بازگشت

بين امامين


عشرون عاما بين مولد الكاظم عليه السلام بين السابع من صفر لعام ثمان و عشرين و مائة و وفاة الصادق عليه السلام في شوال عام ثمان و أربعين و مائة و له خمس و ستون عاما، و لقد قبض عليه السلام في حبس السندي بن شاهك عام ثلاث و ثمانون و مائة و له من العمر خمس و خمسون عاما بقي منها في الامامة بعد أبيه خمسا و ثلاثين سنة..



ألا يا قاصد الزوراء عرج

علي الغربي من تلك المغاني



و نعليك اخلعن و اخضع خشوعا

اذ لاحت لديك القبتان



فتحتها لعمرك نار موسي

و نور محمد متقابلان



أبوالحسن الكاظم موسي بن جعفر عليه السلام أمه حميدة محمودة و مناقبه كثيرة و لو لم تكن منها الا العناية الالهية لكفاه ذلك.

لقد كان عمر الامام عندما استلم أبوالدوانيق ست سنوات و كان يرافق أباه الصادق عليه السلام الي بستانه الذي يعمل به.

جاء في الكافي عن أبي عمرو الشيباني أنه قال: رأيت أبا عبدالله عليه السلام و بيده مسحاة و عليه ازار غليظ يعمل في حائط له و العرق يتصاب عن ظهره فقلت: جعلت فداك، أعطني أكفك، فقال لي: اني أحب أن يتأذي الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة.

و يقول شعيب: تكارينا لأبي عبدالله عليه السلام قوما يعملون في بستان له



[ صفحه 101]



و كان أجلهم الي العصر فلما فرغوا قال لغلامه معتب: أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم، هو ذاك من كان والد الكاظم عليه السلام.

و أما الكاظم عليه السلام فانه فذ من أفذاذ العقل الانساني و من كبار أئمة المسلمين، من العترة الطاهرة الذين قرنهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بمحكم التنزيل و جعلهم سفن النجاة و باب حطة، فهم شجرة النبوة و مختلف الملائكة، و موضع الرسالة، و ينابيع العلم و الحكمة، و لم يكن الامام موسي بن جعفر الا سليل معدن النبوة و فرع تلك الشجرة الطاهرة التي أضاءت الانسانية، و في ذلك الخضم الزاخر بالعلم و العلماء من الرجال و النساء في بيئة ضمت الامام الصنو (و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس) [1] حيث عاش أهل البيت بعد مجزرة كربلاء تواضعا وفقها و عطاء فزين العابدين عليه السلام يجلس مع العبد نافع بن جبير و يقف الزهري و هو شيخ مالك بن أنس ليقول: ما رأيت أفقه من زين العابدين... و يتابع: ما رأيت قرشيا أفضل منه و الزهري هذا يقول فيه الشافعي: (لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة)، فكيف هو ذلك السيد العلم النبراس «زين العابدين» عليه السلام و كيف يكون أبناؤه المعصومون فروع شجرة النبوة المباركة.

و في حج البيت الحرام و الحجيج يسعون لنستمع الي هشام بن عبدالملك الذي غلبت عليه غريزة المعاجزة لأهل البيت عندما رأي الامام الباقر عليه السلام بالمسجد (و في مهابة و جلال يعطي دروس و تعاليم الاسلام و آدابه و فرائضه و أحكامه و الناس خشع في مجلسه) فبعث اليه من يسأله ما طعام الناس و شرابهم يوم الحشر؟ فأجابه الباقر عليه السلام بآيات محكمات من الكتاب الكريم.

تلك النفس التي يوسوس لها الشيطان نسمعها في قلب المنصور الذي يقر للامام الصادق عليه السلام بمكانه من العلم و التقوي بالرغم من ضيق صدره



[ صفحه 102]



بمكانته في الأمة فيقول: (هذا الشجي المعترض في حلقي أعلم أهل زمانه و أنه ممن يريد الآخرة لا الدنيا) و بالرغم من ذلك... قتله.

و يجلس الكاظم عليه السلام يستمع لأبيه الصادق عليه السلام و لحروفه التي لها جرس في الأذن و نعم في الفم و عذوبة علي اللسان و خفقة في البنان، لقد كان مجلسه عليه السلام موردا عذبا كثير الزحام، فالقلوب و اجفة و الآذان مصغية و الشفاه كأنها ستنطق عندما يقول عليه السلام:



لا اليسر يطرؤنا يوما فيبطرنا

و لا لأزمة دهر نظهر الجزعا



ان سرنا الدهر لم نبهج لصحبته

أو ساءنا الدهر لم نظهر له الهلعا



مثل النجوم علي مضمار أولنا

اذا تغيب نجم آخر طلعا



لقد حاكت سيرة الأئمة الأطهار سيرة جدهم صلي الله عليه و آله و سلم ايمانا بالله و حبا للخير و نكرانا للذات سيرهم متشابهة بالعطاء مجدبة من المغريات لم تلوثها قذارة المادة و لا مآثم الحياة طفحت بالفضائل و عبقت بالمآثر، هم القدوة و الكمال و المثل الأعلي.

عن موسي بن جعفر عليه السلام قال: سئل النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن طوبي فقال: شجرة في الجنة أصلها في داري و فرعها علي أهل الجنة.

ثم سألوه عنها ثانية فقال: شجرة أصلها في دار علي و فرعها علي أهل الجنة، فقيل له في ذلك فقال: ان داري و دار علي غدا واحدة.

و قال موسي بن جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: (ألا انهم يثنون صدورهم) [2] : (اذا كانت نزلت الآية في علي ثني أحدهم صدره لئلا يسمعها و يستخفي من النبي صلي الله عليه و آله و سلم). و هذا ينطبق علي الأئمة جميعهم عليهم السلام..

محمدهم و عليهم و حسنهم و حسينهم و جعفرهم و كليمهم... عليهم سلام الله و صلاته... (من لا يصلي عليكم لا صلاة له).



[ صفحه 103]




پاورقي

[1] سورة آل عمران، الآية: 134.

[2] سورة هود، الآية: 5.