بازگشت

الوشاة


ها هي العيون و الجواسيس و الوشاة، هارون الرشيد يريد افقار العلويين و يأتي من يقول له ان موسي بن جعفر (عليهم سلام الله) قد اشتري (اليسرية) بثلاثين ألف دينار... و انه يجبي له الخراج.. و جاء في الفصول المهمة [1] لابن الصباغ الي أن هذه الوشاية من جملة الأسباب الداعية لسجن الامام عليه السلام و هو القائل للمأمون (ان فقرهم أحب الي من غناهم). و جاء من يهمس له بأن موسي بن جعفر عليه السلام يطالب بالخلافة و رسائله تذهب الي الأمصار و دعاته تجوب الأقطار للتهيئة للثورة و كانت القشة التي قصمت ظهر البعير من (يحيي البرمكي) الذي وشي بهشام من الحكم وحاك مؤامرة مجلسه ليقول (لو أمره موسي بالخروج بالسيف لخرج) من جملة و شاياته و السبب أن هارون أراد أن يعقد الأمر و يشهره لابن زبيدة محمد الأمين ليكون ولي عهده ثم المأمون عبدالله ثم القاسم المؤتمن فحج و كتب الي الآفاق يأمر الفقهاء و العلماء و القراء و الأمراء بالحضور الي مكة يوم الموسم و أخذ هو طريق المدينة، [و كان سبب سعاية يحيي بن خالد بموسي عليه السلام أن الرشيد وضع ابنه محمد في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث و كان يتشيع فساء ذلك يحيي و قال اذا مات الرشيد و أفضي الأمر الي ابنه محمد انقضت دولتي و دولة ولدي و تحول الأمر الي ابن الأشعث و ولده]، فأظهر لجعفر أنه يتشيع فسر بذلك و أفضي له بكل أموره و ذكر له ما هو عليه في موسي بن جعفر عليه السلام



[ صفحه 306]



عند ذلك سعي به الي الرشيد، و كان الرشيد يرعي له موضعه و موضع أبيه من نصرة الخلافة فكان يقدم في أمره و يؤخر و يحيي لا يألو أن ينفث عليه (الي أن دخل يوما الي الرشيد. فأظهر له اكراما و جري بينهما كلام مت به جعفر بحرمته و حرمة أبيه فأمر له الرشيد بعشرين ألف دينار) فابتلعها يحيي و لم يتكلم حتي المساء فقال للرشيد: يا أميرالمؤمنين قد كنت أخبرك عن جعفر و مذهبه فتكذب عنه و ها هنا أمر فيه الفيصل قال: و ما هو؟ قال: انه لا يصل اليه مال من جهة ما الا أخرج خمسه فوجه به الي موسي بن جعفر و لست أشك أنه قد فعل ذلك في العشرين ألف دينار التي أمرت له بها؟ فقال هارون: ان في هذا لفيصلا. فأرسل الي جعفر ليلا و قد كان عرف سعاية يحيي به فتباينا و أظهر كل واحد منهما لصاحبه العداوة فلما طرق رسول الرشيد باب جعفر ليلا خشي أن يكون قد سمع فيه قول يحيي و أنه دعاه ليقتله فأفاض عليه الماء و دعا بمسك و كافور و تحنط بهما و لبس بردة فوق ثيابه و أقبل الي الرشيد، فلما وقعت عليه عينه و شم رائحة الكافور و رأي البردة قال: يا جعفر ما هذا فقال: يا أميرالمؤمنين قد علمت أنه قد سعي بي عندك فلما جاءني رسولك في هذه الساعة لم آمن أن يكون قد قدح في قلبك ما يقال علي فأرسلت لاي لتقتلني، فقال: كلا و لكن قد خبرت أنك تبعث الي موسي بن جعفر كل ما يصير اليك بخمسه و أنك قد فعلت ذلك في العشرين الألف الدينار، فأحببت أن أعلم ذلك، فقال جعفر: الله أكبر يا أميرالمؤمنين، تأمر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخواتيمها فقال الرشيد لخادم له: خذ خاتم جعفر و انطلق به حتي تأتيني بهذا المال و سمي له جعفر جاريته التي عندها المال فدفعت اليه البدر بخواتيمها فأتي بها الرشيد فقال له جعفر: هذا أول ما تعرف به كذب من سعي بي اليك، قال: صدقت يا جعفر انصرف آمنا فاني لا أقبل فيك قول أحد. و أما يحيي فجعل يحتال لاسقاط جعفر بكل السبل فسأل يحيي بن أبي مريم أن يدله علي رجل من آل أبي طالب له رغبة في الدنيا



[ صفحه 307]



ليوسع له منها فدله علي (علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد) فأرسل اليه يحيي فقال: أخبرني عن عمك و عن شيعته و المال الذي يحمل اليه. فقال له: عندي الخبر، فسعي بعمه و أخبر يحيي عن الأموال و عن شرائه ضيعة اليسيرية بثلاثين ألف دينار. و كان موسي بن جعفر عليه السلام يأمر لعلي بن اسماعيل بالمال ويثق به حتي أنه ربما خرج الكتاب الي شيعته بخط علي بن اسماعيل، ثم استوحش منه. فلما أراد الرشيد الرحلة الي العراق بلغ موسي بن جعفر عليه السلام أن عليا ابن أخيه يريد الخروج مع السلطان الي العراق فأرسل اليه: (ما لك و الخروج مع السلطان)؟ قال: لأن علي دينا، فقال عليه السلام: دينك علي قال: و تدبير عيالي؟ قال: أنا أكفيهم، فأبي الا الخروج فأرسل اليه مع أخيه محمد بن جعفر بثلاثمائة دينار و أربعة آلاف درهم فقال: اجعل هذا في جهازك و لا تؤثم ولدي.

(و ذكر أن محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد ذكر لعلي بن جعفر أن محمد بن جعفر دخل علي هارون الرشيد فسلم عليه بالخلافة ثم قال له: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتي رأيت أخي موسي بن جعفر يسلم عليه بالخلافة «أهو الحسد أم الحقد أم الفقر أم أنه كاخوة يوسف الصديق عليه السلام»، و كان ممن سعي بموسي بن جعفر عليه السلام يعقوب بن داود و كان يري رأي الزيدية.

قال ابراهيم بن أبي البلاد: كان يعقوب بن داود يخبرني أنه قال بالامامة فدخلت اليه بالمدينة في الليلة التي أخذ فيها موسي بن جعفر عليه السلام في صبيحتها فقال لي: كنت عند الوزير الساعة (يعني يحيي بن خالد فحدثني أنه سمع الرشيد يقول عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كالمخاطب له: «بأبي أنت و أمي يا رسول الله اني أعتذر اليك من أمر عزمت عليه، و اني أريد أن آخذ موسي بن جعفر فأحبسه لأني قد خشيت أن يلقي بين أمتك حربا تسفك فيها دماؤهم» و أنا أحسب أنه سيأخذه غدا. فلما كان من الغد أرسل اليه الفضل بن الربيع و هو قائم يصلي في مقام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأمر بالقبض عليه و حبسه و كان ذلك



[ صفحه 308]



في العشرين من شوال لعام تسع و سبعين و مائة حيث قدم المدينة منصرفا من عمرة رمضان. ثم شخص الي الحج و حمله معه فصرفه علي طريق البصرة حيث وصل يوم التروية الي الموصل فسجن عند عيسي بن جعفر.

و أما علي بن اسماعيل بن جعفر فانه لم يلتفت لقول عن الامام موسي عليه السلام و انجرف بما وسوست له نفسه و قام من عند عمه و هو يقول له عليه السلام: لا تؤثم أولادي و أخذ علي المال الذي أعطاه عمه و انصرف و قال الامام عليه السلام: و الله ليسعي في دمي و يؤثم أولادي. فقال له أصحابه: جعلنا الله فداك، فأنت تعلم هذا من حاله و تعطيه؟!! فقال عليه السلام: نعم، حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: ان الرحم اذا قطعت فوصلت قطعها الله.

و في بغداد دخل علي الرشيد مسلما عليه بالخلافة باسطا كفيه فاغرا فاه قائلا: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتي رأيت عمي موسي بن جعفر يسلم عليه بالخلافة... و قيل انه قال له: ان الأموال تحمل اليه من المشرق و المغرب و أن له بيوت أموال و أنه اشتري اليسيرية بثلاثين ألف دينار.

و فقد الرشيد صوابه فالواشي ابن أخ الامام عليه السلام... من غرته الدنيا و أفقده الحسد انتماءه و قيمه فكان كاخوة يوسف الصديق عليه السلام و يأمر الرشيد لعلي بمائتي ألف درهم علي أن يستحصلها من بعض نواحي الشرق.. و تمضي الرسل فتجبي الأموال و تعود اليه و يدخل هو بيت الخلاء و لغضب الله عليه تخرج أمعاؤه و يحاولون ردها... و لا فائدة.. و تصل الأموال و هو يعاني سكرات الموت فقيل له: ان الأموال قد و صلتك و يقول: و ما أصنع بها و قد أتاني الموت و قيل انه رجع الي داره فهلك فيها في تلك الليلة التي اجتمع بها مع هارون [2] بعد أن باع آخرته بدنياه و لم ينتفع بها و باء بخزي من الله.



[ صفحه 309]




پاورقي

[1] الفصول المهمة، ص 252.

[2] عيون أخبار الرضا - غيبة الشيخ الطوسي. - المناقب. - البحار.