حبس العلويين في الكوفة
و بعدها جمع المنصور في الكوفة كل آل علي الذين أجلاهم عن المدينة حتي لم يترك فيها محتلم و علي رأسهم جعفر بن محمد الصادق عليه السلام حبسهم شهرا ثم دعاهم الربيع حاجبه فقال أين هؤلاء العلوية فأدخل اليه جعفر بن محمد و الحسن بن زيد بن الحسن بن علي عليهم السلام.
فقال المنصور لجعفر: أنت الذي تعلم الغيب قال: لا يعلم الغيب الا الله فقال: أنت الذي يجبي اليك هذا الخراج قال: اليك يجبي يا أميرالمؤمنين الخراج قال: أتدرون لم دعوتكم؟ قال: لا. قال: أردت أن أهدم
[ صفحه 63]
رباعكم و أروع قلوبكم و أعقر نخلكم و أترككم بالسراة لا يقربكم أحد من أهل الحجاز و أهل العراق فانهم لكم مفسدة [و كان لسان الجاهلية القرشية هو الذي يحكم و يتكلم يوم نفي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و رهطه الي شعب أبي طالب و منع عنهم الطعام و الكلام]، كما و كأني به يشير بقوله الي الصادق يوم قال لعبدالله بن الحسن و الله ليس لك و لا لبنيك و انها لهؤلاء و عندما لحق المنصور بالصادق عليه السلام و اطمأن الي الأمر «و ظلم ذوي القربي... أليس أبالهب من ناصب النبي صلي الله عليه و آله و سلم العداء و ليست امرأته حمالة الحطب...؟!!).
فقال الصادق عليه السلام: يا أميرالمؤمنين ان سليمان أعطي فشكر و ان أيوب ابتلي فصبر و ان يوسف ظلم فغفر و أنت من ذلك النسل، قال: فتبسم و قال: أعد علي، فأعاد، فقال: مثلك فليكن زعيم القوم و قد عفوت عنكم و وهبت لكم جرم أهل البصرة، و سرحهم الي المدينة بعد أن طلب منه الامام الصادق عليه السلام أن يحدثه الحديث الذي حدث به عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. [1] .
قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم: صلة الرحم تعمر الديار و تطيل الأعمار و ان كانوا كفارا. فقال المنصور: ليس هذا. قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: الأرحام معلقة بالعرش تنادي: اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني فقال: ليس هذا. قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله عزوجل يقول: أنا الرحمن خلقت الرحم و شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته و من قطعها قطعته، قال: ليس هذا الحديث قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن ملكا من الملوك في الأرض كان بقي من عمره
[ صفحه 64]
ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال: هذا الحديث أردت.
و لما وضع رأس ابراهيم بن عبدالله بين يدي المنصور تمثل قولا:
فألقت عصاها و استقرت بها النوي
كما قر عينا بالاياب المسافر [2] .
و كان خرج مع ابراهيم من أهل العلم و الفقهاء منهم سلام بن أبي واصل و ثلاث من رهطه عيسي بن اسحاق السبعي و أبوخالد الأحمر (سليمان بن حيان كوفي ثقة) و يونس بن أبي اسحاق ظلوا معه حتي قتل و هم من أصحاب زيد بن علي، و كذلك أبوداود الطهوي و قطر بن خليفة (و هو شيخ كبير) و عبدالله بن جعفر المدائني والد علي بن المدائني و هارون بن سعد [3] و هو رجل صالح أعطاه واسط حيث بايعه أهلها و كان معه مسلم بن سعيد و الأصبغ بن يزيد و خليفة بن حسان و عامر بن كثير السراج و حمزة بن عطاء البرني و كان هشام بن حسان يقول: اللهم أهلك أبا الدوانيق.
و كان ممن تبعه عباد بن العوام (هدم الرشيد داره و منعه الحديث) و يزيد بن هارون و هشيم بن بشير (و قد قتل ابنه معاوية و أخوه الحجاج).
كذلك كان معه العلاء بن بشير و اسحاق بن يوسف الأزرق و العوام بن حوشب و هو شيخ و أسامة بن زيد و عبدالواحد بن زياد و بعد مقتل ابراهيم نادي مناد أمن الناس أجمعون الا العوام بن حوشب (استخفي سنتين حتي أخرج له الأمان معن بن زائدة) و أسامة بن زيد (تواري ثم هرب الي الشام).
و كان أبوحنيفة يجهر في أمر ابراهيم جهرا شديدا و يفتي الناس بالخروج معه.
يقول أبواسحاق الفزاري: جئت أباحنيفة فقلت له: ما اتقيت الله حيث
[ صفحه 65]
أفتيت أخي بالخروج مع ابراهيم بن عبدالله بن الحسن حتي قتل!! فقال: قتل أخيك حيث قتل يعدل قتله لو قتل يوم بدر و شهادته مع ابراهيم خير له من الحياة، قلت: ما منعك أنت من ذلك؟ قال: ودائع الناس كانت عندي.
و كتب أبوحنيفة لابراهيم: (اذا أظفرك الله بعيسي و أصحابه فلا تر فيهم سيرة أبيك في أهل الجمل فانه لم يقتل المنهزم و لم يأخذ الأموال و لم يتبع مدبرا و لم يذفف علي جريح، لأن القوم لم يكن فئة ولكن سر فيهم بسيرة يوم صفين فان سبي الذرية و ذفف علي الجريح و قسم الغنيمة لأن أهل الشام كانت لهم فئة و كانوا في بلادهم).
فظفر أبوجعفر بكتابه فسيره و بعث اليه فأشخصه و سقاه شربة فمات منها و دفن ببغداد في رجب سنة 150 ه في مقابر الخيزران و عمره سبعون سنة.
وحدث ابراهيم بن سويد الحنفي قال: سألت أباحنيفة و كان لي مكرما أيام ابراهيم قلت: أيهما أحب اليك بعد حجة الاسلام الخروج الي هذا أو الحج؟ فقال: غزوة بعد حجة الاسلام أفضل من خمسين حجة. و حدث الحسين بن سلمة الأرحبي قال: جاءت امرأة الي أبي حنيفة أيام ابراهيم فقالت: ان ابني يريد هذا الرجل، و أنا أمنعه. فقال: لا تمنعيه.
و عن عبدالله بن ادريس قال: سمعت أباحنيفة و هو قائم علي درجته و رجلان يستفتيانه في الخروج مع ابراهيم و هو يقول: اخرجا.
و كان شعبة الأزدي يقول: ما يقعدكم؟ هي بدر الصغري و كذلك كان صالح المروزي يحرض الناس علي نصرة ابراهيم، و كان الأعمش (سليمان بن مهران) يقول: أما أني لو كنت بصيرا لخرجت. أما ابن الفرزدق (و كان شيخا كبيرا جليلا) فقال: لا ملجأ من الله الا اليه... و قتل.
و كان معه نصر بن ظريف و أبو العوام القطان (من أصحاب الحسن البصري) و عبد ربه بن يزيد، و من آل سلمة بن المحبق (عبدالحميد بن
[ صفحه 66]
سنان و الحكم بن موسي و عمران بن شبيب) و عباد بن منصور و سوار بن عبدالله و خالد بن عبدالله الواسطي، و الفضل الضبي (أقام عنده ابراهيم) و الطهوي أبوداود و ابراهيم الأسدي و غيرهم الكثير، و قد أحصي ديوان ابراهيم من أهل البصرة مائة ألف... و قتل ابراهيم في باخمرا كما قتل أخوه علي أحجار الزيت...
پاورقي
[1] مقاتل الطالبيين، ص 301.
[2] الطبري، 9 / 259.
[3] مقاتل الطالبيين، (301). بعد مقتل ابراهيم انحدر الي البصرة فمات حين دخلها.