بازگشت

في المدينة


رويدا نعود الي أفياء المدينة و الي ما يعتور تلك الأجواء من تجهم تارة و تلبد أخري و أحيانا كأنها السحب الماطرة أو نخالها العجاج المدلهم و لربما كشفت عن رقراق شعر حزين، لكن الأمر السائد هو تلك الفلسفة الآخذة بنواص المتفلسفين أو ذلك التعمق بالدين و الذي يصل أحيانا الي الخروج الي الزندقة و الشرك أو في التمحص و التنقيب و العلم..

فهنا و هناك (ابن عباس، و ابن عمر، و ابن الزبير، و أبوسلمة و عبدالرحمن بن أبي بكر و بنته حفصة و أم سلمة و عائشة و عروة بن الزبير و القاسم بن محمد بن أبي بكر...) و غيرهم الكثير الكثير حتي نصل الي مالك بن أنس الذي يعاصر في النصف الثاني من القرن الثاني نهاية الأجيال المفضلة و كذلك ابن مالك شيخ الشافعي محمد بن ادريس الذي تتلمذ علي يديه أحمد بن حنبل.

و يأخذ الفقه الاسلامي طريقه من المدينة باتجاه بغداد و الكوفة و البصرة



[ صفحه 49]



و سائر مدن العراق لنسمع عبدالله بن مسعود الذي يتتلمذ علي يده الكثيرون منهم علقمة و الحارث و ابراهيم بن يزيد شيخ حماد بن أبي سليمان الذي قضي أبوحنيفة في حلقته في مدرسة الرأس و القياس الذي وضع قواعده الشافعي، و كان هوي أبي حنيفة مع أبناء علي عليه السلام و مذهبه يقارب المذهب الزيدي أكثر من أي من مذاهب السنة. و في عام 121 ه احدي و عشرين و مائة للهجرة عندما استشهد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام كان أبوحنيفة يأخذ مجلس حماد و يدون بعض مذهبه، و أما السابق له بالتدوين فهو زيد الشهيد الذي تعلم ذلك منه أبوحنيفة و الذي بقي يردد: (لولا السنتان لهلك النعمان) تلكما السنتان اللتان تفقه بها علي يدي الامام الصادق عليه السلام حيث نهاه عن القياس، فأول من قاس ابليس (لعنه الله)، و كان خلال سنتيه هاتين يخاطب الصادق عليه السلام بقوله: [جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله].

و روي ابن شهر آشوب عن مسند أبي حنيفة أن الحسن بن زياد قال: سمعت أباحنيفة و قد سئل من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث الي فقال: يا أباحنيفة ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيي ء له من مسائلك السداد، فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث الي أبوجعفر المنصور و هو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه و جعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور، فسلمت عليه فأومأ الي فجلست ثم التفت اليه فقال: يا أبا عبدالله، هذا أبوحنيفة، قال: نعم أعرفه، ثم التفت الي فقال: يا أباحنيفة، ألق علي أبي عبدالله من مسائلك فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا و أهل المدينة يقولون كذا، فربما تابعنا و ربما تابعهم و ربما خالفنا جميعا حتي أتيت علي الأربعين مسألة فما أخل فيها بشي ء ثم قال أبوحنيفة: أليس أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس. [1] .



[ صفحه 50]




پاورقي

[1] منتهي الآمال، ص 164.