بازگشت

اطلاق سراحه


و كأني بالامام عليه السلام تقطر كلماته أسي و موجدة و عذاب كأني بها تبكي من شدة المعاناة... فهو ليس كالغريق بل أقسي و أشد... غريب، بعيد، مظلوم، مقهور (و يستجيب الله سبحانه و تعالي للعبد الصالح فينقذه من سجن الطاغية هارون الذي يطلقه في غلس الليل).

حدث عبدالله بن مالك الخزاعي الذي كان علي دار الرشيد و شرطته قال: أتاني رسول الرشيد في ما جاءني فيه قط فانتزعني من موضعي و منعني من تغيير ثيابي. فراعني ذلك، فلما صرت الي الدار سبقني الخادم، فعرف



[ صفحه 324]



الرشيد خبري فأذن لي في الدخول، فدخلت، فوجدته جالسا علي فراشه، فسلمت، فسكت ساعة، فطار عقلي، و تضاعف جزعي ثم قال لي: يا عبدالله، أتدري لم طلبتك في هذا الوقت قلت: لا و الله يا أميرالمؤمنين؟ قال: اني رأيت الساعة في منامي كأن حبشيا قد أتاني، و معه حربة فقال: ان لم تخل عن موسي بن جعفر الساعة، و الا نحرتك بهذه الحربة، اذهب فخل عنه. و لم يطمئن عبدالله لأمر الرشيد باطلاق سراح الامام فقال له: أطلق موسي بن جعفر؟ قال له ذلك ثلاث مرات، فقال الرشيد: «نعم امض الساعة حتي تطلق موسي بن جعفر، و اعطه ثلاثين ألف درهم و قل له ان أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، و ان أحببت المضي الي المدينة فالاذن في ذلك اليك».

و يمضي عبدالله مسرعا الي السجن قال: لما دخل وثب الامام عليه السلام قائما. و ظن أني قد أمرت فيه بمكروه فقلت له: «لا تخف، قد أمرني أميرالمؤمنين باطلاقك و أن أدفع اليك ثلاثين ألف درهم، و هو يقول لك: ان أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب و ان أحببت الانصراف فالأمر في ذلك مطلق لك و أعطيته الثلاثين ألف درهم [1] ، و قلت له: لقد رأيت من أمرك عجبا.

فحدثه الامام عليه السلام عن السبب في اطلاق سراحه فقال: بينما أنا نائم اذ أتاني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال لي: يا موسي حبست مظلوما قل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس فقلت له: بأبي أنت و أمي ما أقول: فقال: قل: يا سامع كل صوت و يا سابق الفوت و يا كاسي العظام لحما و منشرها بعد الموت أسألك بأسمائك الحسني و باسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا



[ صفحه 325]



يقوي علي أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، و لا يحصي عددا، فرج عني» فكان ما تري. [2] .

و لقد سبق أن وردت بنص متفاوت حيث انه جاء أن السجن منزل عبدالله بن مالك الخزاعي.

و جاء في البحار أن الامام عليه السلام بقي بعد اطلاق سراحه في بغداد لم ينزح عنها الي يثرب و كان يدخل علي الرشيد في كل أسبوع مرة في يوم الخميس و كان يحتفي به اذا رآه و قد دخل عليه يوما و قد استولي عليه الغضب من أجل رجل ارتكب جرما فأمر أن يضرب ثلاثة حدود فنهاه الامام عليه السلام عن ذلك و قال انما تغضب لله، فلا تغضب له أكثر مما غضب لنفسه. [3] .


پاورقي

[1] في المناقب، ج 2، ص 370. (جاء أن الامام رفض الهدايا و الخلع التي قدمت له) - مروج الذهب، ج 3، ص 265.

[2] وفيات الأعيان، ج 4، ص 394. شذرات الذهب، ج 1، ص 304.

[3] الوسائل باب الأمر بالمعروف.