بازگشت

من سيرة الرسول وتاريخ حياته


1 ـ روي ابن طاووس في كتاب الطرف نقلاً من كتاب الوصية للشيخ عيسي بن المستفاد الضرير عن موسي بن جعفر، عن أبيه(عليهما السلام) قال: «لمّا حضرت رسول الله(صلي الله عليه وآله) الوفاة دعا الأنصار وقال: يا معشر الأنصار! قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفي، وقد بقيت واحدة وهي تمام الأمر وخاتمة العمل العمل معها مقرون إني أري أن لا أفترق بينهما جميعاً لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من أتي بواحدة وترك الاُخري كان جاحداً للاُولي ولا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلا قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها، فلا تمسك عنها فنضل ونرتد عن الإسلام، والنعمة من الله ومن



[ صفحه 208]



رسوله علينا، فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله، وقد بلّغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤوفاً رحيماً شفيقاً.

فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): «كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجّة والنور والبرهان، كلام الله جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم غداً فيحاج أقواماً فيزل الله به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض، ألا وان الإسلام سقف تحته دعامة، لا يقوم السقف إلاّ بها.

فلو أن أحدكم أتي بذلك السقف ممدوداً لا دعامة تحته فأوشك أن يخرّ عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس! الدعامة: دعامة الإسلام، وذلك قوله تعالي:(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فالعمل الصالح طاعة الإمام وليّ الأمر والتمسّك بحبله، أيّها الناس! أفهمتم؟ الله الله في أهل بيتي! مصابيح الظلم، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة.

منهم وصيّي وأميني ووارثي، وهو مني بمنزلة هارون من موسي ألا هل بلغت معاشر الأنصار؟ ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إنّ فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله.

قال عيسي: فبكي أبو الحسن(عليه السلام) طويلا، وقطع بقية كلامه، وقال: هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله...

ثم قال(عليه السلام): أخبرني أبي، عن جدي محمد بن علي قال: قد جمع رسول الله(صلي الله عليه وآله) المهاجرين فقال لهم: «أيها الناس إني قد دعيت، وإني مجيب دعوة الداعي، قد اشتقت الي لقاء ربي واللحوق باخواني من الأنبياء وإني أعلمكم أني قد أوصيت الي وصيي، ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أترك من أموركم شيئاً» فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يارسول الله! أوصيت بماأوصي به الأنبياء من قبلك؟



[ صفحه 209]



قال: نعم، فقال له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟!

قال له: «اجلس يا عمر، أوصيت بأمر الله،وأمره طاعته، وأوصيت بأمري وأمري طاعة الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن عصي وصيّي فقد عصاني، ومن أطاع وصيّي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله لا ما تريد أنت وصاحبك» ثم التفت الي الناس وهو مغضب فقال: «أيها الناس! اسمعوا وصيّتي، من آمن بي وصدّقني بالنبوة وأني رسول الله فأوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته والتصديق له. فإن ولايته ولايتي، وولاية ربّي، قد أبلغتكم فليبلغ الشاهد الغائب إن علي بن أبي طالب هو العلم، فمن قصّر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم الي النار، ومن تأخّر عن العلم يميناً هلك، ومن أخذ يساراً غوي وما توفيقي إلاّ بالله، فهل سمعتم؟» قالوا: نعم.

2 ـ وعن الإمام الكاظم(عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله(صلي الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام) حين دفع إليه الوصية: اتخذ لها جواباً غداً بين يدي الله تبارك وتعالي ربّ العرش. فاني محاجّك يوم القيامة بكتاب الله حلاله وحرامه، ومحكمه ومتشابهه علي ما أنزل الله، وعلي ما أمرتك، وعلي فرائض الله كما أنزلت وعلي الاحكام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتنابه، مع اقامة حدودالله وشروطه، والاُمور كلها، واقام الصلاة لوقتها، وايتاء الزكاة لأهلها، وحجّ البيت، والجهاد في سبيل الله، فما أنت قائل يا علي؟ فقال علي(عليه السلام): بأبي أنت وأمي أرجو بكرامة الله لك ومنزلتك عنده ونعمته عليك أن يعينني ربّي، ويثبتني فلا ألقاك بين يدي الله مقصراً ولا متوانياً ولا مفرطاً، ولا أمعز وجهك وقاه وجهي ووجوه آبائي وأمهاتي بل تجدني بأبي أنت وأمي مستمراً متّبعاً لوصيتك ومنهاجك وطريقك مادمت حياً حتي أقدم بها عليك، ثم الأول فالأول من ولدي لا مقصرين ولا مفرطين.

قال علي(عليه السلام): ثم انكببت علي وجهه وعلي صدره وأنا أقول: واوحشتاه بعدك،



[ صفحه 210]



بأبي أنت وأمي، ووحشة ابنتك وبنيك بل واطول غمّي بعدك يا أخي، انقطعت من منزلي أخبار السماء، وفقدت بعدك جبرئيل وميكائيل، فلا أحسّ أثراً ولا أسمع حسّاً، فأغمي عليه طويلا ثم أفاق(صلي الله عليه وآله).

قال أبو الحسن(عليه السلام) فقلت لأبي: فما كان بعد افاقته؟ قال: دخل عليه النساء يبكين وارتفعت الأصوات وضجّ الناس بالباب من المهاجرين والأنصار، فبيناهم كذلك اذ نودي: أين علي؟ فأقبل حتي دخل عليه، قال علي(عليه السلام): فانكببت عليه فقال: يا أخي افهم فهمك الله وسدّدك وأرشدك ووفقك وأعانك وغفر ذنبك ورفع ذكرك.

اعلم يا أخي أنّ القوم سيشغلهم عنّي ما يشغلهم، فإنّما مثلك في الاُمة مثل الكعبة، نصبها الله للناس علماً، وإنما تؤتي من كلّ فجّ عميق، ونأي سحيق ولا تأتي، وإنما أنت علم الهدي، ونور الدين، وهو نور الله يا أخي، والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلا رجلا ما افترض الله عليهم من حقّك، وألزمهم من طاعتك، وكلّ أجاب وسلم إليك الأمر، وإنّي لأعلم خلاف قولهم.

فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيبتني في قبري فالزم بيتك، واجمع القرآن علي تأليفه، والفرائض والأحكام علي تنزيله ثم امضِ علي غير لائمة علي ما أمرتك به، وعليك بالصبر علي ما ينزل بك منهم حتي تقدم عليّ» [1] .

3 ـ قال عيسي الضرير:... فسألت موسي [يعني الكاظم(عليه السلام)] وقلت: إنّ الناس قد أكثروا في أن النبي(صلي الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، ثم عمر،



[ صفحه 211]



فأطرق عني طويلا، ثم قال: «ليس كما ذكروا، ولكنك يا عيسي كثير البحث عن الاُمور، ولا ترضي عنها إلاّ بكشفها، فقلت: بأبي أنت وأمي إنما أسأل عما أنتفع به في ديني وأتفقّه مخافة أن أضل، وأنا لا أدري، ولكن متي أجد مثلك يكشفها لي.

فقال(عليه السلام): إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) لمّا ثقل في مرضه دعا علياً فوضع رأسه في حجره، وأُغمي عليه وحضرت الصلاة فأوذن بها، فخرجت عائشة، فقالت: يا عمر اخرج فصلّ بالناس فقال: أبوك أولي بها، فقالت: صدقت، ولكنه رجل ليّن، وأكره أن يواثبه القوم فصلّ أنت.

فقال لها عمر: بل يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب أو تحرك متحرك، مع أن محمداً(صلي الله عليه وآله) مغمي عليه لا أراه يفيق منها، والرجل مشغول به لايقدر أن يفارقه، يريد علياً(عليه السلام) فبادره بالصلاة قبل أن يفيق، فإنه إن أفاق خفت أن يأمر علياً بالصلاة، فقد سمعت مناجاته منذ الليلة، وفي آخر كلامه: الصلاة الصلاة قال: فخرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكرالقوم ذلك.

ثم ظنوا أنه بأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) فلم يكبّر حتي أفاق(صلي الله عليه وآله) وقال: ادعوالي العباس، فدعي فحمله هو وعلي، فأخرجاه حتي صلّي بالناس، وانه لقاعد، ثم حمل فوضع علي منبره، فلم يجلس بعد ذلك علي المنبر، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والانصار حتي برزت العواتق من خدورهنّ، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع والنبي(صلي الله عليه وآله) يخطب ساعة، ويسكت ساعة، وكان مما ذكر في خطبته أن قال:

يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب، ألا قد خلّفت فيكم كتاب الله، فيه النور والهدي والبيان، ما فرّط الله فيه من شيء، حجة الله لي عليكم، وخلّفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدي وصيي علي بن أبي طالب، ألا هو حبل الله فاعتصموا به جميعاً ولا تفرّقوا عنه،



[ صفحه 212]



واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخواناً.

أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم، من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفي بما عاهد عليه الله، وأدي ما وجب عليه، ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمي وأصم، لا حجة له عند الله، أيّها الناس لا تأتوني غداً بالدنيا تزفونها زفاً،ويأتي أهل بيتي شعثاً غبراً مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم أمامكم وبيعات الضلالة والشوري للجهالة.

ألا وإن هذا الأمر له أصحاب وآيات قد سمّاهم الله في كتابه، وعرّفتكم وبلّغتكم ما أُرسلت به إليكم ولكني أراكم قوماً تجهلون، لاترجعنّ بعدي كفاراً مرتدين متأولين للكتاب علي غير معرفة، وتبتدعون السنة بالهوي، لأن كلّ سنّة وحدث وكلام خالف القرآن فهو ردّ وباطل.

القرآن إمام هدي، وله قائد يهدي إليه ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وليّ الأمر بعدي وليه، ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي، وما ورثه النبيّيون من قبلي، وأنا وارث ومورّث فلا تكذبنكم أنفسكم، أيها الناس! الله الله في أهل بيتي، فإنهم أركان الدين، ومصابيح الظلم، ومعدن العلم، عليّ أخي ووارثي، ووزيري وأميني والقائم بأمري والموفي بعهدي علي سنتي.

أول الناس بي ايماناً، وآخرهم عهداً عند الموت، وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة، فليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا ومن أمّ قوماً امامة عمياء وفي الاُمّة من هو أعلم منه فقد كفر، أيّها الناس ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا، ومن كانت له عدة فليأت فيها علي ابن أبي طالب، فانه ضامن لذلك كله حتي لا يبقي لاحد عليّ تباعة» [2] .



[ صفحه 213]




پاورقي

[1] خصائص الأئمة للشريف الرضي: 72، 73 وعنه في الطُرف لابن طاووس: 25 ـ 27 وعنه في بحار الأنوار: 22 / 482 ـ 484 والخبر كالسابق عن رسالة الوصية لعيسي بن المستفاد أبي موسي الضرير البجلي البغدادي المضعّف في النجاشي: 297 برقم 809.

[2] خصائص الأئمة للشريف الرضي: 73 ـ 75 وعنه في الطُرف: 29 ـ 34 وعنه في بحار الأنوار: 22 / 484 ـ 487. والخبر كسابقه عن رسالة الوصية لعيسي بن المستفاد أبي موسي الضرير البجلي البغدادي المضعّف في النجاشي: 297 برقم 809.