بازگشت

الصادق في ذمة الله


و يروي الشيخ الصدوق عن أبي بصير أنه قال: دخلت علي حميدة (أم ولد و هي أم الكاظم عليه السلام) زوجة الصادق عليه السلام أعزيها بأبي عبدالله عليه السلام فبكت و بكيت لبكائها ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبدالله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني و بينه قرابة،



[ صفحه 72]



قالت: فلم نترك أحدا الا جمعناه، فنظر اليهم ثم قال: (ان شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة).

ها هو عليه السلام مسجي في فراشه، يوصي بالهبات... باعطاء فلان و فلان وصلة ذي القربي... و تستغرب سالمة مولاة أبي عبدالله فيقول لها عليه السلام: نعم يا سالمة ان الله تعالي خلق الجنة فطيبها و طيب ريحها و ان ريحها يوجد من مسيرة ألف عام و لا يجد ريحها عاق و لا قاطع رحم...

و الي بارئها تعود روحه الطاهرة... يقبض عليه سلام الله كما قبض جده و أبوه... و ها هو الكاظم عليه السلام يأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه أبوه و قبض فيه...

يروي الشيخ الكليني عن الكاظم عليه السلام قال: أنا كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قمصه و في عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام و في برد اشتريته بأربعين دينارا... (التقية ديني و دين آبائي) قالها عليه السلام و كررها و ها هو يلجأ اليها في وصيته فهو عليه السلام يوصي لابنه عبدالله و موسي عليه السلام و المنصور و حميدة و والي المدينة و هكذا دل علي الصغير و بين علي الكبير و ستر الأمر العظيم توقيا من شر المنصور...

و تجري دموع التماسيح من عيني المنصور... يمسك النعوة و يبكي فهل يبكي فرحا أم ترحا... الحقيقة أنه بكي يوم وردت نعوة أبي عبدالله عليه السلام لكن قلبه كان ينبض بالشر و الاثم فيقول لأبي أيوب الخوزي الذي استدعاه في جوف الليل يطلعه علي وفاة الامام الصادق عليه السلام فيقول له: اكتب الي محمد بن سليمان ان كان أوصي الي رجل بعينه فقدمه و اضرب عنقه... و لم تنل نفسه مناها فقد ورد الجواب بالوصية لخمسة أحدهم الدوانيقي و محمد بن سليمان و عبدالله و موسي ابني جعفر و حميدة... و تخرج زفرة الغيظ يشعلها الحقد... (ليس الي قتل هؤلاء سبيل).



[ صفحه 73]



لقد استعمل التقية ليدفع القتل عن الامام بعده فلقد اختصت الوصاية و الامامة به عليه السلام...

ارتحل سلام الله عليه و كما قال لموسي عليه السلام فقد ادعي عبدالله (الأفطح) الامامة و عندها أمر الامام موسي عليه السلام بجمع حطب كثير من وسط داره و أرسل الي أخيه عبدالله يسأله أن يصير اليه، فلما صار عنده و مع موسي عليه السلام جماعة من وجوه الامامية فلما جلس اليه أخوه عبدالله أمر موسي عليه السلام أن تشعل النار في الحطب فاحترق كله و لا يعلم الناس السبب فيه حتي صار الحب كله جمرا ثم قام موسي عليه السلام و جلس بثيابه في وسط النار، و أقبل يحدث الناس ساعة ثم قام فنفض ثوبه و رجع الي المجلس و من ثم قال لأخيه عبدالله: ان كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس. قالو: فرأينا عبدالله قد تغير لونه، و قام يجر رداءه حتي خرج من دار موسي عليه السلام و لبث عبدالله بعد أبيه سبعين يوما ثم توفي.

و بذلك صدق قول أبي عبدالله الصادق عليه السلام حيث قال لموسي عليه السلام (يا بني ان أخاك سيجلس مجلس و يدعي الامامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فانه أول أهلي لحوقا بي). و لقد كان للكاظم عليه السلام اخوة تسعة (اسماعيل و عبدالله و أم فروة أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و كان الكاظم و اسحاق و محمد لأم ولد هي حميدة المغربية، و العباس و علي و أسماء و فاطمة لأمهات أولاد شتي).

أما اسماعيل فكان أكبر اخوته و كان أبو عبدالله شديد المحبة له و البر به و الاشفاق عليه و كان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه و خليفته و قد مات في حياة أبيه بقرية العريض و حمل علي رقاب الرجال الي أبيه بالمدينة حتي دفن بالبقيع، و بعد موته انصرف عن القول بامامته بعد أبيه من كان يظن ذلك و بقيت شرذمة قالت بامامة محمد بن اسماعيل ثم أولاده و من سلالة اسماعيل كان الملوك الفاطميون.



[ صفحه 74]



أما عبدالله بن جعفر فكان الأكبر بعد اسماعيل و كان متهما بالخلاف مع أبيه في الاعتقاد (كان يخالط الحشوية) و يتمذهب بالمرجئة و ادعي الامامة بعد أبيه و تابعه جماعة ثم رجعوا للقول بامامة أخيه موسي عليه السلام لما تبينوا ضعف دعواه و براهين الامام موسي عليه السلام و الذين اتبعوه سموا بالفطحية حيث كان أفطح الرجلين.

و أما اسحاق بن جعفر فقد كان من أهل الفضل و الصلاح و الورع و الاجتهاد و روي عنه الناس الحديث و الآثار و يقال عنه الثقة الرضي و كانت زوجته السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي عليه السلام المدفونة بمصر.

و محمد بن جعفر عليه السلام كان يقال له الديباج لحسنه و بهائه و جماله و كماله، و كان سخيا شجاعا و كان يري رأي الزيدية بالخروج بالسيف، خرج علي المأمون سنة 199 ه بالمدينة فبايعه أهلها بامرة المؤمنين، و كان يصوم يوما و يفطر يوما و له كل يوم شاة، ثم أتي مكة مع نفر من العلويين منهم الحسين بن الحسن الأفطس و محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثني و محمد بن الحسن و علي بن الحسين بن عيسي بن زيد و علي بن الحسين بن زيد و علي بن جعفر بن محمد و وقع القتال بينهم و بين هارون بن المسيب قائد المعتصم الذي أرسل لمحمد رسالة مع الامام الرضا عليه السلام للصلح فأبوا و حوصروا بجيش كبير في جبل ثبير (بمكة) و طال الحصار حتي نفد زادهم و ماؤهم فتفرق من معه و طلب الصلح، و قد وضع الطالبيون بالأغلال و ساروا بهم الي خراسان حيث المأمون الذي أكرم وفادتهم و وصلهم، فأقام مع المأمون بخراسان حتي وفاته حيث صلي عليه المأمون و دخل قبره ثم قضي ديونه. و قد روي الشيخ الصدوق عن السيد عبدالعظيم بن عبدالله الحسني عن جده علي بن الحسن بن يزيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: حدثني عبدالله بن محمد بن جعفر بن



[ صفحه 75]



محمد عن أبيه عن جده أن محمد بن علي الباقر جمع ولده وفيهم عمهم زيد بن علي عليهم سلام الله، ثم أخرج اليهم كتابا بخط علي عليه السلام و املاء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مكتوب فيه: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم (حديث اللوح)... الي الموضع الذي يقول فيه (و أولئك هم المهتدون). و يقول عبدالعظيم: العجب كل العجب لمحمد بن جعفر و خروجه و قد سمع أباه عليه السلام يقول هذا و يحكيه.

ثم العباس بن جعفر و كان فاضلا.

و علي بن جعفر و كان سيدا جليل القدر عظيم الشأن شديد الورع عالما راوية للحديث كثير الفضل، أدرك الجواد عليه السلام و يقال أدرك الهادي عليه السلام و توفي في أيامه و قد لزم أخاه موسي عليه السلام و أخذ عنه معالم دينه.

و يروي الشيخ الكليني عن محمد بن الحسن بن عمار أنه قال: كنت عند علي بن جعفر بن محمد عليه السلام جالسا و كنت أقمت عنده عشر سنين أكتب عنه ما سمع من أخيه (أباالحسن عليه السلام) اذ دخل عليه أبوجعفر محمد بن علي الرضا المسجد مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فوثب علي بن جعفر بلا حذاء و لا رداء و قبل يده و عظمه فقال له أبوجعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله.

فقال: يا سيدي كيف أجلس و أنت قائم، فلما رجع علي بن جعفر الي مجلسه جعل أصحابه يوبخونه و يقولون: أنت عم أبيه و أنت تفعل به هذا الفعل فقال: اسكتوا، اذا كان الله عزوجل (و قبض علي لحيته) لم يؤهل هذه الشيبة، و أهل هذا الفتي و وضعه حيث وضعه، أنكر فضله؟ نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد). و انا هذا و ان دل فانما يدل علي فضيلة هذا الرجل العظيم و تقديره لامام زمانه، و كفاه شرفا بذلك.

و لقد جاء في روضة الشهداء أنه كان يعرف بعلي العريضي و له أولاد كثر



[ صفحه 76]



عقب من أربعة منهم (محمد و أحمد الشعراني و الحسن و جعفر) و قد أخذ العلم عن أخيه موسي عليه السلام و كان أبوه مات و هو صغير و قد جاء في بعض كتب الأنساب أن فاطمة الكبري بنت محمد بن عبدالله الباقر ابن الامام زين العابدين بن علي عليه السلام هي زوجة العريضي.