بازگشت

تذكرة بالامامة للامام موسي


و بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام اجتمع الناس علي عبدالله بن جعفر فدخل عليه هشام بن سالم و محمد بن النعمان (صاحب الطاق) فسألاه عن الزكاة كم تجب؟ فقال في مائتي درهم خمسة دراهم فقالا: ففي مئة؟ قال: درهمين و نصف، فخرجا يقولان: الي المرجئة، الي القادرية، الي المعتزلة، الي الزيدية، فرأيا شيخا يومي اليهما فاتبعاه خائفين أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور، فلما ورد هشام علي باب موسي فاذا خادم بالباب فقال له ادخل رحمك الله فلما دخل قال: الي الي لا الي المرجئة و لا الي الزيدية و لا الي القدرية و لا الي المعتزلة فقال هشام: مضي أبوك موتا! قال: نعم، قال: فمن لنا بعده؟ قال: ان شاء الله أن يهديك هداك، قال: ان عبدالله يزعم أنه امام، قال: عبدالله يريد أن لا يعبد الله، قال: فمن لنا بعده؟ قال: ان شاء الله أن يهديك هداك، قال: فأنت هو؟ قال: و ما أقول ذلك، قال: عليك امام؟ قال: لا، قال: أسألك كما كنت أسأل أباك؟ قال: سل تخبر و لا تذع فان أذعت فهو الذبح.

و قال أبوعلي بن راشد و غيره في خبر طويل: انه اجتمعت العصابة الشيعية بنيسابور و اختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا اليه ثلاثين ألف دينار و خمسين ألف درهم و ألفي شقة من الثياب و أتت شطيطة بدرهم صحيح و شقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت: ان الله لا يستحيي من



[ صفحه 223]



الحق قال: فثنيت درهمها و جاءوا بجزء فيه مسائل مل ء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة و باقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها و قد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم و ختم عليها بثلاث خواتيم علي كل حزام خاتم و قالوا: ادفع الي الامام ليلة وخذ منه في غد فان وجدت الجزء صحيح من الخواتيم فاكسر منها خمسة و انظره هل أجاب عن المسائل و ان لم تنكسر الخواتيم فهو الامام المستحق للمال فادفع اليه و الا فرد الينا أموالنا.

فدخل علي الأفطح عبدالله بن جعفر و جربه و خرج عنه قائلا: رب اهدني الي سواء الصراط، قال: فبينا أنا واقف اذ بغلام يقول: أجب من تريد، فأتي بي دار موسي بن جعفر عليه السلام فلما رآني قال لي: لم تقنط يا أباجعفر؟ و لم تفزع الي اليهود و النصاري فأنا حجة الله و وليه، ألم يعرفك أبوحمزة علي باب مسجد جدي؟ و قد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج اليه منذ أمس فجئني به و بدرهم شطيطة الذي وزنه درهم و دانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازواري و الشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين. قال: فطار عقلي من مقاله و أتيت بما أمرني و وضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة و ازارها ثم استقبلني و قال: ان الله لا يستحيي من الحق يا أباجعفر أبلغ شطيطة سلامي و أعطها هذه الصرة - (و كانت أربعين درهما) - ثم قال: و أهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيداء قرية فاطمة عليهم السلام و غزل أختي حليمة ابنة أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ثم قال: و قل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر و وصول الشقة و الدراهم فانفقي علي نفسك منها ستة عشر درهما و اجعلني أربعة و عشرين صدقة منك و ما يلزم عنك و أنا أتولي الصلاة عليك، فاذا رأيتني يا أباجعفر فاكتم علي فانه أبقي لنفسك ثم قال: واردد الأموال الي أصحابها و افكك هذه الخواتيم عن الجزء و انظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء! فوجدت الخواتيم صحيحة، ففتحت منها



[ صفحه 224]



واحدا من وسطها فوجدت فيه مكتوبا: ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال: نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقي قديما و كان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطه: ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر و الدليل علي صحة ذلك قوله تعالي: (و القمر قدرناه) [1] و الحديث: (من ليس له من ستة أشهر) و فككت الختم الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: و الله لأتصدقن بمال كثير فبم يتصدق؟ الجواب تحته بخطه عليه السلام: ان كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدق بأربع و ثمانين شاة، و ان كان من أصحاب النعم فليتصدق بأربع و ثمانين بعيرا، و ان كان من أرباب الدراهم فليتصدق بأربع و ثمانين درهما و الدليل عليه قوله تعالي: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) [2] ، فعددت مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة و ثمانين موطنا. فكسرت الختم الثالث فوجدت تحته مكتوبا: ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت و قطع رأس الميت و أخذ الكفن؟ الجواب بخطه عليه السلام: يقطع السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز و يلزم مائة دينار لقطع رأس الميت لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح فجعلنا في النطفة عشرون دينارا، فلما وافي خراسان وجد الذين رد عليهم أموالهم ارتدوا الي الفطحية و شطيطة علي الحق فبلغها سلامه و أعطاها صرته و شقته فعاشت كما قال عليه السلام فلما توفيت شطيطة، جاء الامام علي بعير له، فلما فرغ من تجهيزها ركب بعيره و انثني نحو البرية و قال: عرف أصحابك و أقرأهم مني السلام و قل لهم: اني و من يجري مجراي من الأئمة عليهم السلام لابد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم فاتقوا الله في أنفسكم.



[ صفحه 225]



و قال علي بن أبي حمزة: كنا بمكة سنة من السنين فأصاب الناس تلك السنة صاعقة كبيرة حيت مات من ذلك خلق كثير فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقال مبتدئا من غير أن أسأله: يا علي ينبغي للغريق و المصعوق أن يتربص به ثلاثا الي أن يجي ء منه ريح يدل علي موته قلت له: جعلت فداك كأنك تخبرني أنه دفن ناس كثير أحياء، قال: نعم يا علي قد دفن ناس كثير أحياء ما ماتوا الا في قبورهم.

و حدث علي بن أبي حمزة [3] قال: أرسلني أبوالحسن عليه السلام الي رجل قدامه طبق يبيع بفلس فلس و قال: أعطه هذه الثمانية عشر درهما و قل له: يقول لك أبوالحسن انتفع بهذه الدراهم فانها تكفيك حتي تموت فلما أعطيته بكي. فقلت: و ما يبكيك؟ قال: و لم لا أبكي و قد نعيت الي نفسي، فقلت: و ما عندالله خير مما أنت فيه، فسكت و قال: من أنت يا عبدالله؟ فقلت: علي بن أبي حمزة، قال: و الله لهكذا قال لي سيدي و مولاي اني باعث اليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي، قال علي: فلبثت نحوا من عشرين ليلة ثم أتيت اليه و هو مريض فقلت: أوصني بما أحببت أنفذه من مالي، قال: اذا أنا مت فزوج ابنتي من رجل دين ثم بع داري و ادفع ثمنها الي أبي الحسن و اشهد لي بالغسل و الدفن و الصلاة قال: فلما دفنته زوجت ابنته من رجل مؤمن و بغت داره و أتيت بثمنها الي أبي الحسن عليه السلام فزكاه و ترحم عليه و قال: رد هذه الدراهم فادفعها الي ابنته.

و أرسل الامام الكاظم عليه السلام عليا بن أبي حمزة الي رجل من بني حنيفة و قال انك تجده في ميمنة المسجد، فدفعت اليه كتابه فقرأه ثم قال: ائتني يوم كذا و كذا حتي أعطيك جوابه، فأتيته في اليوم الذي وعدني فأعطاني جواب الكتاب ثم لبثت شهرا فأتيته لأسلم عليه فقيل: ان الرجل قد مات، فلما



[ صفحه 226]



رجعت من قابل الي مكة لقيت أباالحسن عليه السلام و أعطيته جواب كتابه فقال: رحمه الله، ثم قال: يا علي لم لم تشهد جنازته؟ قلت: قد فاتت مني.

حدث شعيب العقرقوفي قال: بعثت مباركا مولاي الي أبي الحسن عليه السلام و معه مائتا دينار و كتبت معه كتابا فذكر لي مبارك أنه سأل عن أبي الحسن عليه السلام فقيل له: قد خرج الي مكة فقلت: لأسيرن بين مكة و المدينة بالليل و اذا هاتف يهتف بي: يا مبارك مولي شعيب العقرقوفي فقلت: من أنت يا عبدالله فقال: أنا معقب يقول لك أبوالحسن عليه السلام هات الكتاب الذي معك و واف بالذي معك الي مني، فنزلت من محملي و دفعت اليه الكتاب و صرت الي مني فأدخلت عليه و صببت الدنانير التي معي قدامه فجر بعضها اليه و دفع بعضها بيده ثم قال: يا مبارك ادفع هذه الدنانير الي شعيب و قل له: يقول لك أبوالحسن ردها الي موضعها الذي أخذتها منه فان صاحبها يحتاج اليها، فخرجت من عنده و قدمت علي سيدي و قلت ما قصة هذه الدنانير؟ قال: اني طلبت من فامة خمسين دينارا لأتم بها هذه الدنانير فامتنعت علي و قالت: أريد أن أشتري بها قراح فلان ابن فلان، فأخذتها منها سرا و لم ألتفت الي كلامها ثم دعا شعيب بالميزان فوزنها فاذا هي خمسون دينارا.

و حدث أبوخالد الزبالي قال: نزل أبوالحسن عليه السلام فنزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة و نحن لا نقدر علي عود نستوقد به فقال: يا أباخالد ائتنا بحب نستوقد به قلت: و الله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا فقال: كلا يا أباخالد تري هذا الفج، خذ فيه فانك تلقي أعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه و لا تماكسه، فركبت حماري و انطلقت نحو الفج الذي وصف لي فاذا أعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه و أتيته بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذلك و أتيته بطرف ما عندنا فطعم منه، ثم قال: يا أباخالد انظر خفاف الغلمان و نعالهم فأصلحها حتي نقدم عليك في شهر كذا و كذا، قال أبوخالد: فكتب تاريخ ذلك اليوم، فركبت حماري اليوم الموعود حتي جئت



[ صفحه 227]



الي لزق ميل و نزلت فيه اذا أنا براكب مقبل نحو القطار، فقصدت اليه فاذا هو يهتف بي و يقول: يا أباخالد: قلت: لبيك جعلت فداك قال: أتراك وفيناك بما وعدناك، ثم قال: يا أباخالد ما فعلت بالقبتين اللتين كنا نزلنا فيهما؟ قلت: جعلت فداك، قد هيأتهما لك و انطلقت معه حتي نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما ثم قال: ما حال خفاف الغلمان و نعالهم؟ قلت: قد أصلحناها، فأتيته بها فقال: يا أباخالد سلني حاجتك فقلت: جعلت فداك أخبرك بما فيه: كنت زيدي المذهب حتي قدمت علي و سألتني الحطب و ذكرت مجيئك في يوم كذا فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته. فقال: يا أباخالد من مات لا يعرف امامه ما ميتة الجاهلية و حوسب بما عمل في الاسلام.


پاورقي

[1] سورة يس، الآية: 39.

[2] سورة التوبة، الآية: 25.

[3] هو البطائني الأنصاري مولي الأنصار كوفي واقفي لعنه الرضا عليه السلام (رجال الطوسي 242) و كان قائد أبي بصير و كان من أصحاب الصادق و الكاظم عليه السلام قبل واقفيته.