بازگشت

وصية الصادق لابنه


لقد حث الامام الصادق عليه السلام شيعته علي التحلي بمكارم الأخلاق و محاسن الأفعال ليكونوا قدوة صالحة للمجتمع و ها هو يوصي ولده الامام



[ صفحه 126]



موسي عليه السلام قائلا: يا بني: انه من رضي بما قسم له استغني و من مد يمينه الي ما في يد غيره مات فقيرا و من لم يرض بما قسمه الله له اتهم الله في قضائه و من استصغر زلة نفسه استكبر زلة غيره.

يا بني: من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من سل سيف البغي قتل به، و من احتفر لأخيه بئرا سقط فيها و من داخل السفهاء حقر و من خالط العلماء و قر، و من دخل مداخل السوء اتهم.

يا بني: اياك أن تزدري بالرجال فيزدري بك و اياك و الدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك.

يا بني: قل الحق لك أو عليك.

يا بني: كن لكتاب الله تاليا و للسلام فاشيا و بالمعروف آمرا و عن المنكر ناهيا، و لمن قطعك واصلا و لمن سكت عنك مبتدئا و لمن سألك معطيا و اياك و النميمة فانها تزرع الشحناء في قلوب الرجال و اياك و التعرض ليعوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف.

يا بني: اذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فان للجود معادنا و للمعادن أصلا و للأصول فروعا و للفرع ثمرا و لا يطيب ثمر الا بفرع و لا فرع الا بأصل و لا أصل ثابت الا بمعدن طيب.

يا بني: اذا زرت فزر الأخيار و لا تزر الفجار فانهم صخرة لا ينفجر ماؤها و شجرة لا يخضر ورقها و أرض لا يطيب عشبها [1] .

و يوجه عليه السلام رسالة الي بعض أصحابه يأمرهم فيها بمكارم الأخلاق و محاسن الأعمال فيقول: «عليكم بحب المساكين المسلمين فان من حقرهم و تكبر عليهم فقد زل عن دين الله و اعلموا أن من حقر أحدا من المسلمين ألقي



[ صفحه 127]



الله عليه المقت فاتقوا الله في اخوانكم فان لهم عليكم حقا أن تحبوهم، فان الله أمر نبيه بحبهم فمن لم يحب من أمر الله بحبه فقد عصي الله و رسوله و من عصي الله و رسوله و مات علي ذلك مات من الغاوين.

اياكم أن يبغي بعضكم علي بعض فانها ليست من خصال الصالحين فانه من بغي صير الله بغيه علي نفسه و صارت نصرة الله لمن بغي عليه و من نصره الله غلب و أصاب الظفر من الله. اياكم أن يحسد بعضكم بعضا فان الكفر أصله الحسد، اياكم أن تعينوا علي مسلم مظلوم، يدعو الله عليكم، و يستجاب له فيكم، فان أبانا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: ان دعوة المظلوم مستجابة، اياكم أن تشره نفوسكم الي شي ء مما حرم الله عليكم فان من انتهك ما حرم الله عليه حال الله بينه و بين الجنة [2] .

و تزخر الكتب بوصاياه عليه السلام و يزخر صدر ابنه الكاظم بتلك التحف التي تنضح الخير و الهدي و العدل الذي طالما تحدث عنه ليقول عليه السلام: العدل أحلي من الماء يصيبه الظمآن.

و قال: ما أوسع العدل و ان قل...

و قال: اتقوا الله و اعدلوا فانكم تعيبون علي قوم لا يعدلون.

و ها هو عليه السلام يوصي بالحق... الحق الذي قال عنه صلي الله عليه و آله و سلم: (الحق مع علي و علي مع الحق يدور كيفما دار) فيقول الصادق عليه السلام: (ان حقيقة الايمان أن تؤثر الحق و ان ضرك، علي الباطل و ان نفعك).

و ان متابعة الحق و اتباعه و تقديمه علي المصالح الخاصة من أهم الحقائق التي هتف بها الاسلام و عززته مدرسة الامام عليه السلام و لنستمع الي مكارم أخلاقه عليه السلام التي سار بها الامام الكاظم عليه السلام حيث يقول: (صدقة يحبها



[ صفحه 128]



الله، اصلاح بين الناس اذا تفاسدوا و تقارب بينهم اذا تباعدوا)... هو ذاك هدف أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذين كرسوا حياتهم في سبيله و لاقوا المزيد من الاضطهاد و الجور من أجله.

و لنستمع الي تلك الصرخة المدوية في أرجاء المعمورة من وجدانه الشريف عليه السلام: (و العامل بالظلم، و المعين له، و الراضي به كلهم شركاء ثلاثتهم) [3] .

لقد حرم عليه السلام التعاون مع الظالمين و الاشتراك معهم بأي عمل يساعد علي بسط نفوذهم و تقوية سلطانهم و ها هو يقول مجيبا علي سائله من بعض أصحابه في جواز البناء لهم و كراية النهر فيقول: (ما أحب أن أعقد لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء و لا مدة بقلم، ان أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من النار).

و يؤكد عليه سلام الله علي أصحابه قائلا:

(اتقوا الظلم فان دعوة المظلوم تصعد الي السماء). و يتابع عليه السلام (ما من مظلمة أشد من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عونا الا الله).

و بالمقابل حث عليه السلام علي التعاون... فقال لصفوان لجمال: قم فأعن أخاك حيث دخل (ميمون) يشكو للصادق عليه السلام تعذر الكراء.. فقام صفوان و يسر الله ذلك فعاد فسأله عليه السلام: ما صنعت في حاجة أخيك؟

قال: قضاها الله بأبي أنت و أمي..

قال عليه السلام: (أما أنك ان تعن أخاك المسلم أحب الي من طواف أسبوع في البيت).

و يقول عليه السلام لجميل بن دراج: من صالح الأعمال البر بالاخوان و السعي



[ صفحه 129]



في حوائجهم و ذلك مرغمة للشيطان و تزحزح عن النيران و دخول في الجنان، يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك.

يقول: جعلت فداك و من غرر أصحابي.

قال عليه السلام: هم البارون بالاخوان في العسر و اليسر. [4] .


پاورقي

[1] حلية الأولياء، ج 3، ص 135. - الامام جعفر الصادق عليه السلام، ص 80 -79.

[2] تحف العقول، ص 76.

[3] الكافي: في باب الظلم.

[4] خصال الصدوق.