بازگشت

في معاجز طفولته


روي الشيخ المفيد عن يعقوب السراج، قال: دخلت علي أبي عبدالله عليه السلام و هو واقف علي رأس أبي الحسن موسي عليه السلام و هو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتي فرغ، فقمت اليه، فقال [لي] [1] ادن الي مولاك فسلم عليه، فدنوت فسلمت عليه، فرد علي بلسان فصيح، ثم قال لي: اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فانه اسم يبغضه الله، و كانت ولدت لي بنت [2] فسميتها بالحميراء، فقال أبوعبدالله عليه السلام: انته الي أمره ترشد، فغيرت اسمها [3] .

و في ثاقب المناقب، قال: اشتهر عند الخاص و العام من حديث أبي حنيفة حين دخل دار الصادق عليه السلام فرأي موسي عليه السلام في دهليز داره و هو صبي، فقال في نفسه: ان هؤلاء يزعمون أنهم يعطون العلم صبية و أنا أسبر [4] ذلك، فقال له: يا غلام اذا دخل الغريب بلدة، اين يحدث، فنظر اليه نظر مغضب، و قال: يا شيخ أسأت الأدب، فأين السلام.



[ صفحه 182]



قال: فخجلت و رجعت حتي خرجت من الدار و قد نبل في عيني، ثم رجعت اليه و سلمت عليه، و قلت: يا ابن رسول الله، الغريب اذا دخل بلدة اين يحدث، فقال صلوات الله عليه: يتوقي شطوط البلد [5] ، و مشارع الماء، و في ء النزال، و مسقط الثمار، وافنية الدور، و جاد الطرق، و مجاري المياه و رواكدها، ثم يحدث اين شاء، قال: قلت: يا ابن رسول الله ممن المعصية، فنظر الي و قال: اما أن تكون من الله أو من العبد أو منهما معا، فان كانت من الله فهو أكرم أن يؤاخذه بما لم يجنه، و ان كانت منهما فهو أعدل من أن يأخذ العبد بما هو شريك فيه، فلم يبق الا أن يكون من العبد، فان عفا فبفضله، و ان عاقب فبعد له.

قال أبوحنيفة: فاغرورقت عيناي و قرأت: (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم) [6] [7] .

و روي الصدوق و غيره عن هشام بن الحكم [قالا]: ان جاثليقا من جثالقة النصاري، يقال له: بريهة، قد مكث في [8] النصرانية سبعين سنة، فكان يطلب الاسلام و يطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه، و يعرف المسيح بصفاته و دلائله و آياته، قال: و عرف بذلك حتي اشتهر في النصاري و المسلمين و اليهود و المجوس، حتي افتخرت به النصاري، و قالت: لو لم يكن في دين النصرانية الا بريهة لأجزأنا، و كان طالبا للحق و الاسلام مع ذلك، و كانت معه امرأة تخدمه طال مكثها معه، و كان يستر [9] ضعف النصرانية و ضعف حجتها، قال: فعرفت ذلك منه.

فضرب بريهة الأمر ظهرا لبطن و أقبل يسائل [10] [فرق المسلمين و المختلفين في الاسلام من أعلمكم؟ و أقبل يسأل] [11] عن أئمة المسلمين و عن صلحائهم و عن علمائهم و أهل الحجي منهم، و كان يستقري ء فرقة فرقة لايجد عند القوم



[ صفحه 183]



شيئا، و قال: لو كانت أئمتكم أئمة علي الحق لكان عندكم بعض الحق، فوصفت له الشيعة و وصف له هشام بن الحكم. فقال يونس بن عبدالرحمن: فقال لي هشام: بينما أنا علي دكاني علي باب الكرخ جالس، و عندي قوم يقرأون علي القرآن، فاذا أنا بفوج النصاري معه ما بين القسيسين الي غيرهم من نحو مائة رجل، عليهم السواد و البرانس، و الجاثليق الأكبر فيهم بريهة، حتي بركوا [12] حول دكاني، و جعل لبريهة كرسي يجلس عليه، فقامت الأساقفة و الرهابنة علي عصيهم و علي رؤوسهم برانسهم.

فقال بريهة: ما بقي للمسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام الا و قد ناظرته في النصرانية، فما عندهم شي ء فقد جئت اناظرك [في] [13] الاسلام، ثم ذكر مناظرته معه و غلبة هشام عليه في حديث طويل، حتي افترق النصاري و هم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاما و لا أصحابه.

و رجع بريهة مغتما مهتما حتي صار الي منزله، فقالت امرأته التي تخدمه: مالي أراك مهتما مغتما؟ فحكي لها الكلام الذي بينه و بين هشام، فقالت لبريهة: و يحك أتريد أن تكون علي حق أو باطل؟! قال بريهة: بل علي الحق، فقالت له: أينما وجدت الحق فمل اليه، و اياك و اللجاجة فان اللجاجة شك، و الشك شوم، و أهله في النار، قال: فصوب قولها و عزم علي الغدو علي هشام، قال: فغدا اليه و ليس معه أحد من أصحابه، فقال: يا هشام ألك من تصدر عن رأيه، فترجع الي قوله و تدين بطاعته؟ قال هشام: نعم يا بريهة، ثم سأله بريهة عن صفته فوصف له هشام الامام عليه السلام، فاشتاق بريهة اليه عليه السلام، فارتحلا حتي أتيا المدينة، و المرأة معهما، و هما يريدان أبا عبدالله عليه السلام، فلقيا موسي بن جعفر عليهماالسلام في الدهليز [14] .



[ صفحه 184]



و في رواية ثاقب المناقب: فسلم هشام عليه و سلم بريهة عليه، ثم أخبرهما بما جاءا له، و كان صلوات الله عليه صبيا [15] .

و في رواية الصدوق: فحكي له هشام الحكاية، [فلما فرغ] [16] قال موسي ابن جعفر عليهماالسلام: يا بريهة كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا به عالم، قال: كيف ثقتك بتأويله؟ قال: ما أوثقني بعلمي به [17] ، قال: فابتدأ موسي [بن جعفر] [18] عليهما السلام يقرأ [19] الأنجيل، [ثم] [20] قال بريهة: و المسيح لقد كان يقرأ هكذا، و ما قرأ هذه القراءة الا المسيح، قال بريهة: اياك كنت اطلب منذ خمسين سنة أو مثلك، قال فآمن و حسن ايمانه و آمنت المرأة و حسن ايمانها، قال: فدخل هشام و بريهة و المرأة علي أبي عبدالله عليه السلام، فحكي هشام الحكاية و الكلام الذي جري بين موسي عليه السلام و بريهة، فقال أبوعبدالله عليه السلام: (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم) [21] ، قال بريهة: جعلت فداك أني لكم التوراة و الانجيل و كتب الانبياء؟ قال: هي عندنا وراثة من عندهم، نقرأها كما قراوها و نقولها كما قالوها، ان الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شي ء فيقول: لا أدري.

فلزم بريهة أباعبدالله حتي مات أبوعبدالله عليه السلام، ثم لزم موسي عليه السلام حتي مات في زمانه، فغسله عليه السلام بيده و كفنه بيده ولحده بيده، و قال: هذا حواري من حواري المسيح عليه السلام، يعرف حق الله عليه، [قال] [22] فتمني أكثر أصحابه أن يكونوا مثله [23] .



[ صفحه 185]




پاورقي

[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[2] في المصدر: «ابنة».

[3] الارشاد للمفيد: ص 290.

[4] أسبره قبلك: أي أختبره (انظر لسان العرب: مادة «سبر» ج 6 ص 150 ).

[5] في خ ل: «الأنهار».

[6] آل عمران: 34.

[7] ثاقب المناقب: ص 171 ح 1.

[8] في المصدر: «جاثليق» بدل «في».

[9] في المصدر: «يسر اليها» بدل «يستر».

[10] في المصدر: «يسأل».

[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[12] في خ ل «نزلوا».

[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[14] «في الدهليز» لم ترد في المصدر.

[15] ثاقب المناقب: ص 172 س 14.

[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[17] في المصدر: «فيه».

[18] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[19] في المصدر: «بقراءة».

[20] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[21] آل عمران: 34.

[22] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[23] كتاب التوحيد: ص 270 ح 1، و عنه البحار: ج 10 باب 16 ص 234 ح 1.