرجلين: لمستمع واع، وعالم ناطق.

يا هشام ما قسّم بين العباد أفضل من العقل، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وما بعث الله نبياً إلاّ عاقلا حتي يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين وما أدّي العبد فريضة من فرائض الله حتي عقل عنه [69] .

يا هشام قال رسول الله (صلَّي الله عليه وآله): «اذا رأيتم المؤمن صموتاً فادنوا منه، فإنه يلقي الحكمة. والمؤمن قليل الكلام كثير العمل والمنافق كثير الكلام قليل العمل».

يا هشام أوحي الله تعالي إلي داود (عليه السلام) قل لعبادي: لا يجعلوا بيني وبينهم عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدهم عن ذكري وعن طريق محبتي ومناجاتي، أولئك قطاع الطريق من عبادي، انّ أدني ما أنا صانع بهم أن انزع حلاوة محبتي ومناجاتي من قلوبهم.

يا هشام من تعظّم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض. ومن تكبّر علي اخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله [70] ومن ادعي ما ليس له فهو (أ) عني لغير رشده [71] .

يا هشام أوحي الله تعالي الي داود (عليه السلام) يا داود حذّر، وأنذر أصحابك عن حبّ الشهوات، فإنّ المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عنّي.



[ صفحه 202]



يا هشام ايّاك والكبر علي أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك. وكن في الدنيا كساكن دار ليست له، انّما ينتظر الرحيل.

يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. ومشاورة العاقل الناصح يُمنٌ وبركة ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار عليك العاقل الناصح فإيّاك والخلاف فإنّ في ذلك العطب [72] .

يا هشام ايّاك ومخالطة الناس والانس بهم إلاّ أن تجد منهم عاقلا ومأموناً فآنس به واهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية [73] وينبغي للعاقل اذا عمل عملا أن يستحيي من الله. واذا تفردّ له بالنعم ان يشارك في عمله أحداً غيره [74] واذا مرّ بك أمران لا تدري أيهما خيرٌ وأصوب، فانظر أيهما أقرب الي هواك فخالفه، فانّ كثير الصواب في مخالفة هواك. وايّاك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة [75] قال هشام: فقلت له: فان وجدت رجلا طالباً له غير أن عقله لا يتّسع لضبط ما القي اليه؟

قال (عليه السلام): فتلطّف له بالنصيحة، فإن ضاق قلبه (فـ)ـلا تعرضنّ نفسك للفتنة، واحذر ردّ المتكبرين، فانّ العلم يُذِلُّ علي أن يملي علي من لا يفيق [76] قلت: فان لم أجد من يعقل السؤال عنها؟ قال (عليه السلام): فاغتنم جهله عن السؤال حتي تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الردّ. واعلم انّ الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده. ولم يؤمنّ الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده.ولم يفرّح



[ صفحه 203]



المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته، فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودّد الي من يؤذيه بأوليائه فكيف بمن يؤذي فيه، وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب علي من يعاديه، فكيف بمن يترضاه [77] ويختار عداوة الخلق فيه.

يا هشام من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه وما أوتي عبدٌ علماً فازداد للدنيا حباً إلاّ ازداد من الله بعداً وازداد الله عليه غضباً.

يا هشام انّ العاقل اللّبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوي. ومن طال أمله ساء عمله.

يا هشام لو رأيت مسير الأجل لالهاك عن الأمل.

يا هشام ايّاك والطمع، وعليك باليأس مما في أيدي الناس. وأمت الطمع من المخلوقين، فانّ الطمع مفتاح للذل واختلاس العقل واخلاق المروات [78] وتدنيس العرض، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربّك والتوكل عليه. وجاهد نفسك لتردّها عن هواها، فإنّه واجب عليك كجهاد عدوّك.

قال هشام: فقلت له فأَيّ الاعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال (عليه السلام): أقربهم اليك وأعداهم لك وأضرّهم بك وأعظمهم لك عداوة وأخفاهم لك شخصاً مع دنوه منك، ومن يحرّض أعداءك عليك وهو ابليس الموكّل بوسواس القلوب فله فلتشتد عداوتك ولا يكونن أصبر علي مجاهدته لهلكتك منك علي صبرك لمجاهدته، فإنّه أضعف منك ركناً في قوّته [79] وأقلّ منك ضرراً في كثرة شرّه. إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت الي صراط مسقيم.



[ صفحه 204]



يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف به: عقل يكفيه مؤونة هواه وعلم يكفيه مؤونة جهله وغني يكفيه مخافة الفقر.

يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فانّ الناس فيها علي أربعة أصناف: رجل متردّ معانق لهواه. ومتعلم متقرّي كلما ازداد علماً ازداد كبراً، يستعلي بقراءته وعلمه علي من هو دونه، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته يحبّ أن يعظّم ويوفّر. وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به، فهو عاجزٌ أو مغلوب ولا يقدر علي القيام بما يعرفـ) ـه (فهو محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه [80] وأوجههم عقلا.

يا هشام اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده تكن من المهتدين، قال هشام: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلاّ ما عرّفتنا.

يا هشام انّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق خلقه الله من الروحانيّين [81] عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر، فأدبر ثم قال له: أقبل فأقبل. فقال الله جلّ وعزّ: خلقتك خلقاً (عظيماً) وكرّمتك علي جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني، فقال له: أدبر، فأدبر ثم قال له: أقبل،فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً، فلمّا رأي الجهل ما كرّم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة، فقال الجهل: يا ربّ هذا خلق مثلي خلقته و كرّمته وقوّيته وأنا ضده ولا قوّة لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال تبارك وتعالي، نعم، فان عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي، فقال: قد رضيت. فأعطاه الله خمسة وسبعين جنداً فكان مما أعطي العقل من الخمسة والسبعين جنداً: الخير وهو وزير العقل وجعل ضدّه الشر وهو وزير الجهل.



[ صفحه 205]



الإيمان، الكفر. التصديق، التكذيب. الاخلاص، النفاق.

الرجاء، القنوط. العدل، الجور. الرضي، السخط.

الشكر، الكفران. اليأس، الطمع. التوكل، الحرص.

الرأفة، الغلظة. العلم، الجهل. العفة، التهتك.

الزهد، الرغبة. الرفق، الخرق. الرهبة، الجرأة.

التواضع، الكبر. التؤدة، العجلة. الحلم، السفه.

الصمت، الهذر. الاستسلام، الاستكبار. التسليم، التجبر.

العفو، الحقد. الرحمة، القسوة. اليقين، الشك.

الصبر، الجزع. الصفح، الانتقام. الغني، الفقر.

التفكّر، السهو. الحفظ، النسيان. التواصل، القطيعة.

القناعة، الشره. المؤاساة، المنع. المودة، العداوة.

الوفاء، الغدر. الطاعة، المعصية. الخضوع، التطاول.

السلامة، البلاء. الفهم، الغباوة. المعرفة، الانكار.

المداراة، المكاشفة. سلامة الغيب، المماكرة. الكتمان، الافشاء.

البرّ، العقوق. الحقيقة، التسويف. المعروف، المنكر.

التقية، الاذاعة. الانصاف، الظلم. التقي، الحسد.

النظافة، القذر. الحياء، القحة. القصد، الاسراف.

الراحة، التعب. السهولة، الصعوبة. العافية، البلوي.

القوام، المكاثرة. الحكمة، الهوي. الوقار، الخفة.

السعادة، الشقاء. التوبة، الاصرار. المحافظة، التهاون.

الدعاء، الاستنكاف. النشاط، الكسل. الفرح، الحزن.

الالفة، الفرقة. السخاء، البخل. الخشوع، العجب.

صون الحديث النميمة. الاستغفار، الاغترار. الكياسة، الحمق.



[ صفحه 206]



يا هشام لا تُجمعُ هذه الخصال إلاّ لنبيّ أو وصيّ أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. وأما ساير ذلك من المؤمنين فإنّ أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل حتي يستكمل العقل ويتخلص من جنود الجهل. فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام) وفّقنا الله وإيّاكم لطاعته [82] .


پاورقي

[1] الكافي: 1 / 62.

[2] الاختصاص: 281.

[3] المحاسن: 1 / 205، وبحار الأنوار: 2 / 122.

[4] المحاسن: 1 / 214.

[5] اُصول الكافي: 1 / 56.

[6] الزمر (39): 17 ـ 18.

[7] البقرة (2): 163 ـ 164.

[8] النحل (16): 12.

[9] الزخرف (43): 1 ـ 3.

[10] الروم (30): 24.

[11] الأنعام (6): 32.

[12] القصص (28): 60.

[13] الصافات (37): 137 ـ 138.

[14] العنكبوت (29): 43.

[15] البقرة (2): 170.

[16] الأنفال (8): 22.

[17] لقمان (31): 25.

[18] الأنعام (6): 116.

[19] الأنعام (6): 37.

[20] مضمون مأخوذ من آي القرآن.

[21] سبأ (34): 13.

[22] ص (38): 24.

[23] هود (11): 40.

[24] البقرة (2): 269.

[25] ق (50): 37.

[26] لقمان (31): 11.

[27] العَيلة: الفاقة.

[28] نصب ـ من باب ضرب علي صيغة المجهول ـ بمعني وضع أو من باب التفعيل من نصب الامير فلاناً ولاّه منصباً.

[29] اعتقد الشيء: نقيض حله.

[30] آل عمران (3): 7.

[31] الكفر في الاعتقاد والشر في القول والعمل والكل ينشأ من الجهل.

[32] الرشد في الاعتقاد والخير في القول والكل ناشئ من العقل.

[33] أي ملاك الامر وتمامه في أن يكون الانسان كاملا تام العقل هو كونه متصفاً بمجموعة هذه الخصال.

[34] لا تمنحوا الجهال أي لا تعطوهم ولا تعلموهم. والمنحة: العطاء.

[35] معادلاً وموازياً في الخطر أي القدر والرفعة.

[36] ههنا كلام نقله صاحب الوافي عن استاذه ـ رحمهما الله ـ قال: وذلك لأن الابدان في التناقص يوماً فيوماً لتوجه النفس منها الي عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا وانقطاع حياته البدنيّة الي الله سبحانه والي نعيم الجنة لكونه علي منهج الهداية والاستقامة فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالي ولهذا خلقه الله عزّ وجلّ وان كانت شقيّة كانت غاية سعيه وانقطاع أجله وعمره الي مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه علي طريق الضلالة فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذات الحيوانية التي ستصير نيراناً محرقة مؤلمة وهي اليوم كامنة مستورة عن حواسّ أهل الدنيا وستبرز يوم القيامة (وبرّزت الجحيم لمن يري) معاملة مع الشيطان وخسر هنالك المبطلون.

[37] الزمر (39): 12.

[38] اي استنماؤه بالكسب والتجارة.

[39] التعنيف: اللؤم والتوبيخ والتقريع. والمراد انّ العاقل لا يرجو فوق مايستحقه وما لم يستعدّه.

[40] (وما حوي) أي ما حواه الرأس من الاوهام والافكار بأن يحفظها ولا يبديها ويمكن أن يكون المراد ما حواه الرأس من العين والاذن وسائر المشاعر بأن يحفظها عمّا يحرم عليه. وما وعي أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكون من حرام. والبلي ـ بالكسر ـ: الاندراس والاضمحلال.

[41] هذا الكلام مشهور معروف بين الفريقين متواتر منقول عن النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم. والمحفوفة: المحيطة. والمكاره: جمع مكرهة -بفتح الراء وضمّها-: مايكرهه الانسان ويشق عليه. والمراد أن الجنة محفوفة بما يكره النفس من الاقوال والافعال فتعمل بها، فمن عمل بها دخل الجنة، والنار محفوفة بلذات النفس وشهواتها، فمن أعطي نفسه لذّتها وشهوتها دخل النار.

[42] الذؤابة من كل شيء: أعلاه. ومن السيف: علاقته. ومن السوط: طرفه. ومن الشعر: ناصيته. وعتا يعتو عتوا، وعتي يعتي عتياً بمعني واحد اي استكبر وتجاوز الحدّ، والعتو: الطغيان والتجاوز عن الحدود والتجبّر.

[43] الحدث: الأمر الحادث الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنّة.

[44] اللمّاظة ـ بالضم ـ: بقية الطعام في الفم. وأيضاً بقية الشيء القليل. والمراد بها هنا الدنيا.

[45] يهولكم أي يفزعكم وعظم عليكم.

[46] مؤونة المراقي: شدة الارتقاء، والمرافق: المنافع وهي جمع مرفق ـ بالفتح ـ: ما انتفع به.

[47] الامد: الغاية ومنتهي الشيء، يقال: طال عليهم الامد أي الأجل. والنور ـ بالفتح ـ: الزهرة.

[48] الغبّ ـ بالكسر ـ: العاقبة، وأيضا بمعني البعد.

[49] القطران ـ بفتح القاف وسكون الطاء وكسرها أو بكسر القاف وسكون الطاء ـ: سيّال دهني شبيه النفط، يتخذ بعض الاشجار كالصنوبر والارز فيهنأ به الابل الجربي ويسرع فيه اشعال النار. وقوله: (نتنه) أي خبت رائحته.

[50] كناية عن الموت فإنه يأتي في الغداة والرواح.

[51] الحداء ـ بالكسر ـ: جمع حدأة ـ كعنبه ـ: طائر من الجوارح وهو نوع من الغراب يخطف الاشياء والخاطفة من خطف الشيء يخطف كعلم يعلم ـ: استلبه بسرعة والغادرة: الخائنة والعاتي: الجبّار.

[52] الفريسة: ما يفترسه الاسد ونحوه.

[53] المنخل ـ بضم الميم والخاء أو بفتح الخاء ـ: ما ينخل به. والنخالة ـ بالضم ـ: ما بقي في المنخل من القشر ونحوه.

[54] جثا يجثو وجثي يجثي: جلس علي ركبتيه أو قام علي أطراف الاصابع. وفي بعض النسخ (حبواً) أيپ زحفاً علي الركب من حبا يحبو وحبي يحبي: اذا مشي علي أربع.

[55] الوابل: المطر الشديد الضخم القطر.

[56] المشاء: الكثير المشي. وأيضا النمام والمراد ههنا الاول. والارب ـ بفتحتين ـ: الحاجة. وفي بعض النسخ (الي غير أدب).

[57] الاكياس: جمع كيّس ـ كسيّد ـ الفطن، الظريف، الحسن الفهم والادب.

[58] البذاء: الفحش. والبذي ـ علي فعيل ـ: السفيه والذي أفحش في منطقه.

[59] الشاجب: الهذّاء المكثار أي كثير الهذيان وكثير الكلام. وأيضاً الهالك وهو الانسب.

[60] أي يحسن الثناء وبالغ في مدحه اذا شاهده: ويعيبه بالسوء ويذمّه اذا غاب.

[61] الضيعة ـ بالفتح ـ: هذا من قبيل تسمية الشيء باسم ضدّه كالمفازة للصحراء التي يخاف فيها الهلاك، فالضيعة هنا يعني موطن الإنسان كما لازال يستعمل بهذا المعني في عامّة بلاد الشام. وكففت عليه أي رزقته الكِفاف وهو في وطنه غير مسافر في طلب الرزق.

[62] اليد العليا: المعطية المتعلقة.

[63] الرحمن (55): 60.

[64] أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالاحسان، فهو أفضل منك.

[65] اغتبط: كان في مسرة وحسن حال.

[66] الصفا: الحجر الصلد الضخم.

[67] شمخ ـ من باب منع ـ: علا ورفع.

[68] أي كسره وجرحه.

[69] أي عرفه إلي حدّ التعقل.

[70] استطال عليهم: أي تفضل عليهم.

[71] عني ـ بصيغة المجهول أو المعلوم ـ بالأمر كلّف ما يشقّ عليه. وفي بعض النسخ (أعني لغيره) أي يدخل غيره في العناء والتعب. هذا ويحتمل أن يكون الأصل (فهو لغيّ لغير رشدة) فصحّف.

[72] العطب: الهلاك.

[73] الضاري: الحيوان السبع، من ضرّ الكلب بالصيد يضرو: تعودّه وأولع به. وأيضا: تطعم بلحمه ودمه.

[74] أي إذا اختص العاقل بنعمة ينبغي له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها.

[75] قال المجلسي (رحمه الله) كأنّ فيه حذفاً وايصالا أي تغلب علي الحكمة أي يأخذها منك قهراً من لا يستحقها بأن يقرأ علي صيغة المجهول أو علي المعلوم أي تغلب علي الحكمة فانها تأبي عمّن لا يستحقها. ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الافلات بمعني الاطلاق فانهم يقولون: انفلت مني كلام أي صدر بغير رويّة.

[76] الافاقة: الرجوع عن الكسر والاغماء والغفلة الي حال الاستقامة.

[77] يترضّاه: أي يطلب رضاه.

[78] الاختلاق: الافتراء. وفي بعض النسخ (واخلاق) والظاهر أنه جمع خلق ـ بالتحريك ـ أي البالي. والعرض: النفس والخليقة المحمودة ـ وأيضا: ما يفتخر الانسان من حسب وشرف.

[79] الركن: العزّ والمنعة. وأيضا: ما يقوي به. والأمر العظيم. أي لا يكن صبره في المجاهدة أقوي منك. فانك إذا كنت علي الاستقامة في مخالفته يكون مع قوّته أضعف منك ركناً وضرراً.

[80] الامثل: الافضل.

[81] أي هو أول مخلوق من المنسوبين الي الروح في مدينة بنية الانسان المتمركزين بأمر الربّ والسلطان في مقرّ الحكومة العقلية. فهو أولّها ورأسها ثم يوجد بعده وبسببه جنداً فجنداً إلي أن يكمل للانسان جودة العقل.

[82] بحار الأنوار: 75 / 296 ـ 319.