بازگشت

مواقف الامام


و أما موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقد تميز موقفه عليه السلام مع حكومة هارون الرشيد بالشدة و الصرامة و حرمة التعاون معها في جميع الحالات بدليل ما ذكره المؤرخون عن حواره مع صفوان الجمال حين قال عليه السلام: يا صفوان كل شي ء من حسن جميل ما خلا شي ء واحد، قال: جعلت فداك و ما هو؟ قال: كراؤك جمالك من هذا الطاغية. فقال صفوان: و الله ما كريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو و لكن أكريته لهذا الطريق يعني طريق مكة، و لا أتولاه و لكن أبعث معه غلماني. فقال الامام عليه السلام: يا صفوان أيقع كراك عليهم؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: أتحب بقاءهم حتي يخرج كراك؟ قال: نعم. قال: من أحب بقاءهم فهو منهم و من كان منهم كان واردا النار. و هذا هو أسلوب المقاطعة الذي هو نوع من الحرب الباردة و بذلك يجسد الامام موسي بن جعفر عليه السلام رأي الاسلام في حرمة التعاون مع الظالمين انطلاقا من الآية الكريمة (و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار) [1] .

لقد تجرع الامام موسي عليه السلام المزيد من ظلم الرشيد و بطشه و تنكيله، فكم من مرة يحضر بها الامام حسب عادته بقصد الاهانة و التشفي و الأذي، و كم من مرة يقابله بما لا يليق بمقامه السامي و يخاطبه بسوء أدب و هو صابر محتسب و ذات يوم أحضره للحجاج و لكنه تعمد المماطلة في السماح له بالدخول عليه بحجج واهية الي أن دخل فرفع رأسه قائلا: (يا موسي خليفتان في الأرض يجبي اليهما الخراج و يطيعهما الناس) و قد روي ذلك أبوأحمد هاني بن محمد العبدي فقال: حدثني أبومحمد، رفعه الي موسي بن جعفر عليه السلام قال: لما أدخلت علي الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم



[ صفحه 208]



قال: يا موسي بن جعفر: خليفتان يجبي اليهما الخراج!

فقلت: يا أميرالمؤمنين، أعيذك بالله أن تبوأ باثمي و اثمك و تقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت بأنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كما علم ذلك عندك.

ثم قال له: أرسلت خلفك لأسألك و لكن أنتم بنو فاطمة مشهورون بالتقية، فهل تعدني بترك التقية في اجابتك؟ فقال الامام عليه السلام: ان أمنتني أجبتك، [فالتقية لا تستعمل الا في الحالات الاضطرارية لحفظ النفس و حفظ الكرامة عندما تصادر الحريات و تكون لغة الارهاب و سفك الدماء هي اللغة السائدة فيلتجي ء الانسان لاستعمال التقية و ليس هذا السلوك غريبا عن مفاهيم القرآن الكريم فقد صرح في أكثر من مورد بهذا المعني كقوله تعالي (الا أن تتقوا منهم تقاة) [2] ، و قوله تعالي: (الا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان) [3] فالتقية تستعمل للضغط و الخوف]. فان أمنتني أجبتك الاجابة الصريحة.

فقال الرشيد: أنت آمن، ثم قال: أخبرني لم فضلتم علينا و نحن و أنتم من شجرة واحدة، و لم ادعيتم القرب من رسول الله و الحال أنتم أولاد عمه أبي طالب و نحن أولاد عمه العباس بن عبدالمطلب؟ فقال الامام عليه السلام: انما صرنا أقرب لرسول الله منكم لأن أم عبدالله والد النبي و أم أبي طالب واحدة و هي فاطمة المخزومية فهما أشقاء لأم و أب بينما العباس أمه أجنبية كانت مملوكة لفاطمة المخزومية و أذنت لعبدالمطلب أن يطأها فوطأها بالاذن فولدت له العباس (و بهذا المعني يشير أبوفراس الحمداني قائلا:



لا يطغين بني العباس ملكهم

بنو علي مواليهم و ان رغموا)





[ صفحه 209]



و كانت اجابة الامام بمنتهي التهذيب و اللباقة و كأن الامام عليه السلام ما أحب أن يقول له ان أمك أمة أو وصيفة بل قال نحن أقرب لأن آباءنا أشقاء أم و أب فقال الرشيد: أجل عرفت وجه القرب ثم سأله: لم ادعيتم أنكم أبناء رسول الله (و هذه المسألة خطيرة و حساسة جدا و قد لعبت دورا خطيرا في تاريخ الفقه السياسي و جندت السلطات كل طاقاتها المادية و المعنوية لاقتلاع هذه الفكرة من أذهان الناس) ان الحسن و الحسين ليسا أبناء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و انما أبناء بنته (لأن اثبات ذلك لهما معناه هم أحق من غيرهم بميراثه و هم يذهبون الي النظرية الوراثية في الحكم و تكون النتيجة أن أبناء رسول الله من علي و فاطمة هم أحق و أولي باستلام الخلافة الاسلامية، و لذلك جندوا شعراءهم و خطباءهم و وسائل أعلامهم و حشدوا طاقاتهم للتضليل علي هذه المسألة و اقتلاعها من الأساس).

فقال الامام عليه السلام: لو بعث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيا و خطب منك ابنتك أكنت تزوجه؟ قال: نعم و أفتخر بذلك علي العرب و العجم، قال: أما أنا فلا أستطيع أن أزوجه و لا هو يخطب مني لأنه ولدني و لم يلدك أليس كذلك؟ قال: نعم صحيح لأنك داخل في صلبه عن طريق ابنته فاطمة لأنه من المحرمات البنت و ان نزلت، فاذا كان كذلك فكيف لا نكون أبناءه! ثم سأله قائلا: لم ادعيتم أنكم ورثتم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من دوننا و الحال أن العم يحجب ابن العم (و هذه من مسائل الفقه الاقتصادي التي توضحها تفاصيل طبقات الميراث أن ابن العم يأتي برتبة متأخرة عن العم و هذه المسألة أساسا لا تأتي هنا اطلاقا لأنها انما تكون في حالة عدم وجود الولد الصلبي ذكرا كان أم أنثي أما اذا مات الانسان و خلف أولادا صلبيين فلا دخل لهؤلاء أبدا، نعم هذه المسألة علي آراء أخري غير الامامية، فسؤال الرشيد يقول: ان أباكم أباطالب كان ميتا عند وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم و كان جدنا العباس حيا، فهو الذي يتورث فكيف تقولون أنتم الوارثون لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم)، فقال الامام عليه السلام للرشيد: ما



[ صفحه 210]



قولك بالحديث الوارد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم (علي أقضاكم) هل تؤمن به؟ قال: نعم أؤمن به لأن أحد رواته جدي عبدالله بن عباس قال: ما معني أقضاكم؟ قال: يعني أعلمنا بالقضاء و بالشرائع و الأحكام و الحلال و الحرام قال: فاذا ذكرت لك رأي علي بن أبي طالب عليه السلام بالميراث هل تقبله؟ قال: نعم، قال: رأيه أن الرجل اذا مات و خلف ولدا صلبيا ذكرا أم أنثي فليس لأحد حق بالميراث الا للأبوين اذا وجدا فنحن لم نرث النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن طريق أبينا و انما عن طريق أمنا الزهراء عليهم السلام فهي الوارثة الوحيدة. فأطرق الرشيد، فقال الامام عليه السلام هذا دليل و هناك دليلا آخر، قال: ما هو؟ قال: ان عمي العباس لا يمكنه أن يرث، قال: لماذا؟ قال عليه السلام: لأنه آمن و لم يهاجر و الذي يؤمن و لا يهاجر ليس له في الميراث حق. قال: و ما هو دليلك؟ قال: القرآن الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم (و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا) [4] فالله عزوجل بنص القرآن الكريم قطع ولايته عنا و الميراث لون من ألوان الولاية فليس له ولاية و لا يرث اطلاقا [5] .

و لما وصل الامام عليه السلام الي هذه النطقة اصفر وجه الرشيد و أربد و قال: يا موسي هل أفتيت أحدا من أعدائنا بهذه المسألة؟ قال: لا، قال: و الله لئن بدرت من فمك ليفارقن رأسك بدنك، ثم خرج الامام عليه السلام (و بقي الرشيد يلاحقه و لم يشغله ذلك النعيم عن تتبع خطوات الامام عليه السلام).

ان عالم الرشيد الملي ء بالبذخ و الرخاء كان المفترض فيه الهاؤه ليترك الامام مستقرا. فينشغل عنه بدنياه و قصوره و جواريه و خموره حيث كان يتقلب بقصر الخلد الذي يصفه المؤرخون كمدينة كاملة حشد فيها ألوان الترف و البطر. فكانت الجواري تعزف الليل و النهار، و تتعالي منه أصوات المغنين



[ صفحه 211]



كابراهيم و اسحاق بن ابراهيم المغني و أمثالهم و الي جانب هذا القصر كانت خربة داخلها كوخ تتعالي منه أصوات التهجد و العبادة و الي جانب آخر كانت رؤوس العلويين تتطاير بمعزوفة يطرب لها قلب الرشيد.. و يقول الحمداني في ذلك:



تنش التلاوة في أبياتهم سحرا

و في بيوتكم الأوتار و النغم



اذا تلوا آية غني خطيبكم

قف بالديار التي لم يعفها قدم



منكم علية أم منهم و كان لكم

شيخ المغنين ابراهيم أم لهم



و يقول الحمداني في شافيته:



أتفخرون عليهم لا أبا لكم

حتي كأن رسول الله جدكم



و هذا يشابه قول المعري:



فواعجبا كم يدعي الفضل ناقص

و وا أسفاكم يظهر النقص فاضل



و قال أمسها للشمس أنت خفية

و قال الدجي للصبح لونك حائل



و طاولت الأرض السماء سفاهة

و فاخرت الشهب الحصا و الجنادل



و في رواية هاني بن محمد العبدي [6] بعض الاختلاف بعد سؤال الرشيد حيث يتم الامام عليه السلام قائلا: فان رأيت بقرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ فقال: قد أذنت لك، فقلت: أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «ان الرحم اذا مست الرحم تحركت و اضطربت) فناولني يدك جعلني الله فداك، قال: ادن مني! فدنوت منه فأخذ بيدي ثم جذبني الي نفسه و عانقني طويلا ثم تركني و قال: اجلس يا موسي فليس عليك بأس، فنظرت اليه فاذا به قد دمعت عيناه، فرجعت الي نفسي فقال: صدقت و صدق جدك صلي الله عليه و آله و سلم لقد



[ صفحه 212]



تحرك دمي و اضطربت عروقي حتي غلبت علي الرقة و فاضت عيناي و أنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين لم أسأل عنها أحدا فان أنت أجبتني عنها خليت عنك و لم أقبل قول أحد فيك و قد بلغني عنك أنك لم تكذب قط فأصدقني فيما أسألك مما في قلبي. فقلت: ما كان علمه عندي فاني مخبرك به ان أنت أمنتني. قال: لك الأمان ان صدقتني و تركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة، فقلت: ليسأل أميرالمؤمنين عما يشاء. قال: أخبرني لم فضلتم علينا و نحن و أنتم من شجرة واحدة و بنو عبدالمطلب و نحن و أنتم واحد؟ انا بنوعباس و أنتم ولد أبي طالب و هما عما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قرابتهما منه سواء. فقلت: نحن أقرب، قال: و كيف ذلك؟ قلت: لأن عبدالله و أباطالب لأب و أم و أبوكم العباس ليس هو من أم عبدالله و لا من أم أبي طالب قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي صلي الله عليه و آله و سلم و العم يحجب ابن العم، و قبض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قد توفي أبوطالب قبله و العباس عمه حي. فقلت له: ان رأي أميرالمؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة و يسألني عن كل باب سواه يريده. فقال: لا، أو تجيب. فقلت: فآمني. قال: قد آمنتك قبل الكلام.

فقلت: ان في قول علي بن أبي طالب عليه السلام: انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أم أنثي لأحد سهم الا الأبوين و الزوج و الزوجة و لم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث و لم ينطق به الكتاب العزيز و السنة، الا أن تيما و عديا و بني أمية قالوا: (العم والد) رأيا منهم بلا حقيقة و لا أثر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من قال بقول علي عليه السلام من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي عليه السلام و قد حكم به و قد ولاه أميرالمؤمنين المصرين الكوفة و البصرة و قد قضي به، فأنهي الي أميرالمؤمنين فأمر باحضاره و احضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري و ابراهيم المدني و الفضيل بن عياض فشهدوا أنه قول علي عليه السلام في هذه



[ صفحه 213]



المسألة: فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: لم لا تفتون و قد قضي به نوح بن دراج؟ فقالوا: جسر نوح و جبنا و قد أمضي أميرالمؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: (أقضاكم علي) و كذلك قال عمر بن الخطاب: (علي أقضانا) و هو اسم جامع لأن جميع ما مدح به النبي صلي الله عليه و آله و سلم أصحابه من القرابة و الفرائض و العلم داخل في القضاء. قال: زدني يا موسي! قلت: المجالس بالأمانات و خاصة مجلسك، فقال: لا بأس به قلت: ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يورث من لم يهاجر و لا أثبت له ولاية حتي يهاجر فقال: ما حجتك فيه؟ قلت: قول الله تبارك و تعالي: (و الذين آمنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شي ء حتي يهاجروا) [7] و ان عمي العباس لم يهاجر. فقال لي: اني أسألك يا موسي هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا، أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشي ء؟ فقلت: اللهم لا و ما سألني عنها الا أميرالمؤمنين، ثم قال لي: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يقولوا لكم: يا بني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنتم بنو علي و انما ينسب المرء الي أبيه و فاطمة انما هي وعاء و النبي صلي الله عليه و آله و سلم جدكم من قبل أمكم؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين لو أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم نشر فخطب اليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله و لم لا أجيبه! بل أفتخر علي العرب و العجم و قريش بذلك، فقلت له: لكنه لا يخطب الي و لا أزوجه، فقال: و لم؟ فقلت: لأنه ولدني و لم يلدك، فقال: أحسنت يا موسي، ثم قال كيف قلتم انا ذرية النبي و النبي لم يعقب و انما العقب للذكر لا للأنثي و أنتم ولد الابنة و لا يكون لها عقب له، فقلت: أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه الا أعفيتني عن هذه المسألة، فقال: لا، أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي، و أنت يا موسي يعسوبهم و امام زمانهم، كذا أنهي الي و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه



[ صفحه 214]



حتي تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شي ء، ألف و لا واو الا تأويله عندكم، و احتججتم بقوله عزوجل: (ما فرطنا في الكتاب من شي ء) [8] و استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم فقلت: تأذن لي في الجواب؟ قال: هات. فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: (و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسي و هارون و كذلك نجزي المحسنين (84) و زكريا و يحيي و عيسي و الياس كل من الصالحين) [9] .

من أبوعيسي يا أميرالمؤمنين؟ فقال: ليس لعيسي أب، فقلت: انما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهم السلام من طريق مريم عليهم السلام و كذلك ألحقنا بذراري النبي صلي الله عليه و آله و سلم من قبل أمنا فاطمة عليهم السلام: أزيدك يا أميرالمؤمنين؟ قال: هات. قلت: قول الله عزوجل: (فمن حآجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا و أبنآءكم و نسآءنا و نسآءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله علي الكاذبين) [10] ، و لم يدع أحد أنه أدخل النبي صلي الله عليه و آله و سلم تحت الكساء عند مباهلة النصاري الا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فأبناؤنا الحسن و الحسين و نساؤنا فاطمة و أنفسنا علي عليه السلام علي أن العلماء قد أجمعوا علي أن جبرائيل قال يوم أحد: (يا محمد ان هذه لهي المواساة من علي) قال: (لأنه مني و أنا منه) فقال جبرائيل: (و أنا منكما يا رسول الله) ثم قال: (لا سيف الا ذوالفقار و لا فتي الا علي)، فكان كما مدح الله عزوجل به خليله عليه السلام اذ يقول: (قالوا سمعنا فتي يذكرهم يقال له ابراهيم) [11] ، انا نفتخر بقول جبرائيل انه منا، فقال: أحسنت يا موسي ارفع الينا حوائجك



[ صفحه 215]



فقلت له: ان أول حاجة لي أن تأذن لابن عمك أن يرجع الي حرم جده صلي الله عليه و آله و سلم و الي عياله، فقال: ننظر ان شاء الله.

يقول الفضل بن يحيي: استدعاني الرشيد و طلب مني احضار موسي بن جعفر عليه السلام حالا فمضيت الي منزله و كان خربة بداخلها كوخ من جريد النخل و اذا بغلام أسود فقلت له: استأذن لي علي مولاك، فقال لي: لج، لا حاجب و لا بواب، فولجت فاذا بالامام قد افترش الحصباء، صافا قدميه، دموعه تتحادر علي خديه، استقبل القبلة يقرأ آيات من القرآن الكريم فاذا مرت به آية فيها وعد أو وعيد رددها بانتحاب و حنين و الي جانبه جلم يأخذ اللحم الميت من مواضع سجوده.

قصر و كوخ و مغنين و تال و راقصات و ساجد، و مخمورات و مخمورين... و عابد... شتان بين اثنين كافر و مؤمن و شتان بين الأسن و الطهارة.. ألف ليلة و ليلة من الفسق و الفجور و الجواري... و كم من الليلات في دموع تنهمل و مناجاة ترتفع للسبع العلا غريب ذلك الامام عليه السلام في كوخ رطب يسجد لربه و دموعه تتهاطل بعيد عن أهله و ولده و قبر جده... حوله كلاب نوابح و ذئاب عاوية و لسانه ما فتي يتلو.. (قل هو الله أحد)... الله لا اله الا هو... (انا أعطيناك الكوثر) يسبح في العشي و الأبكار... صائم النهار قائم الليل، حامدا الله علي اتاحته له العبادة... أمامه رسالة الايمان و في قلبه صورة الرحمان أقرب اليه من حبل الوريد... الحي القيوم.. و سبحان الله عما يصفون.


پاورقي

[1] سورة هود، الآية: 113.

[2] سورة آل عمران، الآية: 28.

[3] سورة النحل، الآية: 106.

[4] سورة الأنفال، الآية: 72.

[5] قادتنا، ج 6، ص 340. - احتجاج الطبرسي، ج 2، ص 389.

[6] الاحتجاج، ص 355.

[7] سورة الأنفال، الآية: 72.

[8] سورة الأنعام، الآية: 38.

[9] سورة الأنعام، الآيتان: 85، 84.

[10] سورة آل عمران، الآية: 61.

[11] سورة الأنبياء، الآية: 60.