بازگشت

المدخل


الي سيرة الامام موسي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الامام الحسين الشهيد ابن علي بن أبي طالب عليهم سلام الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). [1] .

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا فانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض) صدق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و في قول آخر: (ألا و اني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما فان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتي يلقاني و سألت ربي ذلك فأعطانيه، ألا و اني قد تركتهما فيكم، كتاب الله و عترتي أهل بيتي فلا تسبقوهم فتفرقوا و لا تقصروا عنهم فتهلكوا و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم.)

[2] .

يقول الامام علي عليه السلام: كل قول ليس لله فيه ذكر فلغو و كل صمت ليس فيه فكر فسهو و كل نظر ليس فيه اعتبار فلهو.



[ صفحه 18]



و يقول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام الحسين بن علي: (نحن أئمة المسلمين و حجج الله علي العالمين و سادة المؤمنين و قادة الغر المحجلين و موالي المؤمنين، و نحن أمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، و نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع علي الأرض الا باذنه و بنا يمسك الأرض أن تحيد بأهلها و بنا ينزل الغيث، و ينشر الرحمة، و يخرج بركات الأرض، و لولا ما في الأرض منا لساخت الأرض بأهلها... ثم قال: و لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور و لا تخلو الي أن تقوم الساعة من حجة لله و لولا ذلك لم يعبد الله) [3] .

و يقول صادق أهل البيت و كلهم صادقون عليهم السلام: (حديثي حديث أبي و حديث أبي حديث جدي و حديث جدي حديث أبيه و حديث أبيه حديث علي بن أبي طالب و حديث علي حديث رسول الله و حديث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قول الله عزوجل) [4] .

فالحمد لله علي ما ألهم من معرفته و هدي اليه من سبيل طاعته و صلواته علي خيرته من بريته أبي القاسم محمد سيد أنبيائه و صفوته و علي الأئمة المعصومين من عترته. و لسان كل مؤمن يقول مع الشافعي:



يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله



كفاكمو من عظيم القدر أنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له



و (ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء و الله ذو الفضل العظيم) [5] . و تلكم الأيام تدور و الصادق الحق عليه السلام يلاقي وجه ربه ليحمل الأمانة ابنه سابع الأئمة الأطهار، الأئمة الهداة المعصومين الذين حملوا رسالة جدهم



[ صفحه 19]



رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر داعين الي الحق قولا و فعلا.

و لقد:

مرت بي الأيام في بحث سعيت لعلني و الله أظفر

حيث التقيته قائما في غلس ليل ما تحدر

يبكي يئن و دمعة بخشوع مصلي منه تطفر

و الصبح آذن و الشروق بدا... تدثر

و بغمرة التطواف جئته ساعيا و الليل أدبر

و رأيت أني و السؤال يشدني لهفا تمحور

من ذا بحق الله من بالسر يجهر

و أتي الجواب كأنما نور من الأفلاك يظهر

هذا امام الحق... ذا موسي بن جعفر

فاقرأ به الايمان و انهل رشف كوثر

من نبع ايمان به المنجاة فاظفر

و أخذ بي النوم مأخذه، و شدتني تهويمة هلعي أرود بها دنيا و دنيا الي أن أتاني الأمر... قومي... أتمي الكتابة لقد كان الوجه يطفح بالنور، و كانت اللحية بيضاء... و فوق الرأس عمامة كأنها السحاب... و خرجت تمتمات... الامام الصادق... و تبسم و أعاد الأمر... أتمي الكتابة... و جلست خلف طاولتي... قرأت آية الكرسي و سورة الكوثر و الضحي و أمسكت القلم (قل لآ أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) [6] .

نفسي و ما ملكت يدي تفدي تراب الكاظمين

تسري لطف. للغري تلوذ في قبر الحسين

و تشد رحلا صوب زوراء تروذ الضفتين



[ صفحه 20]



تمشي الي باب الحوائج تلتجي بالأكرمين

تقتات حب أئمة تستاف ريح الموقفين

و تروح في سكر الهوي بين التلاوة مرتين

قبل الشروق تساكبت و الي الغروب منارتين

من نور الهام بها للنور من جد الحسين

كم من شهيد قتلته الفئة الباغية لا لشي ء الا لأنه مع الحق و من أجل الحق يقول كلمته.

فنسأل الله تعالي أن يهلمنا كلمة الحق و أن يكتبنا مع شهداء الحق في كل زمان و أوان.. يقول شيخ المحدثين عامر بن شراحيل الشعبي: «ماذا لقينا من آل علي اذا أحببناهم قتلنا و ان عاديناهم دخلنا النار».

زمن القمع ذاك الذي دفع الحسن البصري الجسور الي التقية في روايته للحديث فيقول: قال أبوزينب و يسأله ابن عياش: (ما هذا الذي يقال عنك أنك قلته في علي) و يجيب: (يا ابن أخي احقن دمي من هؤلاء الجبابرة، لولا ذلك لسالت بي أعشب).

القمع و الظلم و الجور و القتل ابتدأ بها معاوية حكمه..

تلك دماء «حجر بن عدي» الصحابي الجليل الذي غضب من القدح في أهل البيت فكان جزاؤه القتل مع صحبه.

و تأتي البطشة الكبري عام واحد و ستون و علي طف كربلاء أرادها يزيد كما قالها (لو أن أجدادي ببدر): انتقاما لكفرة كانوا أجداده قتلوا يوم بدر.. و ها هو يقتل سبط النبي و ريحانته مع أهل بيته شفاء لغليله... و تحملنا الأقتاب الوعرة الي يثرب الطيبة مدينة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث التصفية الكبري للحساب و حيث يقتل جيل صحابة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من المهاجرين و الأبصار في وقعة الحرة عام ثلاث و ستون. كان الظلم و الظلام و الظلمة تعمه الأبصار و كانت سيوف الطغاة مسلطة علي رقاب المؤمنين... و في تلك الدياجير المدلهمة كنا



[ صفحه 21]



نسمع و نري في الطرف الآخر من ملأ الأرض ورعا و علما و سخاء... زين العابدين و سيدهم ابن الشهيد الحسين عليه السلام ذو الثفنات ناصر المستضعفين و ملاذ التائهين و المظلومين شاطئة الأمن و السلام و حجره الأمان و الرخاء الي أن لحق بأبيه و جده و بزغ نجم ابنه الباقر عليه السلام في سماء المدينة و أعقبه الصادق عليه السلام حاملا مشعال العلم و الهدي و الي أن وافته المنية شهيدا مسموما مظلوما. قام ابنه سابع الأئمة الامام موسي الأمين الكاظم عليه السلام و الذي سنري من خلال حياته مأساة الانسانية ظلما و عدوانا.

لقد حمل طغاة بني أمية حقدهم علي آل البيت يقتلون من يظنون أنه يحبهم أو حتي يسمي باسمهم، و علي منوالهم غزل العباسيون و يا بئس الغزل فها هو أبوحنيفة قتيلهم بالسم و النسائي من شهداء الوفاء لعلي عليه السلام حيث خرج من مصر الي الشام فسألوه بها عن فضائل معاوية (بعد أن ألف كتابا في فضائل علي عليه السلام)، فقال: لا أعلم له فضيلة، فما زالوا يدفعونه في خصيتيه حتي أخرجوه من المسجد مشرفا علي الموت فقال: احملوني الي مكة فحمل اليها حيث مات...

و كذلك أبوحنيفة الذي يقول: (لولا السنتان لهلك النعمان) كان يخاطب الصادق عليه السلام قائلا: جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فانتهت حياته بسم الدوانيقي لأنه حرض علي الخروج مع زيد الشهيد.

و يقول ابن حنبل: (ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الفضائل ما جاء لعلي) و ذاك مالك بن أنس أحد تلامذة الامام الصادق عليه السلام.

لقد جهد الأمويون في افقار المسلمين و تجويعهم و سلك مسلكهم العباسيون، فهنا نسمع معاوية يقول: (الأرض لله و أنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي و ما تركته كان جائزا لي)... و كذلك كان المنصور الدوانيقي..



[ صفحه 22]



و من ذلك الادلهمام و بالجور الجاثم علي صدور الناس كانت براكين الحقد تغلي و نفوسهم تتطلع الي الرضا من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم و في كل ثورة كان الناس يتنفسون الصعداء مؤملين ازاحة الظلم و الظلمة... و من ذلك العمق البعيد يرتفع صوت يقول: انها حكمة الله... انما نمد لهم مدا.. و الكاظمين الغيظ... و بشر الصابرين و تترقرق دمعة و صوت الحسين دافي حار في الأعماق كدمه الطهور... أجل لا يوجد ابن نبي غيره... و بالرغم من ذلك قتلوه و ذبحوه... انهم يعرفون من هو و من أبوه و من جده و من أين نبت لحمه و دمه و أنه سيد شباب أهل الجنة، و لذلك قتلوه... لذلك ذبحوه و سبوا أهل بيته بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

صراع أزلي بين الحق و الباطل و الخير و الشر... صراع لن ينتهي الا بقائم آل محمد بالمهدي الآتي (عج) مهدي هذه الأمة الذي يخلصها من الشرور فيحق الحق... يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر... القدس أرضه... قدس آل محمد و المسيح خلفه... صلاة مباركة طاهرة... و يرتفع الأذان و يخرج بتعداد أهل الكهف ثم أهل بدر... ثم ها هي النفس الذكية و ها هو ذوالفقار و تلك العمامة السحاب ها هم مستضعفو الأرض... فتبارك الله... و صلت ملائكة السماء النور يهزم الظلام و الحق يهزم الباطل.

و يزهر وجه الزهراء... و علي الصراط القسيم الحق... و ينادي المنادي..

يا أيها النور المحمدي... أظلنا بظلك..

و يا نور أبي تراب... اهدنا بنهجك..

و يا سيدي الحسن المجتبي ألهمنا حكمتك..

و يا رائد العدل و العدالة يا سيدالشهداء... يا أبا عبدالله مدنا بقوة من لدنك.



[ صفحه 23]



و يا سيدي يا سيد العابدين اجعلنا ممن يتبعون خطواتك.

و يا شبيه المصطفي يا باقر العلم اليك الملتجا.

و للصادق الحق جعفر ابنك سرنا متوسلين الركب.

و لكاظم الغيظ موسي بن جعفر نمد أعناقنا و قلوبنا.

و لابنه علي الرضا اتجهنا متممين بزيارته زيارة جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فهو بضعته الفريد.

و لابنه محمد بن علي التقي جواد الأئمة منك لنا الجود.

و للتقي علي بن محمد اللجوء.

و للحسن بن علي العسكري نتوجه.

و للامام المنتظر صاحب الزمان... الحجة نرجو. و الله السميع المجيب.

فيا سابغ النعم، و يا دافع النقم، و يا باري ء النسم و يا مجلي الهمم و يا كاشف الضر و الألم يا ذالجود و الكرم أسألك بكرامة نبيك و وصيه و سبطيه و بضعته الزهراء و الأئمة الأطهار نصر الحق و اجلاء الظلام و الظلمة و دفع ركب المستضعفين الي النصر المبين و كسر شوكة الغاصبين الظالمين، و الصلاة و السلام علي أبي القاسم محمد خاتم الأنبياء و المرسلين و علي آله الطيبين الطاهرين المعصومين و أصحابه المنتجبين... اليك التجأنا فلا تكلنا لأنفسنا و اهدنا الصراط المستقيم و احشرنا مع الأبرار و المطهرين، و صل اللهم علي محمد و آله صلاة ترضاها يا أرحم الراحمين.



لعمري و كم ناديت دارا و مربعا

و ساهرت حين الليل للصبح أطلعا



و أسرجت قلبا باللظي كم تأوهت

حناياه و اشتاقت سبيلا و مهيعا



تداور في ليل به البؤس أترعت

سقاياه و امتدت لموج بها سعا



أناخت يميط السقم عن رتق وجهها

ليفتر صبح الغوث مستشرقا معا





[ صفحه 24]





بكاظم أنات و غيظ تسومه

أياد بها للسوء سجنا و مبضعا



تهافت منها ظالم ضاق صدره

به الجور و البأساء و الكفر أترعا



و ضلت به الأقدام و القلب و الحجي

و للشر مد الكف خوفا تذرعا



ينادي رسول الله عفوا فانني

لسجن سأودي بالذي منك أشرعا



سآخذ موسي الكاظم الغيظ عنوة

لعلي أريح الطرف يوما تجرعا



فويل لكف دافت السم ناقعا

و ويل اذا ما قاضي الحق قد دعا



اليك فؤادي يا ابن جعفر فاديا

ترابك لو قد شئت صدرا و أضلعا



و روحا ترود الكون تشتاق علها

تشم نسيم الكاظمين مضوعا



فيا قبر موسي أنت يا باب حاجة

و يا شاطي ء الملهوف مستضعف سعا



أنخت ركابي عند باب لعلني

أفوز بما واليت حبا و مطمعا



لأقريك من حرفي سلاما و أحتبي

بتربك أستهديك نهجا و مرجعا





[ صفحه 25]




پاورقي

[1] سورة الأحزاب، الآية: 33.

[2] الارشاد، ص 96.

[3] أمالي الصدوق، 1 / 156.

[4] أعيان الشيعة، ج 3، ص 34، ط 3.

[5] سورة الحديد، الآية: 21.

[6] سورة الشوري، الآية: 23.